٢٢- الأوزة السوداء

460 95 14
                                    

شقت سيارة العمل الخاصة هاجون الطريق بعد انتهاءه من تسجيل برنامج استمر لما يزيد عن ست ساعات. استلقى على الكرسي المعاد ظهره للخلف وبقربه كوب قهوة كبير كان نصفه قد خلى، وعلى يمينه كان سوجين يناقش السائق عن وجهتهم. قال وهو يلتفت ناحية هاجون:

- للأسف لا يزال هناك بضعة صحفيين متمركزين أمام مبنى شقتك لذلك سنغير اتجاهنا عن هناك.

أكمل وهو يرسل رسالة بجهازه الأيباد: يبدو أنها ليلة أخرى من المبيت في الوكالة. ثم أضاف وهو يحول بصره تجاهه: هل أنت متأكد أنك ترغب بالمبيت مجدداً في الوكالة؟ يمكننا أن نقلك لمنزل والديك أو حجز غرفة في فندق.

أجابه هاجون دون أن يفتح عينيه: لا أريد إقلاقهما أكثـ...
لم يكمل جملته وهو يستعدل في جلسته فجأة وقد بدا أنه تنبه للتو لأمر مهم: مهلاً، أظن أنهما لا يعرفان بما حدث!
- هذا مستحيل، نصف البلاد تعرف!
- هما دائماً ضمن النصف الآخر.

قالها وهو يخرج هاتفه ليتفقد المكالمات والرسائل التي تلقاها في آخر يومين بعد نشر ذلك المقال، وقد خلا هاتفه من أي مكالمة من أفراد أسرته، أعاده لجيبه وهو يؤكد:
-بالفعل، لم يسمع أحدهم بما حدث بعد.

تقارب حاجبا سوجين باستنكار لكن الشاب أمامه لم يبدو مهتماً وهو يعود لجلسته المسترخيه كأن شيئاً لم يحدث. الكثير من الأسئلة غزت ذهن سوجين لكنه كان دائماً يذكر نفسه بالوعد الذي قطعه لهاجون حينما وافق على توقيع عقد مع شركتهم... أن لا يتدخل في حياته الشخصية.

استسلم في النهاية وحول بصره إلى النافذة المظللة والتي زادت من ظلمة الليل رغم كل تلك الأضواء التي أنارت الشارع.

نفس هذا الشارع أضيء تماماً بنور الصباح الباكر وقد غزته أمواج الناس والسيارات، ومن بينهم عبرت شون جا ممر المشاة وهي تتثاءب لتغطي فمها بهاتفها الذي كانت تقرأ منه.

ليلة بيضاء أخرى قضتها في المكتب برفقة فريق الدعم الذي عمل طوال نهاية الإسبوع لترتيب حوائط الحماية لكل عملاء الشركة، وبقيت شون جا برفقتهم حتى تشرف بنفسها على ذلك، والآن ورغم كونه يوم عمل رسمي إلا أنها استأذنت لتعود لمنزلها حتى ترتاح قليلاً.

عادت لتفقد المقال الذي كان مثل كثير غيره يبحث في "حياة غو ها جون الشخصية"، فرغم كون مشكلة المخدرات قد انتهت إلا أن ظهور هذه الحبيبة الغامضة والسرية التي احاطت بها جعلت الناس يحولون إهتمامهم لذلك "الفيل" الذي رافق هاجون منذ أن بدأت مسيرته لكن أحداً لم يشر إليه.

الكثيرون عبر الشبكة العنكبوتية أخذوا يبحثون بجد عن أي شخص قد يكون رافق هاجون في أي مرحلة من مراحل حياته، في المدرسة أو الجامعة، في الخدمة العسكرية أو العمل، ورغم الوقت والمجهود الذي تم بذله إلا أن لا أحد قد ظهر... كأن غو ها جون قد ظهر من العدم وبالتالي ليس لديه أي ماضٍ لكي يجدوه.

11:45 PMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن