الفصل الخامس

124 4 0
                                    








[ الـفـصــل الـخــامـــس ]

بمكان غير بعيد عن مدينة جدة ..
كانت تنظر إلى الجدار الخالي وهي تتذكّر كلماتها

: " بذمتك قد شفتي جمال زي هذا الجمال اللي قدامك ؟

الجمال هذا حرام يروح في الفقر

أنا لو أموت عانس ولا أتزوج واحد فقير منتف

امي ليش ما تبيع الذهب وتعمل مشروع صغير على قدها ، يمكن حياتنا تتحول للأحسن ؟ "

لقد كان هذا كلامها المعتاد ، الذي تردده بشكل شبه يومي
كانت هي من عاشت في الرفاهية أكثر منها لم تفكر بتفكيرها هذا

كانت هي مؤمنة أن الدنيا تدور ، يوم لك ويوم عليك
غير أن هذا من باب الابتلاء للعبد ، ليراه الله صابراً أم لا
لكنّ اختها كانت تغلق أذنيها عن مثل هذا الكلام

خرجت تنهيدة حـارقة من صدرها وهي تقول بصوت مسموع : الله يرحمك يا ابويه
كانت تتمنى لو أن اباها الذي تزوج امها وهو موظف بسيط ، بقي موظف بسيط لا يملك إلّا قوت يومه

ولم تتفتح له الدنيا ، فبعد ثلاثة سنوات من زواجهم كان قد بدأ بمشروع بسيط استطاع أن يدرّ عليه دخل لا بأس به
وخلاص بضعة سنوات كان المشروع قد ازدهر ، ومن خلاله استطاع والدها أن يشتري منزل جديد

ومن ثم بدأ بشراء بعض الأصول الثابتة ، اراضي هنا وهناك ، وأطقم ذهب ثقيلة تكون خزنة وخزينة كما يقال
كان يريد أن يأمّن لهم مستقبلهم وكأنه يعلم أنه سيفارقهم سريعاً ..

حصلت بعد ذلك عدة مشاكل في مشروع والدها ، وكما يحدث في كل زمان ومكان
سرق أحدهم نقود والدها السائلة على دفعات لكيلا يشعر بها

وبالطبع بدأت الخسارة تدبّ في المشروع والديون تأتي من كل صوب
ولكن خسارتهم الأكبر كانت بفقدانهم والدهم في حادث سيارة متهورة

والدتها التي تزوجت في سنٍ صغير جداً ولا تحمل خبرة في الحياة وليست بتعليم جيد
كانت امرأة قوية ، صبورة ، استطاعت أن تكون خير عونٍ لزوجها في جميع أمور حياته

وعندما فقدت زوجها ، وبدأ الديّانة يطرقون عليهم الباب بعد ذلك
قررت بحزم أن تبيع كل ما يملكون من أصول وبالطبع المنزل الذي لا يتناسب مع الحالة المادية التي هم فيها حالياً

تم تسديد جميع ديونهم ومن ثم ابتاعت بيت شعبي في حي فقير بما بقي من المال
وبقرار لا رجعة فيه اخذت جميع ما تملكه من الذهب ووضعته في خزانه ليكون ذا نفع في أحد الأيام

لم تكن حتى تلبسه ، المشكلة العويصة كانت أنه لا يوجد مصدر دخل ب استثناء الضمان
قررت أن تعمل في أحد المدارس الحكومية لتكون مُستخدمة في غرف المعلمات

عمل مُريح قريب من المنزل ، والأهم أن تضمن لأطفالها الصغار الذي لم يتجاوز عمر أكبرهم الرابعة عشر حياة مُريحة قليلاً
ليست بالضرورة أن تتوفّر فيها الحياة المرفهة ، الأهم أن يجدوا ما يحتاجونه فعلاً ..

رواية الــسَــلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن