الفصل التاسع عشر

99 3 0
                                    











[ الفصل التاسع عشر ]



دخلت إلى المقهى وقد شحذت جميع أسلحتها ..
قلّبت أنظارها في المتواجدين حتى رأته يجلس في أبعد طاولة عن المدخل ..
مشت إليه بخطوات هادئة لا يفضحها سوى صوت نقرات كعبها على الأرض ..

عندما اقتربت منه كان مشغول بهاتفه لكنه رفع رأسه عندما شمّ رائحة عطرها ..
نظر إليها نظرة خاطِفة حادة قبل أن يُشيح وجهه عنها ..

استاءت من تصرّفه لكنها لم تبدي استيائها وهي تلقي السلام قبل أن تجلس على الكرسي المقابل له
ردّ على سلامها بأسلوب جافّ : وعليكم السلام

نظرت إليه ، كان يعبث بهاتفه ولا ينظر إليها ، هو حتى لم يرحّب بقدومها أو يسألها ذوقياً عن ماذا تريد أن تشرب
من الواضح أن الأمر لن يكون سهل كما توقعت
قالت بعفوية مُصطنعة هي أبعد شيء عنها في هذه اللحظة : كيف حالك ، وكيف خالتو صفاء ونور

رفع نظره لها لثانية قبل أن يعاود النظر في هاتفه رغم أنه مُغلق لكنه لا يريد النظر إليها
هو متوتر من جلوسه معها بمفردهم هنا : بخير ، كلنا بخير ، دحين ايش الموضوع المهم اللي متصله فيني عشانه وتبغيني أقابلك هنا ؟!

: طيب ممكن ترفع راسك عن جوالك وتطالع فيني ، كيف حأتكلم معاك كذا !
قال بنفاذ صبر : وجدان اخلصي ، إش عندك

فكّرت في الأمر جيداً ودرسته من جميع النواحي ، وكلما فكّرت فيه تجد أنه مناسب وتقتنع فيه أكثر
خططت لكل ما تريد قوله ، لكن لحظة التنفيذ لم تكن سهلة ، أو بالأصح هو بالمزاج النزق البادي عليه لم يسهّل الأمر عليها

أخذت نفس عميق ، لا مجال للتردد هنا ، مستقبلها كله يعتمد على هذه اللحظة
عندما فكرت بهذه الطريقة شعرت بالهدوء يغمرها من الداخل ما جعلها تقول بنبرة واثقــة
: المثل يقول اخطب لبنتك قبل لا تخطب لولدك بس زي ما انتا عارف
ما عندي أب ولا أخ عشان يخطبوا لي ، فَ عشان كذا ، أنا بنفسي بعمل هذه الخطوة

سكتت وهي ترى الذهول والإستنكار وَ الرفــــــــض بادِ عليه
وبخبث مُستتر أخفته تحت إبتسامة بريئة مُطعّمة بالتردد أكملت قائلة : إيوة اللي فهمته ، ابغى اخطبك لنفسي ..

شعر أن عينيه ستخرج من مكانها من هذا الهراء
لم يرد عليها بسرعة ، كان ينظر إليها هذه المرة بتمعّن يحاول أن يستوعب ما قالته

قال بصوت منخفض لكنّه حـــــــاد النبرات : مجنونة إنتي ، مستوعبة إيش قاعدة تقولي لي
وجدان بثقة : ما عمري كنت مستوعبة زي دحين

بإستنكار : تبغيني اتزوجك ؟ !
وجدان : بالزبط

ما زال لم يستوعب ما قالته : لا حول ولاقوة إلا بالله
ثمّ وكأنه فكّر بفكرة جعلته يهدئ قليلاً ، قال : إنتي تقولي لي ذي الفكرة المستحيلة على أساس إني بنصدم وأرفض
عشان بعد كذا تقولي الشيء الحقيقي اللي تبغيه وأوافق

رواية الــسَــلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن