نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ١٠..
______________________________
كانت تجلس بجواره في الصندوق الخلفي لسيارة الشرطة لتخجل كثيرا من ذلك الوضع الذي هي به، كان يجلس بجوارها ثابت لا يتحرك لم يفعل شيء سوى أنه هاتف صديقه مازن ليخبره أن يأتي ليضمنه هو وغرام.
توقفت السيارة أمام القسم ليهبط أولا ويحاوط خصرها بذراعه ويساعدها في الهبوط ليشعر بحرارة جسدها المرتفعة إنها خائفة و تخجل من ذلك الوضع إنه مخطيء قليلا ولكن لا بأس فمقابله نَعِم بقربها منه لقليل من الوقت.
دلفا سويا للداخل فقد اشتبه بهم الضابط آداب، كان هاديء على عكسها قلقة وخائفة لأول مرة تكون بقسم وما يخجلها أنها هنا بتلك القضية أهذا من أجل حضنا واحدا له؟
كان الضابط ينظر له كيف هادئا ويجيب عليه بكل هدوء ويخبره أنها زوجته وأنه من عائلة محافظة ليس عليه أن يفعل تلك الأمور بعرض الشارع إنه يعلم الحدود جيدا.
أتى مازن و هو حائر بين أبناء جابر آل قاسم، ليقوم بضمان سيف وجلب له قسيمة زواجه من منزله فبواب العمارة يمتلك نسخة من مفتاح شقتهُ تنهدت الصعداء واقتربت من سيف الذي أحاطها بذراعه ليقربها منها أمام الضابط المسؤول الذي غضب قليلا ولكنه أفرج عنهم، ابتلعت لعابها لتهمس له:
-أنا عايزة أروح.
اومأ لها بصمت واستطاع أن يخبيء بقعة الدماء أمام الضابط حتى لا يصبح هناك تحقيق أخر، غادروا سويا ومازن يتمتم لنفسه ببعض الكلمات الغير مفهومة ليردف قائلا بحدة:
-يا ترى فين عربيتك يا بيه يا محترم؟
ابتسم عليه سيف و استقل سيارة صديقه وبالخلف غرام ليقود مازن باتجاه سيارة سيف التي مازالت بمكانها لم يسمح لهم الضابط باصطحابها معهم حتى لا يتمكنوا من الهرب.
استند على السيارة بجسده وهو ينظر لها تستقل السيارة في انتظاره ليتنهد تنهيدة حارة تعجب لها مازن ليردف بقوله:
-أنت كويس يا سيف؟
نفى برأسه ببطء يشعر بأن جميع الأمور تزاحمت عليه ليؤنب نفسه على سماحهُ لها بأن تعود إلى هنا لما كان حدثت كل تلك الأمور، تنهد مرة أخرى و ربت على كتف مازن وأردف بقوله:
-خليك جمب زين وأنا هأجي أطمن عليه.
اومأ له مازن ليستقل سيف سيارته ويغادر بها اتجاه شقته لتردف غرام بخفوت:
-هو أنا مش هرو.
قاطعها بقوله:
-يعني أروحك بالدم اللي على هدومي ده!!
ألتزمت الصمت لتهبط خلفه و تتجه معه لمدخل العمارة ليستقل كلاهما المصعد ويتجه سيف للطابق السادس فتح باب المنزل واتجه للداخل ألقى بجسده على الأريكة وهو يتآوه بألم لتقف بجوار الباب تنتقل ببصرها إلى أركان المنزل لتغلق الباب خلفها وتجلس على المقعد تنظر للنافذة لتنهض وتتجه نحوها تشاهد المنظر الرائع أمامها لتشعر بالفرحة بينما هو اعتدل في جلسته ودلف لغرفته ليبدل ثيابه لأخرى نظيفة ويستحم ليتذكر أخيه الذي تلقى الطعنة بدلا منه و يغضب ثم تلك المجنونة التي تبحث له عن زوجة أخرى بديلة.
خرج من المرحاض يشعر بالألم في كل جسده كان اليوم بأكمله مرهق لا يقوى على الحركة استلقى على فراشه ينام كاد أن يسقط أسيرا لسلطان النوم هتفت باسمه وهي تدلف للغرفة ليفتح عينيه بالكاد وينظر لها لترى التعب الشديد على وجهه وأردفت بإحراج:
-خلاص لما تصحى تبقى توصلني.
أردف بنبرة ناعسة وهو يمد يده نحوها:
-تعالي نامي لو تعبانة.
ترددت كثيرا وهي تنظر إلى يده الممدودة إنها بالفعل تشعر بالإنهاك بدون سبب إنها مُتعبة ليغريها الفراش وتجد قدميها تقودها نحوه إنها تود النوم وبشدة لتستلقي بجوار سيف وتغط هي الأخرى في سبات عميق بعد سيف الذي بمجرد أن أغمض عينيه سقط أسيرا للفراش.
____________________________
هاتف مازن شاهندا ليخبرها بما حدث وألا تخبر نازلي أبدا، كانت تجلس أمام غزل تتحدث معها ليقاطعها باتصاله وتنهض خائفة على أخيها.
تعجبت غزل من حالة التوتر التي سيطرت عليها لتتساءل عما حدث لترتبك شاهندا وتخبرها بأنها تحتاج ثياب لزين.
نهضت غزل من مكانها وتقدمت منها تمسك قبضة يدها:
-في إيه يا شاهندا؟ احكيلي.
أغرورقت عينيها بالدموع لتردف قائلة وهي تشهق:
-زين في المستشفى متصاب.
لتحضنها غزل برفق واحتواء لتشعر بالصدمة والقلق عليه لتتساءل بداخلها لما وكيف أُصيب؟
لتقوم غزل بمساعدة شاهندا لتضع عدة قطع في حقيبة صغيرة لتردف شاهندا بسؤالها:
-هنخرج إزاي من ورا مامي؟
فكرت غزل قليلا حتى أردفت شاهندا:
-خلاص لقيتها أنتِ روحي ولو سألت هنقولها إن زين عايزك في الشركة.
-أنا لوحدي!!
لا إنها فكرة غبية أو ربما هي تخشى أن تتواجد معه بمكان بمفردهم إنها تخافه، لتقطع عليها شاهندا حبل أفكارها وتخبرها أن ترتدي ثيابها لترفض عدة مرات ولكن تحت إصرار شاهندا الكبير اضطرت للموافقة لترتدي ثيابها وتهبط لأسفل ومن حُسن ظنها كانت نازلي بالخارج لذا لم تعلم بما يدور وبغياب غزل.
على الجهة الأخرى، كانت نازلي غاضبة من ذلك الرجل أمامه لتصرخ به قائلة:
-أنت غبي؟
-مرتين مرتين ومتعرفش تقتله هو أنا بدفعلك فلوس حرام!!
-يا هانم ما هو اللي قطة بسبع أرواح.
صرخت فيه مرة أخرى بعنف:
-اسمع منك ليه مش عايزة الموضوع ده يتكرر.
-المرة التالتة مفهاش أعذار، مش هستنى لما تجيبوا ليا قضية وكمان مش كفاية اللي أنت ضربته بسكينتك!
-أنا مش عايزة حد يموت غيره.
-المرة دِ أسمع خبره لتتشاهدوا على روحكم.
-أنا بدفع ليكم كتير.
-لو مش قادرين تقوموا بالمهمة دِ أشوف غيركم.
كان ينظر كلٍ منهما للأخر يفكر في حديث تلك السيدة أنها قامت بتأجير ثلاث رجال لقتل سيف وإقصائه من تلك الحياة.
لتدلف إلى المشفى بخطى مترددة ليراها مازن و هو يتحدث للطبيب المراقب لحالة زين الذي لم يستيقظ بعد ليهتف باسمها وتبتسم له بخفوت وتتقدم منه ليشكر مازن الطبيب ويتقدم منها هي الأخرى.
-نازلي هانم عرفت حاجة؟
نفت برأسها ليردف قائلا:
-خلاص أنا ظبطت كل حاجة وخليت ليكِ مرافق هنا معاه.
ارتبكت كثيرا لتتسائل بقولها:
-إقامة!! ليه هو أحنا مش هنروح؟
-لسة مفاقش للأسف ادعيله ربنا يفوقه.
-المهم بصي الأوضة أخر الممر ده على اليمين.
أكمل حديثه بمرح:
-عايز ألحق أشوف جعفر خطيبتي قبل ما تنفجر لأني سيبتها وجيت لهنا.
اومأت له بخفوت لتقبض على حقيبتها بقوة وهي تفكر كيف ستقيم معه الآن بغرفة المشفى لتتقدم كما وصف لها مازن وتدلف للغرفة لتقترب من فراشه ترى ملامحه هادئة على عكس تلك الجامدة التي تراها دوما لتتنهد وتقترب من الأريكة بعدما وضعت حقيبتها وحقيبة ثيابه بجوارها وجلست عليها تقبض على هاتفها بأناملها تتمنى أن يفوق سريعا وتغادر و ألا تضطر للإقامة معه.
ذهب مازن سريعا لأحد محلات الطعام السريع ليقوم بشراء وجبات شهية ستجعل نسمة تفقد وعيها أثرها ليقود سيارته باتجاه منزلها ليقف أسفله ويخرج هاتفه يتصل بها ولكنها لم تجيب كانت تسير ذهابا و إيابا في الغرفة غاضبة من ذلك الذي تركها دون أن يبرر أو يهاتفها حتى لتلعنه كثيرا وتظل طيلة اليوم تفكر في الانفصال عنه حتى أنها ألقت بدبتله التي تزين اصبعها لتلتقط هاتفها وترى اسمه ليزداد غضبها وتلقي الهاتف هو الأخر ليرسل لها رسالة نصية كان مضمونها:
-"أنا في الأسفل، سأنتظرك مع وجبة شهية".
تقدمت من شرفتها ليبتسم لها وهو يرفع ذلك الكيس المغلف لتبتسم له وتعود للداخل ليتنهد مازن وهو يتنفس للصعداء مردفا:
-عدت على خير.
ليصرخ أثر ذلك البيض الذي قامت بإلقائه نحوه وهي تصرخ بغضب جعلت البعض ينتبه لهم:
-ابقى خلي اللي أنت روحت ليها تنفعك يا حلو.
نظر لذلك البيض أسفل قدمه محطم ليردف بحدة:
-يا بنت المجانين!! مش عارفة البيض بكام دلوقتي هي الفراخ عندكم كتير!
-إيه يا جعفر مالك؟
زاد غضبها كثيرا وكثيرا عقب تفوهه لِـلقب"جعفر" لتدلف للغرفة وهي تبحث حولها بغضب عن شيء تلقيه عليه حتى ألتقطت يدها زجاجة برفيوم لم تجد سواها ولكن لا بأس إنها تود تحطيم رأسه لتلقي الزجاجة باتجاهه ليتفادها مردفا:
-طب والله خسارة الوجبة الحلوة دِ!
-ده أنا دافع فيها فلوس كتير.
-ده أنا جايب طحينات وسلطات زي ما بتحبي.
-ومزود في التومية.
ابتلعت لعابها وأردفت متساءلة:
-كفتة ولا فراخ؟
-الاتنين يا قمر.
نظرت حولها بحرج لتخرج من النافذة وتتجه للأسفل بعدما قامت بارتداء شال يغطي جسدها من الأعلى وتخرج من مدخل البناية وهي تسير باتجاهه ترفع رأسها للأعلى قليلا وتقبض على تلك الأكياس المغلفة ليردف قائلا:
-طب واللي جاب الكفتة والفراخ مفيش ليه كلمة شكرا؟
-لا أنت ليك إني أكسر دماغك دِ.
-هات الأكل.
دلفت للسيارة لتبدأ في وضع الأطباق أمامها وتبدأ في تناول الطعام ليبتسم لها مازن وهو يستقل بجوارها يشاركها بالقليل.
_______________________________
دلف للمنزل بخطى غير متزنة ليستلقي على الأريكة المتهالكة في الصالة المتهالكة والتي كاد جدرانها أن تسقط على سُكانها ليهتف باسمها لتأتي له مهرولة صرخت بقوة حينما وجدته يقبض على خصلات شعرها قائلا بحدة:
-أنتِ خدتي فلوس من أم محسن اللي جمبنا؟
اتسعت عينيها بقوة وأردفت بارتباك:
-ل لا.
صفعها بقوة لتشهق وتنهمر الدموع على وجنتيها ليردف بغضب:
-هي جت وقالت ليا.
-هو أنا فاضي أسدد ديونك يا هانم!
-أنزلي اشتغلي زي باقي الناس اللي بتنزل تساعد جوازهم.
-بدل ما أنتِ قاعدة مبتعمليش حاجة زيادة في المصاريف وخلاص.
دفعها بقوة لتسقط على الأرض لتضع يدها على خصلاتها وهي تبكي وتردف:
-أنت بتعمل فيا كدة ليه؟
تركها واتجه إلى الغرفة ليصرخ قائلا:
-تعالي شيلي ابنك ده عايز أنام.
نهضت وهي تتكيء على الحائط لتتجه للداخل وتحمل ابنها بين أحضانها تنظر لذلك الرجل القاسي الذي تحول تدريجيا حتى أصبح وحشا قام بإيذائها هي فقط هي تلك التي حاربت الجميع من أجله.
اتجهت للخارج بعدما استلقى على الفراش ينام عليه لا يهتم لتلك التي تنام على الأرض أسفل ابنها الذي تضعه على الأريكة المتهالكة.
______________________________
تعالى رنين الهاتف المزعج ليتحرك بإنزعاج بين أحضانها ليجدها تحيط خصره بذراعها تدفن رأسها بين عنقه ليلتقط هاتفه ويتعجب حينما يرى هوية المتصل ليجيب:
-سيف ابني، هي غرام معاك؟
-دورت عليها ملقتهاش.
أردف بنبرة تحمل آثار النوم:
-هي معايا يا حبيبتي متخافيش.
-اتقابلنا النهاردة ورجعت معايا على البيت.
تنهدت جليلة الصعداء وهي تقول:
-الحمدلله ده أنا قلقت جدا.
-طيب يا حبيبتي لما تصحى هخليها تطمنك.
وجدها تحرك رأسها ببطء وتعقد حاجبيها بقوة ليغلق مع جليلة وينظر لها كانت تقبض عليه بقوة تهمس ببعض الكلمات الغير مفهومة والتي لم تصل لمسامعه حتى ارتفعت نبرتها "خرجيني من هنا، أنا خايفة".
كانت تلك الكلمات الوحيدة التي استمع لها من بين كلماتها التي تفوهت بها كانت تتشبث به كثيرا خوفا تصببت عرقا إنها تجاهد حتى تخرج من ذلك المكان لقد استنفذت كل طاقتها.
حاول إيقاظها برفق عدة مرات حتى انتفضت و هي تنظر له كان شعرها يلتصق بحبات العرق على وجهها وعينيها خائفة وتتنفس بصعوبه وكأنها كانت تجري لأميال استندت بظهرها على الفراش وهي تزيل خصلاتها من وجهها تنظم أنفاسها بينما هو كان يتابع ما يحدث لها بهدوء تام ليعتدل في جلسته ويجذب الغطاء بعيدا عنه لينهض قائلا:
-هشوف حاحة نأكلها، قومي خدي دوش وألبسي حاجة مناسبة.
اومأت له برأسها ليتركها ويغادر ليبحث عن طعام ولكن لا يوجد ما يصلح للطعام ليخرج هاتفه ويطلب طعام لكليهما لقد تخطت الساعة منتصف الليل ولكن على الرغم وجد عدة مطاعم للتوصيل مفتوحة الآن ليقوم بتحضير عصير لعله يهديء روعها أثر ذلك الكابوس.
لم يزعجها طيلة وجودها بداخل المرحاض والغرفة حتى خرجت له لينظر لها باندهاش كانت تلف حولها غطاء الفراش بقوة وإحكام لتردف مبررة:
-الجو سقعة وكمان عشان البرد وأنا مستحمية وكدة.
اومأ برأسه بعدم اقتناع ليتقدم من الأريكة وتجلس بجوارة تخفي جسدها بالكامل لا يظهر سوى نصف وجهها العلوي.
-هي الساعة كام؟
شهقت بقوة حينما علمت بأنها تخطت منتصف الليل لتتساءل بداخلها كيف ستتمكن من الرجوع إلى المنزل في ذلك الوقت المتأخر ليردف قائلا:
-بكرة الصبح هوصلك يا غرام.
طُرق الباب ونهض ليستلم الطعام ويحاسب الرجل ويعود مرة أخرى لغرام التي تحمست كثيرا ونزعت جزء من الغطاء ليظهر نصفها العلوي ليجلس بجوارها ويبدأ بوضع الطعام على الطاولة أمامهم ولكنه اعتدل في جلسته وهو يدقق النظر كثيرا في ثيابها أنه قميصه بالتأكيد قميصه حتى أنه قميصه المفضل أحقا قامت بارتدئه!
ليصرخ بقوله:
-أنتِ لابسة قميصي يا غرام؟
توقفت قطعة الطعام بحلقها لتسعل بقوة و يحمر وجهها بأكمله ليذهب ويجلب لها ماء ترتشفه لتنظر له بعينيها وتبتلع لعابها وهي تقول بنبرة خافتة وصلت لمسامعه:
-تلاتة.
عقد حاجبيه بعدم فهم لتنهض وتزيل الغطاء عنها بالكامل ليظهر له ثلاث قمصان مِلكه قامت بارتدائهم بطريقة معقدة غريبة واحد بالأعلى ليتبعه أخر أسفله ليضم ساقيها وثالث يتبع الثاني وقامت بتثبيتهم بقوة وإحكام ليصبح ثوب طويل يغطي جسدها بالكامل مكون من ثلاث قمصان تخصه.
لتشبك أصابعها وكأنها فتاة مذنبة وستُعاقب لأنها تعلم جيدا أنه يحب كل ما يخصه وما يمتلكه ويقدس أشيائه وخاصةً ثيابه لا يحب مشاركة ثيابه ولكنها غير الجميع، لقد أصبحت جذابة أكثر عن ذي قبل بقمصانه الثلاثة ليبتسم بخفوت ويقترب منها لتحبس أنفاسها أثر قربه المهلك ولكنه تخطاها ليجلس على الطاولة وشرع في تناول الطعام ليردف:
-كُلي.
زفرت الهواء بشدة لتجلس بجواره وتتناول طعامها معه لتباغته بسؤالها:
-مقولتش رأيك في نور؟
توقف عن مضغ الطعام لينظر لها ويردف قائلا بحدة:
-مرفوضة، وكمان جبتيها منين؟
-سيف أنت بتتلكك يعني إيه يكون عندها شامة اخترعها يعني!
رفع منكبيه لأعلى ليقول:
-مش شغلتي في بنات عندها شامة في كتفها الشمال، مش بطلب طلب مستحيل يعني.
غضبت كثيرا منه أكملت طعامها من أين ستأتي له بفتاة بشامة في كتفها اليسار يا له من طلب تعجيزي، إنها أغرب صفة قد يطلبها الرجل لمواصفات فتاة أحلامه لتتذكر كيف تمكنت من الحصول على نور لم تستطيع النوم بشكل كافي لتقوم بالبحث في صورها القديمة لتتفقد فتاة فتاة كانت تعرفها من قبل لترى نور وتراها فتاة مناسبة وهادئة وعاقلة بالتأكيد ستكون ملائمة له سيتم التواصل بينهما بالصمت إنه عاقل وصامت وهي أيضا كانت تلتزم الصمت في كثير من الأحيان سيكونا ثنائي رائع.
لتهاتفها وتتحدث معها في مقدمة طويلة لتخبرها بسفرها وعن عملها بالخارج لتعرف منها أنها مازالت عازبة وتبحث عن زوج مناسب لها لتعرض عليه سيف بصفته صديق لها يبحث عن عروس مناسبة لتقرر مقابلته لعل يحدث نصيب.
تنهدت ولملمت بقايا الطعام لتدلف للمطبخ وتجد أكواب عصير لم يجلبها بعد لترتشف البعض منها، كان يستند على الأريكة بذراعه ويشاهد التلفاز لتجلس بجواره تشاهد هي الأخرى ليُرسل لهم رسالة نصية لينظر كلاهما للأخر بابتسامه واسعة لتهتف غرام بحماس:
-لقد فعلناها.
ابتسم لها سيف ليتحمس هو الأخر مردفا:
-لازم نحتفل.
فقامت تلك الحفلة التي أقامها سيف قبل سفر غرام وجمع بها الكثير من التبرعات بحماية الكثير من الناس من الفقر ومساعدة الكثير من الأطفال لاقتناء المدارس وأصبحت مبادرته ملجأ لهؤلاء الذين لم تنصرهم الظروف.
كانت الصور مبهجة ليرى بها سيف ابتسامة الأطفال المتسعة ويفرح كثيرا بها يتمنى فعل الكثير والكثير لمساعدة الجميع كما علمه أبيه وكما كان يفعل.
كانت تشعر بالسعادة هي الأخرى لأنها ساهمت في صندوق التبرعات على الرغم من بساطة المبلغ ولكنها سعيدة بالأمر لتنظر إلى سيف وتشعر بالفخر إنه رجل رائع بكل ما تحمله الكلمة يا لحظها لتلك الفتاة التي ستمتلكه!
كانت تتفوه بتلك الكلمات بداخلها وربما تحسد الفتاة التي سيتزوجها سيف على أخلاقه.
كان ينظر للتلفاز وهي بجواره حتى باغتته بسؤالها:
-ما ماهية العلاقة المعقدة التي تربطنا؟
نظر لها ليجدها مازالت ثابتة تنظر باتجاه التلفاز ولكن عينيها لمعت في انتظار إجابته لتنظر له وتتقابل أعينهم كان يفكر بما يجيب ليهتف بنبرته الهادئة المعتادة:
-عُقد، عُقد لا أستطيع التحرر منها.
لم تزيدها إجابته عدا الكثير من الغموض ليزداد سؤالها سؤالين وتتساءل لِمَ خص نفسه بالذِكر فقط ولم يذكرها لما لا يستطيع التحرر من تلك العُقد والأهم ما هي تلك العُقد.
لم يعي كل منهما بتلك اللحظات التي مرت عليهم ليقترب سيف منها يحيط وجنتيها بكف يده يبتلع لعابه وهو يقاوم تلك الرغبة بداخله ليهتف بصوت مبحوح:
-غرام، أنتِ هي العُقد.
أذابها بنظراته العاشقة لتغوص معه قليلا في عشقه بدون مسمى إنها تودّ أن تكون معه فقط ولكن تأتي صورة شريف أمامها تتذكر حُبها له لتمنع سيف من التمادى وهي تمسك ذراعيه قائلة بخفوت:
-لا.
توقف يطالعها بدهشة ليبتلع تلك الغصة المريرة بحلقه ويبتعد عنها على الفور لقد جرحت كبريائه، يشعر بالقهر ليقترب من النافذة ويدلف لها ينظر للأمام بشرود يتساءل بداخله بما أجرم لترفضه هكذا؟ أحقا هو لا يستحقها!
ظلت مستلقية على الأريكة تنظر لسقف الصالة بشرود هي الأخرى تتساءل بداخلها لما استجابت له من البداية؟ لتنهر نفسها بشدة وهي غاضبة لأنها تنجذب له كثيرا لتلعن شريف وسيف ونفسها لقد ظهرت ضعفها أمامه واستجابت له يا لها من حمقاء لقد طعنت كرامته.
___________________________
استيقظ زين في منتصف الليل يفحص المكان حوله ليعلم بأنه في المشفى ويتذكر أحداث اليوم، ليشعر بالعطش حاول النهوض ولكنه تآوه بقوة لتستمع له تلك الفتاة التي لم تنام فقط تستلقي على الأريكة تعطيه ظهرها لم يراها لإضاءة الغرفة الداكنة ليتفاجيء حينما أضاءت الغرفة واقتربت منه متساءلة:
-أنت كويس حاسس بوجع؟
-أنتِ بتعملي إيه هنا؟
-مازن خلاني أجي عشان لو احتاجت حاجة.
-وأنتِ وافقتي!
تساءل باستنكار لتغضب منه وتردف بحدة:
-أنا مش قليلة الأصل.
-عايز أشرب.
عبس بوجهه واعتدل في نومته ليستند بظهره على الفراش يجذب الغطاء عليه فهو يشعر بقليل من البرد لتجلب له مياه من تلك الثلاجة المتواجدة بالغرفة وتعطيها له ليأخذها بصمت.
-أنا هنا من امتى؟
-الصبح.
-وأنتِ؟
-من أربع ساعات.
اومأ برأسه لها ليشعر بالملل من الغرفة ليهتف بحدة:
-هو الواحد المفروض يعمل إيه هنا؟ أنا عايز أمشي.
ضحكت عليه وأرفت بقولها:
-ينام أنت في مستشفى مش في بيتكم.
لتجلس على الأريكة تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر للفراغ، ليزداد ملله مردفا:
-أنا هيتكتب ليا خروج امتى؟
-الدكتور المسؤول عن حالتك أكيد زمانه روح محدش قالك تفوق متأخر.
شعر بالغضب منها لتضحك عليه وألتقطت هاتفها لا تعيريه اهتمام لتشعر بضله أمامها لتجده يقف أمامها يطالعها بغضب وجذب منها الهاتف بقوة ليعود إلى الفراش مرة أخرى على الرغم من شعوره بالتعب لتشهق بقوة وتتقدم منه تصرخ بغضب وتقول:
-أنت إزاي تأخده كدة!
-أنت اتجننت!
-هاته لو سمحت.
حاولت جذبه منه ولكنه أبعد يده ليردف قائلا:
-ما هو أنا مش هقعد أكلم نفسي شوفيلي تليفوني فين وأنا ساعتها هوديكِ تليفونك.
غضبت منه لتردف قائلة:
-أنت اتجننت بجد!
-أكيد تليفونك مش معايا هجيبه منين؟
كانت تحاول أن تلتقط الهاتف من يده المرتفع لتلمس جرحه الذي ألمه بقوة لينحني على نفسه وهو يشعر بالألم يجتاحه لتتأسف له وتحاول أن تخفف عنه الألم وهي تقول:
-طب سبني أشوفه ممكن تبقى حاجة بسيطة.
اعتدل في جلسته مرة أخرى يترك لها المجال لترفع قميص المشفى وتنظر إلى جرحه كان سليم لتردف:
-أنت أوڤر كدة ليه!
-ما أهو كويس.
-هات تليفوني بقى.
نفى برأسه لتتركه وتعود إلى الأريكة وهي غاضبة تودّ قتله الآن يا له من مُستفز حتى في تعبه!
_____________________________
عادت نازلي إلى المنزل لتجد شاهندا تجلس على الأريكة مرتبكة والخوف ظاهر في عينيها لتتساءل عن الأمر وتجيبها الأخرى بتلعثم:
-أنا بخير كويسة ولكن مش جايلي نوم.
-أومال فين غزل؟ كنت عايزاها في موضوع
صمتت تبحث عن إجابة تقنعها؛ فنازلي إن علمت بما حدث لزين ستقلب الدنيا رأسا على عقب لتجيب:
-زين زين حب يصالحها فبعت ليها تقابله ويسهروا مع بعض.
نظرت نازلي لها بتعجب وشك ابنها قام بفعل ذلك الأمر لتخرج هاتفها وتتصل بها ولكنها صرخت بقوة قائلة:
-متتصليش ده قالي لو حد أتصل بيا مش هرد عليه عشان يعني عايز يقضي وقت معاها وكدة.
تركتها نازلي وعلامات التعجب تعلو وجهها، ابنها زين! ولكنها تغاضت عن الأمر فلا يهم الآن كل ما تريده هو التخلص من سيف استطاعت التعرف عليه من الوهلة الأولى أنه ذلك البغيض الذي تكرهه وتكره نجاحه على الرغم من زين الذي لم يسمح لهم بالبحث أو الإطلاع على أخباره إلا أنها كانت تجمع كل تفصيلة صغيرة تخصه يجب عليها دراسة عدوها جيدا حتى تسدد له ضربة قاضية.
__________________________
كانت تحمل ابنها على ذراعها وتلك الحقيبة المتهالكة بيدها تحاول الهرب من مسكنه إنها لن تكون ضحية له مرة أخرى إنها لن تربي ابنها في بيئة كتلك لن تسمح له بالتعدي على حقوق ابنها.
لتخطو أول خطواتها خارج ذلك المنزل المظلم ليهتف باسمها جعل الحقيبة تسقط منها وأنفاسها تُسحب ليسود الصمت من حولها التفتت له تبتلع تلك الغصة يتبعها صفعة قوية على وجنتها جعلتها تسقط أرضا تتمسك بابنها خوفا أن يصيبه مكروه.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك..
.
.
يتبع
____________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
Aléatoireيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك