البداية

364 5 1
                                    




- البدايـة -

" الأمر مُريب "
هذا ما كان يدور في رأس ابو احمد وعيناه تنتقل بين عقد الذهب الثقيل الذي في يده
وبين الفتاة المُلثّمة الواقفة أمامه وتضع يدها على طرف البترينة الزجاجية

تنحنح قبل أن يخبرها مرة أخرى وهو يرى صِغر سنها البادي على مظهرها وبين ثقل الذهب الذي بين يديه
: يا بنتي أنا مشتري وما يهمّني شي لكن أفضّل إن أمك تكون موجودة هنا معاكي

عدلت طرف لثامها وهي تقول ب أكبر قدر من الثقة: لو إنها تقدر تجي ما بكون لوحدي طبعاً وانا راح أبيعه
وبأسى ظهر في صوتها أكملت: ولو إنها تقدر تجي ما كنت راح أفكّر أبيعه
الواحد ما يبيع الذهب يا عم إلّا وهوّ مضطر

عند هذا الحدّ توقّف العم ابو أحمد وهوّ يرى التأثّر ظاهرً عليها
أنّب نفسه في داخله بتدخّله فيما لا يعنيه، وندم على سؤاله المتكرر لها عن سبب بيعها لهذا العقد الثمين

انتهت إجراءات البيع على خير ما يُرام..
وها هي تغلق باب الغرفة الخاصّة بها..
جلست على السرير بعباءتها، لم تفكر في نزعها..
كل ما كان يجول في بالها، إن أمر بيع الذهب، قد تمّ بالكـــامل، أخيرًا..

أمسكت البطاقة القوية، ونظرت لها بِ سعادة وهيّ تهمس: أخيرًا يا العنود، راح تضحك لكِ الدنيا..

وبنبرة قوية تحمل من التصميم والعزم الشيء الكثير قالت
وهيّ تضغط على مخارج الحروف: أخيرًا راح تقدّري تمشّي حياتك على كيفك!

**


دخلت المجلس بثقتها المعهودة وهيّ تلقي السلام بصوتها الرقيق ذا النبرات الناعمة

ابتسمت والدتها وهي ترى جميع النساء الموجودات ينبهرن بها ويثنين على جمالها ورقتها
حسناً لنكن صريحين، هي ليست بذات الجمال الأخاذ أو الملامح المميزة ، بل ملامحها عادية جداً ..

لكنها تمتلك كاريزما وجاذبية كبيرة اهتمت أمها بتغذيتها والعناية بها منذ الصغر
حتى أصبحت من أبرز صفاتها ..
وأصبحت تعطيها جمال من نوع آخر، جمال نادر جداً..
جلست بجانب والدتها وهي ترتب فستانها الذهبي الجميل والذي أزداد جمالاً على قوامها الرشيق وطولها الفارع

قالت بخجل وهيّ تغطي طرف فمها بيدها: ماما، ليش يطالعوا فيني كذا، استحييت..
ابتسمت أمها وقالت وهي ترتب خصلات شعرها القصير
: مبهورين فيكي حبيبتي، وهم كل يوم يشوفوا بنت جميلة زي بغداد بنت خالد

كلام أمها زاد من إحراجها، ابتسمت دون أن تستطيع قول شيء
ولكن إحراجها زاد أكثر فأكثر عندما قالت إحدى الموجودات: ما شاء الله عليكِ يا بغداد كاملة والكامل الله
وأكملت كلامها: ها يا أم فارس راح يكون لنا نصيب عندكم إذا اتقدمنا ولا لأ..

كلا، لقد تجاوز أسلوب المرأة الفج كافّة احتمالها..
هي لم تعتاد ابداً على مجالس الحريم وكلامهن، ف كيف إذا كان كلام من هذا النوع الثقيل!

رواية الــسَــلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن