الفصل الرابع

111 5 0
                                    







[ الفصل الرابع ]

تغيّر لون الأوراق وتساقطها من الشجَر ..
يشبه تغيّر أفكاره التي سكنت عقله لفترة طويلة من الزمن ..

كان ينظر إلى الأوراق الملونة على الأرض مكان جلوسه في المنتزه القريب من شقته
والذي أعتاد على ممارسة رياضة المشي فيه ..

رفع رأسه ينظر إلى الطفلة الصغيرة ذات المعطف الوردي الناعم تمشي بجوار والدتها ..
وتقفز بسعادة وحيوية بين الفينة والأخرى ..

قدّر أن الفتاة في عمر الخامسة ، أما والدتها الشابة فلا تزيد عن الثلاثين ..

تنهّد وهو ينظر إليهم ، وإحساس جارف بتأنيب الضمير يغزوه كما هو معتاد في الأيام الماضية

يشعر أنه يقف حجرة عاثرة في مستقبل الفتاة التي على حد علمه قد قاربت من عمر والدة هذه الطفلة
ولكنها لم تتزوج بعد ، بسبب والدته وتفكيرها الغريب

أعتدل في جلوسه وهو يتذكر حديث والدته التي قالته في تلك المكالمة المشؤومة
: " البنت ربيتها واهتميت فيها من كل قلبي ، أكثر منكم كلكم ، ودحين بعدما كِبرت وتعبت
تجي أي وحدة كذا وتقطف ثمرة جهدي ، مستحيل ، إما إنك إنتا تتزوج البنت ، أو خليها عندي أحسن "

رباه هل يوجد ظلم أكثر من هذا ؟ !

تريد أن تحرم الفتاة من أمرٍ مغروس في فطرتها ! إذا هو لم يوافق
والمشكلة أن صاحبة الشأن لا تعلم ..
بل هي متعلقة تماماً بوالدته وتنظر لها بجلاء واحترام كبيرين ربما أكثر من جلاء الشعوب لملوكهم

حسناً لقد كانت المكالمة التي جرت بعد عدّة دقائق دليل على صحة ما يقول
فبعد السلام والسؤال عن الأحوال في مكالمته مع اخته نور الشقية
سألها عن والدته لتجيبه تلك : تحت في الصالة

: وإنتِ ليش مو جالسة معاها يا بطلة ؟

: ترى كملت قبل شهر 15 سنة ، يعني بلييز بطلة ، وشاطرة ، والكلمات هاذي بطلوها
غير كذا ما يحتاج أجلس معاها ، دام معاها بغداد نور عينها ما راح تسأل عن أحد

قال لها مازحاً : أشم ريحة غيرة طفولية في كلامك ، مو دحين قلتي إنك خلاص كبرتي

ردت عليه متأففة : مو غيرة ، بس مرره ماما تبغانا كلنا نكون نسخة عن بغداد وهذا طبعاً من سابع المستحيلات
لازم يكون لكل شخص هويته المستقلة ، بس ماما ما تفهم هذا الكلام

قال لها بتأنيب : نــور !

: اسفة بس هذا الواقع ، الحمدالله إنو بغداد تحبني وتدلعني ولا كنت كرهتها

نظر إلى هاتفه بتعجب قبل أن يعيده على أذنه ، يريد أن يتأكد أن من يتكلم معها هي اخته نور ، الطفلة الصغيرة
هل الأطفال يكبرون بسرعة فائقة في هذا الزمن ام ماذا ؟ !

رواية الــسَــلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن