نكمل روايتنا قيود الماضي.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٩..
______________________________
قام بإفلاتها تلك المرة ولكنها تمسكت بِـه تطالعه باهتمام تحثه على إجابتها لا تنكر استسلامها لـه ليلة أمس بإرادتها لأنها تُحبّه، ولكنها تريد أن تعرف قدرها عنده رُبما كان اعترافه كاذب وأكبر دليل على ذلك صمته.
بينما هو كان يشغلهُ سؤالها أحقا قام باختيار غـزل ليثبت لـجود أنها لن تفرق معهُ أم هناك جزء بداخله يميل لـها، لِمَا لمْ يخترعوا زر بعد يمكنه تبديل المشاعر في لحظة لذا بالتأكيد ما زال يميل لجود ولكنه ينجذب إلى غـزل؛ إنها في نظرهُ تلك الفتاة المثقفة التي تمتلك وعي وثقة في النفس إنها تروق لـهُ واِعترافه ليلة أمس رُبما كان لحُل العُقد ليس أكثر.
-بليل نتكلم في الموضوع ده ممكن؟
غادر الغرفة وتركها بِـمفردها مع أفكارها الشيطانية والتي تصور لـها سيناريوهات مُعقدة ستحدث.
____________________________
كان يقف يتحدث في هاتفه ينظر للخلف من حين لأخر بغيظ لتلك النائمة لا تعي شيء فقد أفسدت خطته، أغلق مع مازن المكالمة واقترب من غـرام يجلس بجوارها يستمع لصوت يصدر من حلقها أثناء النوم يدل على شدة تعبها فقد استغرقت رحلتهم عشر ساعات رفع يده إلى وجنتها اليمنى يمرر إبهامهُ عليها يتأملها تلك التي سلبت عقله في أيام متذكرا كيف تمسكت بِـه ذلك اليوم خوفا من أن يعيدوها إلى موطنها تحمل على عاتقيها عارًا كـغدير.
استعدت في صباح اليوم التالي لـتذهب معه كما أخبرها وقد استعارت ثوب من مونيكا التي لم تتردد لِلحظة في مساعدتها خرجت من غرفتها لقد مكثت مع مونيكا في منزلها كانت تقف أمام الشرفة تنظر للمارة أمامها وقد تمردت دمعة على وجنتيها إنها هنا في بلد غريب لا تفقه عنه شيء، أتته على مضض مِن أجل مَن هواهُ قلبها لم تشعر بذلك الذي دلف للمنزل بعدما هاتف مونيكا عدة مرات ولكنها لم تجيب لذا استنتج بنوم كلٍ منهما و قرر الذهاب لـهم وقد نسخت مونيكا مفتاح من أجله؛ فهي لا تمتلك أقارب هنا كل عائلتها توفت وتعرفت على سيف بعدها لـيصبح عائلتها الثانية.
توقف مكانه وهو يطالعها كيف تقف وقد انحنى ظهرها قليلا إنها كُسرت؛ لـطالما كانت تراه فارس أحلامها بينما هي لم تفرق معه بِـ نِكلة وتخلى عنها بعد أسبوع زواج دون مبرر في مكان تحيطه الطبيعة من كل اتجاه تتذكره بِدقة لقد قضت فيه ثلاث ليالٍ.
تقدم منها وحمحم لتلتفت لـه سريعا وتطالعه بحذر إنها لم تثق فيه بعد، إنها تخشاه ذلك الذي أنقذها من هلاك أصابها.
-أين مونيكا؟
-ما زالت نائمة، لقد تجهزت في تمام السابعة كما أخبرتني لكي نذهب للسفارة.
ليخفض رأسه يطالع الأرض يحاول أن يخفي نظرة الانبهار التي تعلوه كلما تكلمت ليس وكأنها أول امرأة يحادثها أو أول امرأة تتحدث بالألمانية ولكنها تركيبة غريبة تجذبه نحوها بدون وعي منه ومنها.
لـتميل برأسها قليلا وهي تتساءل بحذر:
-هل ما زلت على وعدك لي؟
نظر لـها تلك المرة أحقا لم تثق به بعد! إنه أنقذها وقدم لـها الرعاية الكاملة وأتى بِها إلى منزله ثم قام بنقلها إلى منزل مونيكا حتى تصبح مطمئنة أكثر.
-أنك ستُعيديني إلى مصر أو ستُعيد لي شريف.
حرك رأسه بالإيجاب ليتساءل:
-أتناولتي فطورك؟
حركت رأسها بالنفي ليحثها على المغادرة ويتقدمها لتتبعه، استقلت السيارة معه ليقودها متجها إلى مطعم فيه وجبات فطار بينما هي تساءلت:
-لما لم نذهب للسفارة؟
-أنتِ ضيفة لي، غرام.
-يجب عليّ إكرامك، لذا ستناول طعام الفطور ومن ثم نذهب إلى السفارة لا تقلقِ.
صمتت لا تعلم بما تجيب أنها لا ترى منه سوى خير لدرجة أنها ظنته يصطنع الودّ والإنسانية، اتجهت معه للمطعم لتناول فطورهم بصمت فلا سبيل للحديث معها ولكنه سيخترع بالتأكيد.
توقف سيف أمام السفارة وقد رآها تلتقط أنفاسها وتزفره براحة لعلها تهدىء ذلك الشعور بداخلها نظر لـها ليجدها تغمض جفنيها وتتمتم ببعض الكلمات لم يستمع لها ولكنها بالتأكيد رجاء أن ينصفها الله.
ترجلت من السيارة وكذلك هو ليتقدما للداخل وقد قصد زميل لـه من داخل السفارة رحب بِه بِحرارة لتعقد غـرام حاجبيها متساءلة عن ماهية ذلك الرجل الذي لا تعرف عنه سوى اسمه سـيف بالتأكيد سترد لـه دينه ولكن كيف!
نفضت تلك الأفكار تنظر ليده التي تشير لها بالجلوس، لتجلس وقد شبكت كلا يداها تقبض عليهم بقوة تتمنى أن ينتهى ذلك الكابوس.
قص عليه سيف القصة بإختصار ليتساءل صديقه عن اسمها ليسبقها بإجابته لقد حفظ اسمها عن ظهر قلب:
-غـرام مالك يونس المهدي.
-وماذا عن اسم الزوج؟
على الرغم من معرفته بالاسم ولكنه لم يجيب ليستمع لاسمه من ثغرها كم يتوق لرؤية ذلك المختل الذي ترك زوجته في كهف مهجور تحيطه الأشجار من كل مكان وحدها تعاني هجرانه و وحدتها يتوق لرؤيته حتى يفتك به، لما يشعر بِتلك الأحاسيس اتجاهه!!! إنسانيته تحثه على ذلك أم شيئا أخر لم يكتمل بعد.
سيطر الهدوء لـدقائق في المكتب مصاحبا لصوت حركة الرجل على جاهز الحاسوب الخاص بِه، أنهى بحثه ليطالعهم كانت تغمض جفنيها بقوة تطمئن نفسها ببعض الكلمات تبرر موقفه رُبما كان مضطر أو تلك خدعة وعاد يبحث عنها من جديد ولكنها قد رحلت لتنهر نفسها بقوة على مغادرتها ذلك الكهف لـعله كان يمازحها وعاد ليبحث عنها من جديد، أيجب عليها العودة؟
-يؤسفني أن أبلغك بذلك الأمر ولكن السيد شريف قبل أسبوع كان هنا وقام بإنهاء الإجراءات المتعلقة بطلاقكم.
فتحت عينيها لتقابل خاصته كان ينظر لـها بِـ أسى ولكن بداخله كان يشعر بِراحة لا يعلم مصدرها أو سببها، نهض سيف يغلق زر حُلته يصافح زميله يشكره على مساعدته لـه يحثها على النهوض والمغادرة، أردف بقوله:
-سيف، يجب علينا إعادتها لِمصر.
حرك رأسه بالإيجاب ونظر لها يقول:
-غرام علينا المغادرة.
نظرت لـه بـ تِيه ولكنها تحاملت على قدميها لتغادر ولكن إلى أين ومع من؟ ما أن خطت عدة خطوات وهو خلفها حتى توقفت تشعر بالاختناق وكأنها تغرق أصبحت الرؤية غير واضحة وجسدها يترنح لتستند بكف يدها الأيسر على ذلك الحائط بجوارها في محاولة منها للصمود ولكن هناك سحابة سوداء سيطرت على المكان من حولها حاولت السيطرة ولكن ليس بيدها حيلة ليسقط جسدها للخلف حيث الجهة الأثقل ليتدارك سيف الأمر ويحاول مساندتها ولكن سقط كليهما أرضا.
-غـرام.
اسمها أخر ما سمعته قبل أن تغيب عن الوعي تماما، بينما زميله هاتف الإسعاف وسيف كان يحاول إفاقتها ولكنها لم تستجيب ليلعن ذلك المدعو شريف يتمنى لـهُ عقاب أشد ألمًا مما تشعر بِه الآن ولكن لا أحد يُضاهيها ألما الآن، إنها خُذلت وما اسوأ الخذلان عندما يكون ممن نُحِّب.
يقسم أنه كاد يستمع لـكسر قلبها و رؤيته أشلاء، نُقلت للمشفى وتم التعامل مع حالتها في أسرع وقت ليضعونها تحت المُراقبة؛ فهي في حالة اِنهيار عصبي قوي وكيف لا وقد تم هجرها من حبيبها الأول ذلك الذي قدمت لـهُ قلبها على صحن ذهبي أعاده لـها غبار.
كان يطالعها من خلال لوح زجاج غرفتها بالتأكيد ستزورها أحلام سيئة الليلة، لذا قرر البقاء بجوارها متساءلا بداخله عن ماهية تلك المشاعر نحوها!
راودها كابوس سيء لينتبه لـها ويتخلى عن شروده وتفكيره في ذكريات الماضي، استيقظت غـرام لتعتدل في جلستها وهي تلتقط أنفاسها التي سُلبت أثر كابوسها أخفت ملامحها بين قبضتيها وهي تحاول مسح ذلك الكابوس من ذاكرتها لتجده يربت على ظهرها ونهض ليسكب لها كوب من المياه ويعطيه لـها لترتشف منه البعض وتستند بظهرها على خلفية الفراش ليتجه للجانب الأيمن من الفراش وهو يتثاوب يقول:
-أنتِ كويسة؟
حركت رأسها بالإيجاب بينما هو ألقى بجسده بجوارها لتعقد حاجبيها بقوة وتتساءل:
-هي دِ الخروجة اللي قولت عليها!
أجاب بسخرية وهو يعطيها ظهره في محاولة منه للنوم؛ لقد أرهقه التأمل بِـها وسرق من عمرهُ الكثير.
-مش حضرتك نمتي! شوفي مين بقى هيخرجك.
-طب وشغل زين؟
لم يجيب عليها شعر بِثقل لسانه أثر تعبه لذا فضّل عدم الإجابة حتى لا يضيع حلاوة النوم في عينيه، بينما هي اغتاظت قليلا لتلكمه في كتفه ولكنه لم يعيير الأمر الاهتمام ليس هناك أجمل من الفراش والوسادة في تلك اللحظة.
نهضت من جواره تكتشف الغرفة لقد أخبرها بأنه يجهز العديد من الخطط لأجل كليهما وأنه يجب عليها تبديل ثيابها حتى يذهبا ليكتشفوا المكان معا، ولكنها ما أن رأت الفراش وقد غلبها سلطان النوم حاول معها كثيرا ولكنها أبت.
قامت بإخراج ثياب لها وقد أخذت حماما بارد؛ فالجو هنا دافيء و مشمس ارتدت منامة قطنية ومكثت طول اليوم أمام التلفاز حتى أتى الليل وسيف لم يستيقظ بعد لقد تملك منها الملل.
فوجئت بِه يقبّل وجنتها وقد ألقى تحية المساء ليدلف إلى المرحاض يغسل وجهه وهو يطالع المرآة لم يتعرف على صورته، إنهُ غريب أرهقهُ حُبّها يشعر بأنه بعدما تذوق نعيمها ستهلكهُ مرة أخرى هناك شعور ناقص بداخله على الرغم من أن أحلامهُ قد تحققت وأصبحت بين ذراعيه وبإرادتها ولكن دوما هناك أمر يخيفه لا يعلم مصدره تخطى سيف تلك المشاعر واعتدل في وقفته وخرج ليجدها قد ارتدت ثياب ملائمة للخروج وتعدل هيئتها الأخيرة أمام المرآة لتنظر له وتقول:
-يلا مستني إيه أحنا مش جايين عشان نقعد في الأوتيل.
-يلا بينا نخرج نشوف المكان هنا عامل إزاي.
استند بكتفه على الحائط بجواره يقول:
-مش حضرتك اللي نمتي!
-خلاص ده انت قلبك أسود كنت تعبانة ما هو برضو سفر عشر ساعات.
-هو أنتِ عملتي فيهم حاجة غير إنك نمتي!
-يلا بس ألبس يلا.
حرك رأسه بيأس منها واتجه لخزانة الثياب المتواجدة بالغرفة وأخرج ثوب باللون الأحمر وضعه على الفراش لتتعجب غـرام بينما هو أردف مفسرا:
-ألبسي ده، أنا محضره عشانك.
ألتقطته بين ذراعيها تتفقد ملمسه كان يشبه الحرير في نعومته وطويل يصل لكاحلها يتسم بقليل من الوسع من بعد الخصر بفتحة ضيقة على هيئة رقم سبعة لقد نال إعجابها ولكنها أردفت متساءلة لطالما كان غباؤها هو سيد الموقف:
-محضره عشاني أنا! ليه؟
جذبه من بين يديها وهو يقول:
-خلاص براحتك متلبسهوش هشوف غير.
قاطع حديثه أثر تلك النظرة الشيطانية التي طالعته بها لتجذب الثوب بعنف وتتجه للداخل بينما هو ابتسم ولم يعلق ليخرج لـهُ حُلة رمادية اللون بقميص أبيض تتناسب مع بُنيته جلس على الفراش يرتدي حذائه ولكنه توقف عما يفعله عندما استمع لخطواتها تلك التي سلبت قلبه و روحه لا يعلم إلى أين ستصل بِه، رفع رأسه يطالعها بدءا من حذائها الأحمر الذي يتناسب مع الثوب حتى خصلاتها التي تركتها حُرة طليقة على ظهرها ابتلع لعابه و نهض تقوده قدميه لها فقط ولكنه تعثر في خطواته أثر رباط حذاءه الذي توقف عن عقده بسببها ابتسم بحرج ولكنها ضحكت غير عابئة بما تفعله في قلب ذلك العاشق حاول تدارك نفسه و أردف:
-عاجباكِ أوي! طب مش واخدك معايا.
-كدة برضو ده أنا غـرام حبيبتك!
أنهى ربط حذائه وألتقط متعلقاته يحثها على السير أمامه لتلتقط حقيبتها وتسير أمامه بخطوات سريعة حماسية إنها تشعر بالسعادة وجدته يشبك أصابعه بخاصتها ويتقدم للمصعد يستقله معها يتجه للخارج وقد استأجر سيارة للتنقل بسهولة.
كانت تسير هنا وهناك مبهورة بتلك الحضارة بينما هو لا يفعل شيء سوى تأملها تلك التي تربعت على عرش قلبهُ يبتسم لها كلما نظرت لهُ، كانت سعيدة وكأنها عادت طفلة من جديد رُبما لم يكن يحق لها أن تعيش طفولة سعيدة وطبيعية كيف وهي كانت ضحية لـتنمر أفراد العائلة!
كان يقف ينظر لـحركاتها ليلتقط صور كثيرة لـها على الرغم من تذمرها متحججة بأن هناك الكثير من العيوب في الصور على عكسه لم يرى أي عيوب.
قام بإلتقاط عدة صور تجمعهم سويا، كان سعيد بتلك اللمعة في عينيها وإن تطلب الأمر يدفع من عُمره أربع سنوات أُخر.
تناولوا وجبة العشاء في مطعم أجواءه رومانسية مُضيء بالشموع، كان عبارة عن مقاعد جلدية تتسع لشخصين أو أكثر كان يحيطها بذراعه لتسند رأسها على صدره في محاولة منها لـكسر الحواجز بينهما ولكن دوما هناك شيء ناقص.
-تيجي نروح؟
حركت رأسها بالإيجاب لينهض ويخرج من محفظة نقوده بعض الورقيات يضعهم على مائدة الطعام ويغادرا سويا إلى الفندق، أشار لـها لتتقدمه وجدت الأضواء مُغلقة ولكن سرعان ما عادت لتنظر حولها بتعجب هناك الكثير من الورد بدءا من أسفل قدميها أغلق الباب من خلفه وتقدم منها يحتضنها من الخلف بينما هي أغمضت عينيها تحاول نفض تلك الأفكار من عقلها يطاردها الماضي بِكُل ذكرياته.
لتتساءل وكأنها تحاول تكذيب ذلك الشعور:
-أنت عملت ده عشاني؟
-أه، و وجودي هنا عشان شغل زين كانت كدبة.
-أنا هنا عشانك.
أدمعت عينيها وطال صمتها ليقلق ليُديرها وجعلها قِباله، تساءل بارتباك وهو يرى دموعها مُهددة بالسقوط:
-معجبكيش!
نفت برأسها واحتضنته وهي تقول بامتنان صادق نابع من قلبها:
-شكرا.
-شكرا على كل لحظة كنت معايا فيها، شكرا إنك دايما موجود في الوقت المناسب.
قبّل جبينها وتنفس براحة حينما علم بأن سبب بُكائها ليس رفضا على ما فعله ولكنه امتنان، لتتخلى عن حصونها مرة أخرى من أجله إنه يستحق.
______________________________
كان يعمل في شركتهُ لوقت متأخر من الليل هروبا من العودة إنها تنتظره بِكل تأكيد لكي تحصل على إجابة سؤالها كان يقبض على القلم بيده يطالع تلك الورقة الفارغة ليكتب اسمها متلذذا بِنُطقه، دلف مازن لداخل الغرفة بعدما طرق على الباب وجلس أمام زين يطالعهُ بدهشة من شروده لينقر على المكتب بأصابعه عدة مرات يتبعها مناداته باسم زين الذي نظر لـهُ وتدارك تواجده ليعتدل في جلسته وترك القلم يتساءل عن سبب زيارته ولما لم يغادر بعد.
-كنت مع حسين بنشتغل على المشروع الجديد.
-بس حسين ده وقعت عليه من فين؟
-مجتهد جدا في شغله.
انتبه زين لاسم حسين لـيتذكر طلب سيف منه بأن يقوم بتعيينه لديه هنا في الشركة وقد وافق على مضض:
-ده حسين قريب غزل من العائلة يعني.
-قولي أخباره في الشغل إيه؟ تمام يعني؟
-لا كويس جدا ومش بيمشي قبل ما يخلص شغله كله.
حرك رأسه بالإيجاب وعاد بجسده للخلف يزفر الهواء بضيق من تلك التي تحاصرهُ، ليتساءل مازن بتعجب:
-في إيه مالك؟
-جود.
تصنع مازن عدم معرفته بالأمر على الرغم من إخبار سيف لـه بكل ما حدث، ليقص عليه زين كل ما حدث خلال الثلاث أيام الماضية ويخبره بحيرته التي يشعرها مع غـزل.
-زين ركز على اللي في إيدك، جود ماضي ولكن غزل حاليا حاضر.
تساءل بتِيه:
-ومستقبل؟
-محدش عارف ولكن استغل الكارت اللي في إيدك دلوقتي.
-وأنا هفضل طول حياتي كدة مش مُستقر مع إنسانة و زوجة!
-في إيدك تخلي غزل حاضر ومستقبل ولكن تخلى عن جود، أنت لسة بتفكر في غيابها و وجودها عشان كدة مش قادر تشوف غزل.
-نستني أنا كنت جاي ليه، مش أنا ونسمة اتصالحنا.
-بجد! كويس جدا.
-وقررنا الفرح أخر الشهر ده.
-مُبارك.
نهض زين يحتضن صديقه على الرغم من أنه يكبرهُ سنًا و لكن لطالما كان بجواره دائما، كان يعوضه عن الكثير من الأحاسيس الذي كان يشعر بِها والفضل يعود لـسيف الذي زرعه بجواره ليحميه لطالما كان أخيه الأكبر بجواره ويعرف كل صغيرة وكبيرة تخصهُ.
-طب يلا بينا نروح.
ألتقط زين متعلقاته وغادر مع مازن واتجه كلٍ منهما لسيارته وغادرا في اتجاه مختلف، توقف زين أمام المنزل ينظر لباقة الورد بجواره أحقا ستكون كافية لتقضية اليوم أم أنها بالتأكيد بطبيعتها الأنوثية ستنكد عليه كـ أي امرأة مصرية أو غير مصرية كلاهما سواء.
زفر بضيق وهبط من السيارة بينما هي جرت سريعا تجلس على الفراش تمدد قدميها وتشاهد التلفاز وكأن الأمر لا يعنيها ولكن كلما مرت ثوانٍ حتى شعرت بقلبها يقبض بقوة لما تشعر بذلك الخوف وإنها لن تكون قادرة على المواجهة، فُتح الباب لتغمض جفنيها وهي تدعو بداخلها أن يمر اليوم بسلام ولكن ألن يجيب عن سؤالها؟
دلف للغرفة وقد وضع الباقة على طاولة صغيرة بجوار الباب لم تراها غزل ليتقدم للداخل وألق نظرة سريعة عليها بينما هي كانت تتصنع مشاهدة التلفاز وجدته يجلس على طرف الفراش أمامها وبدأ يخلع سترته من ثم حذائه ألقت هي نظرة خاطفة بطرف عينيها متعجبة من تصرفه، أعاد جسده للخلف ليجلس بجوارها بينما هي ابتعدت قليلا عنه ليقترب منه محطما كل الحواجز يميل على أذنها ويقول بصوت هاديء:
-في هدية ليكِ هناك.
ألتفتت برأسها لـه لتصبح مقابلة لوجهه وتتساءل بخفوت:
-بمناسبة إيه؟
طالعها بنظرة شاملة ورفع يده يتحسس وجنتها:
-جمالك، عيونك، شعرك، روحك.
أغمض عينيه واقترب منها أكثر بينما هي ابتعدت عنه تنهض وتطالع حيثما أشار بسبابته على مكان الهدية لتتقدم حيث باب الغرفة وتلتقط باقة الورد والتي كانت باللون الأحمر وهناك بطاقة سوداء اللون تتوسطهم لتمسكها وتخرج تلك الورقة البيضاء بداخلها وتجد بعض الكلمات المغازلة والتي لم يكتبها زين ولكن بائع الورد خيرهُ بين الكثير من الجُمل ولكنه اختار الجملة الأدق والتي تصفها.
على الرغم من أنهم بعض الكلمات البسيطة ولكنها خجلت تطالع الورد بابتسامه عذبة تليق بِها، فلِكل فتاة اِبتسامة جذابة لا تليق سوى بِها لتجده يقف بجوارها مستندا بجذعه على الحائط يقول:
-ما حاجتي لِلورد، فالبساتين في عينيكِ.
عضت شفتيها من كثرة خجلها الذي حاولت كتمه ولكنه ظهر في عينيها و رعشة يدها وكذلك وجنتيها التي كَساهم الأحمر.
كانت متميزة في العائلة بأنها صاحبة السماء نسبةً لعينيها الزرقاء والتي ظهرت بِها كـصفة متنحية من جدتها والدة جليلة، ولكن نظرة انبهارهُ بِها تجعلها تستغنى عنهم جميعا سقط الورد من بين ذراعها واندفعت نحوه تحتضنه بقوة بينما هو هتف بمرح بجوار أذنها:
-مش حرام المية وخمسين طيب!
ضربته بخفة على كتفه وابتسمت، لا تريد أن تعرف إجابة سؤالها فانبهارهُ بِها يكفيها لا تريد أن تنكد عليه تخلت عن طبيعتها من أجله تلك التي لم تعلم الحُب سوى بِـه.
______________________________
كان يجري ديڤيد في الممر بجوار النقالة يقبض على يد أخته التي تلتقط أنفاسها بِـ تعسر، تشعر بأنها على وشك المفارقة لـتنظر لأخيها وتهتف من بين دموعها:
-سـيف.
.
بقلم/ سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
______________________________
أنت تقرأ
قيود الماضي
Randomيا لـيتني قيدت قلبي بأغلالٍ من حديد، لـعله لم يكن وقع في لـعنة كـلعنة حُبّك، فمـا كنت أنا سوى طليق لـم يقيدهُ الحُب إلا بكِ، وما كنتِ أنتِ سوى بريئة قيدها الماضي باسم الحُبّ.) رواية قيود الماضي بقلم سـلسـبيل كـوبـك