٣٦

73 5 119
                                    


فزّ من نومه مضطربًا، استغرق منه الأمر ثانية واحدة حتى نهض ورفع جسده فورًا في تروع وعدم ارتياح، وفجأة دب ألم مريع في بطنه أجبره على السقوط الى الفراش من جديد.

فُتح الباب بأندفاع وظهرت من خلفه جيني التي توجهت نحوه فورًا وهي تسأله لو كان يشعر بالألم، لكنه كان يحدق بالسقف والدموع حبيسه في محجريه، إذ سرعان ما هز رأسه يمينًا ويسارًا في غير تقبل فيستوعب حجم المصيبة ويعجز عن كتم أنينه فصار يدوي في الغرفة وهو بلا أي أمل قد يردعه عن بؤسه هذا.

-كاي.. اسمعني، تشانيول حقًا بخير! صدقني!
حاولت ان تطمأنه لمرات لا تحصى، رمت على اذنه بضعة كلمات اخرجتها وهي تكتم بكاؤها، من الصعب عليها تخطي ما حصل لكن هذا لا يساوي شيء من مقدار ما عاشه هو.. اطلاقه لتلك الرصاصة التي اصابت اخيه.. ثم تلقيه لرصاصة طائشة عوضًا عنها، رصاصة حقيرة القاها سواريت في الوقت الذي هجّ الجميع للهروب فيه لكنه في الوقت الذي يفترض به ان يلوذ بالفرار ما منع نفسه من الرغبة في قتلها! كأنها هي الرغبة الأخيرة التي قد ينفذها حتى وهو يُحاصر من قبل قوات الشرطة! فتكون هذه الرصاصة هي المحطة الأخيرة التي وصلها كاي بقدرته على التحمل فأنه بعدها لن يصير قادرًا على تلقي اي شيء او التحرك لتنفيذ أي شيء، فيالها من رصاصة بارعة عرفت أين تسقط ومن تصيب وفي أي حين.

كلما استرجع عقلها ذلك السيناريو أحست بالألم يقبض على قلبها..كانت ثانية واحدة هي التي فصلتها عن الموت! لكنه يحجب عنها تلك الرصاصة مثلما لو كان مجرد سترة نجاة بلا روح لها لخسارتها.. لا تعلم كيف او متى لكنه ظهر! ظهر حتى يفترش حضنها للنوم، ظهر وأذ به لم يأتي لمعانقتها أو لأخبارها ان كل هذا كابوس وانتهى.. الكابوس كان ماثلًا أمامها عندما سقط عند اقدامها مثل جثة وغارقة في دمائها، جثة بلا رغبة لمواصلة العيش!

مرت خمس أيام منذ الحادثة، ولازال كاي يبدو مثل شخص أحُتجز هناك الى الأبد، كان من الصعب عليها رؤيته حاله هذا لخمس أيام وهو يبدو هلعًا، حزينًا، بائسًا.. وعاجزًا عن التصديق! كانت تراه كيف يستقظ فرعًا فجأة.. ويتكرر هذا عدة مرات كأن كابوسه يواصل مهجامته كلما عاد للنوم.. ونظرًا لكمية المسكنات التي كان يعطيها له الممرضات فكان يظل نائمًا أغلب الوقت وما أن يستيقظ حتى يتحول حاله الى هكذا..

رغم أنها أخبرته في أول مرة استيقظ بها، اخبرته انه لم يقتل أخاه، وانه لازال حيّا وأنه كان مجبرًا على فعلها، وإنه كابوسًا وأنتهى!
لكنها مهما اخبرته أنه لم يفعل كما يظن او ظن، وأكدت له انه لازال يتنفس، ولازال راغبًا بالعيش! إنه لن يتركه الآن ولن يتركه بعد الآن! لكنه ظل مقتنعًا في داخله انها تحاول أخراجه من حزنه هذا بأيهامه إنه مخطئ، حيث أنه كان يكرر سؤالها في كل مرة ان لماذا لا يستطيع رؤيته إذًا ولماذا هو بعيد عنه! فيقول:

أسفوديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن