نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٤٦..
______________________________
كانت ترقد على تلك الأرض المُلوثة تحاول تسترق السمع للخارج لتعلم ما يدور، فهي هنا منذ أيام ولا تعلم عن ماهية المكان أو خاطفها فقط كل ما تراه ذلك الرجل الذي يقدم لها الطعام ويأخذها لقضاء حاجتها خلف ذلك المبني في مرحاض سكنتهُ العناكب والحشرات الزاحفة كانت تسأله عن ماهية خاطفها بينما هو لا يُجيب.
لـم تستطيع السماع بوضوح أو التعرف على صوت تلك المرأة غريبة الأطوار التي تسمعها تصيح وتصرخ بكل من يحادثها.
شعرت بأنها ضعيفة وأنه بالتأكيد لن يعثر عليها زيـن لقد مرت أيام وهي ما زالت مُختطفة من قبلهم بالتأكيد قاموا بخطفها خارج البلاد أو ربما في قرية لا يعلم عن مكانها أحد أو رُبما مكانا مهجور بالتأكيد لـن يجدها أحد إنها على وشك فقدان عقلها.
_____________________________
ألتقى سـيف بأمه وصعد معها حيث غرفتها بناءا على رغبتها لتشير له حتى يجلس ليتساءل قائلا:
-ما الأمر؟
-أتعلم لِـمَا أصريت على العودة معك؟
-لِـمَا؟
-لأني لا أريد رؤيتك حزينا.
نهض سـيف وتقدم من أمه يقبض على كفيّ يدها قائلا:
-أمي إني كنتِ ستتحدثين عن علاقتي بغرام فليس هناك داعٍ.
-لقد انتهت، لقد رتبتِ زواجي بصوفيا أليس كذلك؟ ما أن نعود سنقيم حفل زفافنا.
-سـيف صوفيا لغت ذلك الزواج.
-لا أحد لا يمكنه رؤية حبك لها حتى صوفيا.
-سـيف أخبرني بالحقيقة لما لا تُسامحها على الرغم من تضحيتها من أجلك؟
-رُبما لـن تفهميني و.
قاطعته بقولها مع ابتسامة صغيرة:
-سأفهمك أنت بُني، سـيف.
-غـرام رُبما ضحت من أجلي ولكن ليس كما يعتقد الجميع، غـرام ضحت لأنها مُدينة لي بحياتها لقد أنقذتها من الموت والهلاك و تزوجتها وحميتها لذا هي فقط ضحت؛ لأنها ممتنة لي وليس لأنها تُحبني.
-وجزءا بداخلها يميل لذلك المدعو شريـف، لقد أحببته وعرفته لأكثر من عشرين عاما.
-وأيضا أنها لـم تعتبرني درع حماية لـها، ظنت أني ليس قادرا على مساعدتها أو حمايتها منه وجعلتني أتذوق الأذى الأشد كُرها بالنسبة لي أنا لـم أطلب منها حبا لي بقدر أن تتقبل حبي لـها.
-ظنت أنها تحميني من الموت عند طعنها لـي بكلماتها المميتة، ولكنها كانت تُطعمني الموت كـل ليلة بكلماتها لـم تحميني كما تظن.
-الآن بُتِ تعلمين حقيقة الأمر، أمي.
استمعا كلاهم لصوت ضوضاء بالخارج ليخرجوا ويتجه سـيف بنظره للأسفل حيث مُراد الذي يحمل غـرام بين ذراعيه فاقدة للوعي ويضعها على الأريكة ليُحيطها الجميع بينما جليلة تجلس بجوارها تدلك يدها وهي تهتف باسمها لعلها تُجيب اتجها لأسفل حيث الجميع وتساءل عما حدث.
-البواب لقاها مغمي عليها في الحديقة الخلفية.
قامت الخادمة بإحضار كوب من الماء لمُراد بينما غـزل أحضرت زجاجة عطر حتى تستنشقه لتستجيب لـهُ وما أن بدأت في الإدراك حتى شعرت بالألم أسفل رأسها وحول عنقها وكأنه ما زال يخنقها.
سعلت عدة مرات ليساعدها مُراد على الإعتدال ويجلس أمامها أرضا على كلتا ركبتيه متساءلا:
-حصل إيه يا غـرام؟
-مش فاكرة، هو حصل إيه؟
كانت تنظر لجميع الحاضرين لـتعود بنظرها لمُراد حينما تساءل مرة أخرى:
-طب إيه وداكِ هناك؟
-هناك فين؟
-خديها يا غـزل فوق ترتاح.
تقدمت غـزل من أختها لتساندها وتصعد بها للأعلى بينما غـرام كانت تغمض جفنيها تتمنى أن ينتهي ذلك الكابوس ولكنها تساءلت بداخلها لـما تركها على قيد الحياة، فعندما كان يخنقها ويقترب من أنفاسها الأخيرة ابتعد عنها لتسقط أرضا تسعل بقوة وتحاول استعادة أنفاسها لـم ترى ما أخرجه ليقوم بضربها به على مؤخرة رأسها حتى تفقد الوعي.
تساءلت غـزل بقلق:
-غـرام أنتِ كويسة؟
-طمنيني عنك، إيه اللي حصل بعد مكالمة التليفون؟
-محصلش حاجة يا غـزل أنا مش فاكرة حاجة.
جلست على الفراش وكادت غـزل أن تساعدها على تبديل ثيابها ألا أنها رفضت قائلة:
-روحي أنتِ ارتاحي أنا كويسة.
-هساعدك.
-مش عايزة مساعدة يا غزل سيبيني لوحدي.
غادرت غـزل وهي قلقة على أختها بينما غـرام استندت على الفراش لتنهض وتتجه نحو المرحاض وما أن دلفت للداخل حتى سقطت في حوض الاستحمام لتقوم بفتح صنبور المياه لتنهمر فوق رأسها بينما هي ما زالت بثيابها تغلق جفنيها بإنهاك غير عابئة بما يدور.
-إيه يا غزل سيبتي أختك ليه؟
-هي اللي طلبت يا ماما.
-طيب.
-إيه يا زيـن إيه يا سـيف مش هتتعشوا؟
-أنتوا مأكلتوش حاجة من الصبح تعالوا يلا.
-وأنت يا مُراد تعالى.
اتجهوا ثلاثتهم نحو مائدة الطعام وتبعتهم غـزل والتي كانت تشعر بالجوع هي الأخرى.
بعد أن انتهى سـيف من طعامه صعد للأعلى ليُبدل ثيابه ويذهب للاطمئنان على مازن فعندما سأل زيـن عنه تهرب زيـن من هذا السؤال ليعلم بأن هناك خطب ما بينهما.
طرق على باب المرحاض ولكنها لـم تُجيب لقد امتلىء حوض الاستحمام وهي بداخله حتى أن الماء أصبحت تفيض منه وتُغرق أرضية المرحاض بينما هي لا تعلم ماذا أصابها شعرت بأنها غير قادرة على الحركة وكأن يداها مُقيدين.
نظر لساعة يده وجدها قد تأخرت لذا قرر تبديل ثيابه داخل الغرفة وقبل أن يرتدي قميصه رأى المياة تُغرق أرضية الغرفة ليندفع سريعا للداخل ويراها تغوص داخل حوض الاستحمام ليغلق المياه ويقوم بإخراج نصفها العلوي يطالعها بقلق هاتفا باسمها:
-غـرام غـرام ردي عليا.
قام بحملها لخارج حوض الاستحمام يضمها لصدره ويربت على وجنتها لعلها تستجيب له، لتشهق غـرام بقوة مُلتقطة أنفاسها وتفتح جفنيها تطالعهُ بضعف بينما هو زاد من ضمها لـه يقبّل رأسها وقد ابتل جسده وكذلك بنطالهُ بينما هي رفعت يدها لأعلى بضعف ولكن قبل أن تصل لوجهه سقطت أرضا أثر أعصابها التالفة.
حملها بين ذراعيه ونهض يتجه بها للخارج وأخرج لـها منامة قطنية ساعدها على ارتدائها ليجذب منشفة ويقوم بتجفيف خصلاتها بأكبر قدر ممكن وضعها على الفراش ولكنها لـم تستطيع الجلوس باستقامة لترجع بجسدها للخلف زفر بضيق و ارتدي تي شيرت قطني وأبدل بنطاله لأخر بيتي وتقدم منها يعدل نومتها و رفع الغطاء ليضعه عليها ولكنه لـم يكن كافي بالنسبة لها ولكنها لـم تتحدث بينما رجفة شفتيها وصوت اصطدام أسنانها ببعضهم البعض أوضح لـهُ الأمر، تقدم منها وجلس بجوارها بصمت سرعان ما وجدها تحشر رأسها في جسده في محاولة منها لتدفئة جسدها بينما هو تساءل:
-كنتِ بتحاولي تعملي إيه؟ في الأول أغمى عليكِ في الجنينة ودلوقتي بتحاولي تنتحري! ده بجد! أنتِ كدة مسؤولة.
أجابته بخفوت:
-معرفش الموضوع حصل إزاي فقدت السيطرة محستش بنفسي.
سرعان ما غفت بين ذراعيه ليبتعد عنها برفق بينما هي شعرت به لتفتح عينيها بضعف وتتشبث في ذراعه:
-متمشيش.
-ورايا مشوار مهم.
زادت من تشبثها بِه ليزفر الهواء من حوله بضيق وقلة حيلة ليمكث بجوارها طيلة الليل حتى غفى هو الأخر في سُبات عميق.
_____________________________
تعالى رنين هاتف زيـن لتقلق غـزل أثره وتمد يدها للطرف الأخر من الفراش في محاولة منها لإيقاظهُ ولكنها وجدته فارغا ليخرج زين من المرحاض ويتقدم نحو الهاتف ويجيب عليه.
-أيوه أنا زيـن آل قاسم.
-أنت بتقول إيه؟
-وأنا إيه اللي يضمن ليا؟ ابعتلي صورة.
-هدفعلك اللي أنت عايزه.
أغلق زين المكالمة وأطّلع على تلك الصورة التي أُرسلت لـهُ من رقم مجهول المصدر غادر الغرفة ولـم يُجيب على غـزل التي قلقت بشدة وتساءلت عما يجري جرى زيـن نحو غرفة غـرام ليطرق عليها بقوة عدة مرات حتى استجاب لـهُ كليهما شعرت غـرام بالقلق ونظرت لسـيف وتشبثت في ثيابه متساءلة:
-في إيه؟
-سـيف افتح ده أنا، لقيت شاهندا.
انتفض سـيف من مكانه وتقدم من الباب يفتحه بينما غـرام اعتدلت وتقدمت من الباب هي الأخرى و وقفت خلف سـيف ليُريه زيـن صورة شاهندا مقيدة الأحبال في مكان غير معلوم الهوية.
-هلبس وأجي معاك.
أغلق سـيف الباب وجرى كلاهما نحو الخزانة ليعقد حاجبيه متساءلا:
-بتعملي إيه؟
-هأجي معاك.
-معاكم.
ارتبكت غـرام وهي تجده يتقدم منها حتى وقف على بُعد إنش واحد قائلا بأنفاس حارة ضربت وجهها:
-إياكِ.
ابتلعت لعابها بارتباك ليعود للخزانة واختار ثيابا لـه ليدلف للمرحاض ويبدل ثيابها بينما غـرام أخرجت ثيابا لـها وارتدتها في عجلة من أمرها وأخذت حذائها الرياضي وجرت للخارج بعدما علقت حقيبتها الصغيرة حول عنقها وفي طريقها لغرفة أخيها اصطدمت بديما التي تساءلت عن حالها.
-بخير مدام ديما ولكن عليّ الذهاب هناك أمر طاريء.
-انتظري.
-بخصوص ما حدث في الحديقة.
-أيمكننا تأجيل الحديث الآن؟
-فقط كنت أودّ إخبارك إن كنتِ تُريدين أن تستعيدي سـيف شاركيه أمورك وما يخصك حتى مخاوفك سيشعر بالمسؤولية أكثر اتجاهك.
-شكرا على نصيحتك.
جرت غـرام نحو غرفة مُراد توقظه بينما هو كان مستغرق في نومه لتقوم بالصراخ في أذنه لينتفض من مكانه وكاد أن يسقط أرضا بينما غـرام أردفت:
-غير هدومك بسرعة.
-في إيه؟
-هفهمك وأنت بتلبس.
جلست على الفراش ترتدي حذائها بينما هو أخرج قميص وبنطلون ارتداهم في عجلة من أمره بينما هي تحدثت قائلة:
-زين عرف مكان شاهندا.
-بتتكلمي جد.
كاد أن يخرج من الغرفة ولكنها أوقفته:
-وفي المقابل هتركبني معاكم العربية.
-طب ما تركبي وأنا مالي.
-سـيف رافض.
-وأنتِ إيه هتلبسي طقية الإخفاء ومش هيشوفك!
-مش بالظبط.
جرت غـرام للأسفل وتبعها مُراد والذي كان قلقا على شاهندا هتف باسم زيـن وأوقفه قبل رحيله.
-عرفتوا أي جديد؟
-تعالى هبلغك في الطريق.
-هات المفتاح أنا هسوق.
جذب المفتاح من زين وتقدم للخارج ليقوم بفتحها لتستقل غرام السيارة في الحقيبة الخلفية لـها ليُغلقها مُراد على الفور قبل أن يراه سـيف، فقد أوقفتهم غـزل هي الأخرى متساءلة:
-زين طمني عرفت حاجة عن شاهندا؟
-أه لما ارجع هحكيلك ادعيلي.
-خلي بالك من نفسك.
نظرت لـسيف وأردفت بابتسامة:
-وأنت كمان يا سـيف.
حرك رأسه بالإيجاب وغادرا كلاهما ليقود مُراد السيارة بينما غـرام تشعر بالضيق في ذلك المكان المُغلق الصغير الذي لا ينفذ له الهواء.
-أتصل بيا واحد من رجالتها وأتفق معايا أنه هيسلمنى شاهندا ونازلي مقابل إني مأذهوش ومببلغش الشرطة وادفعله مليون جنيه.
-مش ممكن ده كمين من نازلي؟
-تفتكر؟
-مفيش حاجة بعيدة كل الاحتمالات ممكنة.
-بس مفتكرش، لو نازلي زي ما بتقولوا مش هتطلب مليون جنيه بس هتطلب أكتر هي مش بالغباء ده.
-متنساش إنها هربت من المستشفى ومن غير فلوس يعني أكيد وعدتهم أنها هتدفع ليهم رواتب شهرية ولكنها مقدرتش تدفع عشان كدة قرر يبيعها.
-قرار سليم و أرجحه.
-المهم ننقذ شاهندا وبعد كدة نتصرف معاها.
-بس أنت رفضت نجيب حراس معانا ليه؟
-عشان هو قالي عددهم قليل قدر يقنع تلاتة في صفه والباقي معاها.
كان يقود مُراد على وصف زيـن لـهُ وينظر من حين لأخر للمرآة قلق على أختهُ، ليتوقف بعد مُدة و كان المكان هادئ للغاية مليء بقطع من الخردة ليهبط ثلاثتهم وكل منهما يسير بحذر بينما زين كان يراسل ذلك الرجل الذي هاتفه لعقد الصفقة معه ليتذكر مُراد غـرام ويهتف باسمها ويعود للسيارة مرة أخرى يفتحها بينما غـرام كانت تسعل وساعدها مُراد في الخروج لتكون الصدمة من نصيب سـيف وتتحول لغضب اتجهت غـرام مع مُراد نحوهم وهي تقوم بنفض الغبار من ثيابها.
-أنتِ اتجننتِ!! جاية لغاية هنا تعملي إيه؟
-جاية أساعدكم.
-وأنتِ هتساعدينا في إيه؟ هتضحي بإيه المرة دِ عشان تساعدينا؟
-أنا بحذرك لو سمحت اتكلم معايا باحترام وبلاش تلميحات.
-وكمان متقلقش أوي كدة أنا مش مسؤولة منك، أنا مسؤولة من أخويا وهو يقدر يحميني كويس.
-وكمان أكيد هتحتاجوا بنت معاكم شاهندا مخطوفة بقالها كتير وممكن تبقى تعبانة ولازم أبقى معاها.
-لو خلصتوا مناقشتكم الجميلة دِ، ممكن تبصوا وراكم؟
-أنتوا مين؟
كان هذا الصوت الغليظ قد اخترق أذن غـرام التي شعرت بحائط من خلفها يحجز الرؤية والهواء بينما سـيف جذبها نحوه ليجعلها تقف خلفه ويتصدر هو للأمام في محاولة منه لحمايتها.
-لو سمحت تعرف حد اسمه ممدوح؟
-هو اللي دّلنا على المكان هنا.
-وعايزين نقابله في موضوع شخصي لو سمحت.
نظر لـهم ذلك الرجل نظرة شاملة وهو يقيمهم ليقول:
-لا معرفش حد بالاسم ده وامشوا من هنا.
دفع مُراد بقبضة يده ليتراجع للخلف نظرا لجسده الضئيل مقارنةً بذلك الضخم
-مالك بس يا عم؟ أحنا بنسأل بس.
-طب أتفضلوا من غير مطرود.
-تمام حقك علينا، يلا يا جماعة.
أردف زيـن بغضب:
-أنا مش همشي من هنا من غير.
قاطعه سـيف بنظرة حادة وألتفت للرجل يقول بابتسامة:
-عن أذنك وأسفين على الإزعاج.
فتح باب السيارة يدفع غـرام نحوها لتستقل السيارة ويصعد هو الأخر بجوارها بينما زين ومُراد في الأمام ليقول مُراد:
-أدوس؟
-اللي زي ده لو دوست عليه عشر مرات ميموتش مش شايف جسمه عامل إزاي.
-أنتوا هتعملوا إيه؟
جذبها نحوه سـيف ليخفي وجهها في جسده ويحيطها بذراعيه لتندهش غـرام وتتعجب بينما مُراد قاد السيارة للأمام ليتوقف ومن ثم يعيد تشغيلها متراجعا للخلف بقوة يصطدم بجسد ذلك الرجل، ابتعد عنها وهبط من السيارة يتقدم من الرجل يستمع لأنفاسه ونبضاته وتبعته غـرام ليقول:
-عايش يلا بينا.
تقدم زيـن وخلفه مُراد ومن ثم غـرام وسـيف ليحميها بجسده من الخلف ومُراد أخيها من الأمام، أشار لـهم زين على المبنى المهجور الذي تتواجد فيه نازلي برجالها تسللوا للداخل بحذر شديد ليشير كلٍ منهما لاتجاه يسير فيه كادت أن تسير مع أخيها ولكنه تركها لتنظر لسـيف بارتباك بينما هو قبض على معصمها وجذبها خلفه ينظر في الأرجاء باحثا عن شاهندا أخته توقف سـيف فجأة عندما وجد نازلي تجلس على أريكة متهالكة وحولها ثلاث حراس ليفحص المكان بعينيه لعله يجد أخته ولكنه وجدها تنقر بأصبعها على كتفه بقوة وعدة مرات ليلتفت لـها بغيظ بينما هي أشارت للأمام بسبابتها ليجد جثة المدعو ياسر ليجذب رأسها نحوه يمنعها من رؤية ذلك المشهد المؤذي وتسلل الخوف بداخله من أن يكون مصير شاهندا كمصيره.
وألتفت يرى نازلي مرة أخرى ولكنه وجدها نهضت كاد أن يغادر ولكنها عادت لتنقر على كتفه مرة أخرى بينما هو اغتاظ منها مرة أخرى ونظر لـها بضيق ولكنها تلك المرة أشارت على جسد شخص حي يرفع مسدسا في وجه كليهما.
-اتحركوا قدامي.
أشار لـها لتتقدمه ويسير خلفها وقد سقط نظره على طفاية حرائق مُلقاة أرضا سرعان ما ألتقطها وقام بضربة بها في مقدمة وجهه ليصرخ الرجل ويسقط أرضا ويقبض سـيف على ذراع غـرام يجرها خلفه في محاولة منه للخروج.
-أنت مودينا على فين؟
-لازم تخرجي من هنا.
-طب والباقي؟ وشاهندا؟
-غـرام المكان هنا مش أمان ليكِ وحذرتك ولكنك لازم تعاندي وخلاص، أنتِ أمانة لغاية ما أسلمك لأخوكِ أو أبوكِ.
-عشان كدة مينفعش تكوني هنا.
-غريبة! سـيف بيه بنفسه جه لغاية عندي ومش لوحده كمان مع المدام بتاعته.
جلب لها حارسها مقعد خشبي لتجلس عليه بينما قبض سـيف على ذراع غـرام وجذبها نحوه، لينظر حوله و وجد ثلاث من رجالها يحاوطونهم بينما غـرام كانت تطالعه بقلق وخوف عليه.
-طب مش كنت تقولي كنت جهزت ليك قبرين.
-فين شاهندا، يا نازلي؟
-شاهندا! هي مش في البيت؟ طول عمري بقول البت دِ هتطلع خايبة ما هي واخدة من أصلكم كتير.
-أحنا مش عايزين نأذيكِ يا نازلي، أحنا عايزين شاهندا والمبلغ اللي تطلبيه هنجيبه ليكِ.
-وأنتِ يا سنيورة بقى ليكِ حِس وصوت.
-عمتا أنا كلامي مش معاكِ وانتقامي مش منك أنتِ على الأقل دلوقتي.
تقدم الرجل الأول يجذب غـرام من بين ذراعيه ولكنه أبى وكذلك غـرام التي تشبثت به أكتر.
-أبعد إيدك عنها.
قيدا حركة سـيف وجذبوا غـرام من بين أحضانه بينما أخذت تبكي وتصرخ تهتف باسمه بينما الحارس يقبض على خصرها بقوة يمنعها من الذهاب له، دُفِع سـيف مصطدما بالحائط ليتقدما منه الحارسان ويقوما بركله عدة مرات بينما غـرام كانت تبكي وتحاول التحرر من قبضة ذلك الغليظ خلفها لتصرخ قائلة:
-سيبيه سيبيه وأنا هعملك اللي أنتِ عاوزاه لكن متأذيهوش.
-بقولك سيبيه سيبيه.
-أبعد عنه بقولك ابعد عنه.
فقدت كل طاقتها لتسقط أرضا على ركبتيها تنظر لـها برجاء والدموع على وجنتيها:
-أرجوكِ خليهم يبعدوا عنه.
ولكنها لـم تنظر لـها بل كانت تبتسم كلما سمعت أنينه والدماء تسقط من فِمهُ.
على الجهة الأخرى، كان مُراد يبحث عن شاهندا حتى استمع لأنين أحدهم بالقرب منه ليسير بحذر نحو الصوت حتى وجدها مُلقاة أرضا مقيدة يدها بسلسلة من حديد طرفها الأخر في الحائط جرى نحوها وجثى على ركبتيه أمامها هتفت بعدم تصديق:
-مُراد!!! أنت هنا؟
ساعدها على الاعتدال وفحص ملامحها كادت أن تختفي من ذلك الغبار المُبعثر في أرضية الغرفة وعلى وجهها وثيابها أيضا، بدأت في البُكاء وهي تقول:
-كنت فاكرة أنه محدش هيلاقيني.
-أنا وسـيف وزين جينا عشانك.
-لازم أخرجك من هنا الأول.
-المفتاح مع الراجل اللي بيجي يحطلي الأكل.
-هتخرجني ازاي؟
-زين!
تقدم زين من أخته وجذبها لأحضانه ليرفع رأسها نحوه ويقبّلها برفق متساءلا:
-أنتِ كويسة؟ حد أذاكِ؟
حركت رأسها بالنفي ليخرج المفتاح ويقوم بتحرير قيدها ليساعدها على النهوض ويجذبها لأحضانه بقوة بينما ذلك الرجل المدعو ممدوح أردف قائلا:
-صحابك التاني اتقفش، لازم نلحق بسرعة قبل ما تقتله زي ما قتلت ياسر.
-مُراد خد شاهندا وامشوا أنتوا من هنا.
-مش هسيبكم وكمان أحنا معانا عربية واحدة و.
-مُراد شاهندا لازم تخرج من هنا.
فهم مُراد ما يرمي إليه زيـن بالتأكيد لا يودّ أن تعلم بحقيقة خاطفها ولن تتعامل مع الأمر بعقلانية ولـن تصدق أن أمها هربت وقتلت أبيها وكادت أن تقتلهما من أجل المال.
حرك رأسه بالإيجاب وتقدم من شاهندا قائلا:
-يلا يا شاهندا يلا أحنا.
-وسـيف؟
-هيلحقنا هو و زين يلا بينا أحنا.
غادروا سويا بينما شاهندا كانت لا تقوى على المشي فهي رقدت هنا لأكثر من أسبوع ساعدها مُراد وغادروا سويا المكان، بينما زين ذهب مع ممدوح حيث توجد نازلي بينما سـيف ما زال يتعرض للضرب وغـرام لا تكف عن رجائها.
-نازلي.
ألتفتت نازلي حيث مصدر الصوت وأشارت لرجالها أن تتوقف لتجري غـرام نحو سـيف وتحيطه بذراعها بينما يدها الأخرى رفعتها إلى وجنته تلمس تلك الكدمات برفق وتساءلت بخفوت:
-أنت كويس؟
حرك رأسه بالإيجاب وهو يلتقط أنفاسه وقد بصق تلك الدماء من فِيه لتساعده غـرام على النهوض بينما نازلي تقدمت من زين تحيط وجنتيه بيدها قائلة:
-زيـن ابني.
ابتعد عنها باشمئزاز قائلا:
-أنا مش ابنك وميشرفنيش إني أكون ابنك.
-ولأخر مرة بحذرك لو مبعدتيش عننا أنا مش هتردد وهبلغ عنك ومش هندم إني أحطك في السجن.
-عائلتي خط أحمر يا نازلي هانم.
أردف نهلية حديثه بنبرة ساخرة وتقدم من أخيه يفحصه بينما سـيف طمئنه متساءلا:
-شاهندا؟
-بخير مع مُراد دلوقتي.
كاد أن يغادر ثلاثتهم بينما نازلي عادت لتجلس على مقعدها قائلة:
-الحرب منتهتش يا زين.
-أنا خدعتك عشان أجيبك هنا.
-شاهندا متفرقش معايا، مجرد إنسانة ضعيفة.
-شاهندا كانت طُعم عشان اصطادكم بيها أنت وأخوك وسـيف قدم ليا سمكة هدية متوقعتش خالص أنه هيجيبها معاه.
-كلامنا منتهاش من المرة اللي فاتت.
-الطلقة كانت لازم تصيب قلبك وتقتلك يا سـيف ولكنك طول عمرك محظوظ.
-بس المرة دِ أنا مش هتنازل.
وقفت غـرام أمامه قائلة:
-أنا مش هسمحلك، عشان تقتلي سـيف لازم تقتليني أنا الأول.
-قد إيه أنتِ ساذجة يا غـرام، بتضحي بروحك وحياتك عشانه.
-وقد إيه أنا مشفقة عليكِ، أنتِ متعرفيش يعني إيه حب ولا تضحية أنتِ عشتي لوحدك وهتموتي لوحدك حتى ابنك مش هيكون في جنازتك ده لو اتعملت ليكِ جنازة.
-عشتِ طول حياتك تتمنى اللحظة اللي تقتلي فيها سـيف لمجرد بس إن أبوه محبكيش خوفتِ تواجهي نفسك بالحقيقة وعيشتي في وهم، وهم كبير ومش عايزة تفوقي منه.
-وأنا مش هسمحلك تقتليه عشان كدة لازم سلاحك يعدي عليا الأول عشان تقدري تقتليه.
-كلامك مجرد كلام فارغ يا غـرام.
-وأنا قتلت قبل كدة مش هتردد في قتلك وقتله كمان.
مدت يدها للأمام تحمل المسدس بينما سـيف صرخ باسم غـرام وجذبها نحوه ليدير جسده يعطي نازلي ظهره مخبئا غـرام داخل جسده بينما هي حاولت دفعه قائلة بصراخ:
-مش هسمحلك تضحي تاني عشاني يا سـيف.
وضعت سبابتها على الزناد وضغطت عليه بلا رحمة منها لتُحاط بكل رجالها يوجهون مسدساتهم نحوها فقد أتفق معهم زين جميعا و وافقوا؛ لأن نازلي لا تمتلك مال بقدر يكفي لتلبية احتياجتهم صرخت غـرام باسم سـيف بعد أن أُطلقت الرصاصة وصدى صوتها دوى في المكان.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_____________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
عشوائييا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك