٣٣

53 5 148
                                    


طرق الباب، مرة ثم الثانية تعقبها الثالثة، وفي الرابعة يُدرك إنها لن تجيبه عمّا قريب، وإنها لن تتحرك وستستمر بحبس نفسها هنا.. هي في الأمس لم تسمح له حتى لسؤالها عمّا حدث معه وما مرت به وكيف هربت من والدها؟ ولماذا كانت تبدو منهارة وتبكي! اعتذرت منه واخبرته إنها ستسافر دون ان يفهم اي كلمة مما كانت تقوله لكنه تمسك بها ومنعها من التحرك.. لم يكن ليسمح لها بالمغادرة والاختفاء هكذا بكل بساطة! لكنه لم يفهم سبب اصرارها على ذلك.. دارت في عقله عشرات الافكار لكنه لم يستطيع ان يعقل أي واحدة منها سوى فكرة ان والدها قد اجبرها على القيام بهذا..

وفي الختام كانت قد دخلت اول غرفة صادفتها بعد وصولهم المنزل واغلقت الباب بالمفتاح ولم يستطيع التحدث معها منذ الأمس، في الحقيقة لقد ظل جالسًا في المطبخ الذي كان مجاورًا لتلك الغرفة طوال الليل خوفًا من فكرة ان تغادر في منتصف الليل وتختفي دون ان يدرك.. وظل حتى الفجر وكان ينوي مواصلة البقاء حتى تفتح الباب لولا أن ناي قد ظهر فجأة وكان قد اتى لشرب الماء فجرًا.. وظل يرمقه بنظرات مزعجة وهو يبتسم مشيرًا الى الغرفة المجاورة كأنه يقول: لقد فهمت! ما جعله يضطر على الصعود للاعلى والتصرف كأنه كان قد أتى لشرب الماء مثله!

ومجددًا لازال ناي يثير استفزازه حيث كان يتكى بظهره على الممر وهو يراقبه باستمتاع كيف يطرق بابها منذ الصباح دون اجابة، فيلتفت تشانيول صدفة واذ به يُفزع للمنظر هذا فيضع يده على قلبه لشعوره إنه كاد يسقط من شدة الصدمة للتو.

لكن ناي يزيد على ذلك ان يضحك ويضحك حتى يتوقف اخيرًا فيتحمحم ويقترب من تشانيول بطريقة كانت مريبة بالنسبة له:

سأساعدك لكن.. ساعدني بالمقابل!

تلاقت حاجبي تشانيول باستغراب واستنكار وظل يرمقه بنظرات مترددة ليس فيها أدنى ذرة من الثقة لولا أن ناي قد اجتهد في محاولة أقناعه بينما يهمس بطريقة أوضحت كم كان هو في ورطة كبيرة كحاله بالضبط:

أسمع لقد تفوهت بشيء غبي للتو و.. وايت تخاصمني ولا املك اي فكرة عن كيف سأعتذر منها.

اشار تشانيول إليه وقد تزاحمت ردود الفعل السعيدة والمصدومة والشامتة في ملئ تعابير وجهه كلها في آن واحد، فيسقط فكه في صدمة تخللتها ابتسامة مليئة بالحقارة وهو يكاد يخيم هنا لتأمل كم كان مظهر ناي المهزوم قادرعلى جعله ينسى جميع همومه، فلم يمانع في التكتف وهو يستند على الجدار بجسده مثلما كان يفعل ناي منذ قليل فيهز رأسه عدة مرات وهو يقول: رائع! مليء بالروعة!.. قل لي الآن اماذا قد اساعدك؟ صحيح هذا لان علاقتي بوايت جيدة على العكس منك أيها الغبي!

طريقته الواثقة في الحديث قد استفزت ناي بشكل جعله ينوي الانسحاب لحفظ آخر ما تبقى من كرامته لكن نظرًا لان كاي وجيني قد رفضا مساعدته سابقًا بل وقد وبخاه للمرة الثانية فهو يعلم ان تشانيول كانت فرصته الأخيرة، لكنه ياخذ نفسًا عميقًا بنية الاستعداد لتحمل كل هذا الذل القادم لكنه فجأة يدرك أمرًا ما فيقول:

أسفوديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن