.
[ الفصل الرابع والثلاثون ]
هذا ثالث زفاف لِ أحد ابنائها ، وكانت تظن أن خِتامها سيكون مسك ولكن خاب ظنها
تشعر بالحنق لظنها الحَسن في وجدان ، فهي قد توقعت ان كون عروس ابنها هي ابنة اختها فإن الأمور ستكون على خير ما يرام ، لكنها كانت الأسوء بالفعل
أرتشفت من كوب قهوتها التي لم تحسّن مزاجها ولو قليلاً وهي تسمع والدتها التي عادت من الحفل معهم ونامت عندهم في المنزل تقول لها
: يا بنتي لا تحرقي اعصابك بالطريقة دي ، وإذا رقصوا شويتين مع بعض وخير يا طير إيش اللي حصل
ام فارس وهي تنظر إلى والدتها : اللي حصل يا امي اني اتفشلت من المعازيم ، الحريم صاروا يطالعوا فيني مستغربين كييييف زواج ولدي وتحصل فيه قلة الحيا هذه
والدتها بهدوء أعصاب : قلة حيا ليش ، متزوجين على سنة الله ورسوله ، ومن كثر فرحتهم رقصوا في الزواج لا هو حرام ولا يخرّج من الملة
نظرت إلى والدتها باستنكار وهي لا تريد أن تصرخ احتراماً لها : امييي
والدتها بعدم اهتمام : الناس ما يعجبهم شيء ويا حبهم للنفاق يعني دحين لو وحدة من الحريم اللي عاملين فيها مستغربين
ويا الله كييييف يحصل كذا في زواج ولدك
تلاقيها لو حصل كذا في زواج ولدها بتقول عادي ولا بتقول كيييف هذه
تنهدت وهي تقول ما يؤرّقها فعلاً : انا مو شايلة هم الناس ايش بتتكلم اخر همّي والله
انا مو شايلة إلّا هم عمتي ام خالد شفتيها ما يحتاج اقول لك قد ايش عصبت ، خِلقة هيا تستنى الزلّة مننا
ام صفاء : وحتنكّدي على صقر و وجدان بسبب عمتك
قالت ام فارس بتوضيح : مو إني بنكّد عليهم بس مستحيل أمرّر اللي حصل ، وجدان الله يهديها تعرفيها كيف متهورة شويه وما همها أحد
لازم من البداية تعرف العائلة اللي اتزوجت منها هم كيف وتعرف الحدود اللي مو مسموح إنها تتجاوزها
مو معقولة إني حأقعد أشيل هم هي إيش بتسوي كل ما تتقابل مع أهل زوجي
ثم ارتشفت من قهوتها مرة أخرى وسألت والدتها : سهام متى قالت لك بتجي ؟
وكأن شقيقتها كانت تتنظر سؤالها لتتصل في هذا الوقت بالذات بطريقة غريبة جعلت ابتسامة تعجّب تظهر عليهم
قالت ام فارس لوالدتها قبل أن ترد على اتصال اختها : لو إني جبت طاري مليون كان أحسن
ردت على اختها التي كانت تخبرها أنها تقف عند الباب وتريد الدخول
أخبرت إحدى الخادمات أن تفتح الباب ثم وبحركة تلقائية بدأت ترتب الطاولة الكبيرة التي أمامها و عليها الضيافة
عندما جاءت اختها وجلست بجانب والدتهم بعد أن سلمت عليهم سألتهم : فين وجدان ؟
نظرت إليها ام فارس بتعجب من سؤالها ، قالت سهام بتوضيح أكثر : اتصل عليها من العصر ما ترد عليا
ام فارس وهي تمد لها بفنجان القهوة : دقيت على صقر مره في العصر وما رد ومعد دقيت عليهم
أخذت سهام الفنجان منها و وضعته على الطاولة وهي تقول بقلق : لا يكون فيهم شيء
قالت والدتهم : اتفاولي خير يا بنت ، إن شاء الله مافيهم إلّا العافية ، تلاقيهم نايمين وما انتبهوا للجوالات
سهام بعدم تصديق وهي فعلاً تشعر بالقلق وتريد رؤية ابنتها والإطمئنان عليها : نايمين إلين دا الوقت ، الساعة سبعة المغرب !!
قالت ام فارس بسخرية : بتنقّي عليهم من دحين ! خليهم براحتهم متى ما انتبهوا على جوالاتهم بيرجعوا يتصلوا علينا
نظرت إليها سهام وهي تقول بغيض من كلامها : لأنك مو حاسة فيني تقولي دا الكلام
لمن تزوّجي نور بتشوفي كيف حتكوني ثاني يوم الزواج قلقانة عليها وما بتطمّني إلّا لمن تشوفيها
ام فارس وهي تنظر لها بدهشة وتريد أن تفهم ما الداعي لكلامها هذا : وانا ما زوّجت بغداد يعني !
سهام ببرود وهي تأكل قطعة من الحلا الذي أمامها : بغداد بنت زوجك مو بنتك
انزعجت ام فارس بشدة من كلام اختها وظهر هذا الإنزعاج على وجهها ، ام صفاء انزعجت ايضاً وقالت لسهام بنبرة مؤنبة : سهااااااام !!!!
سهام وهي تنظر إليهم بتعجب : ما قلت شيء غلط إشبكم كذا تطالعوا فيني ؟!!!
قالت لاختها : خلينا واقعيين يا صفاء البنت مو بنتنا ، و إذا كنتي تشوفيها بنتك من جد ما زوّجتيها ولدك
ثم اتكئت بظهرها على الكنبة وهي واثقة جداً بصحة ما قالته
ام فارس التي كانت لا تريد أن تقول لاختها كلام يجعلها تغضب وتخرج من منزلها ، لكنها لم تحب أن تتغاضى عن الرد عليها
: بغداد بنتي الغالية ، ولو إني كنت اشوف انها بنت زوجي بس
كان ما اهتميت و زوّجتها أي أحد ، لكني زوجتها ولدي لأني ابغاها قريبة ما تبعد عني
سهام بوقاحة هي لا تقصدها حقاً ، لكن هكذا طبعها تتكلم دائماً بدون أن تعي حقاً ما تقول
: إيوه هي بمكانة بنتك لكنها مو بنتك ، وجدان بنتي تربطك فيها صلة دم وأقرب لك منها
سكتت ام فارس قليلاً تنظر إليها قبل أن تقول بهدوء : شايفة عيالي اللي من بطني ، ما يوصلوا لمكانتها عندي
و بغداد بنت زوجي صحيح وبمثابة بنــــــتي اللي مستحيل ما تسمع كلامي أو تسوي شيء عارفة إني ما احبه
وأحتدت نبرة صوتها : وبنتك وجدان اللي تربطني فيها صلة دم زي ما قلتي
استفتحت يوم زواجها من ولدي بقلة حيا وأشياء أنا إلين دحين مو عارفة كيف راح اغض الطرف عنها
أكملت : وكأنك وانتي تقولي انو بغداد بنت زوجي وهي دحين مرة ولدي إنو مكانتها عندي دحين مرة ولد بس
و وجدان بنت اختي و دحين مرة ولدي برضو ، المفروض أعزّها أكثر من بغداد !!!! وبتهكم قالت : يارب بس إني اكون فهمت غلط
لم يُغضب سهام من اختها إلّا عندما جاءت بسيرة حفل الزفاف بالأمس قالت بدفاع عن ابنتها : انتي حتوقفي عند هذه النقطة يعني!!
البنت كانت مبسوطة وحابه ترقص مع زوجها زي ما كل البنات يسوو في زواجاتهم ، إيش حتسوي لو باسوا بعض ولا شالها قدام الناس ؟؟!!!!
ام فارس بحدة : كان هزأتهم قدام الناس اللي شافوهم
سهام باستهزاء : إيوه طبيعي بتسوي كذا مو أهم شيء عند صفاء الأخلاق الحَسنة
قالت ام صفاء وهي قد توقعت مثل هذه التصادمات أن تحدث بين بناتها لكنها لم تتوقع أن تحصل مبكراً
: بــــــــــــس اتعوّذوا من الشيطان ، استغفر الله العظيم اشبكم ؟؟!
لسى امس ما شاء الله كنتوا جالسين تستقبلوا المعازيم عشان زواج عيالكم واليوم تضاربوا ، إيش فيه
: من جد إيش فيه ؟ !
نظرت ام فارس إلى نور التي نزلت لتوها من الدرج و من الواضح أنها استيقظت قبل قليل ، تجاهلت سؤالها
فمن الأمور التي لا تحبها أن يُشاهد ابنائها أو يسمعوا بمناقشاتها هي واختها وينشر غسيلهم أمامهم ، قالت لها : صباح الخير
ابتسمت نور و فهمت تجاهل والدتها لسؤالها ، قالت بمزاج رائق جداً : صباااح العسل والقشطة
سلمت عليهم قبل أن تجلس بجانب والدتها التي قالت لها : ما بتقومي تاكلي شي ؟
نور : امممم شويه ، مافيني اقوم دحين لسى كسلانة
ثم نظرت إلى سهام وقالت : خالة أمس كان شكلك مررا جنااان ، عند مين عملتي الميك اب امس ؟
سهام الغاضبة جداً من كلام اختها السابق ، ابتسمت عندما سمعت كلام نور ، وجاوبتها بهدوء مُصطنع
شيئاً فشيئاً مع وجود نور في الجلسة التي لم تترك شيئاً حصل في الزواج إلّا وعلقت عليه عمّ الهدوء بعد شدّ الأعصاب الذي كان قبل قليل ..
**
فتحت عيناها ، ثم عادت أغلقتهم بكسل
أعادت هذه الحركة عدة مرات قبل أن تستوعب المكان الجديد عليها ، كان المكان مُظلم جداً ، لا تعرف كم الساعة الآن
بحركة تلقائية مدّت يدها لتأخذ الهاتف الموضوع على الكومدينا بجانبها لكنها لم تجده ، عقدت حاجبيها وهي ترفع نفسها قليلاً ، لكن الهاتف في هذا الظلام لم يكن له أثر
عندما اعتادت عيناها على الظلام قليلاً استطاعت الإنتباه إلى الأبجورة و فتحتها بعد أن بحثت بجانبها قليلاً عن زر التشغيل
عندما أنار الضوء الخافت الغرفة نظرت بخوف قليلاً إلى من ينام بجانبها وضمت اللحاف لصدرها
قالت بصوت واضح : بسم الله انا كيف نمت ..كانت تشعر بانعداااااام التركيز
بعد عدة دقائق أخرى كان وضعها أفضل
نزلت من السرير بهدوء ، مشت عدة خطوات ثم نظرت إلى صقر النائم بعمق ، شعرت بقليل من التوتر وأزاحت نظرها عنه
قبل أن تبعد عيناها عنه انتبهت لهاتفه موجود بجانبه ، ذهبت بخطوات سريعة إليه ، تريد أن تعرف كم الساعة
عندما مدت يدها إليه ، تفاجئت ، بل ارتعبت عندما امتدت إليها يد صقر فجأة وأمسكت بمعصمها
صرخت بخوف وتراجعت عدة خطوات إلى الوراء ما جعلها تصطدم بقوة بالتسريحة التي خلفها
صقر الذي كان قد استيقظ عندما أحس بتقلّبها بجانبه ثم عندما فتحت الأبجورة
و كان يتوقع أنها ستذهب إلى دورة المياه ولم يُحب أن يُفاجئها باستيقاظه معها
لكنه عندما أحس أنها اقتربت منه فتح عينه ليراها ستمسك بهاتفه ، لم يستطع منع نفسه من مُفاجأتها
فزّ واقفاً عندما رأى إصطدامها ، قال بخوف عليها : بشووويش ، إشبك
رفعت رأسها وهي تنظر إليه بغضب ، لا زالت أثر مفاجأته مؤثرة في جسمها
نبضات قلبها كانت متسااااااارعة ، حتى رأسها كان ينبض بقوة : إشبي !!!!! فجعتني وتقول اشبك
ابتسم ابتسامة واسعة وفي نفس الوقت عاض على شفاته لكي لا تفلت منه ضحكة على منظرها
احتضنها بخفة وهو يقول كاذباً بنفي للتهمة اللي اتهمتها إياه : ما كنت بفجعك ، جيت بمسك يدك إلّا نقزتي ، إنتي اللي فجعتيني مو انا فجعتك
ثم قال باستغراب وهو يشعر بها ترتجف : بسم الله عليكِ إييييييش هذا ؟؟!! عشان مسكت يدك تنتفضي كذا
وجدان التي كانت تشعر بالإحراااج لردة فعلها المبااالغ فيها و الغير مناسبة لها ، فهي دائماً تظهر بمظهر الفتاة القوية التي لا تهاب شيء
أمرٌ أخر جعلها تشعر بإحراج أشدّ وتقول بعصبية محاولة إخفاءه وهي تُبعد نفسها عنه : تمسك يدي فجأة وانا احسبك نايم بعدين تقول ما كنت بفجعك
ثم ذهبت إلى دورة المياه بخطوات غاضبة
فور أن اغلقت الباب خلفها ، ضمت يديها إلى صدرها بخجل وقلق
هل تقول أنها شعرت بشعور غريب ، غريب جداً عندما احتضنها إلى صدره لأول مرة
هي نشأت يتيمة و وحيدة ، لم تحضى با احتضان أب وضمة أخ ، لذلك كانت ضمة صقر الأولى لها مليئة بأحاسيس مُختلفة
انتهت من استحمامها الطويل جداً وخرجت من دورة المياه بعد أن ارتدت الروب الخاص بها والذي كان مُعلق ومجهّز لها في الحمام
لم يكن موجود في الغرفة عندما خرجت ، ذهبت إلى جهة الدولاب فتحته وهي محتارة ماذا تلبس
اشترت اكثر من فستان بنية أن تلبسه ثاني يوم زفافها لكنها لم تختر واحد منهم بعد
دخل صقر إلى الغرفة وهي في حيرتها هذه لكنه لم ينظر إليها ولم يعلق بشيء بل دخل بسرعة إلى دورة المياه
وجوده في نفس المكان جعلها تتعجل وتختار أن تلبس فستان أوف وايت قصير مناسب لقوامها
ذهبت إلى التسريحة وبدأت في وضع مستحضرات العناية لبشرتها وهي لا زالت تبحث بعينيها عن هاتفها المفقود والذي ليس له أثر في الغرفة
عندما انتهت ذهبت إلى الصالة تفتش عنه ولكن ليس له أثر ، سمعت صوت باب دورة المياه وتعمّدت أن تتأخر وتبحث أكثر عن هاتفها
لكي تتأكد أنها عندما تعود إلى الغرفة هو الآخر يكون قد انتهى من إرتداء ثيابه
عندما عادت إلى الغرفة كان هو بالفعل قد ارتدى كامل ثيابه ويقف عند التسريحة يعدل كبك ثوبه
سألته : صقر ما شفت جوالي ؟
التفت عليها ، لكنه لم يرد بسرعة ، بل كان يأخذ وقتها بتأملها وهي بهذا الفستان القصير بمنظر جديد جداً عليه
فَ بغداد و نور ملابسهم محتشمة جداً ، أمامهم على الأقل
وجدان المعتادة على هذه الملابس لم تشعر بالخجل بإرتداءها لفستان قصير أعلى ركبتيها أمامه لذلك استغربت من نظراته
عقدت حاجبيها : إشبك كذا تطالع فيني ؟
تجاهل السؤال الثاني ورد على سؤالها الأول : لا ما شفته
تأففت وهي تقول : ياربيي فيين راح ؟؟!! ، ثم سألته : الساعة كم طيب ؟
نظر صقر إلى هاتفه قبل أن يقول : الساعة 8 إلّا ربع
اتسعت عيناها بدهشة وقالت بعدم تصديق : كذااااااب
اقتربت منه حتى كادت تلتصق به ونظرت إلى الهاتف كانت الساعة بالفعل كما قال
تراجعت قليلاً وهي تغمغم قائِلة : يالله ، الصلوات كلها فاتتني
ذهبت إلى جهة شرشف الصلاة والسجادة التي تعرف مكانها جيداً فهي بنفسها رتبت أغراضها هنا في الغرفة مع والدتها قبل عدة أيام
التفتت عليه وقالت : صح صقر أنا نمت في الصالة ولا في الغرفة
صقر الذي لا يزال متأثر بإقترابها منه نظر إليها وهو يقول بتهكم لا يوضّح توتره : اسألي نفسك
ثم خرج من الغرفة متوجّه إلى الصالة وهو الآخر يريد أن يُصلي أيضاً الصلوات التي فاتته
فرش السجادة في الصالة وهو يحاول بصعوبة إزاحة منظرها الرائع قبل قليل عن عقله و كم كانت تبدو ناعِمة جداً وهي بهذه الملابس
بدأ يقيم الصلاة بصوت عالي قبل أن يكبر وهو يحاول استجلاب الخشوع وعدم التفكير في أي شيء
في الغرفة كانت وجدان تنظر إلى الباب الذي خرج منه بغيض من جوابه المُتعجرف
هل هو مصاب بلوثة في عقله تجعله لا يستطيع الإجابة على سؤالها بشكل طبيعي !
عندما تعمقت في التفكير فيه بزغت لها الفكرة التي نامت وهي تفكر فيها
انتهت من صلاتها وهي تعقد حاجبيها بانزعااااج ، كل صلاتها ذهبت وهي تفكر فيه ولا تدري لماذا بدأت تقتنع بإمكانية الفكرة
تريد أن تتأكد هل هو فعلاً مريض لكن كيف تسأله ، مع كل الجرأة التي تتمتع بها ليست عديمة الحياء لكي تسأله مثل هذا السؤال
خلعت الشرشف وطبقته على مهل وهي تسمع صوته في الصالة ، من الواضح أنه يكلّم شخصاً ما
ذهبت إلى التسريحة مرة أخرى وهي تريد البدء بوضع مكياجها
لا زالت لا تعلم كيف سيمرّ هذا اليوم ولكنهم بالتأكيد سينزلوا للأسفل للسلام على خالتها
وهي قبل كل شيء ومع كل شيء عــــــــروس تريد أن تبدو بمظهر جميل مُتأنّق
عاد إلى الغرفة وفي يده تفاحة يأكل منها وهو يقول : دحين جوالك من جد ما حصلتيه
نظرت إليه باهتمام : لأ ، مررا مختفي
قال صقر : امك تحت عند امي وقلقااااانه عليكي لأنك ما تردي على الجوال
وجدان بقلق : بالله ،، يالله طيب كيف ، فين راح يكون يعني ؟
صقر بتفكير : ممكن تكوني نسيتيه تحت في السيارة ، بنزل أشوفه
خرج من الغرفة وهي فتحت كريم الأساس وبدأت بتوزيعه بسرعة ، لا تريده أن يراها وهي تضع المكياج
لكنها ما ان انتهت من وضع كريم الأساس حتى سمعت صوت الشقة يُفتح
تنهدت و وضعت أحمر شفاة لكي لا يكون مظهرها باهت للغاية
دخل إلى الغرفة مرة أخرى وفي يده هاتفها وهو يقول : كان تحت في السيارة مكان رجولك لمن جلستي
أخذته منه وهي تقول بارتياح : كويس إنو موجود ما ضاع من جد ولا انسرق
ألقت نظرة سريعة على التنبيهات الظاهرة على شاشة الهاتف
وهي تفكر أنها فعلاً عندما نزلت من السيارة بالأمس وهي تفكر كيف ستسير بفستانها الثقيل نسيت أمر الهاتف تماماً
رفعت عيناها إليه ، ثم قالت بإحراج وهي ترى نظراته الغير مفهومة لها : ليش تطالع فيني كذا
حسناً ألف رد وقح كان يودّ أن يقوله لها لكي يستمتع بردة فعلها ، لكنه كان قد قرر أن يحاول قدر المستطاع ان يُراعيها اليوم
لذلك رد عليها بِ : كيف تبغيني اطالع فيكِ
لا تنظر إلي من الأساس الآن ، كانت تودّ ان ترد عليه بهذا الرد ، لكنها فضلت أن تصمت ولا ترد عليه
عادت تكمل مكياجها بصمت
وهو عندما رأى صمتها قال لها وهو يخرج من الغرفة : لا تتأخري
بعد وقت كانت قد انتهت من زينة وجهها وتصفيف شعرها جيداً ، لبست عباءتها ثم خرجت إليه وهي تقول : أنا جاهزة
صقر الجالس على الكنبة الطويلة في الصالة وعلى وجهه ابتسامة واسعة وهو يرى مقاطع الفيديو والصور التي صورها أصدقائه لحفل الزواج بالأمس
نظر إليها عندما سمع صوتها و من عباءتها المفتوحة استطاع أن يرى أنها لا زالت ترتدي الفستان القصير
اندهش وشعر بالإنزعاج قليلاً ، كان يظن أن الفستان الذي تلبسه ، لبسته من أجله ولم يتوقع أنها ستنزل به إلى الأسفل
وضع الهاتف في جيبه وهو يقف ويقترب منها قائلاً : بتنزلي كذا
عقدت حاجبيها بعدم فهم : ايش قصدك ما فهمت
تنهد وهو ينظر إليها ، من رأسها حتى اصبع قدميها يوجد لديه الكثيير من الملاحظات
قبل أن يتكلم ذكّر نفسه أن اليوم هو أول يوم يعيشونه معاً ، رغم أنه شخصية غير مُراعية يعترف بذلك لكنه يرى أن وجدان الآن وضع خاص
هو فعلاً من أول يوم يُجاهد نفسه ألّا يكون فظّ معها وإلّا منظر العباءة الملونة التي تلبسها بعدم اهتمام واااضح لما قاله لها سابقاً اكثر من مرة
كفيل بأن يجعله يغضب ويفسد اليوم من بدايته لكنه ذكّر نفسه مرة أخرى أنهم سينزلوا إلى منزل أهله فقط ، لن يجعلها تخرج إلى الشارع بهذه العباءة
هز رأسه بنفي وهو يقول مُتراجعاً عما كان ينوي قوله لها : ولا شيء ، يلا ننزل
عندما خرجوا من الشقة ، وهم ينزلوا من الدرج كانت أنظاره متوجّهة إلى يدها التي كانت أول ما لفت انتباهه من فترة طويلة وجذبه إليها
يدها الصغيرة الناعمة كانت هذه المرة مُزينة بإسورتين ذهبية وخاتم الدبلة الماسية الموجود في بنصر يدها
ولا يدري هل الإسورة جميلة ورقيقة هكذا أم أنها أصبحت رقيقة وجميلة جداً بعد أن زيّنت يدها
أمسك بها فجأة ما جعلها تجفل فهي كانت سابحة بأفكارها وهي تنزل من الدرج
ابتسم وهو يقول : وأنا كل ما مسكت يدك حتنفجعي كذا
نظرت إليه بحدة كانت تعتقد أنه يسخر منها
لكنها عندما تلاقت عيناها بعينيه لم يكن هناك أثر للسخرية والتهكم الذي يكون دائماً مُصاحب له عند حديثه معها
بل كانت هناك نظرة جديدة لم ترها من قبل ، سألها بهدوء : تخافي مني
ابعدت عيناها عنه وهي تشعر بارتباك طفيف : لأ
رغم أن المسافة قصيرة بينهم إلّا أنه قلّصها عندما اقترب منها أكثر حتى بات شبه مُلتصق بها : ليش طيب كل ما مسكت يدك تنقزي كذا
حاولت أن تبتعد عنه لكن الجدار الذي خلفها أعاقها : لأنك تمسك يدي فجأة ، تفجعني
ضحك بهدوء وهو يقول : يبغالي أجل المرة الجايه استأذن قبل لا أسوي أي شيء
ثم قال : ممكن طيب أبوس يدك ، وخدك ، وأحط يدي على خصرك
كان يقول هذا الكلام ويُتبعه بالفعل ما جعل مئات الأحاسيس تغزوها ، ولو أن لِ نبضات القلب صوت ، لكان المكان قد رُجّ بنبضات قلبها المتسارعة
تنفست أنفاس مُتقطعة وهي تنظر إلى صدره دون أن ترفع أنظارها إليه
أحست به وهو يمسك ذقنها بيده الأخرى و يقول بهمس : أرفعي راسك
قاومته بعناد ، لا تريد أن تنظر إليه ويعرف خجلها وارتباكها منه
لكن نبرة صوته التي تغيّرت للرجاء وهو يقول : وجداااان ، طالعي فيني
جعلتها ترفع رأسها وتنظر إليه ، هذه المره لم تستطع إبعاد عينيها عنه
طال الصمت سوى من النظرات التي كانت أبلغ من الكلام
قطع الصمت صقر وهو يقول بصوت مُتخم بمشاعر تملّكته هذه اللحظة : قلت لك من قبل إن اللون الأبيض جميـــــل عليكِ
وجدان بهمس : لأ
سكتت قليلاً قبل أن تقول بغنج : انتا ما تعرف إلّا تتريق عليا طول الوقت
نبرة صوتها المُغنّجة والتي كانت تستفزّه من قبل ، أطربت أذنيه الآن وجعلت قلبه يُرفرف ، هتف قائلاً
: معقولة ما قلت لك إنه حلو عليكِ ، يخليكِ كأنك ملاك
وأكمل بمشاكسة وهو يقترب أكثر يداعب أنفها : ولو إنك في الحقيقة مجنونة
اتسعت عيناها بحدة وهي تسمع هذه الكلمة منه لأكثر من مرة ، حاولت أن تبتعد عنه وهي تقول : ما المجنون إلّا انتاااا
أطلق ضحكة مُجلجلة قبل أن يقبلها بخفة ثم يحتضنها وهو يقول : كل شيء اليوم منك عسل يا عسسل
ابتعد قليلاً وهو يقول : يلا ننزل ، طولنا عليهم
نزلت الدرجات المتبقية وهي تشعر بتداخل الأفكار في رأسها ، كلما تهدأ يُفاجئها بتصرف غير متوقع منه ، وهذه المرة كان تصرفه غير متوقع بالمــــرّة
دخلت من الباب الذي يؤدي إلى الصالة وهي تنظر إلى يده التي لا زالت ممسكة بيدها بقوة ولم تفلتها
ابتسمت بحياء وهي لا زالت خلفه عندما سمعت ترحيبهم المبالغ فيه لهم وصوت الزغاريد التي أطلقوها لا زال صداها في أذنها
فلتت يدها من يده بهدوء عندما اقتربوا من الجلسة ، سلمت على خالتها صفاء ثم جدتها
عندما وصلت عند امها ، احتضنتها بقوة فاجئتها قبل أن تبتعد عنها قليلاً وهي تسألها عن أحوالها بلهفة
جلست بجانب صقر بعد أن خلعت عبائتها ورتبت فستانها ، ثم اضطرت أن تقوم مرة ثانية عندما جاءت نور التي قالت بحماس وهي تمشي باتجاههم : يا هلاااااا بالعرسان
سلمت عليها وعلى صقر قبل أن تقول بضحكة موجهة كلامها للأخير : أحس في شيء غلط وأنا أسلم عليك وانتا في البيت
حرك صقر حاجبيه : لا خلاص انا ما صرت من أهل البيت ، يعني كل ما تشوفيني تسلمي على راسي
نظرت إليه نور وهي تقول بمجاملة واضحة بعد أن جلست بجانب والدتها : اييوه ، إن شاء الله ما طلبت شي
قالت الجدة بعذوبة موجّهة سؤالها لصقر و وجدان : كيف صبّحتوا حبايبي ، إن شاء الله بخييير يارب
ردت عليها وجدان باختصار وهي تكاد تضحك على نفسها من هذا الحياء الغريب الذي يلفّها : الحمدلله بخير
بينما صقر رد عليها : تقدري تقولي كيف مسّيتوا بما إننا صحينا قبل شويه
ثم التفت إلى والدته : امي مييييت جوع ، فيه غدا جاهز
ام فارس : ايوه يا حبيبي فيه كل شيء
ثم قامت بنفسها وهي تقول : دحين أجهز لكم الأكل
أعاد أنظاره إلى جدته بعد أن غادرت والدته الجلسة وهو يسألها : إيوه يا قمر حكّيني كيف كان زواجكم امس
الجدة التي تشعر بالسعادة لجلوس أحفادها أمامها ، خصوصاً وجدان التي كانت تتمنى دائماً في قرارة نفسها أن يتزوجها أحد حفادها من ابنتها صفاء
وقد تحققت امنيتها بغرابة بعد أن فقدت الامل بخطبة طارق للعنود ، قالت له : مرره كان جمييل ومرتب ، الله يجعل أيامكم كلها جميلة وسعيدة يارب
ابتسم صقر : آمييين ، كثري من الدعوات الحلوة هذه
سألته سهام باهتماام : ما بتسافروا ؟
نظر إليها صقر وهو يقول بلا مبالاة : ما اتوقع ، ما رتبت خطة سفر إلى الآن
ثم التفت إلى وجدان وهو يسألها ببساطة : تبغي تسافري ؟
لم ترد عليه وجدان إذ ان والدتها قالت باستنكار : يعني مو مهتم إنك تروح شهر عسل مع زوجتك ؟؟؟!!!
نظر إليها صقر ، استفزته الحدة التي في صوتها ، جاوبها ببرود : ما أشوف إنه شيء ضروري
سهام : كيف مو ضروري !!!!! طارق لمن اتزوج قعد شهر كااامل مسافر
صقر : هذاك طارق مو أنا ، وبعدين كل واحد براحته ولّا يا خالة
تكتفت سهام في جلستها بدون أن ترد عليه ، وبدأت تهز قدمها وهي تشعر ببعض الغضب ، وكأن صقر قد أثبت لها بهذا الكلام أنه غير مهتم بابنتها
تنهد صقر بضيق من خالته ، انزعج حقيقة من سؤالها ومن ثم ردة فعلها ، هل سيتعب معها مثلما يتعب في التعامل مع ابنتها
سأل نور بدون اهتمام حقاً بالإجابة لكنه يريد أن يصرف نظره عن خالته الحانقة : بغداد وفارس مو جايين اليوم ؟
نور بإحباط : لأ للأسف ، ما شفت القروب سألتهم إذا بيجو هم و طارق بس كلهم قالو إنهم مشغولين
صقر الذي يرى سوى مجموعة أصدقاءه قال : عارف إن طارق مو جاي قال إنه بيروح مكة السبت
ثم التفت إلى جدته قائلاً بسخرية : شكل طارق بيمتّر طريق جدة مكه وهو رااايح جاي
نور وهي التي غالباً ما يكون لديها علم بجميييع أحوال اخوانها : مدري إذا طارق راح مكة ولا لا ، بس بابا قال إنو داوم اليوم في المؤسسة
صقر باستغراب : داوم !!! انا سامعة بإذني يوم الخميس يقول إنه ما بيروح المؤسسة السبت عشان بيودي مرته عند اهلها من بدري
رفعت نور اكتافها وهي تقول بعدم اهتمام : مدري عاد إيش سوى في حياته
ثم قالت لوجدان : أمس صحباتي اتجننو ا على فستانك لمن شافوه ، كلهم سألوني مين المصممة اللي عملتلك ياه
ردت عليها وجدان لكن صقر لم يسمع الرد ، كان غارق في التفكير وفكرة أن طارق مُدمن العمل
قد ذهب إلى المؤسسة اليوم وهو الذي قال أنه سيعود يوم الأحد لم تُشعره بالإرتياح
وفكّر بجدية أن يسافر خارج جدة
لا يضمن أن يُحرّض طارق والده ويجعله يعود إلى العمل الذي يكرهه في مؤسسة والده بداية من الاسبوع القادم
عادت والدته وهي تقول أن غدائهم المتأخر جاهز على طاولة الطعام
قام صقر وقامت معه وجدان
عندما جلست على كرسي الطاولة البعيدة نسبياً عن الجلسة قالت له
: صقر زي ما أنا اتعامل مع خالتو صفاء بأقصى درجات الإحترام ابغاك تتعامل زي كذا مع ماما برضو
صقر دون أن ينظر إليها وهو يضع الطعام في صحنه : شايفتني سفيه معاها ؟
وجدان : مو كذا ، بس اتعامل معاها باحترام اكثر
رفع صقر أنظاره لها وهو يقول بجدية : أتمنى هذا الكلام تتكلميه مع امك برضو
ترى بمزااااااجي ما رديت عليها برد يناسب كلامها لمن تقارنّي بطارق قدامك
عضت على شفاتها قبل أن تقول : اوكي ، اعترف إنو ماله داعي إنها تقول لك زي ما سافر طارق نحنا كمان نسافر
بس برضو مو حلوة كمان تتكلم معاها بدون نفس
صقر بملل : هي مو طايقتني أصلاً ، شايفتني الوحش اللي خطف بنتها
ضحكت ضحكة بسيطة قبل أن تقول : طيب يا وحش حاول زي ما قلت لك تراعيها شويتين
كان يهم برفع الملعقة إلى فمه ، لكنه عندما سمع ضحكتها نظر إليها قبل أن يأكل لقمته ببطئ
قال لها : أول مرة أسمعك تضحكي
ثم سكت قليلاً قبل ان يكمل : ضحكتك حلوة
ابتسمت وهي تقول بغرور مُصطنع : كل شيء فيني حلو
حسناً هي قالت ما قالته بمحاولة لإدخال المرح إلى حديثهم
لكن نظراته الحارة التي نظر بها إليها بعدها جعلت رعشة باردة تضرب ظهرها
قال ببطئ وكأنه يستمتع بكل حرف قبل أن يُخرجه من فمه : وانـــــا اشــــــهـــد
/
نظراته التي كان يرمقها بها طوال اليوم جعلتها تتوقع أمراً ما
لكنهم عندما عادو إلى شقتهم بادر فوراً بجلوسه على الكنبة أمام التلفاز وهو يقول : تعالي خلينا نشوف الفيلم اللي نمتي أمس قبل لا تتفرجيه
جلست على نفس الكنبة لكن بعيدة عنه قليلاً وهي تقول : يعني من جد امس نمت في الصالة
صقر بسخرية : إيوه ، حاولت أصحيكي بس كنتي نااااايمة ، ما اتوقعت ان نومك ثقيل زي كذا
ابتسمت : كنت مررا تعبانة عشان كذا ما حسيت فيك ، ما حسيت حتى لمن رحت الغرفة
صقر وهو ينظر إلى التلفاز يبحث عن الفيلم الذي يريد مُشاهدته : ومين قال لك يا نونو إنك رحتي الغرفة بنفسك
وجدان باستغراب : من جد شلتني ؟!!! مررا ما حسيت
نظر إليها : إيوه زي البزورة يناموا وما يحسوا بشيء ، لا يكون حتسوي هذه الحركة دايماً
كانت تنوي أن ترد عليه لكنه قال وهو ينظر إلى التلفاز : هذا الفيلم ، شكله مرررره جيّد
سكتت ولم تتكلم ، واستمر الصمت حتى مرّت الساعة الأولى من الفيلم ، ومع مرورها عادت أفكارها لها
خارج الشقة تشعر أن مُتلهّف عليها لكن داخلها ترى أنه يتهرب منها ويتحجج بمُشاهدة التلفاز
هي لا يزعجها الأمر ، بل لو ثبت أنه فعلاً مريض وهناك علة تمنعه من إتمام زواجهم لن يكون لديها مانع أن يعيشوا بقية عمرهم أصدقاء فقط
لكنها تريد أن تعرف ، لا تريد أن تبقى تساؤولاتها حبيسة صدرها
وإذا كانت لديها صفة لا تحبها وتجلب لها المشاكل بعض الأحيان فهي صفة التهور
تعترف أنها متهورة وعجولة ، و أحياناً لا تستطيع التحكم في لسانها وتقول ما تفكر فيه دون أن تتريث قليلاً
وللأسف أن هذا الطبع تسلّط عليها في هذه اللحظة
سألته ونظرها مثبّت على شاشة التلفاز : صقر بسألك شيء
صقر وهو مسترخي في جلسته : إش فيه ؟ !
وجدان عندما فكرت أن تسأله استطاعت أن تبادر في فتح الموضوع ، لكنها الآن تشعر أنها تورّطت قالت بتردد : يعني فيه شيء ؟
التفت عليها صقر : إيش هوا اللي فيه ، ما فهمت
بدأت بالفعل بشتم نفسها بداخلها ، ماذا سيضرك لو لم تعلمي وغرقتي في حيرتك ، في النهاية ستعرف إذا كان هناك أمرٌ مريب
قالت له : يعني ، فيه شيء حاجة مو طبيعية فيك
كانت الأضواء مُغلقة لا يوجد سوى ضوء الشاشة التي جعلت ملامحها ليست واضحة تماماً
كان صقر ينظر إليها بعدم فهم لما تريد أن تقوله
لكنه عندما دقق النظر فيها أستطاع أن يرى التوتر والقلق والحرج وكأنها متورّطة في إيصال ما تريد أن تسأله
لم يفهم المغزى خلف سؤالها في البداية ، لكن الفكرة الغريبة وصلت له في النهاية وجعلته يتمنى أن يدخل داخل عقلها ويفهم كيف لفكرة مثل هذه أن تواتيها
قال بحدة ظهرت جلياً في صوته : وضّحي أكثر إيش قصدك ، ممكن
التفتت عليه وجدان بكامل جسدها وهي تقول بتسرع تريد ان تُطمئنة ، وكأنه بالغضب الذي ظهر عليه جاوبها على سؤالها : ترى ما عندي مشكلة نعيش أصحاب
ضحك ضحكة غاضبة ليس فيها أثر للمرح قبل أن يقول وهو يقترب خطوة منها
: على طول نقزتي إننا نكون أصحاب ، أسمعي جواب سؤالك أول شيء ، غير كذا
ثم اقترب أكثر وقال وهو يضع يده خلف رقبتها ويلمس أطراف شعرها بنعومة تنافي الحدة التي أصبحت ظاهرة عليه
: ما قد سمعتي إنو مافيه صداقة بين الشباب والبنات ، لأنهم إذا اجتمعوا لوحدهم بيكون الشيطان ثالثهم يا بيبي
ودحين قولي لي قبل لا أجاوبك على سؤالك المهم جداً ، إيش اللي خلّاكي تفكري هذا التفكير
كانت تريد أن تقوم من الكنبة تريد أن تفرّ من المكان ولا تعلم إلى أين لكنها قد شعرت ببوادر الخطر فَ غضبه قد انتشر في المكان: ما ادري
أمسكها بقوة لكي لا تهرب وهو يقول : مافي ما ادري ، والله ما راح تتحركي إلّا لمن تقولي لي
الخوف الذي تشعر فيه حالياً جعلها تتهور أكثر وتقول بصراحة وهي تريد أن تفلت يده الممسكة بها : أمس لمن رجعنا من الزواج واقترحت اننا نتفرج فيلم
صقر يستحثها أن تكمل : إيوه
قالت بعصبية وهي تريد أن تنشق الأرض وتبتلعها من هذا الموقف المحرج لأبعد درجة الذي وضعت نفسها فيه : حسيت إنك مو طبيعي ، تبغى تتهرب مني
صقر : يا غبية وعشان قلت لك نتفرج فيلم ، فكرتي الفكرة المجنونة هذه
ثم قال : لا هي مو شرط تكون مجنونة لأنها خرجت منك
نظر إليها وهو يقول : كنت حاب إني ابعد التوتر عنك شويه وأراعيكِ
لكن ما كنت عارف إنك مستعجلة لدرجة إنك تشطحي في التفكير عشان فوّتنا ليلة زواجنا
كانت تشعر أن أذنيها فوهة بركان تخرج منه حرارة حارقة ، ستمووت من شدة الإحراج ، صرخت باستنكار لكلامه : صقـــــــــــــر
لم يرد عليها سوى بضحكة عالية ساخرة مُستفزة لأبعد درجة ، حاولت عبثاً أن تنتزع نفسها منه لكنه كان ممسك يدها بقوة رافضاً ان يفلتها
وليس يتردد في داخلها سوى أنه لم يكذب عندما نعتها بالغبيه ، هي فعلاً غبية و غباءها قد فاق كل الحدود
أنت تقرأ
رواية الــسَــلام
Roman d'amourهل كل إنسان يأخذ من اسمه نصيب ؟ بغداد ، مدينة السلام .. كانت مدينة ذائِعة الصيت في عهد العباسيين القديم تجمع بين العلم، والجمال، والثقافة، والرُقيّ .. حسناً ماذا إذا كانت هناك بغداد أخرى، ولكن ليس في العراق، بل في جدة ، عروس البحر الأحمر! وقد لاق بت...