٥٤- حوار تلفزيوني

386 85 8
                                    

جلس مترأساً الطاولة الممتلئة لكن دون أن يكون لديه صوت فعلي فيما يحدث أمامه، موظفو الوكالة والفريق القانوني وعلى الشاشة مثلهم ممن يعملون في الوكالة التي كانت مي ران تنتمي إليها، كل هؤلاء يبحثون بجهد عظيم عن كيفية تمرير هذه الأزمة التي باغتتهم، بينما ظل هو يراقب لا غير.

لم يكن هذا أمراً اعتاده لكنه أمر فُرض عليه كثيراً خلال الفترة الأخيرة ولم يعجبه بتاتاً. وبينما كانوا يتناقشون إن كان يجب أن يصدر بيان صحفي آخر أم لا؛ نهض هاجون عن مكانه فتوقفت كل الأصوات وتحولت الأعين تجاهه، ترقب وقلق يساورهم... يستطيع قراءة ما يفكر فيه بعضهم فهو واضح وضوح الشمس.

اجلس صامتاً ولا تسبب المزيد من المشاكل!

ابعد عينيه عنهم وهو يقول لسوجين:
- سأذهب لأدخن سيجارة.

لم ينتظر رده ولم يهتم لمحاولة يو يونغ ابقاءه، وما إن أغلق الباب خلفه حتى عادت الفوضى داخل غرفة الإجتماعات وبشكل أقوى...

تقدم عبر الممر وتجاوز بضعه موظفين رمقوه بنظرات مشفقة وكلمات مشجعة لكنه لم يرد وهو يصل إلى زاوية حيث يسمح بالتدخين، منفضة سجائر واسعة وخاليه من الرماد وبقربها على الطاولة علبة ملئت بأنواع مختلفة، اختار أحدها عشوائياً ثم اشعلها وأخذ نفساً عميقاً منها بينما يلقي ببصره عبر النافذة.

نافذة كبيرة من ذلك النوع الذي يسمح لك برؤية الخارج لكن ليس العكس، أطلت من الطابق الخامس تجاه محيط المبنى الذي لا يزال محاطاً بالمحتجين والصحفيين. انقسم الناس لإثنين؛ جزء يقف معه والآخر ضده والصحفييون ينتظرون بكاميراتهم الموجهة تجاه المبنى علهم يحصلون على أي لمحه منه.

نفس آخر أخذه هاجون وعيناه لم تفارقا هذا المنظر الذي رأى مثله من قبل، لكن وعلى عكس المرة السابقة كان هو البطل الرئيسي والمسبب له. وعلى عكس المرة السابقة أيضاً لم يكمل سيجارته وهو يطفئها بعد نفسين فقط.

كان يفكر في العودة لقاعة الإجتماعات رغم كرهه للفكرة فهو قد اكتفى تماماً من ذلك الجو المزعج والذي يبدو للعيان قائماً على الإهتمام به وبمصلحته لكن باطنه يقوم على الحرص على مصلحة الوكالة وسمعتها ومواردها التي يكون هاجون مصدرها.

سرعان ما تغيرت وجهته حينما ترامى لمسامعه أصوات نقاشات قادمة من آخر الممر حيث يقع مكتب فريق العلاقات العامة. أراد تأجيل العودة فتوجه من فوره إلى المكتب المفتوح حيث تعالت مع أصوات النقاشات أصوات الهواتف الأرضية وهي ترن في الخلفية بالإضافة لحوار تلفزيوني قادم من شاشة معلقة على الحائط كانت هي أول ما وقع تحت ناظري هاجون حينما دخل.

توقفت النقاشات والتفت العيون ناحيته مجددًا، ما يزال الحوار مستمراً في الشاشة ولم تهدأ الهواتف عن الرنين لكن صمتهم سَهّل عليه تمييز ما يقال في ذلك الحوار على التلفاز.

11:45 PMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن