مقال بعنوان نحو تحقيق حياة طبيعية سعيدة

8 2 1
                                    

لاشك أن الجميع منا يسعى الى تحقيق سعادته فى الحياة الدنيا على كل اوجهها، متخذا فى سبيل ذلك بكل الدوافع والاسباب التي تؤدي الى ذلك، فهناك من يعتقد بان الحياة الطبيعية السعيدة تتطلب فقط الحصول على المال وتوفيره، بمعنى آخر الغنى، وتحصيل اكبر قدر يستطيع جمعه من الأموال ليزيد من اسباب الرفاهية والراحه، ولكنه رغم كل ماجمع من المال لم يستطع توفير سعادتة المرجوه، فالانشغال الدائم لتوفير ما يستطيع من اموال يجعله طيلة الوقت فى كد وتعب وارهاق مستمر، منشغلا بذلك كليا فى تحصيل المال مما يعود عليه بمردود عكسي فلا يسعد كما كان يظن حتى وان شعر بالسعادة فهى لحظية تزول بعد فترة وجيزه ويبقى شعوره بالشقاء ملحا عليه.
تصبح غاية جمع الأموال هي الغاية الكبرى له وليس السعادة التى كان يرجوها ويسعى اليها، لقد أصبح مقيدا ومأسورا لما يلزمه بذلك من تكريس الجهد ومضاعفته وقضاء اوقات مضاعفة فى سبيل ذلك.
فتضيع السعادة طوال فترة تحصيله للاموال، ويصبخ تعيسا على اقصى الاحتمالات، منعزلا ومهموما، مضيعا لكثير من الاوقات التى كان من المفترض عليه قضائها مجتمعا بأهله واسرته واصدقاءه، معللا ذلك على ماكان يتطلبه الامر فى سبيل حصوله على المال الوفير الذي يشعره بالسعادة، ظنا منه بان جمع المال وحده هو السبيل الاوحد لتحقيق السعادة مكتمله.
يخطيء من ينظر للسعادة من منظور واحد ثابت، لأن السعادة لها اوجه عديده، ومن يريد تحقيق السعادة التى ترضيه، أو الحياة الطبيعية وجب عليه الأخذ بأسبابها المتعدده دون أن يطغى جانب على جانب آخر.
اولا: السعي فى توفير المال اللازم لاستمرارية الحياة دون الحاجة للغير، السعي بجد من خلال عمل مناسب يستطيع من خلاله تحقيق قدر من الكفاف لنفسه ولاسرته ومن يعول، مع اعتبار ان الحاجة هى اول اسباب الهم والشقاء.
هنا نريد ان نتوقف قليلا، تحصيل الاموال الازمة للحياة وكفاف النفس عن سؤال الغير تسترعي منا الانتباه فى اختيار عمل مناسب لذلك، أو المفاضلة بين ما يكون انفع للنفس وللمجتمع، عمل نافع يعود على الجميع بالنفع، وليس الانخراط الدائم ليلا ونهارا فى تحصيل المال فقط، بل علينا تنظيم اوقاتنا قدر المستطاع ما بين العمل والاهتمامات الاخرى.
ثانيا: الجوانب الاجتماعية وأولهما وأولاهما فى الحياة الاسرية والمحيط الاقرب فالاقرب، بمعني الاسرة والاصدقاء ثم الجيران ثم المجتمع باكمله.
علىكل انسان يعيش حياة طبيعية أو يرجوا ان يتحصل على الحياة الطبيعية التى تحقق له قدرا من الراحة النفسية والسعادة أن لا يقصر فى الحقوق والواجبات تجاه اسرته واصدقائه وان لا يترك نفسه طوال الوقت بعيدا عنهم غير مهتم سوى بتوفير المال، ظنا منه بان المال هو السعاده.
وجودك بين بين اسرتك، لوقت كاف كل فترة ليس فقط واجب ديني او اسري او مجتمعي، بل إن من اكبر الدوافع الى تحقيق اسباب السعادة والراحة النفسيه هو الانخراط كفرد من الاسرة دون انعزال تام ودائم، الشعور بهم وحديثهم اليك وحديثك اليهم يحرر نفسك من الوحدة ويجلي قدرا كبيرا من اسباب الهم والكدر والاكتئاب لأن الوحدة ياسيدي والروتين الدائم دون تغيير هى اول طريق يسلكه العقل الى ابواب الحزن والاكتئاب، لذلك لاتبتعد قدر المستطاع عن اسرتك واصدقائك، لا تكن وحيدا فتشقىٰ.
إن فى سعادة من حولك ممن تهتم لحالهم هي اول بشائر السعادة اليك.
الشعور بانك ألة صماء خلقت لجمع الاموال وتحصيلها فقط، يسكن فؤادك اليأس دون رجوع لذلك، لابد من الموازنه بين الحياة الاجتماعية والحياة العملية، فلا يمكن ان تكون هناك اسرة سعيدة واركانها متفككة ومنعزلة عن بعضها البعض كل فى واد يهيم.
لايوجد سعادة فى اسرة تعيش رغد الحياة من نعيم وترف دون الترابط الاسري المرجو لجميع افرادها.
التفكك الاسري هو اكبر الاسباب لزوال سعادة أي شخص، فلا يمكن ان نسعى لتحقيق سعادة بمال فى اسرة متفككة اصابها اليأس والقنوط والحزن من ذي قبل، قبل ان نجتهد اولا فى لم شملها واعادة ترابطها السليم.
إن الاموال قد تجلب لك السعادة فعليا، وبصورة كبيره ولكن استمرار السعادة لا يكون دائما، قد تكون لحظيه واستمرارها يتطلب منك ترتيب أمور أخرى.
الشعور بالملل والسأم نتيجة جفاف المشاعر والشعور بالوحدة والانعزال، أو الشعور بعدم الرضا الدائم بعد زوال كل لذة.
إن وجود مشاعر الحب والمودة بين افراد الاسرة هو السبيل الى الطمأنية ومن ثم تتحق معها قدر كبير من السعادة الدائمة، قد يشوبها فترات من الشقاء والهم ولكن سرعان ما يزول بالصبر والرضا.
لذلك علينا الاخذ فى الاعتبار بأن أولى أسباب السعادة وأخرها تتحقق فى مقولة «الرضا سر السعادة كلها».
وهنا نذكر ايضا (اهم جوانب الحياة الطبيعية واحد اسباب السعادة فيها هو الترابط الأسري القائم على الحب لا المال).
ثالثا: بيئة العمل ونوعه
قد تكون بيئة العمل ونوعه واهميته لدى الفرد والمجتمع هي احد اكبر الاسباب واهمها فى حياة الفرد والتي تجلب له قدرا كبيرا من السعادة والراحة النفسيه والرضا.
ماذا يقدم وما هي الفائدة التى تعود على غيره وما هي اهمية ذلك.
اذا نظر كل فرد منا بعين فاحصة لأهمية ما يقدمه من عمل تجاه المجتمع وقدر النفع الذي يعود لذلك لأوجد فى نفسه سعادة وحب اغفل عنهما، فسعادة الانسان تتحصل فى اغلب الاوقات فى سعادة الاخرين ونفعهم.
كلما زاد قدر نفعك للناس، زادت سعادتك، واليد العليا خير من اليد السفلى.
إقامة مشاريع تساعد فى توفير فرص عمل للمثير من الناس بما يعود على اسرهم بالنفع من أحد سبل السعادة لكثير من الناس.
كذلك التعليم الذي يذهب نوره ظلام الجهل وبه تبنى الأمم وترتقى الدول وتكبر بين نظيراتها من الامم والمجتمعات، العلم اساس كل شيء.

رابعا: الفقر هو أحد اسباب الشقاء وليس وحده الشقاء بعينه، كذلك الغني هو احد اسباب السعادة وليس هو السعادة نفسها، فكم من فقير تسكنه السعادة ويسكن إليها، وكم من غني بالمال شقي لا سعيد.
لابد من حياة بشرية يعيشها الفرد بكل جوانبها، وليس فقط تحصيل المال، كلما فقد الانسان من إنسانيته قلت سعادته وزاد شقاؤه.

خامسا: الرضا والقناعه
ولكي يتحصل الانسان على القناعة والرضا لابد من ان تسمو روحه وتزهد فى الكثير من الامور الفانية فى الحياة الدنيا، فكلما تعلق للقلب بالدنيا وما فيها تعلقت روحه باسباب كدرها وشقائها، ولا يتحصل من اسباب الراحة على شيء.
علاقة الانسان بخالقه ومدى التزامه ورضاه عن نفسه فيما يفغل من صواب او فيما يخطيء فيعود مستغفرا.
فالرضا فيما تفعل وان تقنع بما تحصل، ان ترضى عن ذاتك وتقبلها بكل ما فيها من سرها وسريرتها، وظاهرها وباطنها، فلا فائدة من سعادة ظاهرية تحمل بين جنباتها هموم القنوط والهم، والتى تلقيك فى أرض التيه والاحزان.

#نحو_حياة_طبيعية_سعيدة
#كرم_محمد_حربي

أحاديث المساء(قصص،خواطر،مقالات، قصائد) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن