فتاة تبلغ من عمرها ثمانية عشر عاما، وحين ابتسم الدهر لها على حين غرة من سنواتها العجاف، طرق بابها رجل طيب السمعه كريم الحسب والنسب،
لم تكن الفتاه مثل بعض فتيات اليوم تعلم كيف ترفض أو تتدلل، لم تكن تعص أمرا لابيها، ولا ترفض له طلبا.
أما ابيها ذلك الشيخ الذي قارب عمره من الستين عاما، رجل طيب رقيق القلب رفيقا لها وليس أبا فقط، لقد رباها على اخلاق حميدة اندثرت فى مجتمعنا مع اندثار الكثير من مثيلاتها، لم يكن ليفرض عليها زيجة لا ترضاها هي، وما كان أن يغتصب حقها كأغلب الآباء الذي يفرضون الرأي دون سؤال، ما كان منه إلا الاستشارة والنصيحه والنقاش، عرض عليها وفصّل لها ما جاء به طالب الود والحب وشريك العمر فى الحياة القادمة.اخبرها بأنه رجل فى ريعان شبابه بلغ من عمره الخامسه والثلاثون ولكنه لم يتزوج لأسباب كثيرة فصلها تفصيلا وزاد تفصيلا فى نقطة الزوجة الصالحة التى تحفظه وتصونه، وهو من أهم الأسباب التي ذكرها للوالد اثناء حديثهما وهو ما نقله الوالد لإبنته، بالإضافة الي قلقه وخوفه من مجتمع اندثرت منه صفات كثيره.
ما أتى به الى بابنا هو سيرتك الطيبه واخلاقك العاليه والتزامك يا بنيتى، وأنا قد جئت الان أعرض عليك طلبه، ولن افرض عليك رأيا اليوم أو غدا، ولكنى وبعد أن توفيت أمك قبل عامين أخاف عليك الحياة من بعدى وحيدة، ضعيفة مكسورة الجناح فى سجن الحياة المنيع، سانتظر ردك بعد يومين فكرى بهدوء ثم اتخذي قرارك.قالت: وماذا عنك يا أبي ما رايك أنت في ذلك الرجل
أهو جدير بثقتك، سيحافظ على أمانتك؟
قال: سأعطيك رأيا حين يهرب من عقلك التردد
ويضيع التيه الذي في عينيك.جلست مريم تناجى ربها وتستخير فى ما اتاها، هي لا تعلم شيئا عن الاختيار، وليست كما يقال فى ايامنا "مدردحه" هي فتاة طيبه ذات سكينة ووقار إلا انها لا تريد لحياتها عيش التعساء فى الدنيا تريد رغد الدنيا وجنان الاخره، تريد رجل يجلب لها السرور دنيا ويعينها على طاعة الله دينا، وما سمعته من اخبار عن مصطفي كان كل ما تستطيع ان تطلبه من صفات فى شريك حياتها، رأت فى نفسها القبول فقررت الموافقه.
ستجيب والدها بقبولها العرض دون شرط لها
الا أن يحفظ لها عهدالوفاء بينهم، إما عيشة بمعروف او تسريح بإحسان.
بعد يومين وبعد تناول الافطار مع والدها الحاج صالح السعدى حدثته عما فى خاطرها نحو ما قد طلبه والدها فبادرت ابيها الحديث.اوافق يا أبي إلا أن يكون لك رأي اخر، اوافق به زوجا على ان يصون عهد الزواج في ان يحافظ على امانتك وان يراعي الله في.
أنا يا ابى لا انتظر قصة حب كى تكتمل لأنال فارس أحلام من وحي خيال.
انا فتاة ربيت على الصدق والعفة والحياء
ليست خبيرة فى النوايا ولا أعرف بلغة الاشارات أو تلميحات العيون، أنا لست إلا فتاة عاشت بالفطرة حياة عادية دون مقدمات كالعديد من الفتيات فى قريتنا.
أعلم يا بنيتى وحبيبتى ولكنى أخاف عليك من عطب الحياة ووحدتها وشهابها المحرقه، تسقط القوي قبل الضعيف، لقد سألت عنه جميع من يحيطون به من جيران وعلمت انه يسكن وحيدا فى بيت والده، لا يعيبه شيئا كما أخبروني صاحب اخلاق، وطيب السيرة، وميسور الحال.
أنت تقرأ
أحاديث المساء(قصص،خواطر،مقالات، قصائد)
Randomحرفٌ يكتبما تحدثه به الظنون، وحرفٌ يكتب من خيالات الشجون، وحرفٌ يرسمُ الحركات قصصا وحكايات، وحرف ثار على ما لايُريد فمات. هنا بيت القصيد، وبستان يفوح من عطر حروفه، هنا المعاني والسحر والدلال، هنا الشجن ودموع الحنين.