[ الفصل السادس والثلاثون ]
تجلس على الكنبة في انتظار عودته التي طالت كثيراً فالوقت قد اصبح مساءً
كانت وما زالت منذ الصباح ثائرة داخلياً وهي ترتب الكلام في عقلها ، لا تريد أن تخطأ ولا مجال للخطأ أصلاً ، تريده أن يعطيها موافقته لما ستقوله في نفس اليوم
لكن من تريد توجيه الكلام لم يظهر بعد
قبيل أذان صلاة العشاء دخل إلى الصالة بعد أن فتح باب الشقة بمفتاحه وعلى وجهه علامات الإرهاق
ولا عجب فهو خارج المنزل منذ الساعة السابعة صباحاً
عندما رأها حاول أن يغضّ بصره عنها وكم كان غض البصر عنها شاقاً وهي حلاله
لم تكن ترتدي ثوباً مُغرياً ، أو كاشفة عن مفاتنها بل كانت ترتدي بنطال فضفاض كاكيّ اللون وبلوزة قطنية باللون البيج الفاتح
شعرها الطويل كانت ترفعه بذيل حصان ، لم تكن تضع حتى مرطّب لشفاتها
لكن لماذا ؟ لماذا هي جميلة هكذا بدون أن تضع أي جهد على مظهرها
عبس تلقائياً وهو يشيح بصره عنها ويتجه إلى غرفة النوم
عبوسه زاد وهو يراها جالسة أمامه عندما خرج من دورة المياه بعدما أخذ حماماً بارداً ليزيل تعب اليوم عنه قليلاً
لكنه اعتصم بالصمت ولم ينطق بحرف وهو يذهب إلى غرفة الملابس المفتوحة على غرفة النوم ويرتدي ملابس مريحة
لكنها تنفع للخروج فصلاة العشاء ستقام بعد دقائق
عندما خرج من الغرفة وقفت بعد أن كانت جالسة على كرسي التسريحة وقالت له بدون أي مقدمات : ابغى اشتغل
نظر إليها طارق بعدم استيعاب لما قالته : نعم ؟!
أعادت العنود كلامها : ابغى اشتغل في مول ، حصّلت كذا اعلان عن وظيفة في كم محل وقدّمت فيها
تكتفت طارق وهو يقول : إيش اللي خلّا الفكرة العجيبة هذه تجي في راسك فجأة
العنود ببرود حاد : كلامك هو اللي خلّاني أفكّر فيها ، أشتغل وأصرف على نفسي عشان ما أكثّر الفلوس اللي لازم أدفعها لك لمن أنفصل عنك
وسكتت لثوانٍ قبل أن تقول : وابغى اساعد امي في مصاريف البيت ، تعرف إن وضع اهلي مو زي لمن كان ابويا موجود ، وجا الوقت اللي أساعدها فيه
حاولت أن لا تُظهر توترها من صمته وعدم ردّه على كلامها
قالت هي تريد أن تخرج من الغرفة : أنا اعطيتك خبر عشان يكون عندك علم بس
وهي عند باب الغرفة ، ألتفتت تنظر إليه عندما قال لها بهدوء مُرعب أثار بعض الخوف في قلبها
: إيش اللي خلّاكي تتجرّأي وتقولي هذا الكلام وإنتي عارفة إني راح أرفض ؟ إيش هي غايتك ؟
اتسعت عيناها عندما سمعت ما قاله بدهشة ، كيف بسهولة فهم مقصدها الحقيقي من الكلام
لكنها قالت بإنكار : ما عندي أي غاية ، ابغى اشتغل ويكون عندي دخل خاص فيني زي ما قلت
قال طارق بغضب وهو يمسك بذراعها بقوة ولا يعلم فعلاً أي جزء من كلامها الكارثي أثار غضبه أكثر
: والله لو بتموتي جوع ما بخليكي تشتغلي في مول ، لو باقي لك شعرة وتموتي ما بوافق
انهبلتي انتييييي تبغي الناس ياكلوا وجهي
قالت العنود مظهرة تأففها وهي تشيح بوجهها رغم انها على حافة الانهيار من التوتر وهي تراه يغضب بهذا الشكل : سيب يدي
شدّ على يدها أكثر حتى شعر أن ذراعها اللين ستتهشّم تحت يده القوية
لكنه كان أعمى حرفياً وهو يتخيّل مجرّد خيال أنها ستعمل في مكان مختلط الرائح والقادم يراها وَ يُفتـــن بها
قال لها بتحـــدّي : طالعي فيني وقولي مرة ثانية انك تبغي تشتغلي أشوف
استفزتها نبرة التحدي بصوته دون أن تضع في حسبانها الغضب المصاحب لهذا التحدي
نظرت إليه وهي تقول بحدة تظهر لأول مرة أمامه : مالك حق تمنعني إني اشتغل
طارق ببطئ وعينه في عينها : لــي حــق ، انا زوجك
العنود وهي التي بدأت بدون أن تشعر تُسقِط أقنعتها أمامه الواحد تلو الآخر قالت بغضب
: لأ يا حبيبي مالك حق دام إننا راح ننفصل في النهاية ، مالك حق تتحكّم فيني وتمنعني من أي شيء
طارق : قلتيها راح ننفصل
وترك ذراعها وأمسك ذقنها بلطف في البداية لكنه مع نهاية الكلام أصبحت يده تؤلمها حتى أحست أن فكّها سينكسر
: وإلين ما يجي ذاك الوقت إنتي زوجتي ولي حقوق ما راح اتنازل عنها ، أولها السمع ، والطاعة ، والإحترام
قالت العنود بقهر وهي لا تريد أن تحرّك وجهها فيؤلمها أكثر : قاعد تستخدم قوتك ضدي ، هذه من حقوقي عليك !
ابتسم بسخرية وهو يزيد ضغط يده على ذقنها الذي أشبعه بالقبل مرات لا تحصى من قبل : لو استخدمت قوتي ضدك فعلا ما بخلي فيكي عظم صاحي
اتقـــي شرّي يالعنود اللي ما قد طلعته لأحد
أحـــــذرك لا تكوني انتي أول شخص
هرجة الشغل في مول هذه أمسحيـــــها تماماً من راسك ولا ابغى اسمعها مرة ثانية
دام إنك في بيتي بتعيشي معززة مكرّمة ، واطمّني بعتبرك ضيفة أعاملها بكرم وما راح أحاسب على فلوسي اللي بصرفها عليكي طول ما انتي هنا
أبعد يده عنها لتتراجع هي بضعة خطوات حاولت أن تتماسك ولا تظهر ضعفها وغضبها من كلامه الأخير أمامه
ذهبت إلى غرفة الملابس وفتحت أحد الدواليب ، اخرجت منه لحاف لا زال بكيسه لم يفتح بعد
ثم ذهبت إلى السرير لتأخذ مخدتها تحت انظار طارق الذي سألها وهو قد خمّن ما تنوي فعله : إيش بتسوي ؟
نظرت إليه العنود وقالت بتكبّــر هي جيّدة في إظهاره متى تريد : فيه حق من حقوقك لازم تتنازل عنه
أخذت مخدتها ومشت متجهة إلى باب الغرفة لكي تخرج وهي تظن أنها سوف تهينه بهذا التصرّف بعد أن أبدت صراحةً رفضها التام لقربه
عندما مرّت بجانبه قال لها بدون اهتمام أصابها في مقتل : متنازل عنه بدون ما تسوي المسرحية هذه ، ارجعي الغرفة
التفتت عليه العنود بحنق : عشان تجيني في نص الليل على غفلة مني
طارق بذات عدم الاهتمام : أقدر أجيك في نص الليل في أي مكان انتي فيه لـــــو أبغى
زفرة غضب هي ما استطاعت أن تبديها أمامه قبل أن تمشي متجهة إلى قسم الرجال
فور أن أغلقت الباب الفاصل سمع صوت قفلة المفتاح مرتين
جلس على السرير عندما تأكد أنها لن تأتي
وظهرت تعابير وجهه الحقيقية البائسة من هذا الحوار الذي لم يخطر على باله مجرّد خااااطر
أنه من الممكن في يوم من الأيام أن يتكلم بهذه الطريقة مع حبيبة قلبه
أرهق نفسه في العمل اليوم بنية أن يعود إلى المنزل وينام فوراً بدون أن يفكر فيها لكن بعد كل ما حصل كيف سينام الآن ؟
في وسط بؤسه تفكّر في فعلها لتظهر شبه ابتسامة على فمه
هل تريد أن تبدّل الأدوار الآن ، تريد أن تكون هي الغاضبة وتعاقبه بالخروج من الغرفة وهو المذنب من ينتظر عفوها ؟!
:
عندما دخلت إلى مجلس الرجال رمت اللحاف والمخدة على الأرض بغضب
وجلست على الكنبة وهي تكاد تنفجر من الغيض ، غاضبة من نفسها لأنها كانت تريد أن تكون هادئة الأعصاب لا أن تثور وتغضب أمامه
وغاضبة منه لأنه أشعرها بالمهانة ، شعرت بأنها ذليلة تحت قبضته ولن تنال حرّيتها إلّا بعد أن تدفع له ثمنها لكن كيف
من سابع المستحيلات أن تدفع له ثمن كل شيء ، حتى بالنقود التي في حوزة البنك لن تستطيع
و أكثر ما يغضبها أنها لم ترى الإفتتان السابق في عينيه عندما ينظر إليها ، هل بسبب أنها لم تهتم بمظهرها كما يجب اليوم
فور أن بزغت لذهنها هذه الفكرة شعرت بالغضب من تفكيرها
قامت إلى جهة المغاسل لتنظر إلى نفسها وهي تفكر بحنق أنها لم تفكر من قبل أنها تحتاج إلى لِباس أو مكياج لكي يبرز جمالها
هي جميلة بدون أي شيء ، كيف سمحت لنفسها أن تتسآئل عن مظهرها
عندما وصلت إلى المرآة ونظرت إلى انعكاسها هالها ما رأت
اقتربت أكثر من المرآة وهي تنظر إلى آثار اصابعه القوية على ذقنها
عندما رأت هذا المنظر بكت ، لم تبكي بسبب حزنها بل من غضبها وغيضـــــــــــها منه
شعرت أن حرااااااارة عالية تسري في جسمها بسبب أعصابها الثائرة
عادت إلى الكنبة وهي تنوي أن لا تسكت عن فعلته هذه
كان نومها غير مريح أبداً بسبب المكان وبسبب أفكارها التي لم تهدأ حتى وهي نائمة
في الصباح اضطرت أن تعود إلى الغرفة لكي تتجهز للذهاب إلى الجامعة
كان هو جالس في الصالة لكنها مشت بسرعة إلى الغرفة دون أن تعيره اهتماماً
ارتدت تنورة سوداء ضيقة وقميص رسمي باللون السماوي الفاتح جداً
وهي عند التسريحة تريد أن تضع خافي العيوب لكي تخفي الكدمتين الصغيرتين أسفل ذقنها والتي تحوّلت كما توقعت إلى اللون البنفسجي
دخل هو إلى الغرفة لكي يستعد للخروج ايضاً ، هذه هي الفكرة التي أقنـع نفسه بها
عندما دخل كانت توليه ظهرها لكنه رأى انعكاسها على المرآة
كان ينوي أن يشيح نظره عنها لكنه وجد نفسه يقترب منها عندما رأى أمر غير طبيعي على وجهها
هي استغربت من نفسها ، بل وتفاجئت جداً عندما شعرت بالخــوف لقربه منها
شعور مزعج أن أول ما خطر على بالها عندما رأت اقترابه منها ، هل سيؤذيها كما فعل بالأمس ؟!
قال وهو عاقد حاجبيه : إيش هذا اللي في وجهك
لم ترد عليه وهي تضع واقي الشمس على بشرتها
أعاد سؤاله مرة أخرى لتقول له بملل مصطنع بدون أن تلتفت عليه : هذه عمايل يدك
عقد حاجبيه أكثر وقال بعدم تصديق : أنا بس مسكت ذقنك !
العنود : إيوه مسكته بالقوة ، قلت لك إنك قاعد تستخدم قوتك ضدي ، وهذه كانت النتيجة
وأشارت إلى ذقنها قبل أن تلتفت إلى يمينها تنظر إليه وكأنها قد استمدت بعض القوة وهي ترى اندهاشه وعدم تصديقه لما فعل
: أنا صورتها عشان لو عدت الحركة هذه مرة ثانيه بورّي عمي خالد عشان يصدق وقتها إنها مو أول مرة
غامت عيناه من كلامها وهو مصدوم من مدى جرأتها : تشوفي لك هذا الحق إنك تشتكي ابويا وانتي السبب أصلاً في اللي حصل
عادت تنظر إلى المرآه متعمدة أن لا ترد على ما قاله وبدأت في وضع خافي العيوب
لكنه استفزّ اعصابها فعلاً عندما قال : و دام إنك شايفه الموضوع السخيف اللي امس فتحتيه إيش كانت نتيجته لا عاد تفتحيه بعد كذا
لأني ما أضمن إيش حتكون النتيجة الثانية
التفتت عليه بحدة وهي تقول بصدمة حقيقية : تهددني إنك راح تعيد الحركة مرة ثانية
يعني أفهم إنو ما عندك ندم إنك آلمتني لدرجة إنو اصابعك علّمت على ذقني !
قال لها بدون اهتمام وهو يوليها ظهره ويذهب باتجاه غرفة الملابس : هذه عمايل يدك انــــتي مو انا
كان عدم اهتمامه ظاهرياً ، فهو فتح دولاب ملابسه وأمسك به بقوة ، ليست هي المصدومة بل هو
هل آذى امرأة حقاً
والأدهى والأمرّ أنها العنـــــــود
نعم كان بالأمس يشعر أن لديه رغبة جامحة بأن يؤذيها ، بأن يؤلمها ، في تلك اللحظة كان يودّ أن يضربها حقاً علّها تفهم ما تقول
لكنه لم يكن يعلم أنه قد آلمها حقاً ، ناهيك أن تكون آثار هذا الألم موجودة على صفحة بشرتها التي مهما كان لا تستحق هذا
أين ذهبت قيمه ومبآدئه
أين ذهب أدبه الجمّ ، ورقته المعروفة
هل أخرجت اسوء ما فيه بالفعل
هل أصبح مثل الرجال الذين يحتقرهم ، يفردوا عضلاتهم على امرأة ، أي امرأة كانت ، لكن في حالته ليست امرأة عادية بل هي زوجته و حبيبته
روحه وقلبه ، من يشعر وكأن جبل يجلس فوق صدره لأن حال زواجهم أصبح كارثي لكن ليس لهذه الدرجة ، درجة أن يؤذيها بتعمّـــد فعلاً
يعلم أن السبب الرئيسي لغضبه هو نفسه
لأنه فشل في اختيار شريكة حياته واختار فتاة مُخادعة غرّه جمّالها و دلالها
هو الفخور برجاحة عقله وصحة رأيه وقع هذه الوقعة
بعدما سمع كلامها كلما يراها يرى فشله متجسّـــد أمامه
لكن إذا كان شعوره سيتمادى لدرجة إيذائها فيجب أن يقف وقفة جادة مع نفسه ، إمّا أن يحاول بأي طريقة كانت أن يُصلح الوضع
وإمّا أن يُطلقها
لا يوجد أي مبرر له لكي يؤذيها
والمصيبة أنه هو الشاب هادئ الأعصاب لا يضمن حقيقةً ردة فعله معها في أي أمر
مثلما أخرجت جانب آخر من شخصيته عندما كانا على وفِاق
هي باستطاعتها أن تخرج جانب آخر وهم في هذه الحرب الباردة ، لكن هل هي باردة حقاً !
**
كان الصباح في منزل آخر مختلف
استيقظ من نومه واحتاج أن يركّز قليلاً لكي يستوعب المنظر الذي يراه أمامه
قال بصوت ثقيل : فين رايحه ؟
التفتت تنظر إليه وهي تقول بدهشة : انا ما قلت لك ! برجع للدوام اليوم
عقد حاجبيه الكثيفين وهو يقول بانزعاج : لا ما قلتي لي
وجدان وهي تتأكد من مظهرها في المرآة الطويلة : آمممم الظاهر اني نسيت
قال وهو يراها جاهزة بالفعل وبدأت في ارتداء عبائتها : مين سمح لك ترجعي للدوام
التفتت تنظر إليه وقالت بجدية : اتوقع هذا الموضوع مافيه إنك تسمح لي أو ما تسمح لي يا صقر
صقر بعصبية وإن كان لم يرفع صوته : يعني انطم وارجع انخمد
تنهدت وهي تقول بضيق : مو كذا قصدي ، بس معليش الموضوع مو قابل للنقاش اصلاً
ثم نظرت إلى ساعة يدها قبل أن تقول : انا مررا اتأخرت ، بخرج دحين وإذا تبغى تتكلم في الموضوع خليه لمن أرجع
وخرجت بالفعل تحت أنظاره الغاضبة
عندما خرجت إلى باحة المنزل قابلت زوج خالتها وهو خارج ايضاً إلى العمل
سلمت بأدب ثم سألها : صقر نايم فوق ؟
لماذا جاءها شعور أنها تريد حمايته لا تعلم ، قالت له بسرعة : مو إجازته لسى ما خلصت ؟
ابتسم خالد وقال : انا اسأل بس
ثم قال بجدية : دام إنك بدأتي تداومي مافي داعي إجازة صقر تطوّل أكثر
مشى مبتعد عنها وهي تنظر إليه باحترام وخوف قليل
غريب أنها عندما تراه في البيت لا تراه سوى الرجل اللطيف قليل الكلام لكن لماذا بدت له الآن هيبة وقوة جعلتها تخاف منه
خمنت أن الثوب والشماغ جعلها تراه بهذه النظرة ونسيت أن هذه ليست أول مره تراه بهذا المنظر
عندما ركبت السيارة وحركت بها مبتعدة عن المنزل اتصلت على صقر دون أن تفكر بسبب الاتصال
لكنها لم تكن تشعر بالإرتياح لخروجها وهو غاضب
ردّ على آخر رنة في الاتصال وهو يقول بحدة : نعــــــــم
ابتسمت وجدان : زعلان ؟
صقر : ما اعتقد يهمّك ، مو الموضوع غير قابل للنقاش ليش تسألي زعلان ولا لا
وجدان : اوكِ الموضوع غير قابل للنقاش بس إذا زعلان عادي أراضيك بأي طريقة كانت
رد عليها بنزق : ما راح أرضى
قالت له بسرعة عندما شعرت أنه سيغلق الخط : ترى قابلت عمو خالد وأنا خارجة من البيت
كان متمدد على السرير بِ استرخاء ، لكنها عندما ذكرت اسم والده انشدت اعصابه وهو يقول : إيوه ؟
وجدان : يقول دام إنو انا بدأت دوام ماله داعي إجازتك تطوّل
كانت ردة فعله أن أغلق الخط بدون أن يرد على كلامها ومن حسن حظها أن الأمر اقتصر على أغلاق الخط
دون أن تسمع سيل الشتائم الذي أمطرها فيه بعد أن اغلق منها
بصعوبة عاد إلى النوم مرة أخرى وهو يفكر في والده الذي بالتأكيد سيقطع إجازته ، و في وجدان السبب في كل شيء
عندما اغلق الخط في وجهها زفرت بملل قبل أن تكمل طريقها نحو المركز الذي تعمل فيه
حينما دخلت إلى المركز وقابلت الأطفال نست كل شيء فعلياً وهي تسمعهم كيف يعاتبوها لأنها غابت عنهم لوقت طويل
تحب الأطفال جداً ، ربما من أكثر الأمور التي تحبها في الحياة
وتتمنى أن يكون لديها أطفال كثر لكنها لا تعلم هل ستكون أم جيّدة كفاية لعدد كبير من الأطفال
والأهم ، هي لا تثق أن صقر سيكون اب جيد لأطفالها
هذا ما جعلها تخبره بعد مرور عدة أيام على زواجهم أنها لا تريد أطفال حالياً وتريد أخذ موانع للحمل
ربما لو أن صقر ابدى القليل من الاعتراض لهذا القرار لكانت فكرت بالتراجع عنه لكنه قال لها بدون اهتمام لتفعل ما تريد
وهي تنظر الآن إلى الاطفال كانت تشعر أن قلبها يتــــــوق بشدة لأن يكون لديها طفل يجلس في مقاعد الدراسة وتكون هي بنفسها من تدرّسه وتفهّمه
ولكن تعود إلى سؤال نفسها ، هل ستكونين ام جيدة يا وجدان ؟
**
كان يريد أن يسأل والده عن أمراً ما يخصّ العمل
لكن أُسقط في يده عندما سأله والده فجأة بنظرات متفحّصة : غربية إنك ضاغط نفسك في الشغل من وقت ما رجعت بعد إجازتك وما تخرج إلّا بعد المغرب
قال بسرعة : لمن رجعت كان فيه أشياء متأخرة وقلت اخلّص منها بسرعة قبل لا تتراكم عليا اكثر
خالد : بس انت دحين مو زي اول ، زوجتك لها حق إنك ترجع البيت العصر وتقعد معاها وانت مرتاح ، مو ترجع البيت المغرب وتنام العشا
اغتصب طارق ابتسامة وهو يقول بكذب : لا ما عليك صرنا نسهر شويه مو زي أول
ثم قال : انا اصلاً خلصت الأشياء اللي كان لازم انجزها بنفسي وبصير من اليوم أداوم إلين ما ينتهي وقت الدوام العصر
هز والده رأسه بموافقة على كلامه : كويس .، ثم تنهد قبل أن يقول
: أفكّر اخلي صقر يرجع يداوم ، اليوم وانا خارج من البيت الصباح شفت زوجته رايحة دوامها
طارق : خليه براحته ، لو خليته يرجع يداوم هذا الاسبوع حيجي مكشّر وطفشان وبتطفش منه
خالد بحدة : طفشه على نفسه مو على غيره
سكت طارق قليلاً قبل أن يقول : ماينفع نضغط على صقر ونحنا عارفين إنه ما يبغى يشتغل في المؤسسة ونحنا اللي غاصبينه على الشغل فيها
قال خالد بتفكير : إيش اسوي طيب ، اخليه في البيت جالس على البلاستيشن والسهر مع اصحابه !
انا قلت له يشتغل هنا ويوريني كيف إلتزامه في الشغل لمدة سنة وبعدين نشوف موضوع المشروع اللي يبغى يفتحه
سكت قليلاً يفكر في أمر صقر الذي يشغل باله دائماً بتفكيره المختلف عنه وعن طارق
: هو يا إنه يقعد ملتزم بالشغل في المؤسسة ويوريني انضباطه أو إنه يشوف له شريك أو مستثمر يسثمر في مشروعه
قال طارق بتعجب : ليش البهذلة هذه طيب من البداية كان استثمرت معاه وخلصنا
بدال لا يجيب مستثمر أو يطفّشك في الشغل وانتا عارف إنه هو ما يبغى
خالد : لازم يتعب شويه ويعرف إنه مافي شي بالساهل يجي
طارق بدهشة للأمر الذي وصل إليه : يعني حتقعد تراقبه هذه السنة وتشوف إيش بيسوي ؟!
خالد : بالضبط
سكت طارق يفكر قليلاً في شأن اخيه قبل أن يقول وهو يقوم من الكرسي الموضوع أمام مكتب والده جهة اليمين
: انا بروح أكمل كم شغله في مكتبي قبل لا اخرج ، توصّي على شي
قال والده باختصار : الله معاك
كان خالد ينظر إليه وهو يخرج من مكتبه بخطوات هادئة كَ كل شيء متعلق بطارق
الابن الذي يشبههه كثيراً في الشكل والطِباع
تنهّد وهو يتذكر الابن الآخر الذي جاء بشكل مُعاكس جداً لكل شي فيه
مع طارق كانت التربية سهلة لكون طارق ليّن الطباع ولا يحبّ أن يعارض كلامه
لكن صقر الشاب الصاخب ذو الدم الحار كان يفكر ألف مرة قبل أن يوجّه أوامره وتوجيهاته
أخذه التفكير إلى ابن زوجته ، والذي جاء بشكل غريب مزيج بين الاثنين مع صفات أخرى لا تتشابه مع أحد منهم
ومع تفكيره المطوّل فيه قاده التفكير إلى الـسـلام كما يحب أن يسميها
فور أن بدأ يفكر فيها شعر بأنه اشتاق إليها مع مرور يومين على عدم رؤيته لها
ولم يستطع أن يمنع نفسه بأن يفتح هاتفه ويذهب إلى المفضلة ويضغط على اسمها الذي كان الرقم الأول في القائمة
لم ينتظر طويلاً كالعادة فسرعان ما ردت على اتصاله ، ليقول لها فور أن سمع صوتها الرقيق : هلا بحبية القلب والفؤاد
**
عادت إلى المنزل بعد الظهيرة وهي تحمل في يدها كعكة اشترتها في طريقها إلى المنزل
عندما دخلت إلى الشقة كانت الأنوار مغلقة رغم أن التكييف يعمل في الصالة
رأت صقر متمدد على الكنبة ويشاهد التلفاز و فور أن رأها عقد حاجبيه ثم أشاح بأنظاره عنها
مدت يدها لتفتح الأنوار وهي تقول بسخرية : يا سلام على الإستقبال الحلو
قال صقر بعجرفة هي ليست بعيدة عن طباعه : وليش استقبلك استقبال حلو ، ما تستاهلي
أطالت في وقفتها حتى نظر إليها مرة اخرى وسألها : اشبك لسى واقفة
وجدان : أفكّر أردّ الإساءة بالإساءة ولّا أرد الإساءة بالإحسان ، بس انا لأني طيبة وأحسن منك بردّ الإساءة بالإحسان
صقر بسخرية : متأكدة إنك طيبة ؟!
تقدمت حتى وصلت عنده و وضعت كرتون الكعكة على الطاولة المنتصفة الجلسة
: إيوه طيبة بدليل إني جايبة كيكة لك براضيك فيها وعلى الرغم من الكلام السخيف اللي قلته لي برضو بعطيك الكيكة
مع اني اشكّ انك تستاهلها
تعدل صقر وجلس باستقامة وهو ينظر لها مستغرب من مبادرتها الكريمة : إيش تبغي ؟
وجدان بتعجب : كيف يعني ، ما فهمت !
صقر بتوجّس : إيوه ايش تبغي ما بتعطيني الكيكة لأنك بس تبغي تراضيني فيها أكيد تبغي شي من وراها
شعرت وجدان بالإحراج في داخلها من كلامه ، هي فعلاً أرادت أن تراضيه فقط
وحتى وهي في مخبز الحلويات كانت تشعر بالتردد لأنها ستتصرّف هذا التصرف الغريب عن اطباعها
فهي من الطبيعي كانت أن تتجاهل صقر لأنه غضب من شيء يخصها ولها كامل الحق أن تذهب إلى عملها في الوقت الذي تريده
و من المفترض أن لا تهتم لغضبه ، لم تفهم نفسها وهي تشتري هذه الكعكة بنية أن تقدمها له
ولم تحب أن تتعمق في التفكير لكن بكلامه هذا أحرجها داخلياً
لكنها لم تظهره له ذلك وهي تقول بعدم اهتمام مصطنع : ما عندي أي نية ، وبعدين من متى أنا لو أبغى شيء أقدم رشوة قبلها
أنا لو أبغى شي بقولك مباشرة يا صقر أنا ابغى الشي الفلاني ، معليش مو وجدان اللي تلف وتدور عشان تقضي أمورها
ثم قالت لكي لا تعطيه مجال ليرد على كلامها : أنا بروح ابدّل ملابسي
ذهبت إلى الغرفة وأخذت حماماً بارداً أولاً قبل أن تلبس فستان قصير باللون الأسود
عاري الأكتاف والظهر كما تحب أن تلبس عادةً
وضعت فقط كريم مرطب على بشرتها و تركت شعرها الرطب حراً طليقاً لكي يجفّ بسرعة
عندما عادت إليه وجلست بجانبه كان قد فتح الكعكة وقطع منها قطعة وأكلها
نظر إليها ، إلى انعكاس اللون الأسود على بياض بشرتها فأصبحت أكثر إشراقاً
ثم إلى وجهها ذو الملامح الملائكية البريئة المُعاكس لطبيعتها
قال لها : قد أحد قال لك إن نقطة ضعفي الأكل ؟
لم يخبرها أحد لكنها مع مرور عدة أيام بالطبع قد لاحظت تقديسه للطعام بشكل غريب ، قالت باختصار : لأ
صقر وهو يقطع قطعة أخرى ويضعها في صحن كان قد جاء به من المطبخ
: مع إني شاكّ في نيتك ، بس الكيكة دمااااااار ، أول مرة أذوق كيكة من هذا المحل
وجدان : غريبة ! مع إنو طالع ترند هذه الفترة ما بقي أحد في جدة ما أكل من كيكاته
ثم قالت بتلقائية : خلاص بس هذه القطعة وكفاية لا تكثّر من الحلا
ابتسم صقر وهو ينظر إليها : خايفة عليّا
بادلته وجدان الإبتسامة وهي تقول بغنج لا يتوافق مع ما تقوله
: أكيد يا حياتي لو صار فيك شي بضطر أرجع لِ ماما و زوجها ويزوّجوني واحد على مزاجهم هذه المرة
عقد حاجبيه بِ استياء من كلامها ، وضع الصحن على الطاولة وهو يقول : الله يسد نفسك يا شيخة إيش الكلام ذا
نظرت إليه وجدان بحدة : ما تحس إنك زوّدتها وانتا تدعي عليا كل ما اتنرفزت ، شويه انتباه لألفاظك ما بيضرك
صقر بحدة مماثلة وقد رفع صوته : شــــــــايــفه ، يعني انتي متعمّدة إنك تنرفزيني وتخرجيني عن طوري
تقولي لي لو صار فيني شي بتتزوجي واحد ثاني ! تبغيني اقول لك على البركة يعني ؟!
وجدان : على أســـــاس إنو يهمك الموضوع ، حتزعل يعني لو انفصلنا أو متّ ، إني بتزوج واحد ثاني ، مو وقتها بتفتك من الشريرة اللي غصبتك تتزوجها
عندما رأت الشرار يخرج من عينيه قالت وهي تبعد أنظارها عنه
: ترى الموضوع ما يحتاج كل هذه العصبية اللي بتخرج من عينك ، كلمة أول وقلتها ، لا تكبّر الموضوع
قال بعصبية وهو يمسك ذراعها وينظر إلى أجزاء جسمها المكشوفة له
: ما ابغى اتخيل مجـــرد خيال إنو فيه رجال غيري يشوفك بهذا المنظر وتكوني حلاله ، إنتي زوجتي ، حقتي انا وبس
ما راح انفصل عنك ، وانتي ما راح تتزوجي لو متّ قبلك
نظرت إليه وجدان وأطالت النظر قبل أن تسأله بهدوء ونبرة جادة : الكلام هذا أصنفه إنه حب تملّك ، يعني إنت دحين شايفني شي ملكك ؟
ولا انتا ما تفكر إن زواجنا هذا راح ينتهي ابداً إلّا لو أحد فينا مات ؟
كلامها هذا أطفئ بعض غضبه ، شعر بأنها لا تسأله باستفزاز ، بل سألت لأنها تريد أن تسمع إجابة صادقة منه
قال بجدية مماثلة : انا ما اتزوجتك بنية إني اطلقكك بعد فترة
ثم قال باستغراب حقيقي : سؤالك هذا غريب ! ، إنتي كان عندك التفكير هذا يعني ؟ ! إنو زواجنا مؤقت !
وجدان ببطئ وهي تفكر في كلامه : ما قد فكرت في مستقبل هذا الزواج من قبل
صقر : لأنك غبية ، اصلاً كنت حاسس بالشيء هذا
انا كنت ابغى افكّر اكثر في الموضوع وانتي ما همك إلّا نتزوج وخلاص واللي بعد الزواج مو مفكرة فيه
وجدان بحنق من كلمة غبية التي ليست المرة الأولى تسمعها منه : لازم الإهانة يعني
صقر بملل : يا شيخة روحي ، كل كلمة والثانية كرامتي وأهنتني وكلام فاضي مدري من فين تجيبيه ، جبتي لي الهم
ترى أكره ما عندي أنتبه على كلامي وأحاسب عليه
وجدان وهي تكاد تنتف شعر رأسها : بس انا زوجتك
صقر : لأنك زوجتي بتكلم معاكي براحتي
وجدان : يعني عادي أسبك وأدعي عليك
صقر بلا أي مبالاة : إيوه عادي سامح لك
تأففت وهي تستغفر بصوت عالي
صقر بجدية : برجع أعيد الموضوع لأني ما ابغى اسمعه مرة ثانية ، لا عاد تجيبي سيرة طلاق وانفصال ، وانك بتتزوجي واحد غيري
نظرت إليه وجدان وهي تسمعه يعيد الكلام مرة أخرى ، قالت له بتردد بعيد عن أطباعها
بعيد عن شخصيتها الواثقة ، لكنها كانت تريد بشكل غريب أن تسمع منه تأكيد على أنها ستكون برفقته لما تبقى من حياتها
تريد أن تطمئـــن : يعني بنظل عايشين مع بعض للأبد
صقر وهو يتنهد : إيوه انتي ابتلاء ربي ابتلاني ياه وراضي فيه
عندما رأى عينيها تقدح شرراً ضحك وهو يقول : امزح ، ليش تزعلي على أي شي لا تكوني زعوّليّة
عضت على شفاتها بحنـق وهي تفكر كيف ترد عليه
لكنه فاجأها عندما اقترب منها أكثر وقبّل خدها قبل أن يقول : الكيكة اللي جبتيها طِعمة ، بس انتي اطعــــم منها بكثير
شعرت بالخجل ، بالكثيــــر منه ، كانت قد أرخت دفاعاتها فتسللت الكلمات البسيطة جداً إلى قلبها
ولأول مرة تشعر بالحياء اللذيذ لا الإحراج من كلماته التي تراها استفزاز منه لأنه يريد إحراجها بجرأته
أبعدت أنظارها عنه بحياء دون أن تعرف بماذا تردّ عليه ، ولم تعلم أن الرد ليس مطلوباً منها في هذه الحالة
ابتسم صقر على حيائها البادي أمامه أعاد تقبيلها على خدها قبل أن يقول لها
: خلينا ننزل تحت بيت اهلي نتغدا عندهم ، امي حاسبتنا معاهم في الغدا
ثم نظر إلى فستانها وقال : بس غيري لبسك طبعاً اول شي
لا زال تأثير كلماته السابقة عليها لذلك وافقت على أن تبدّل ملابسها دون أن تتجادل معه
عندما نزلوا إلى منزل خالتها كان الغداء جاهزاً والعاملات قد بدأن بترتيب سفرة الطعام
كانت هذه وجبة الغداء الأولى التي تتناولها في فترة الظهيرة منذ زمن طويل في يوم من أيام الاسبوع العادية
فوالدتها كانت دائماً تأخّر وجبة الغداء لأن زوجها عندما يكون عندها لا يأتي إلّا قبيل المغرب
حتى اعتادت والدتها مع مرور السنوات على تاخير الغداء إلى هذا الوقت حتى إذا لم يكن زوجها عندها
رغم تذمّرها من هذا التوقيت الذي لا يناسبها إلّا أن والدتها لم تعرّ تذمرها اهتمام
الآن في هذا الوقت وأشعة الشمس تدخل من نوافذ المنزل و الأطباق التي أمامها والمليئة بالطعام الساخن
أصوات خالتها و زوجها ، وجدالات نور و صقر الصاخبة التي لا تنتهي ، هذا الجو أشعر قلبها بالدفئ
كانت تتمنــــى ، تتمنى دائماً أن يكون منزلهم مثل منزل خالتها ، عامر بالأفراد ، البيوت الخالية تجلب الوحشة لمن يسكن فيها
من أسباب أمنياتها أن يكون لديها عدة أطفال هو أن يكون لديها عندما تكبر منزل دافئ مليئ بضجيج العائلة وضحكاتهم
ولم تتوقع أنها ستحظى به منذ بداية زواجها
تعلم أن الكثير ممن حولها وأولهم والدتها اندهشوا من قبولها أن تسكن في منزل خالتها
وربما لو أن أحداً سمع موافقتها على كلام خالتها أن تنزل يومياً لتتناول الغداء هي وصقر معهم بحكم أنها موظفة ومن الأريح لها أن تكون وجبة غدائها جاهزة
لرأى أن خالتها تضغط عليها وتتحكّم بها ، ومن المفترض أنها في بداية زواجها تحظى ببعض الخصوصية مع زوجها
لكنها وهي تنظر إلى طاولة الطعام الممتدة وتسمع أصوات الملاعق على الأطباق تشعر أن قبولها السكن مع خالتها وموافقتها على اقتراحها قبل قليل جاء على ما تتمنى
شبعت من الوحدة والخصوصية حتى ضاقت ذرعاً بها ..
**
أنت تقرأ
رواية الــسَــلام
Romanceهل كل إنسان يأخذ من اسمه نصيب ؟ بغداد ، مدينة السلام .. كانت مدينة ذائِعة الصيت في عهد العباسيين القديم تجمع بين العلم، والجمال، والثقافة، والرُقيّ .. حسناً ماذا إذا كانت هناك بغداد أخرى، ولكن ليس في العراق، بل في جدة ، عروس البحر الأحمر! وقد لاق بت...