#سوار_الذهب
الفصل الاول
مقدمة
سنة برسيما
في أواخر خريف سنة 1879
هطلت امطار غزيرة عنيفة لم يشهد لها العراق مثيلا
واستمر الهطول سبعة ايام بلياليها
واستبشر الناس خيرا وفي القرى العربية والكردية في الموصل بدأ الناس بشراء الاغنام
كل من يملك ليرات ذهبية من اثرياء الريف حولها الى اغنام
وارتفع سعر الاغنام حتى وصل في بعض القرى الى مايعادل ربع ليرة ذهبية لكل نعجة خصوصا النعاج المعاشيروبدأ الشباب بخطبة الفتيات
وطبعا في كل الاتفاقات يكون اتمام الزفاف اما ببيع الفطمة والفطمة هي بيع الخراف في بداية الربيع او مع نهاية الحصاد وبيع محصول الحنطةلكن مالم يكن بالحسبان هو ان هبت على العراق كله عواصف ساخنة جففت الماء حتى لم يعد في الارض غير التراب ثم جاء الشتاء باردا قارصا جاااافا عنيفا حتى قتل الاغنام في حضائرها وتجمد نهر دجلة حتى اصبح الرجل يدفع طاسة الماء من هذا الجانب الى الجانب الثاني ولم يعد يستطيع اهل القرى الحصول على الماء الا اذا حفروا في وسط مجرى النهر ليستطيعوا نقل الماء لبيوتهم التي اصبحت شبه خاوية من كل غذاء غير لحم الأغنام النافقة والتي يذبحها صاحبها
بأخر رمق ثم تقوم النساء بخزنها مع الملح في جرار مزججة وياكلون منها مع ماتبقى عندهم من طحين ولاشيء آخر
اما الفقراء الذين كانوا يعيشون على الدجاجة والبطة والعمل عند الاغنياء يوم بيومه فقد بدأ الموت يخيم على اكواخهم المتواضعة
وانتهى الشتاء القارص بكل صعوباته بعدما نثر المزارعون اخر مافي مخازنهم من بذور متاملين عودة المطر
لكن المطر لم ينزل ابدا
وجاء الصيف جافا من اي عود قش في كل تلك الاراضي الشاسعة من شمال العراق الى وسطه وجنوبه
وهب الاكراد هابطين من الجبال الى الموصل ووصلوا الى بغداد واغلبهم لايعرفون اللغة العربية
فكانو يطرقون الابواب ويرددون كلمتين فقط
(از برسيما)
وتعني انا جوعان
واطلق القنصل الانكليزي اسم برسيما على هذا العام واصبح اسمه عام برسيما
وقد ساهم القنصل الفرنسي في الموصل بمساعدة الناس حيث ذكر علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق حيث ينقل نص رسالة القنصل الموجهة الى بلدة قائلا: لقد تحول القحط الى مجاعة ... وترك الناس الارياف وقراها موليين وجوههم شطر مدينتنا بحثا عن رغيف عيش وجميعهم ينتمون الى الطبقة الكادحة ويتضورون جوعا.
وفي كركوك واربيل حيث ارسل القنصل البريطاني في كركوك برقية الى لندن يطلب الاستغاثة والعون وجاء في البرقية :الغوث ...الغوث وعلى استعجال الوفيات كثيرة الاطفال يباعون ويشترون او يتركون تحت رحمة الاقدار الجياع ينحدرون من الجبال كالسيل العرم
في تلك الضروف الصعبة وكما هو الحال عند عرب البادية الذين يعيشون على السلب والنهب تبدا قصتنا
قاطع الطريق