الفصل السابع والعشرون

78 4 0
                                    




.









الفصل [ السابع والعشرون ]




إني أُحِبَّكِ قاصدًا مُتعمّدًا
‏سلّمتُ قلبًا هام في عينيكِ

عمري فداكِ خُذيهِ لا تتردّدي
‏أنتِ الحياةُ وحلوها بيديكِ

كتب هذه الكلمات وهو يقف عند باب غرفته
ثم ضغط على زر الإرسال وابتسامة واسعة مرتسمة على شِفاته

هذه الأيام يشعر أنه يغرف من قِدر السعادة غرفاً
سعادة غامرة ليس لها حد تغمره وهو يتعرف رويداً رويداً على من ملكت قلبه وعقله وَ كـلّــه

وعلى الرغم أنه مُغرم بها ويتمنى رؤيتها طوال الوقت إلّا أنه أحب أن يأخذ الأمور برويّة
هو الآن مستمتع بفترة تعارفهم على بعضهم البعض عن طريق المكالمات ولم يطلب منها مقابلتها إلّا اليوم

نزل درجات السلم وهو مستعد بكامل أناقته لمقابلتها

كانت والدته تجلس في الصالة بمفردها سلّم عليها وكان ينوي الخروج لكنها طلبت منه أن يجلس معها قليلاً
نظر بخفة إلى الساعة التي كانت تشير لِ الرابعة مساءً
ثم جلس وهو يدعو في داخله أن لايطول حديث والدته لكي لا يتأخر عن موعده

نظرت إلى أناقته الظاهرة بالثوب والشماغ و الكبك المُختار بعناية
ثم سألته بهدوء جاهدت نفسها أن تتكلم به فَ اعصابها ثائرة بعض الشيء عندما اكتشفت سرّ هذه الأناقة
: بتقابل زوجتك ؟

طارق باختصار شديد : إيوه

ام فارس : هي في مكة عند اهلها ولا في جدة ؟
طارق : لا خلاص خلّص الترم فرجعت عند اهلها

تنفّست والدته بارتياح ، رغم أن الموضوع لا يعنيها فالفتاة ليست ابنتها
لكنها ترى أنه من المزعج قليلاً أن يأخذها ابنها من الشقة التي تعيش بها ، ومن الأفضل بالطبع أن يأخذها من بيت اهلها ويرجعها إليه

نظرت إلى ابنها ، صحيح انها تثق فيه ، لكن لو الموقف بالعكس وكانت ابنتها هي من تعيش في مدينة اخرى
و زوجها الذي في حكم المجتمع لا زال خطيبها ، يعيش ايضاً في نفس المكان
ستعيش هي في قلق ولن تثق بزوج ابنتها ولو كان أعقــــل رجال الأرض

لم تحب أن تخوض في هذا الأمر معه ، و قالت له وهي تدخل سريعاً في الموضوع الأساسي
الذي طلبت منه الجلوس لأجل أن تتكلم فيه : سمعت من أبوك إنك ناوي تشتري شقة

نظر طارق إلى والدته وهو يحاول أن يرى ما خلف هذا الهدوء ، بالتأكيد أن خبر شراءه للشقة وأن تكون هي اخر من يعلم لن يمر مرور الكرام
لكنه جاوبها بنبرة عادية : إيوه بس لسّى ما رسيت على شقة مُعينة
ام فارس : وبتسكن فيها مع زوجتك ؟
طارق وهو لا يعرف ماذا تريد والدته الوصول إليه من هذه الأسئلة : أكيد !

ام فارس : طيب إنتا لسى ما اشتريت الشقة ، وبعد ما تشتريها لازم تأثثها
غير تجهيزات الزواج اللي لازم تهتم فيها ، وحجوزات شهر العسل لو إنك بتسافر
متى بتسوي هذا كله والزواج باقي عليه اقل من شهرين ؟!

شعر طارق بالضيق ، يعلم أن لديه الكثييييير من الأمور التي تتطلب اهتمامه
لكنه الآن لا يريد التفكير سوى بمقابلة زوجته ، ولا يريد التحدث عن هذه الأمور ، الوقت غير مناسب
قال مُغلقاً الموضوع : إن شاء الله اقدر اخلصها كلها قبل الزواج

: خلّي حجوزات السفر عليّا ، وأنا اخلّص لك كل شي

نظر طارق برعب إلى أخيه صقر الذي جلس على الكنبة بجواره وهو يحمل صحن به بعض الطعام في يده
الأجواء التي يفضلها مختلفـــة عن الأجواء التي يفضلها صقر ، لذلك كان هذا الاقتراح مرفوض تماماً
قال له بهدوء مُجاملاً : الله يعطيك العافية ، لو احتجت مساعدتك في شيء بكلمك
ثم نظر إلى محتويات الصحن قبل أن يقول مستنكراً : مو اتغدينا قبل شويه

صقر بملل : الف مرة اقول لكم جسمي غير عنكم
قال طارق باهتمام : انتا دحين جسمك نحيف بس ما تدري متى ممكن تسمن بسبب سلوكيات الأكل الخاطئة هذه
صقر باستنكار : سلوكيات أكل خاطئة ! ، أقول طارق روّق ترى اكلنا قبل ساعتين طبيعي إني اجوع دحين

طارق : لا مو طبيعي ، ممكن تاكل سناك ، أما وجبة كاملة خطأ
إذا إنك تجوع على قولتك ليش ما تدخل النادي طيب وتمارس الرياضة ، على الأقل تحافظ على جسمك

صقر بدون اهتمام : جسمي وانا أعرف له ، ما يحتاج نادي ولا شيء
نظر طارق إلى والدته وهو يقول : ترى وضعه مو طبيعي ، أكيد معدل الحرق عنده مرتفع لازم يروح المستشفى

صقر بانزعاج : أقول يا ابو الشباب سيبني في حالي ، مافيني شي ، يعني عمركم ما شفتوا بني ادم ياكل وما يسمن
طارق بجدية : إيوه انا ما قد شفت انسان ياكل كل ساعتين وجبه كاملة بدون ما يسمن

صقر بخوف على نفسه : قول ما شاء الله لا تحسديني
طارق : ما شاء الله ، تبارك الله ، لا تخاف ما بحسدك على شيء مو عاجبني اصلاً

ام فارس التي كانت متكئة وهي تنظر إليهم وإلى مجادلتهم ، اكتفت من الاستماع إليها وقالت لصقر
: ابوك يفكر يخلي زواجك مع اخوك

نظر صقر إلى والدته بفزع وهو يكاد يغصّ باللقمة التي في حلقه
وضع الصحن الذي في يده على الطاولة وهو يقول بغضب : حتى الاكل ما خليتوني اتهنى فيه
ثم قال لوالدته : قولي لزوجك يهدّي اللعب

نظرت إليه والدته بغضب مماثل لكنها مهما غضبت صوتها لا يرتفع إلّا نادراً : صقر حسّن ألفاظك ، واحترم ابوك
صقر بصوت مرتفع : ابويا على عيني وعلى راسي لكن ايش فييييييه
قال نخطب ونملّك مره وحده قلت اوكي مو مشكلة ، دحين إيش عنده يبغى الزواج بسرعة

حاولت أن تتمالك اعصابها لأنها تعلم أنها إذا وجهت الغضب بغضب مماثل لن تستفيد شيئاً
قالت له بتوضيح اكثر : إنتا عارف إنو ابوك بعد ما عرف انو عم وجدان كان ناوي يغصبها على اخر واحد خطبها
و إنه اصلاً مو مقتنع بخطبتك لوجدان ، شاف إنه يعجّل بالملكة بعد ما اتأكد إن وجدان موافقة عليك
عشان لا يغير عمها قرارها و يخليها ترفض لأنه هو رافض الموضوع

زفر صقر بضيق : مين وصّل هذه الأخبار لابويا ما شاء الله ، اكيد جدة فاطمة !

تضايقت ام فارس : امي ما يطلع منها كلام زي كذا ، ولأبوك كمان ! مستحييل
بس ابوك سأل عم وجدان الكبير راجح إذا عنده عِلم بسبب رفض وجدان الخطّاب اللي يجوها
وقال له إنه ما يعرف ، بس اخر واحد اتقدم لوجدان كلمت اعمامها كلهم إنها رافضة الرجال لأنه ما يناسبها
ورغم إنها قالت لعمها ماجد إنها رافضة بس هو كان مصرّ إنها توافق

طارق وهو الذي عرف بهذه القصة يوم عقد قران صقر قال بتعجب
: واللهِ عمها هذا غريب ، يعني البنت مو موافقة ، تبغاها بالغصيبة توافق ليه ؟ !

ام فارس : اللي فهمته إن الرجال تاجر كبير وعمها كان يبغاها توافق عشان يتشارك معاه أو يستثمر مو متأكدة
طارق باستهجان : يعني يبغى يضحّي بوجدان عشان مصلحته ، طيب ما عنده بنت يزوّجها له بدال وجدان

ام فارس : عنده بنت ، بس الرجال كان يبغى وجدان
غير ان عمها ماجد ما اتوقع انه بيزوج بنته برجال زيّه كبير اصلاً عمره قريب الأربعين ومنفتح بشكل يخوف

طارق بقهر : و طز في وجدان

زفرت ام فارس بقهر مماثل وهي التي علمت بهذا الامر من زوجها ، اما اختها فلم تتكلم معها بالموضوع في ذلك الوقت
وعندما واجهتها بالموضوع قالت لها أن زوجها ماجد يفهم في هذه الأمور جيداً ، ما جعلها تفووور من الغيض
: بالزبط ، الله المستعان كان همه مصلحته وبس

ثم نظرت إلى صقر المُستمع بصمت وقالت : فهمت دحين ليش قرر يخلي الملكة مع الخطوبة مرة وحدة
وليش يبغى يعجّل بالزواج
يقول لي من بعد ما عرف بهذا الموضوع ما صار مطمّن على بنت عبدالرحمن وهي عند ذاك الرجال

قال صقر بهدوء : ذاك الرجال عمها في النهاية

ام فارس : مو كل الأقارب يكونوا أقارب فعلاً
ابوك صحيح إنه اكبر اخوانه الأولاد وقريب منهم ويحنّ عليهم ، لكن علاقته بعبدالرحمن الله يرحمه كانت غير

نظر صقر إلى والدته وهو يفكر ماذا إذا علمت أن اعمام وجدان كانو ينوون أن يزوّجها بأحد ابنائهم
بل هي اصبحت مثل الكرة يتقاذفها الأحفاد فيما بينهم ، كل منهم يرميها على الآخر رافضاً الزواج بها

عندما كان يستمع إلى كلام والدته ، لا إرادياً شعر بالإرتياح أنه هو تزوّج من وجدان في النهاية
وقريباً ستخرج من مستنقع تلك العائلة

لكن ايضاً العيش مع شخص مثل وجدان لن يكون بالأمر الهيّـــن ، لذلك يريد أن يأخذ وقته في الاستعداد لهذا الأمر
فهو سيودع العزوبية والحريّة ، ولا يريد أن يكون هذا الوداع سريعاً

قال لوالدته : يعني دحين ابويا كل تفكيره في بنت عبدالرحمن ، وأنا مالي أي رأي
تنهّدت ام فارس : انا ايش قلت لك من البداية ، ابوك يفكـــــــر ، يفكر يخلي زواجك مع طارق ما قلت قرر

صقر بسخرية : إيوه هي مسألة وقت يطبخ الفكرة في راسه
بعدين يجي يقول لي ترى زواجك مع طارق ويحطني في الأمر الواقع زي ما سوّى الملكة
ام فارس بملل من عودته لهذه النقطة : لا حول ولا قوة إلا بالله

تعدل بجلسته وهو يقول بجدية : امي خليكِ حقّانية ، انا قلت بخطب وجدان
بس مو لازم كل شيء يكون بسرعة بسرعة ، إيش فيها لو كان الزواج بعد سنة

نظرت إليه والدته باستنكار : بعد سنــــــــــــــــــة ! تستعبط انتا

بدأ طارق هو الآخر يشعر بالملل من كلام صقر وجداله مع والدته ، قام وهو يقول : انا خارج
ونظر إلى صقر وهو يقول بجدية : إذا قررت إنك تعمل زواجك معايا اعطيني خبر من بدري

نظر إليه صقر بحنق : رايق تطقطق عليا دحين
طارق بذات الجدية : ما اطقطق ، الحسابات كلها حتتغير لو بنعمل زواجنا مع بعض

تأفف صقر ولم يقل شيئاً
اقترب طارق من والدته وقبّل رأسها قبل أن يخرج من المنزل

قالت ام فارس وهي تقوم من مكانها وتنوي الذهاب إلى مكتب زوجها حيث يجلس الآن
: فكّر في الموضوع كويس ، واسأل زوجتك عن رأيها ، إذا هي موافقة لازم نبدأ في التجهيزات بسرعة

عقد حاجبيه عندما قالت والدته " زوجتك " لا زال لم يعتاد على هذه الكلمة
نظر إلى تاريخ اليوم ، ثم فكر أنهم قد عادو من الحج منذ عدة أيام مضت
لكنهم لم يتواصلوا ابداً مع بعضهم البعض بعد ذلك اليوم

قال في داخله :" اخاف اتصل عليها دحين وتوجع لي راسي "

أغلق هاتفه بملل ثم وضح إحدى الخداديات فوق رأسه
وهو ينوي أن يأخذ غفوة قبل المغرب تجعله ينسى وجدان والزواج وكل هذه الأمور المزعجة ..


بينما والدته ذهبت إلى زوجها في المكتب
دخلت الغرفة بهدوء وعقلها يعمل ويفكر في كيفية النقاش مع زوجها بشأن هذا الزواج

رأته جالس على الأريكة ويحمل في يده كتاب ، كَ كل يوم في هذا الوقت قبل المغرب بقليل يخصّصه للقراءة
جلست على أحد الكراسي التي بجانب المكتب ولا زال الهدوء يلفّها

انتبه خالد لهذا الهدوء وفهم أن هنالك امراً ما يشغل بالها ، عادة إذا دخلت عليه وهو يقرأ كتاب تسأله عن ماذا يقرأ وتتناقش معه
أما الآن فمنذ جلست وهي شاردة الذهن تماماً

ناداها بلطف : صفصف ، إيش اللي شاغل بالك ؟

ابتسمت عندما سمعت تصغير اسمها منه ، لم يناديها أي شخص مطلقاً بهذا الاسم غيره
ولا تظن أنها ستتقبّل أن يناديها أحدٌ سواه بهذا الإسم ، قالت له بوضوح : موضوع زواج الأولاد

ثم سألته : خالد تشوف إن زواج طارق مع صقر فكرة جيدة ؟
أغلق كتابه تماماً ووضعه بجانبه قبل أن تتبدل نبرة صوته للجدية التامّة : إيوة فكرة جيدة ، إيش اللي خلّاكِ تسألي هذا السؤال ؟

صفاء : نحنا بالنسبة لنا راح يكون زواج أولادنا ، لكن بالنسبة لاختي سهام راح يكون زواج بنتها الوحيدة
اعتقد إنها راح ترفض إن بنتها يكون معاها عروسة ثانية ، اكيد عندها تجهيزات وخطط مختلفة للزواج

خالد : هي كلمتك في الموضوع ؟
هزت رأسها بنفي : لا ما فتحته معاها لسى ، نحنا نفكر في الموضوع ، ما قررنا قرار نهائي

خالد ببساطة : واللهِ أنا اشوف زواجهم الإثنين مع بعض راح يكون أسهل لكِ

صفاء بتفكير : أسهل بس بيكون الوضع معقّد أكثر ، أنا من رأيي أشوف نسوي زواج طارق لوحده و زواج صقر لوحده
الحمدلله مو قاصرك شيء من الناحية المادية وتقدر تقوم بزواج طارق و زواج صقر

خالد بثقة مطلقة بصواب رأي زوجته : أنا قلت نسوي زواجهم مع بعض عشان ما تتعبي ، لكن إذا انتي عندك رأي ثاني
فكّري براحتك وبلغيني بعدها ، القرار قرارك ، إنتي تفصّلي وأنا ألبس

شعرت صفاء أن رأسها وصل إلى السماء بسبب كلامه ، رغم أنها دخلت في عمر الخمسين قبل عدة أشهر
إلّا أن احتياجها لمثل هذه الكلمات وقول شريك حياتها أنه يثق تماماً برأيها لا يختلف عن إحتياج العروس الشابّة
قالت بحب : الله لا يحرمني منك

خالد بحب مماثل : ولا منك
ثم استدرك قائلاً : إذا زواج صقر راح يكون لوحده ، لازم خلال اسبوع نشوف قاعة ونحجزها من بدري
قالت صفاء بتردد : يقول صقر يبغى الملكة طويلة شويه ، عشان يتعرف أكثر على زوجته

خالد بصرامة : لاحق يتعرّف عليها بعد الزواج ، الملكة الطويلة عارفة رأيي بشأنها ، ما أدانيها
وبدل لا يتعرّف عليها راح تخلي المشاكل و سوء الفهم يكثر بينهم

وافقت على كلامه بختصار : صحيح
ثم وقفت وهي تقول : أنا بتكلم مع اختي و أشوف كيف
هز خالد رأسه ، وعاد لقراءة الكتاب الذي تمت مقاطعته قبل قليل

عادت صفاء إلى الصالة ليسألها صقر بتهكم و هو الذي لم يستطع استجلاب النوم لعينيه
: خلّصت مشاورات وزارة الداخلية و وزارة الخارجية ؟

صفاء جلست على الكنبة وهي قد قررت أن تتجنّب المصادمات مع صقر قدر الإمكان
تعلم بطبيعته النزقة المتعجرفة التي لا يعجبها شيء

ومتأكدة أنه في الأيام القادمة ستكون هنالك الكثير والكثير من المصادمات والأجواء المشحونة
ولابد لها من طاقة صبر عجيبة وهدوء أعصاب
لكي تمضي الأيام القادمة بسلام : تقريباً ، كلمت ابوك ان زواجك ما يكون مع طارق وقال ما عنده مشكلة

صقر بوقاحة : على طول قدرتي ما شاء الله تفرّي راسه وتقنعيه ؟
صفاء بانزعاج : شوية احترام في كلامك ، ممكن ؟ !

صقر بسخرية : مو هم يقولوا لا كبر ولدك خاويه ، انا معتبركم خوياني
صفاء بسخرية مشابهة له : لسى يا ابني ما كبرت ووصلت العمر الكافي عشان نكون خويانك
اتكلم باحترام عشان نحنا نتعامل معاك باحترام ونسمع لِ كلامك

ابتسم صقر لكلامها ومد يده ليأخذ يد والدته ويقبّل كفها وهو يقول بمداهنة
: ابشري ، دحين طمنيني ان ابويا ما بيخلي زواجي مع طارق اكيد

صفاء : مو اكيد ، بس هو ما عنده اعتراض ، و حتى لو زواجك ما كان مع اخوك
ما بيكون مرره بعيد ، ما اتوقع إنه راح يكون ابعد من ثلاث شهور

فلت صقر يد والدته بهدوء وهو يقول بضيق : يا لييييل ، يعني ما راح نهدئ
صفاء بتعجب : تهدئ إيش يا ابني ، انا بس ابغى افهم ، أنتا لمن جيت عندي وقلت يا امي ابغى اخطب وجدان
كنت تفكّر انك حتقعد خاطبها كم سنة يعني بعدين حتتزوجها , ولا إيه بالزبط ؟ !

صقر بتلكك : لا مو كذا يعني ، بس ابغى وقت

صفاء بنفاذ صبر : وقت لإيش ، استغفر الله الواحد يحاول يكون هادئ لكنك إلّا تبغاني اعصب
شوف اسمع الكلام هذا وخليه حلق في أذنك ، ابوك ماراح يرضى إن فترة الملكة تكون طويلة ، وقبل ما ابوك يرضى أو لأ
إنتا دام انك جيت بنفسك ، محد ضربك على يدك وقال لك اخطب البنت ، لأ إنتا بنفسك جيت وقلت ابغاها
تتحمّل تبعات الكلام هذا
دام إنك قلت ابغاها ، يعني إنتا تبغى تكون مسؤول عن هذه البنت اللي بالمناسبة ترى صارت زوجتك شرعاً ولها حقوق عليك
مو تحاول تتهرّب من الموضوع كأنك دوبك تستوعب إيش يعني زواج
اليوم بكلم خالتك تشوف هي وبنتها ايش يبغوا يختاروا قاعة للزواج
ومن بكره بخلي طارق يجي ويشوف الدور الثالث إيش يبغاله من تجديدات وتصليحات

صقر الذي كان يستمع لتقريع والدته وهو يشعر بالغضب في داخله ، عندما انهت كلامها قال بسرعة مدافعاً عن نفسه
: طيب يا امي هدّي اعصابك ، ماله داعي الإنفعال هذا كله ، انا ايش قلت دحين !

صفاء بحدة : إنتا اللي خليتني اعصّب
صقر وهو يعود لأسلوب المداهنة : انتي فهمتيني غلط وقلتي كلام طويل عريض المغزى منه إني اتهرّب من الزواج
وانا كل اللي ابغاه ناخذ الموضوع بهدوء وحبه حبه ، مو بعجلة

نظرت والدته إليه بعدم تصديق ، قال لها بتأكيد : اكيد اني عارف ايش يعني زواج مني بزر وعارف اني صرت مسؤول عن وجدان
بس يا امي انتي وابويا ما شاء الله تبغوا الأمور تمشي بسرعه بسرعه ، ولا تبغوني اخذ نفس
ترى حتى وجدان ما اتوقع ان العجلة هذه عاجبتها

ثم قال وهو يريد أن ينهي الموضوع ويتحدث مع وجدان قبل أن تتكلم معها والدته : انا بتفاهم معاها على موضوع تحديد الزواج
الموضوع اتوقع يخصّنا نحنا الإثنين ولّا ؟

قالت والدته بنبرة صوت هدأت قليلاً وهي متوجّسة منه : ايوه يخصكم ، بس لازم تستعجلوا في التفكير
استعدادات الزواج تاخذ وقت وجهد وحلو الواحد يبدأ فيها من بدري

ثم قامت وهي تسمع اذان المغرب : اتكلم معاها وناقشها في الموضوع زي ما تبغى
و انا بصلي المغرب وبتكلم مع خالتك

صقر : ان شاء الله
ثم سأل والدته وهو لتوّه يلاحظ هدوء البيت المُريب : إلّا يا امي بسألك غريبة نور مالها حس اليوم ، معقولة نايمة إلين دحين

صفاء بتعجب : دوبك تلاحظ ! ما انتبهت اننا اتغدينا اليوم بدونها ؟
صقر : إلّا انتبهت بس قلت يمكن نايمة

صفاء : نايمة إلين المغرب ! لا يا حبيبي راحت عند فارس و بغداد من الظهر
كان دور صقر لينال حظه من التعجب وعدم الفهم : من الظهر ! ليش ايش عندها

صفاء : تبغى تغير جو وتتقابل مع اخت فارس اللي في سنها هناك
صقر وهو يفكر في الإزعاج الذي سيتحمله اخوه مع وجود عدة فتيات معه في نفس المكان : اها ، الله يعين فارس على الإزعاج
ثم اعتدل واقفاً عندما دخل والده إلى الصالة وتظهر عليه أثار الوضوء ، سأله مؤنباً : انتا ما استعديت لسى للصلاة ؟

صقر بتبرير : لسى دوبه أذّن
خالد وهو ينهي نقاش لم يبدأ : اتوضى وامشي معايا للمسجد

ذهب صقر لجهة المغاسل وهو يقول بهمس لم يسمعه والده : أعصابك يالطيّب
سمعت والدته ما قال وهزّت رأسها بيأس
من المضحك أن التحدث عن هدوء الأعصاب يخرج من شخص مثله ، أعصابه غير مستقرة بتاتاً البتة ..





**

رواية الــسَــلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن