الفصل 42:

87 6 0
                                    

*

سبحان الله وبحمده عدد مافي الأرض وعدد مافي السماء وعدد ما بينهما وعدد ما بعدهما ...

سبحان الله العظيم ملأ مافي الأرض وملأ مافي السماء وملأ ما بينهما  وملأ ما بعدهما ...

لا إله إلا الله وحده لا شريك له عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون ...

الحمدلله حتى يبلغ الحمد منتهاه ...

الله أكبر كبيرا عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات الطيبات المباركات ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ...

لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ...

اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين عدد ما كان وعدد ماسيكون وعدد الحركات والسكون وعدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الذاكرون ...

*
*
كانت حبيبته وزوجته بين أحضان آخر ...
تارة يعانقها وأخرى يلاطف وجهها ...
وهي تترنح بين شوق وحياء وعشق فضحته مقلتيها ...
ترنح جواد وجانبه الأيسر يعلن الاحتضار ...
ارتجفت قدماه وأبت حمله فسقط أرضا ...
تسارعت أنفاسه مختنقا ...
تحجرت الدموع في مقلتاه لاهو الذي بكى وافرغ القليل من فيض ألمه ولا هو الذي قسى ونهض ليقتص من قاتليه ...
مرت خمس دقائق حتى يتحجر قلبه لصوان ...
نهض والدم يغلي في عروقه ليس وقت الصدمة ...
رغما عن حطام مشاعره ...
تحرك...
لن يرضى بأن ينتهك شرفه وقبلها حرمة الله في بيته ...
حمل معه عصى غليضة  كان محتفضا بها تحت كرسي السائق في سيارته واتجه نحوهما ...
كانا متشابكين في عناق ...
هذا المنظر جعله لا يرى أمامه سوى دمهما مسفوكا ...
تقدم بغضب ليضرب العاصي منتهك حرمته أولا عدة ضربات موجعة حتى اسقطته أرضا يتلوى كالثعبان وجعا...
ثم وجه نظره للخائنة التي كانت تصرخ لا يدري لما ... أهو صدمة لأنها كشفت أو لخوف على حبيبها ...
تقدم وداخله قهرا أعظم من كل قهر ...
أمسك شعرها بين يديه وهو يحس أنه سيستفرغ من ملمسه على يده...
افلتها بسرعة وأنفاسه متسارعة ...
ضربها كما فعل مع الآخر وهي تئن وتصرخ مناجية المساعدة ...
كان لا يرى ...
كان لا يوقن ...
يحس نفسه أنه في حفرة من نار تأكله من كل صوب ...
تتألم كافة خلاياه كأن مجموعة من الإبر تخرم جسده جماعة ...
نفسه يضيق كما لو يتنفس من خرم إبرة ...
صرخ مرارا ... لعل قهره يقل ...
لكن هيهاات ...
كان يضربهما تارة ويرفسهما بقدمه أخرى ليصرخ في ثالثة وكل هذا لم يرحه ...
قذف الشيطان فكرة ابتسم لها هو مؤيدا ...
هرول مسرعا لمنزل والده وتحديدا للمكتب مستكشفا  رفوفه بجنون باحثا عن شيء ينهي به العاهران المتواجدان في بهو منزل أبيه ...
حمل المسدس بيدين مرتجفتين ...
لا لم تكن فقط يديه وإنما كامل هيكله من رأسه لأخمص قدميه يرتعش ...
والسبب ... تعدد ... لكن المنحور واحد ... المقتول واحد لا ثانية له ...
يرتجف ربما خوفا ... غضبا ... قهرا ... غدرا ... خيانتا ...
كل تلك المسميات صداها يفني قبل معناها وأثرها ...
ارتكز بيداه على المكتب ليحرر مطر عيناه أخيرا ...
شهق ... زفر ... تأوه ...
حتى سقط أرضا " يا رب رحمتك " نطقها بين الكثير من التمتمات المرافقة المترجية من رب الكون العون ...
ضرب صدره مرارا وهو يأن بوجع ...
كيف له ... هو الشامخ أن يحدث له هذا ...
كيف له ... أن يستسلم ... أن ينهار ... أمام أي شيء مهما كان ...
احتقر نفسه وشتمها ... قرف ضعفه ولعنه ...
كره إنهياره ودمعاته  وأناته ...
ضرب يده للأرض حتى أدماها في محاولة منه أن يستعيد رباطة جأشه ...
بعد دقائق كان قد انتظم نفسه واستعاد تحكمه في قدميه ...
رفع نفسه من البلاط البارد بتثاقل ...
وهو يتجه مترنحا إلى مسرح الجريمة المرتكبة في حقه ...
كان يمشي مطأطأ الرأس يتبع قدميه أين أخذته ...
وبين الفينة والأخرى يسمع منه زفير طويل وتمد يده لتمسح على وجهه ...
أفاق من شتاته بسبب اليد التي أمسكته من ياقة ثوبه ... واذ به والده يهزه بقوة و هو يسأل عن السبب الذي جعله يضرب زوجته بهذه الطريقة حتى تصرخ بكل هذه القوة التي على إثرها أتو جميعا من المنزل مهرولين مفزوعين لهنا ...
نظر نحوه بعين فارغة ...

ما بينَّ الأيام ... بقلم: بسمة اللوتس.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن