نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٥٠..
الخاتمة٢.
_________________________________
كانت تجلس بجانب ابنها البالغ من عُمره أربع سنوات بينما صغيرتها تجلس على قدميها نائمة كادت أن تجن من أدم الذي لا يريد أن يدرس كانت تجلس في الشرفة وتردف قائلة بحنق:
-أدم، لا تجعلني ابدأ بشتمك.
-هيا قم بواجباتك.
أردف قائلا بتلعثم:
-ستعطيني حلوى.
-إن أكملت واجباتك.
-الآن.
-أدم، إن قمت بالمذاكرة الآن ونجحت في الامتحان الأخير سيأخذنا والدك لمصر ألا تشتاق لجدك مالك و جدتك جليلة.
-لا، لا أريد الذهاب كلما رأتني جدتي تُطعمني.
-أدم.
وجدت من يباغتها بقبّلته على وجنتها يتبعها لعنقها بينما أدم نهض يجرى نحوه ويحضنه لينخفض لـه يحمله بين ذراعيه يسأل عن أخباره:
-أبي، ألا يمكنني النجاح دون تعليم؟
-وفيما ستصبح ناجحا حينها؟ كيف ستصبح ناجحا في أمرا لـم تتعلمه؟
-اذهب لمكانك وأكمل واجباتك وإن حصلت على علامات جيدة سنسافر جميعا.
-حسنا.
-الآن فقط تسمع الكلام!
انخفض نحو أميرته فريدة النائمة ليقبّلها ويهمس بجانب أذن غـرام:
-وحشتيني.
-وأنت كمان.
ساعدها في النهوض لتتجه وتضع فريدة في غرفتها بينما هو ذهب للاستحمام وتبديل ثيابه، ليُطرق الباب ويتجه أدم لفتحه وما أن رأى مالك حتى احتضنه متساءلا:
-ألم توعدني أنك ستأخذني معك!
-حسنا، المرة القادمة.
-أبي عاد؟
اومأ رأسه بالإيجاب ليجري مالك على الفور نحو غرفته ولكنه اصطدم بسيف الذي أوقفه بمكانه وانخفض نحوه يتساءل بضيق:
-مالك، ألم أخبرك أنه ممنوع البقاء خارجا لوقت متأخر وخاصةً بعد عودتي؟
نظر مالك للأسفل وقد انحنى كلا كتفيها للأسفل لشعوره بالذنب، لتأتي غـرام وتتقدم منهما متساءلة:
-ما الأمر؟
-ألم أحذر الجميع بالعودة في وقت متأخر؟
-حسنا، لا بأس.
-كان يلعب من رفاقه بالأسفل، يا سيف.
-أسف، أبي.
-عليك أن ترفع عينيك نحوي وأنت تتحدث إليّ وإلى غيري.
-يجب أن تكون قويا، مالك.
-لا تهاب شيء، وإن فعلت الخطأ اعترف بالأمر ولكن لا تكرره.
-أفهمت؟
احتضن مالك سـيف الذي كان حنينا عليه أكثر من الجميع ويهتم لأمره ويعتبره ابنه الأكبر حتى حينما يذهبا لمكانًا ما ويُسأل عنه يخبرهم سـيف بأنه ابنه، ولكنه ضعيف الشخصية قليلا وانطوائي غالبا نظرا لما عاشه في الصغر ولكنه الآن أصبح في الثامنة من عُمره وتخلص من عُقدة عدم الحديث أتعبهم في البداية ولكنه الآن أصبح أفضل بكثير بفضلهم.
-أدم، تعال ساعدني.
-مالك، اذهب لتبديل ثيابك وتعال لتساعد أدم.
-سـيف يمكنك الجلوس ثوانٍ والطعام سيصبح على المائدة.
نظر لـها كلٍ من مالك وأدم باستنكار بينما سـيف ضحك على كليهما واتجه للأريكة يجلس عليها ويفتح التلفاز حتى يجهز الطعام، فهو يخرج من الصباح ولا يعود إلا مساءا، أتى مالك ليساعد أدم وقامت غـرام بإعطاهم الصحون ليضعونها على تلك المائدة الصغيرة التي تضم أربعتهم كانت الشقة مليئة بصورهم جميعا حتى صور لعائلة غـرام أثناء الفرح والذي انتهى بماسآة حيث اختل توازن سـيف عندما حملها ودار بها ليسقطا أرضا يضحك الجميع بينما غـرام خجلت من منظرهما لينهضا ويحملها مرة أخرى وقد دار بـها مرة أخرى وكم كان مشهد أسطوريا تم تخليده عبر فيديو الفرح والذي تشهد بِـه العائلة بأكملها حتى الآن.
اجتمعوا على المائدة ليتناولوا الطعام ويذهب كلٍ منهما ليخلد للنوم لتقرر غـرام قضاء المساء مع سـيف، فالغد اجازتهُ ولكن تعالى صراخ الصغيرة لتبتعد غـرام عن سـيف الذي زفر بحنق وأتت بـها تحملها لداخل الغرفة وترقد بجواره على الفراش ليتساءل سـيف:
-هي هتنام امتى!
-ما هي لسة صاحية، يا سـيف مش هتنام قبل ساعتين.
-طب تصبحي على خير لما تنام صحيني.
أعطاها ظهره وأغلق جفنيه بينما سهرت مع فريدة التي كانت تشعر بالجوع لتطعمها وتقوم بالجلوس معها في الشرفة قليلا و تتحدث معها حتى غفت مرة أخرى وتضعها في فراشها الصغير في الغرفة المجاورة لـها وتذهب لتطمئن على أدم ومالك وتقوم بتغطيتهم لتجلس بجانب مالك قليلا تتأمله فهو يعيد لـها ذِكراها، رأت بأن أقل ما يمكنها فعله وتقديمه لأختها هو تربية ابنها على الأقل حتى يبلغ سنه القانوني حينها يمكنه الاختيار بأي طريقة سيعيش.
عادت لغرفتها لتستلقي بجانب سـيف وتغلق الأنوار جميعها لـم تعد تخشي الظلام فهو هنا بجانبها لتجده يحضنها من الخلف ويقربها منه يقبّل وجنتها قائلا بخمول أثر النوم:
-بحبك.
ابتسمت لـه لتتساءل:
-حتى بعد ما خلفت وتخنت؟
-حتى لو خلفتي مية عيل؛ لأني حبيت غـرام.
-غـرام بكل حالاتها وأشكالها.
كانا يتحدثان بنبرة يغلبها النعاس ولكنها مليئة بالحُب، فقد مرت أربع سنوات أُخر قامت فيهما بتعويضه عن الأربعة الذين سرقتهم منهُ.
صمتا قليلا حتى هتفت باسمه بتلك النبرة المُغرية بالنسبة لـه لتجعله يفوق من نعاسهُ قليلا ليهتف مُجيبا:
-نعم.
-بحبك.
وأغلقت جفنيها بتكاسل لتستسلم لسلطان النوم بينما هو كان تحت تأثيرها ليهتف بحنق:
-وترجعي تقولي بتحبني ليه!
ابتسمت على أثره بينما هو أغلق عينيه هو الأخر واستسلم للنوم.
بعد عدة أيام، كان يحمل سـيف أدم ابنه على ذراعه ليوصله لمدرسته فاليوم موعد الاختبار النهائي لتلك السنة وقد حجز التذاكر مساء اليوم كانا متعجبين من غـرام التي تجري هنا وهناك تجمع الأغراض والثياب لتوضيب الحقائب لتنظر لـهم متساءلة:
-ما الأمر؟ لما لم تذهبوا؟
-القبّلة، أمي.
تقدمت منه تقبّله على وجنته ليلتقطها سـيف منها ويغضب أدم منه ليبعد وجهه ويقبّل هو أمه بينما غـرام ضحكت عليهما لتدفعهم للخارج وتعود للداخل توقظ مالك الكسول ليعتني بفريدة بينما هي كانت تجمع الأغراض التي ستحتاجها وكأنها ستغيب لسنة ما هم سوى أسبوعين تنتظرهم بفارغ الصبر طوال السنة لترى أبويها.
أحضرت غـرام أدم من مدرستهُ وبالطبع لا ننسى فريدة التي قامت بالبكاء والصراخ طوال اليوم كانت غـرام تشعر بالتعب وكان قد عرض عليها أن يوفر لـها مُساعدة تساعدها في أعمال المنزل ولكنها أبت، حينها لـن تعيش دورها كـأم و زوجة.
أتت ديما لزيارتهم قبل السفر وتوديعهم، كانت تحمل فريدة التي تبقى هادئة في حضن ديما ما أن تمسكها فقط ليعود سـيف ويقبّل يده أمه ثم يقبّل غـرام وأولاده بالدور متساءلا:
-أهناك أمرا ينقصك للسفر؟
-لا، لقد رتبت الحقائب و وضعتها هناك.
ليطالع الحقائب ويجدها كثيرة على أسبوعين فقط فهي جمعت الأغراض في خمس حقائب ليتساءل بسخرية:
-غـرام، لـم أخبرك أننا سنستقر هناك.
-تلك الضروريات فقط.
-حقا! إذا لتدفعي أنتِ الزوائد.
ضحكت ديما عليه حينما غـادر وهو يتمتم بكلمات لـم تلتقطها أذنيهما بينما ديما أردفت:
-حسنا لنقول بأنك بالغتِ قليلا.
-لقد أحضرت هدايا لجميع من في المنزل، لذا الحقائب عِدة.
-حسنا، لا بأس.
استقلوا جميعهم السيارة ليوصل سـيف ديما أمه لمنزلها وتودعهم جميعا ليتحرك نحو المطار ويقوم بإنهاء كافة الإجراءات ودفع المزيد من المال لكثرة الحِمل على الطائرة كلٍ منهم استقل مقعده كان قد حجز لأربع أفراد بينما فريدة وضعتها غـرام في حامل للأطفال لتضعها فيه وترتديه فتلك كانت الوضعية المفضلة لـها في الصغر أن تنام على صدر ومعدة والدتها وكذلك فريدة بينما خلفهما كلٍ من أدم ومالك الذين غفوا ما أن أقعلت الطائرة.
بعد ساعاتٍ، كان يقفون أمام منزل مالك المهدي والذي تجتمع فيه كـل الأفراد في هذا الوقت من السنة، فتلك هي الثروة الحقيقة التي يتركها رب الأسرة.
رحبت بـهما جليلة كثيرا وحضنتهم واحد تلو الأخر لتتقدم غَرام من أبيها وتحتضنه ليحمل منها فريدة ويتركها ويذهب يداعب حفيدته، فهي الحفيدة البنت الوحيدة في تلك العائلة لذا مُرتبط بها كثيرا.
-سـيف.
كان هذا صوت شاهندا من الأعلى والتي أتت مهرولة عندما علمت بمجيئهم لتندفع نحو أخيها تحضنه بقوة ليتساءل مُراد:
-كأني مش بحضنك يعني!
لكمته أخته لتجذبه نحوها وتحضنه لتتساءل:
-أومال فين جابر الصغير؟
أتت بِـه زينب تحمله لتضعه بين ذراعيّ غـرام التي قامت بالبسملة أولا و بدأت تداعبه هي الأخرى جذبت جليلة نحوها أدم لتبدأ في سؤاله عما إن كان يأكل جيدا، فأدم ضعيف البنية لذا تهتم جليلة بطعامه بشكل خاص بينما هو أردف:
-جدتي، لا داعٍ لقد مُلئت بطني.
صرخ في أمه لتُترجم لجليلة ما قاله فلغته العامية ضعيفة:
-أمي، أخبريها بأني لست جائع.
--ماما سيبيه على راحتهُ، هو مش جعان.
-مش شايفة وشه قد اللقمة ازاي!
-وكمان أنتِ كمان وشك قد اللقمة وسـيف.
-أنتوا مش بتأكلوا ولا إيه؟
-هي بنتك بتعرف تعمل أكل.
ضحك مُراد على غـرام التي اغتاظت منه لتردف متساءلة:
-سيف أنا مش بأكلك!
-مين قال كدة؟
-مُراد.
-قطع لسانهُ.
-خالتو جت.
كان هذا صوت مالك الذي ما أن رأى غزل حتى جرى نحوها لتقترب منه وتحتضنه بقوه:
-حبيب خالتو.
-مساء الخير.
تقدم زين من أخيه يحضنه ودنى من أدم يسلم عليه بطريقتهما الخاصة عبر تشابك الأصابع ثم تحويله لمصافحة ليحتضنه تساءل سـيف:
-فين القرد ابنكم؟
-سليم شوفه هنا ولا هنا.
-زينة، فين سليم؟
-في الجنينة في الأوضة اللي ورا مع صاحبته.
-طفل عنده خمس سنين جايب واحدة صاحبته الأوضة اللي ورا البيت!! زين ما ربيت يا زين.
-شوفتي جايبالنا الكلام.
-وأنا مالي هتلاقيه اكتسبها منك بالوراثة.
-أصلا!
-والله أخاف على البنت من ابنك.
-لما نشوف ابنك أنت يا أخويا هيطلع إيه؟
-أنا عايز أطلع يا عمو هكر.
-قابل شوف بقى التربية الإيجابية بتاعتك أنت وست غَرام.
صمت الجميع وهم يطالعون مالك الذي يحتضن فريدة ويضع بيدها الكثير من الأموال ويتحدث معها ويداعبها، لتبتسم غـرام بحب لوالدها إنه ما زال يعتني بفتيات العائلة كمان كان يفعل معها ومع أخوتها في السابق إنه أبيها الغالي.
عاد سليم ليقترب من غـرام ويحتضنها قبل الجميع بينما هي قبّلت رأسه ليردف سيف:
-ابعد ابنك عن مراتي، ابنك مش محترم.
-علفكرة بقى أنتوا ظالمينه هو عشان الواد حلو وقمور البنات بتجري وراه.
تساءلت غـرام عن عمها عبدالقادر:
-في الشغل أصر مالك أنه يستقبلكم وهو راح عشان في اجتماع هناك.
-ومرات عمك في المطبخ بتعمل الأكل اللي بتحبوه.
دلفت غـرام لداخل المطبخ لتنتفض إحسان ما أن ألتفتت و رآتها لتقترب منها غـرام وتحضنها إنها تعلم بأنها تشعر بتأنيب الضمير والحزن أثر ابنها شريف ولكن لا ذنب لها بما حدث وهو أخد جزاءه الذي يستحقه وقام بالانتحار قبل سنتين لم يستطيع التحمل فقد حُكم عليه بالمؤبد
-تعالي يلا وسيبي اللي في اِيدك.
أردف زين قائلا:
-انتباه لو سمحت.
-بما إننا متجمعين أسرة سعيدة مع بعض كدة أحب أقولكم خبر.
صمت الجميع يترقب ما سيقوله:
-غـزل حامل.
تهللت أسارير الجميع ليبدأوا يباركوا لهما بينما زين أردف ليغيظ سـيف:
-بس مش هشيلها ولف بيها عشان في الأخر بيبقى شكلي وحش.
-والله مهما عملت قمر في عيني خليك أنت في حالك بس.
-الله يسهله.
عاد عبدالقادر من العمل و رحب به الجميع، فالجميع يعلم ما يمر به وخاصةً ما اقترفه ابنه في حقهم جميعا يشعر بالخِزي وللعار ولكنهم لـم يسمحوا لـه أن يتحمل مسؤولية أفعال ابنه؛ لأنه لا ذنب لـه.
كانت زينة ترتب المائدة والتي تضم خمسة عشر كرسيّ لتقوم فتيات المنزل بمساعدتها كان البيت مليء بالبهجة والفرح تلك اللحظات تكون أفضلهم وأكثرهم أثر ليأتي مالك بكاميرا فيديو خاصة بِـه ويبدأ في تصويرهم وتخليد تلك الذِكرى للأبد، ليأتي مازن ونسمة وكلٍ منهما يحمل طفلا فقد رزقهم اللهم بتؤام كانت تربيتهم صعبة قليلا ولكن والدة مازن و والدة نسمة ساعدوها كثيرا.
لـم يتخلى مالك عن فريدة في أحضانه بينما جليلة تراقبه بقلب تلك الفتاة صاحبة العام السادس عشر التي سقطت في حُبّه حينها، بينما إحسان تعتني بزوجها وتقرب لـه الأطعمة التي يحبها لينظر لـها بامتنان إنها ما زالت هنا ما زالت بجانبه لـم تتركه أبدا، كان زين يُطعم غـزل متحججا بأنها تأكل لاثنين الآن ويضع يده على معدتها باِبتسامة لتُطيعه وتأكل تبتسم لـه إنه يخاف فقدانها فبدونها تائه؛ لأنها هي التي ستبقى معه رغم مصاعب الحياة، كانت نسمة تتحدث مع مازن أثناء طعامهم بينما هو يستمع بكل حب مهما قالت لـن يمل أبدا فهو الذي ذاق طعم فقدانها لا يمكنه التخلي عنها أبدا إنها حبيبتهُ على الرغم أنها مزيج بين الحدة والجدية والأنوثة والدلع ولكنها تروق لـهُ، كانت شاهندا تُطعم مُراد ليطعمها هو الأخر ويضع وجنتها أسفل راحة يده يراقبها تلك الفتاة الصغيرة في عينيه التي لا تفقه شيء في الحياة، فهي ما أن تخرجت حتى وجدت نفسها زوجة وأم لذا يعذرها في كثير من الأحيان عندما تبكي مرددة بأنها تعبت والحقيقة أنها حين تبكي تصبح جميلة ويقع في هواها مرة أخرى، كان كلٍ منهما يتناول طعامه في هدوء بينما تنعقد وتتشابك أصابع سـيف اليُسرى بخاصة غـرام اليُمنى يلتفت لـها من حين لأخر يبادلها اِبتسامتها بينما هي تراقبه وكأنها في كل مرة تتأمله كأنها المرة الأولى تكتشف في كل مرة أنها تزوجت بالرجل الأكثر جمالا وحنانا وحُبّا إن وُزع على الجميع يفيض منه، رُبما الشيء الوحيد الذي قد يجتمع عليه العقل والقلب معا هو حب "سـيف آل قاسم"، كان مالك يصور الطعام ويصورهم على الرغم أن الخلفية مليئة بالضجيج ولكنه الأجمل ضجيجا في تلك الحياة، ذلك الضجيج مليء بالتفاصيل والودّ والحُب بدون مقابل، ذلك الضجيج هو تلك العائلة التي يغرق الإنسان بدونها.
______________________________
استأذنت منهم لتصعد لـغرفتها تلك التي شهدت عليها في كل المراحل إنها مليئة بالأحلام تقدمت من ذلك المكتب الصغير تجلس عليه و تُخرج من الدرج دفترها الذي لطالما كتبت فيه كل ما كانت تشعر بِـه في الماضي تنهي كلماتها بسؤال متى سينتهي كـل هذا؟، أخرجته لتقوم بكتابة أخر سطور قصتها.
"يفتقد الجميع نفسهُ القديمة سواي، لا أعتقد بأني أشتاق لتلك الأيام حينما كنت بلا هوية وأحببت رجلا لا يـليق بِـه حُبّي كرست لـه كل حياتي وأحلامي ظنا مني بأنه سيبادلني يوما ولكنه لـم يرأني قط، ظننت بأنني سأستطيع تغييره بعد الزواج وأنني سأرغمه على حُبي ولكني كنت الحمقاء في ذلك الوقت لا أحد يتغير من أجل أخر، إن لـم تودّ أنت التغيير لنفسك وإن اجتمعت الأمة كلها على تغييرك لن تستطيع؛ لأن يجب الإصرار ينبع من داخلك والرغبة في التغيير تشعر بِـها أنت رُبما لـهذا فشل سـيف في تغييري لأربع سنوات رُبما لأنني لـم أكن أودّ ظنا مني بأن مثلي لا يستحق السعادة والفرح لا يستحق بداية جديدة ولكني علمت مؤخرا بأنه يمكننا البدء دائما مرة أخرى.
نظرا لوجود نقطة سوداء في حياتي وصدمتي بهُجران شريف ومروري بتلك التجربة علمتني بأنها ستكون تجربتي مع جميع الرجال فيما بعد لذا أوصدت قلبي بعدة أقفال وبنيت لـه حصونا وألغيتهُ تماما ظنا مني حمايتهُ ولكنني كنت املأه بالصدأ والغبار كتلك الكتب التي تظل في المكتبة لأعوامٍ ولا يهتم أحد لأمرهم فيأخذ الغبار واللون الرمادي مسكنا منهم، لا أستطيع تخيّل ما كان سيحدث لي لولا أن سخر الله لي سـيف ليكون منقذي في تلك الليلة و رُبما لحياتي بأكملها، سـيف كان ذلك الظلام المحيط بالسماء لألمع بداخلها كـنجمة قد اطفأها العالم والحب، رُبما ما كنت سأواجه نفسي وأعترف على أنا الحقيقية إلا بِـه لطالما تحتاج النجوم لسماء داكنة لتلمع بداخلها وسـيف لـم يتردد لوهلة أن يكون لي سماءًا داكنة حتى ألمع بداخله ظننت حماسهُ وإعجابه ما هو إلا لهفة وحماس البدايات ولكنه كان صادقا لـم يتخلى عني يوم كما وعدني، إنه صادق لا يخلف بوعده رُبما لـهذا استطاع مساعدتي قي التغيير فكان هو شعاع النور الذي اضاء لي عتمة الطريق كان يصنع من نفسه ممرا حتى لا أسقط في تلك الحُفر مرة أخرى.
أنا ممتنة لـوجوده في حياتي ممتنة لذلك الشخص الذي لـم يترك يدي في منتصف الطريق ولـم يؤذيني يوما حتى بكلماتهُ كان محقا في كل كلمة يتفوه بِـها، كان هو مرآتي رُبما أدركت هذا مؤخرا ولكن لا يجب علينا أن نحكم على الجميع من خلال تجربة سيئة مرينا بِـها، فرُبما ستفقد عدة فرص من ضمنها شخصا كسـيف يصنع من نفسه سماء داكنة لتلمع بداخلها كـنجم، وشعاع ضوء ليُضيء لـك الطريق ولا تسقط، ومرآة ليُريك الحقيقة كاملةً فقط من أجلك من أجل أن يخبرك بأنه هنا ليصلح ما أفسده الأخرون.
خسرت أختي قبل أن أمتلك الفرصة لـعتابها واحتضانها؛ فقط لأني ظننت أنها ستكون خالدة حتى تحين فرصة عتابنا ولكننا لا نفهم قيمة الوقت، فالوقت من عادته أن يسرقنا نظن أننا نملك كل الدنيا وبمن فيها وأن كل الأمور ستكون تحت سيطرتنا فيما بعد ولكنه يخدعنا، يجعلنا نؤجل الكثير من الأشياء المهمة كالعائلة والأصدقاء من أجل ماديات زائلة.
أفضل إرث يمكن للمرء أن يتركه هو ذلك الأثر الطيب في قلوب أحبتهُ، ذلك الوقت الطيب الذي يقضيه معهم، فنحن أناس تعيش حياتها بأكملها تبني القصور والشركات وتنسى أن تبني العلاقات، فلا يهم أين سيبقى المرء بقدر أهمية مع من سيبقى.
تلك الحقيقة نغفل عنها ونلهو في تلك الحياة القصيرة ظنا منا أننا نترك إرث قيّم ولكنه على النقيض إرث زائل.
ظلت حياتها بأكملها تبني الحصون والأسوار حول قلبها حتى غادرها كل شيء وأولهم نفسها تلك التي تعلم عنها كل شيء حتى تلك الأشياء التي تحاول تكذيبها.
أحب أشكر تلك الظروف التي جعلتني أقدرّ الوقت، والأشخاص، والعائلة.فلا أحد يتعلم في تلك الحياة بالمجان يجب أن ندفع ثمنا في المقابل وأنا قد دفعت مقابله سنواتِ من عُمري و أختي، تلك الفتاة الضحية التي كانت أسيرة لأوهام بأنها ستكون سعيدة عندما تهرب مع حبيبها داخل عِش تجعل منه بيتا على حساب عائلتها باِسم الحب، تلك العلاقات وتلك الأفكار تشوه صور الحب العفيف النقيّ.
لا خير فيما يغضب الله، كانت ضحية لكلماتٍ معسولة تشعرها بالإهتمام التي لا تجده مع عائلتها، ربما تلك هي المعضلة عدم شعور الآباء باحتياجات الأبناء لذا يسعون جاهدين للبحث عنه خارج دِيارهم، فالعائلة هي أول بيئة يتعرض لـها الإنسان.
في نهاية حديثي أودّ لو أستطيع أن أخبر العالم بآسره أن يتحرر من قيده، نحن مختلفون وكذلك قيدنا ولكن النتائج واحدة نبقى داخل تلك الحُفرة للأبد ولا أحد يسمعنا ليت كان هناك من يخبرني بذلك الأمر سابقا رُبما كنت قد أحببت شكلي ولـم أنتظر مديح الأخرين وتصبح لدي رغبة في تغييره حتى أُلائم معايير المجتمع والتي تنص على أن الجمال أساس المعاملة إن كانت فتاة فائقة الجمال يتم التنازل عن المقاعد من أجلها في وسائل المواصلات العامة والمصالح الحكومية وغيرها من الأماكن، وإنهاء أعمالها قبل الجميع، وتقديم مساعدات لا يتم تلبيتها لفتاة خُلقت بملامح جميلة ولكنها لا تناسب معايير المجتمع.
لا يمكن للمجتمع أن يحدد معايير الجمال فكلٍ منا يمتلك جاذبية وجمال بشكل خاص كلنا جميلات باِختلاف، لذا عزيزتي ليس عليكِ أن تبقي على معاييرهم يكفي أن تصبحي راضية عن نفسك، لا يمكن لمخلوقٍ يقلل من خلق الخالق.
انتهت قصتي معكم ولكنها لـم تنتهي مع الحياة، ربما يظهر لنا شريرا أخر ولكن تلك المرة سنبقى مُتحدين لـن أترك يده ولن يتركني سنفعل ما بوسعنا لنبقى معا على قيد الحياة يكفي أن يكون بجواري.فالأمان بالنسبة لـي أن أنظر لعينيه".
أغلقت الدفتر بعد أن تركت توقيعها حتى يذكرها من سيقع في يده هذا الدفتر وألتقطت تلك الصور أثناء فرحهم الثاني، كانت الصورة مُنقسمة لقسمين واحدة كان هو يطالعها بدلا عن الكاميرا وأُخرى هي العكس وكأن كلٍ منهما لا يصدق بأنهما أصبحا سويا لجانب بعضهم البعض، الحب هو أن تسألني عن الأمان فأخبرك عن عينيه.
"تحرر من قيدك، فالنظر للخلف يُسقطك في أول حُفرة تقابلها".قـ
يـ
و
د
ا
لـ
مـ
ا
ضـ
ي#سلسبيل_كوبك.
أتمنى إن الرواية تكون ضافت ليكم حاجة لحياتكم، وأتمنى تشاركوني برأيكم وتناقشوني فيها لـعل أستفيد من آرائكم في الرواية القادمة بإذن الله، هأخد وقت عقبال ما تكون جاهزة.
دُمتم بخير♥.

أنت تقرأ
قيود الماضي
Ngẫu nhiênيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك