الفصل العاشر نعومة افعى

139 23 19
                                    

#سوار_الذهب

الفصل العاشر

نعومة افعى

سألني احدهم
كيف اعرف نفسي اني ظالم
قلت
عندما ترى ان مافي يد غيرك هو من حقك وتسعى للحصول عليه بكل الوسائل القذرة
وتسحق في طريقك كل شيء فأنت ظالم

                ^^^^^^^^^^^
في ذلك اليوم فرح الناس كثيرا
ففي البادية يكون الفرح قليل لهذا حين يحصل فرح في احد البيوت يذهب الجميع وبلا دعوة احيانا ويفرحون حد الجنون
ويفرغون كل طاقتهم في الرقص والدبكات او ماتسمى
بالدحة وهي نوع من انواع الرقص الخاص بالبداوة وبعض القرى
وهي رقصة امرأة محجبة تماما وملثمة تحمل بيدها السيف امام رجل توحي الرقصة
ان الرجل يريد ان ينقض على المرأة والمراة تحافظ على نفسها بالسيف ولاتعاب المرأة في هذه الرقصة الا اذا كانت تلبس شيئا يخرج صوتاً كالخلخال ذو الاجراس
فيكون هدفها صيد رجل وليس رقص محتشم هدفه حث البنت على الدفاع عن نفسها مهما كانت قوة الرجل
ووالناس يجتمعون حولهم بدائرة كبيرة يصفقون ويخرجون صوت تشجيع بأفواههم مع ضربة قدم على الارض وصفقة يد مع بعضهم بوقت واحد وهم يقولون دحاهو دحاهو
واذا استطاع الرجل لمس اي شيء من المرأة يخرجوها وتدخل امرأة اخرى واذا استطاعت المراة لمس الرجل بجانب سيفها الذي في غمده احيانا يخرجونه ويدخلون
رجل غيره وهكذا وقد يعاب الرجل الذي يخرج من امام امراءة عن طريق المزاح

وانتهى احتفال الناس وذهب من ذهب ونام من نام وحاول حسين ان ينام فلم يستطع
كانت مشاعره مشتتة لايعرف هل هو فرحان ام متوجس ام خائف ام متوجع
انتابه شعور عنيف بالألم عندما فكر بابيه شعر بوجع في معدته وهو يقول لنفسه تُرى ماذا سيفعل اكثر مما فعل ؟
لقد فاته ان يتخيل ردة فعل اب بدوي مال بقلبه عن الصواب وهو شيخ عشيرة كبيرة
ولقد كان للأب سطوة كبيرة فمابالك بشيخ
وحسين عصى والده وشيخه
ثم جلس يحاول ان يتذكر غضب ابوه
وجد ان ابوه لم يغضب ابدا الا منذ ان تزوج گرجية
تذكر ابوه قبل الزواج كيف كان
وتذكر ان كل غضبه كان على الشيخة درة
تلك المرأة العاقلة الرزينة
ذات الصبر العظيم وذات الخلق الكريم
التي لم تعرف يوما اللف والدوران بل انها تقول ماتفكر به ببساطة وتحاول دوما ان تكون كلماتها خفيفة تحمل طابع النصح
وكان غضبه كله بسبب دسائس گرجية ضد امه
ثم فكر بأخلاق گرجية وتذكر تفاصيلها واستغرب بحق الفرق الشاسع بين الاثنتين
وذهل كيف لأبوه ان يفضل امراة مثلها على امه درة تلك السيدة التي مازالت تحتفظ بجمالها رغم سنينها الخمسين
ثم نهض وخرج وجلس امام المضيف على جنب بابه وشاهد من بعيد ضوء فانوس يتأرجح ضوئه على الرمال بيد شخص مبتعدا عن البيت شك ان احد النساء خرجت للخلاء واستغرب اخذها للفانوس معها فمن يذهب للخلاء لايأخذ معه فانوس كي لايكشفه للناظر من بعيد
وشاهد الفانوس يرقد على ربوة ليست ببعيدة وان السيدة التي تحمله جلست يمينه وضهرها للعرب
وسرحت بنظرها بعيدا الى تلك الصحراء الواسعة الهادئة المزينة بالنجوم الكثيرة جدا حتى يتصور الناظر لها ان السماء ستهطل عليه نجوما
لايعرف كيف ولا لماذا شعر ان هذه هي المها ربما تمنى ان تكون المها
وربما قلبه المتعلق بها اخبره
فنهض مسرعا ومشى اليها بحذر
حين اقترب منها شعرت به التفتت خائفة
واذا هي المها فعلا
فضحك وكادت ثيابه ان ترقص فرحا
وسلم عليها ابتسمت وذهب وجلس يسار الفانوس بالنسبة للناظر اليهم من قرب المضيف
وبارك لها عقد القران وقال لها
_اتعرفين لو ان ابي وافق على زواجنا كنا سنكون الان قد تزوجنا منذ شهر تقريبا
وكنا قد اصبحنا مثل هؤلاء الناس
لكن رفض والدي جعل حبي لك يزداد اضعافا مضاعفة لا اعرف لماذا ربما خوفي بلحظة ما اني فقدتك
قالت له بهدوء وخجل وفرح مكبوت وقد امالت براسها تجاهه حتى كاد خدها اليمين ان يلامس ضهر كفها الموضوع فوق ركبتيها المضمومتان الى صدرها
_هل تحبني؟ نظر اليها كان كان ضوء الفانوس يسقط على نصف وجهها العلوي فقط
  فحمل الفانوس ورفعه الى مستوى وجهها
وقد اعتدلت وقال لها  وهو مبتسم  وعينيه تحكي الف قصة وقصة
_اشعر اني احبك من قبل ان اخلق وتخلقي
ينتابني شعور انك دوما كنتي في قلبي
وانك ممزوجة بلحمي ودمي وأني لا املك روحا انما هي روحك في جسدي
واني من قبل ان اخلق اعرف تفاصيلك الصغيرة كلها بل اني اعرف حتى أماكن تلك الشامات الموزعة في جسدك
واعرف ماذا تحبين وماذا تكرهين ينتابني هكذا شعور .
صمت ونظر اليها وقد كسى الخجل وجهها واطرقت براسها
ابتسم كان قلبه يطرق صدره بعنف تمنى ان يحتضنها لتهدأ ضربات قلبه الملهوف اليها
ثم سالها بصوت يذوب عذوبة كأن روحه ترفرف فوق الكلمات
_هل تحبيني انتي
تلعثمت واضطربت واحتارت كيف ترد
ضحك وقال لها
_ اهدأي واحكي لي فقط بماذا تشعرين
قالت انا لا اعرف كيف اقول كلام جميل  مثلك
لكني اشعر اني فرحانة فقط
فرحة تشبه فرحتنا حين يقولون غدا العيد
ضحك ضحك لايعرف مالذي يضحكه لكنه ضحك من اعماق قلبه وضحكت معه ضحكة خجولة ساذجة
حاول حسين ان يعرف عقل الفتاة او يفهم منها كيف هي حثها على الكلام وتحدث معها قدر ساعتين تقريبا فتوصل الى ان الفتاة ذكية جدا فوق جمالها الباهر وجاذبيتها الفريدة
لكنها جاهلة صغيرة لم تتعلم اي شي
قال في نفسه وهو ينظر اليها ووجهه مبتسم
_ ساعلمها وسأجعل منها رفيقة عمري
يا أجمل عمر انتي .
ومد يده ليمسك يدها فجفلت جفلة العذارى وسحبت يدها
قال لها انا حلالك وبعد ايام ستصبحين زوجتي مدت يد ترتجف وامسك اصابعها وشعر انه يملك العالم كله رفع راسه للسماء شعر أن النجوم تشاركه فرحة قلبه فقد زاد بريق انوارها واصبحت اكثر قربا من الأرض
حتى يكاد لو انه رفع يده سيمسكها

سوار الذهبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن