[ الفصل الرابع والشعرون ]
أحبيني بلا عقدٌ
و ضيعي في خطوط يدي
أحبيــــني لأسبوع ، لأيام ، لساعات
فلست أنا الذي يهتم بالأبدِ
*،
هي اخت العريس ..
والأخرى اخت العروس ..
كانتا جالستين مع بعضهم البعض وصداقة جديدة تلوح في الأفق ..
رغم أن الإثنتين في الحقيقة كان عقلهما مشغول بمن أُغلق الباب عليهم قبل دقائق قصيرة ..
كانت بغداد تستمع لكلام بيان الإجتماعية من الدرجة الأولى ..
لكن عقلها مشغول بأخيها طارق الذي فاجئهم قبل قليل ..
فبعد أن تمّ عقد القِران ، أخبرته أنها ستتصل به خلال دقائق لكي يدخل ويُلبِس عروسته الشبكة كعادة تقليدية راسخة امام قريباته من النساء ..
لكن المشكلة أن طارق الذي لم يكن لديه أية فكرة عن هذه العادة فوجئ جداً بها ..
والمصيبة أنه رفض رفضاً قاطعاً أن يُلبسها أي شيء أمام النساء ، بل وتواجدهم عندما يدخل لكي يرى عروسته ..
عندما سمعت ما قاله قالت في نفسها " أهلاً بأخي فارس المهووس بالخصوصية " ..
أخبرت والدتها بعد ذلك بقرار طارق فتغيرت تعابير وجهها للإستياء ..
لا بأس لديها في الحقيقة ، بل هي متوقعة هذا الأمر لأنها تعلم طبيعة ابنها الخجولة ..
لكن مع وجود ام زوجها التي تنتقد أي شيء من الممكن أن تجد في هذا الأمر وليجة لكي تشنّ عليها حرب انتقادات لا تنتهي ..
أيضاً من الممكن أن لا يُعجب هذا الأمر اخوات زوجها الذين جاؤو إيضاً إلى هذه المناسبة ..
مشكلتنا أننا في المناسبات الإجتماعية خصوصاً التي تتعلق بالزواج لا نستطيع أن نخرج عن العادات أو التقاليد المُتّبعة ..
ومن يفكر أن يأتي بأمر مخالف للقانون فليتحمل الإنتقادات التي ستطال جميع العائلة بسبب أنه خرج عن السرب ولم يكن [ مثل الناس ] ..
ام فارس صحيح أن لديها الكثيــــــــر من التحفظات تجاه هذا الزوَاج ..
لكن في ذلك الوقت تكلمت مع ابنها بكل هدوء ورجاء خفي أن يجعل هذه الأمور الشكلية تمر بكل يُيسر وسهولة ..
وللأسف أنه أصرّ على الرفض ، قال بكل وضوح أنه لا بأس لديه أن تكون والدته واخواته موجودات عند دخوله لرؤية عروسته ..
لكن أن تتواجد خالته وعماته وجدتيه ، هذا الجمع هو بكل اختصار وصراحة قال أنه لا يريده ..
لم تجد بدًا من تدخّل كبير العائلة ، زوجها لكي يتكلم مع ابنه بطريقته ويجعله يوافق على هذا الأمر ..
ف حتى إذا لم تتواجد قريباته ، هل سيمنع والدة زوجته أو اختيها من التواجد ..
بحجة أنه لا يريد أُناس أغراب في لحظة رؤيته عروسته لأول مرة !
عندما أخبره والده بكل هدوء لكن نبرته كانت تحمل الأمــر أن يستمع لكلام والدته ..
ولا يتمسّك برأيه في مثل هذه الأوقات ، وافق على مضض ..
بعد ذلك ، عندما دخل إلى الغرفة التي كانت أشبه بمجلس صغير ، لم يلاحظ أنها ممتلئة بالنساء ..
ولم يسمع صوت الأغنية الهادئة التي كانت مثيرة لجو الفرح ..
شمّ فقط رائحة العود الفاخرة التي تسربت إلى أنفه ، واقترنت رائحة العود مع المنظر الذي رآه أمامه ..
كان المنظر بإختصار ، تجسيـــد للجمال ..
كانت والدته تمشي بجانبه وهي تشعر بالقلق ، رغم أنها ليست من الناس المهوسين بالعين والحسد ..
ولكن نظرات النساء المعلّقة على العروسين لم تريحها اطلاقاً ..
وجدت نفسها تعيد تحصينهما مراراً وتكرارً في داخلها ..
اقتربت بغداد من طارق وهي تبارك له للمرة الثانية ، ثم باركت للعنود ..
ثم وقفت على يمين طارق وهمست في أذنه أن يرفع رأسه قليلاً ويسلم على حماته التي تقف بجانب ابنتها ..
امتثل طارق لأمرها ورفع رأسه لكي يسلم على حماته شفهياً ..
همست بغداد في أذنه مرة ثانية أن يُلبس زوجته الدبلة وإسوارة الشبكة فقط ..
امتثل لأمرها أيضاً بهدوء ..
وبعد أن فرغ ، طلبت بغداد بلطف من جمع النساء المتواجد في الغرفة أن يعودوا إلى مكان الإحتفال ..
عندما خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها
قالت لها نور التي تقف بجانبها : واااااه ما شاء الله ، قلبيييييي ما يستحمل ، أشكالهم تجنننننننن صح
ابتسامة بغداد التي ارتسمت عليها في ذلك الوقت
ارتسمت عليها مرة اخرى دون أن تشعر ، لكنها عندما رأت نظرات بيان المُتسائلة
قالت بلطف توضح لها : اتذكرت نور اختي الصغيرة ، عاجبتها أشكال العرسان وبالقوة مسكتها لا تصورهم من دون ما يدروا
ابتسمت بيان وقالت بصدق : لو كانت تبغى تصورهم عادي ، يعني في النهاية هي اخت العريس
قالت بغداد برفض لعرضها المغري جدا لنور لو سمعته ، وليس بمستبعد أن تدخل فوراً إلى الغرفة
لكي تلتقط الكثير والكثير من الصور : لا ما ينفع ، يمكن طارق ما يرضى أحد يصور زوجته ، حتى لو نحنا اخواته
شعرت بيان بالقلق عندما سمعت كلام بغداد ، فهي رغم أنها كانت تقف في طرف الغرفة عندما دخل عريس اختها ..
إلّا أنها خشيت قليلاً من الجمود الظاهر عليه ..
ولم تكن تعرف أن هذا الجمود ما هو إلّا خجل طغى عليه ..
شعرت بغداد أن عليها توضيح أمر ما
عندما شاهدت القلق في عيني بيان : ترى طارق اخر انسان ممكن اقول عنه عصبي
أو تفكيره متحجر بالعكس هو متفتح وما يحب التعقيد
بس حكاية التصوير وكذا ما اعرف هو ايش رأيه في تصوير زوجته، عشان كذا منعت نور إنها تصورهم ، مو لشيء ثاني
ابتسمت بيان رغم أنها لا تشعر بالإطمئنان تماماً ..
ليس بسبب العريس فقط ..
بل بسبب اختها التي دخلت إلى داخل هذه العائلة بنيّة ليست طيبة ..
تذكرت الحوار الذي دار بينها وبين اختها عصر هذا اليوم ..
كانت اختها لتوّها انتهت من تجهيزها ، ولداعي لذكر أنها كانت باهــــــــــــرة الجمال ..
حتى ان خبيرة التجميل ترجّتهم أن تصور مكياج عينيها ..
وتنزل الصور في مواقع التواصل الخاصّة بها لكنها و والدتها رفضتا الأمر فوراً ..
نظرت حينها إلى اختها التي تنظر بإعجاب كالعادة إلى انعكاسها في المرآءة ..
كان شعورها متعاكس بشكل عجيب ..
تارة تشعر بالفرح لكون اختها ستتزوج ..
وتارة اخرى تشعر أنها لا تستحق هذه السعادة التي حصلت عليها بدموع والدتها ..
قالت لها العنود بملل عندما رأت نظراتها الحادّة المصوّبة نحوها : حتى يوم ملكتي بتذليني على اللي سويته
شعرت بالغضب كالمعتاد وهي تسمع الملل في صوتها
: اسألك بالله منتي حاسّة بذرة ندم على الأقل لأنك كسرتي امي بهذه الطريقة
العنود التي لا تترك المجال لنفسها حتى بالإنغماس في هذا التفكير رغم أنها في أعماق عقلها الباطن
كانت تشعر بالقليل من الأسى لأن والدتها لا تتكلم معها مطلقاً : لو إني عاطفية زيّك ، كان ما شفتيني عروسة اليوم
بيان : إنتي متى بتفهمي إنو الله هو اللي أراد إنو ييسّر لك كل شيء ، وكاتب نصيبك مع هذا الرجال
يعني باللهِ إنتي ما تعرفي لو إن ربي مو كاتبك من نصيبه
حتى بعد هذا التجهيـز كلــــــــه ما راح يتمّ العَقد بالطريقة اللي تتوقعيها
شعرت العنود بالخوف قليلاً من كلام بيان الذي تعلم أنه صحيح في النهاية ..
ولكنها لم تعلق ..
وبيان أيضاً لم تحب أن يستمرّ هذا الحوار طويلاً
أخبرتها فقط قبل أن تخرج من الغرفة : أتمنى إنك تعتذري من امي قريب
على الأقل لمن تعتذري منها راح يهون عليها الموضوع، مو زي كذا ، لا الذهب رجع لها ، ولا انتي مبرّدة على قلبها
عادت إلى الوقت الحالي عندما استأذنت منها بغداد أنها ستذهب لتجلس عند جدتها
في نفس الوقت الذي جلست بجانبها زوجة خالها - اخ والدتها الغير الشقيق -
قالت لها زوجة خالها المعروفة بفضولها الشديد وثرثرتها التي لا تنتهي : دحين هذه اخت العريس الكبيرة صح ؟
بيان التي لم تحبّ ان تفكر كثيراً في الشأن الداخلي لعائلتها ، رحّبت بثرثرة زوجة خالها : ايوه
زوجة خالها بتعجب : يقولوا انها تدرّس في جامعة الملك عبدالعزيز ، ومن هناك شافت العنود وخطبتها لاخوها
بيان التي تعلم ان زوجة خالها استقت هذه المعلومة من والدتها
وبقليل من التفكير سيستنتج أي شخص أنه من البديهي أن لديها هذه المعلومة
لكنها لم تحب أن تخبر زوجة خالها بهذا الكلام : ايوه ، هذا اللي حصل
زوجة الخال : بس كيف تدرس في الجامعة وشكلها صغير زي كذا ، لا واللي عرفته انها لسى عروسة لها كم شهر متزوجة
صح ما عرفتي متزوجة مين ؟
قالت بيان في داخلها وكأننا سنعرف من زوجها إذا علمنا من هو ، لكنها استمرت في الرد بأدب : لا والله
عندما اخذت زوجها تعلّق على جميع من هو متواجد في المكان ..
بدأ عقلها في الإنفصال عن الواقع والتفكير في اختها التي في الداخل ..
رغم كل شيء ، كانت تشعر بالقلق عليها، لا تدري كيف ستتعامل مع رجل غريب عنها ..
هل ستعامله بنفس طريقتها المغرورة المترفّعة عن جميع الخلائق ما سيجعله ينفر منها بعد ذلك ؟ !
تعلم أن الجمال أمر مهم ، ولكن تزول أهميته إذا لم تتوفر الأخلاق الحسَنة ..
والتي تشك بوجود مخزون ولو ضئيل لدى اختها ..
:
على مسافة بعيدة قليلاً ..
كانت بغداد تجلس عند جدتها لأبيها التي تجلس متجهّمة الوجه كالعادة ..
ومحلّ انتقادها هذه المرة نور و وجدان اللتان كانتا ترقصان مع سهام وبعض الحضور ..
ام خالد كانت مغتاضة من وجود سهام و ابنتها التي لا تطيقها ، وما زاد كرهها لها ..
تلك المرة التي رأتها فيها بأم عينيها تكشف على زوج حفيدتها الغالية ..
ما جعل اسمها يدوّن في القائمة السوداء والتي بالمناسبة هي قائمة طويلـــــــة جداً تزخر بالكثير من الأسماء ..
قالت : انتبهي لاختك لا تسحبها بنت خالتها معها للطريق الي تمشي فيه
بغداد والتي تعي ما تقصده الجدة لكنها ادّعت عدم الفهم : أي طريق قصدك ؟
قالت الجدة بحنق : طريق التفسّخ ، ما قد شفت البنت هذه متسترة لا هي ولا أمها
انتبهي لا اختك تتأثر فيهم وتصير زيهم
حاولت بغداد أن التنهيدة التي صدرت منها بشكل لا إرادي تكون مكتومة ولا تصل إلى جدتها ..
التي ينطبق عليها القول وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ ولكن عين السخط تبدي المساويا ..
ف الكثير من قريباتها من بنات اعمامها وعماتها يلبسون في المناسبات مثل لباس سهام و ابنتها وجدان ..
ولكن جدتها التي لا تحب هذه العائلة والسبب معروف طبعاً ، تجعل كل امر يفعلونه هو امر كبير لا يغتفر ..
قالت باختصار : جدة يا قلبي في كثير غيرهم من الموجودين لابسين زي ملابسهم
وعندما رأت الإستياء على وجه جدته ، امسكت بيدها وقبّلتها بحب
وقالت : الله الهادي يا جدة ، نقول الله يهدينا ويهديهم ويغفر لنا ويغفر لهم أحسن ، صح
ترقرق الدمع في عيني ام خالد ، ليس تأثراً من كلام بغداد ..
بل لأن هذا الأسلوب كان اسلوب ابنة اختها والدة بغداد ، كانت لا تحب أن تتكلم في أي شخص ابداً ..
ولطيفة جداً ، مثل ابنتها التي أصبحت نسخة عنها اخلاقاً رغم أنها لم تعش معاها ، لكنها الجينات ..
ام خالد : الله يهدي الجميع ويرزقنا حُسن الختام
ثم نظرت إلى بغداد وقالت لها بعتاب المُحب : من وقت ما اتزوجتي يا بنتي وما صرت اشوفك ولا تزويني مثل قبل
بغداد : واللهِ عارفة يا جدة إني مقصرة لكن مع البيت والشغل ما انتبه للوقت والايام اللي تمرّ بسرعة
ثم قالت لها وهي تقبل يدها مرة اخرى : ان شاء الله بكرة لو قدرت أجي أزورك أنا وفارس
أخذت تلاطف جدتها كعادتها عندما شعرت أنها بالفعل مقصرة في زيارتها حتى شعرت أنها رضيت عنها ..
ثم قامت لتجلس في الطاولة التي تضم امها واختها نور والبقية ..
عندما جلست على الكرسي ، قالت لها نور التي تجلس بجانبها بتهكم : الحمدلله على سلامة الوصول
وعندما التفتت بغداد تنظر إليها باستفسار
قالت نور : لازم في المناسبات تمرّي على كم طاولة وتسولفي .، وبغيض: وما ترقصي
بغداد لم تهتم لكلام نور المعتاد ، قالت بهدوء : لازم نرضي جميع الاطراف ، غير اني ما اعرف ارقص
تأففت نور وهي مغتاضة فعلاً من اختها الكبيرة التي لا تعيش جو الأفراح كما يجب على حدّ قولها ..
عندما اشتغلت أحد الأغاني التي تحب الرقص عليها ..
نظرت إلى ابنة خالتها وهي تطلب منها بكل حماس أن تقوم لترقص معها ..
وجدان التي كانت مرهقــــــــة بالفعل فهي على استيقاظها منذ الصباح لم تأخذ غفوة أو ترتاح قليلاً ..
ورغم أن عملها في الروضة الذي لا زالت مستمرة فيه كان بسيط جداً اليوم ..
إلّا أنها تشعر حالياً أن طاقتها قد قاربت على النفاذ ..
لكنها أجبرت نفسها على الابتسام وهي تقوم لترقص مع نور ..
لابد أن تحاول قدر المستطاع أن تكون حسنةَ السيرة والسلوك هذه الفترة ..
بما انها في طريقها لكي تكون زوجة ابنهم الجديدة ..
عندما قامت نور و وجدان معها ، جلست بغداد على كرسي نور لتكون أقرب لأمها ، وسألتها بمرح ظاهري
لكن سؤالها كان الغرض منه الإطمئنان على حالة امها المزاجية : ها يا ام العريس ، كيف الملكة إن شاء الله عاجبتك ؟
ام فارس وابتسامة هادئة مرتسمة على شفاتها : الحمدلله عاجبتني ، كل شيء مرتب ما شاء الله
ابتسمت بغداد ابتسامة راحة حقيقية وهي ترى أن الحفلة نالت على استحسان امها ..
وبصراحة هي ايضاً لم تتوقع أن تكون التجهيزات بهذه الصورة الجميلة ..
فعندما اقترح طارق أن يعطي زوجته المهر من قبل العقد بفترة رفضت والدتهم أشدّ الرفض ليس لشيء ..
سوى أن هذا الأمر من الممكن أن يحصل عند الزواج من الأقارب أو المعارف ..
أن يعطي العريس أهل العروس المهر قبل عقد القران بعدة أشهر حتى لكي يستطيعوا أن يستعدوا جيداً ..
أما أن يعطوا المهر لهؤلاء الناس الذين لا يعرفون خيرهم من شهرهم كما قالت فهذا يعدّ ضرباً من الجنون ..
أستاء طارق طبعاً من رفض والدته لكنّ بغداد أخبرته بحيـــاد أن كلام والدتهم يحمل شيء من الصحة ويجب أن يطيعها فيه ..
لذلك عندما وطئت قدمها هذا المكان ذهلت لأنها لم تتوقع أن يكون مكان الحفلة فخم بهذه الطريقة ..
وشركة التنسيق التي جعلوها تنسّق المكان جعلته رائع بحق ..
كان كل شيء مرتب كما قالت والدتها من تنسيق المكان إلى الضيافة والمباشرات اللاتي يدرن بها ..
أما نجمة الحفلة فقد كان مظهرها يعجز المرء عن وصفه ..
وعندما وصل تفكيرها إلى العنود ، انتبهت وقتها إلى سهام تقول بنبرة صوت واضح فيها الإنبهـــــار
: إنو يكون فستان أحمـــر هذا أخر شيء اتوقعت إنها ممكن تلبسه
قالت ام فارس بمزاح لأختها : عاد اللون جاي على مزاجك
قالت سهام بمزاح مماثل : هي جات على اللون ، ما شاء الله ، ما شاء الله لاقوة إلّا بالله ، والله طارق طاح واقف
لسى كمان ما تبغيه بعد ما يشوف هذه الغزال ما يتجنن يبغى يخطبها
استاءت بغداد من كلام سهام الذي يعتبر عادي جداً ، لكن هذا الكلام بالذات هو ما يثير خوف امها ..
أن يتأثر طارق من قُرب هذه الإنسانه ويفقد صوابه من فرط جمالها ..
نظرت إلى امها التي كالعادة من المستحيل أن تبيّن لأي شخص ليس من أهل بيتها
حتى إذا كان هذا الشخص شقيقتها ما تشعر به حقيقةً ، قالت لها بنبرة عادية جداً : قولي ما شاء الله مية مرة لا تحسدي عروسة ولدي
قالت سهام ضاحكة : قلنا ما شاء الله ، لا تخافي عيني مو حارّة
ثم قالت وهي المُعجبة بكل شيء بعد ما رأت العروس فائقة الجمال : ما شاء الله من أجمل المِلكات اللي حضرتها
إن شاء الله بس حماتك اللي ما يعجبها العجب ، تعجبها هذه الملكة وتعجبها العروسة
ام صفاء التي كانت مستمتعة بالحفلة وتشاهد الفتيات وهن يرقصن بمرح
شدّها كلام ابنتها لتقول لها ناهرة : سيبي الحرمة في حالها
قالت لها سهام بلا مبالاة : أنا متأكدة إنها مو سايبتنا في حالها
ونظرت إلى بغداد بمكر : ولّا يا بغداد ، بسألك بكل صراحة جدتك ما كانت تحشّ فينا لمن كنتي جالسة عندها ؟
تعلم بغداد بأساليب سهام هذه ، لذلك لم تتفاجئ بسؤالها ، وردت بهدوء : لأ
ثم نظرت إلى امها التي قالت لها : اتصلي على طارق قولي له خلاص يخرج من عند البنت
ما نبغى اهلها يتضايقوا عشانه طوّل عندها
قبل أن ترد عليها بغداد ، قالت سهام بدهشة حقيقية : لسى توّ الناس ، ماله كثير عندها، خليه يجلس ويكحل عيونه
ام فارس : الناس أغراب عننا ، ما ابغى أي هرج يجي علينا ، بعد الزواج يكحل عيونه زي ما يبغى وهي في بيته
نظرت سهام بخبث صافي إلى اختها وقالت : بعد الزواج ما راح يكحل عيونه بس
شعرت بغداد أن الدماء تندفع إلى وجهها خجلاً من تلميح سهام الصريح
وعندما شاهدت ام صفاء تضرب فخذ ابنتها بقوة وهي تقول لها
: عدّيتي الأربعين وما تعرفي ايش الكلام اللي يصلح نلمح فيه واللي ما يصلح
أحسّت بالراحة قليلاً ، هي فعلاً قليلة التهذيب جـــــــداً وتستحق ما نالته
قامت من مكانها وهي تتصل على طارق عندما رأت نظرات امها تستحثها على فعل ذلك ..
وكتمت ابتسامتها على منظر سهام المتذمرة التي تقول لأمها
: عدّيت الأربعين على قولتك ولسّى تضربيني باللهِ إذا بنتي شافت المنظر دا ايش بتقووول ؟ ؟ ؟
- ما معنى عين الرضا عن كل عيب كليلة ؟
ومعنى البيت : عندما تكون راضيًا من شخص ما فإنك ترى إيجابياته، وتتغافل عن سلبياته والمآخذ عليه
بل تجد لها الأعذار، فعينك كليلة أي مُغضية- تغض النظرعنها.
وبالعكس فإنك إذا استأت من شخص، فلا ترى فيه بابًا "يفتح على الخير"
- ( طاح واقف ) من العبارات المستخدمة باللهجة الدارجة، وتعني حرفياً أنه سقط واقفاً
بمعنى أن سقوطه كان كأن لم يكن، وهي جملة تقال للشخص المحظوظ الذي تكون حتى هفواته في صالحة دائماً.
**
أنت تقرأ
رواية الــسَــلام
Romansهل كل إنسان يأخذ من اسمه نصيب ؟ بغداد ، مدينة السلام .. كانت مدينة ذائِعة الصيت في عهد العباسيين القديم تجمع بين العلم، والجمال، والثقافة، والرُقيّ .. حسناً ماذا إذا كانت هناك بغداد أخرى، ولكن ليس في العراق، بل في جدة ، عروس البحر الأحمر! وقد لاق بت...