#سوار_الذهب.
الفصل ال36
فزة فضة
لم يوافق عگاب على ارسال ابنته الكبيرة چنار (چنوة)
الى بيت جدها لأجل التعلم فقط فالعربي قلما يهتم بتعليم الانثى حتى اذا كان من الامراء خاصتاً في ذلك الزمن
صحيح انه نفذ رغبة فاطمة وارسل ابنته لبيت جدها لأجل ان تتعلم
لكن في حقيقة الامر
كان عگاب يخطط لتزويج ابنته چنار من سوار
ولحكمته ومعرفته بطبيعة الرجل أدرك ان ابنته اذا بقيت متاحة لسوار وامام عينيه لن يفكر بها اصلا فالرجل بطبعه غالبا يحب الابهار ولايمكن لشخص ان يُبهر بشيء ألِفهُ
لهذا فكر انه اذا ارسل ابنته الى بيت جدها
ابو سميع الذي لم يولد ابدا
سيرضي زوجته
ويقدم خدمة لأبو زوجته وامها لانهما اصبحا كبيرين ويحتاجان لشخص يعيش معهما ويقوم على خدمتهما
رغم أن بقية بنات ابو سميع تزوجن قريبا منه ولاينقطعن عن بيت ابوهن مثل فاطمة البعيدة
لكن بيت الجد مكان آمن لأبنته التي يريد ان يبعدها عن قرية لاوا
وكان كلما جاء الى سوار يذكر له انه ذهب او سيذهب الى چنوة
عند جدها ليراها فهو مشتاق لها كثيرا
واحيانا يقول لسوار غبت عن چنوة مدة ستة اشهر وحين رجعت لم اعرفها لقد كبرت كثيرا ويشير بيديه للأعلى وهو مبتسم كأنه يصف بابتسامته شكل چنوة الجميل دون الخوض بتفاصيلها بالكلمات
وفي آخر مرة قال لسوار يجب ان تسال عن چنوة فهي وحدها هنا وانت ابن عمها
لم يغب عن فطنه سوار ما كان يفعله ويقوله عگاب وكان سوار في حقيقة امره حين يفكر بالزواج في المستقبل فإنه يضع چنوة على رأس القائمة
ليس من باب الحب لكنه يحب ابوها حبا لايساويه الا حب امه چنار
لهذا حين أوصاه عگاب ان يزور چنوة قرر زيارتها اشباعا
للفضول الذي نجح عگاب باثارته في عقل سوار
وذات مساء ذهب الى بيت جدها
ابو سميع
وكان قد مضى اكثر من سبع سنين لم يرى سوار چنوة
حين طرق الباب فتحت له چنوة
وقال لها انا سوار قالت له اعرفك طبعا تفضل
رحبت به بأهتمام كبير مثل امها تماما والفرح يغمر كلمات الترحيب وعينيها المبتسمتين تكاد تقبلانه
وادخلته وذهبت مسرعة لتقدم له الماء وحين جلس
سوار في تلك الغرفة المرتفعة مع العجوزين
وجائت چنوة تحمل طاسة الماء
تمعن بها كثيرا وجدها فتاة جميلة ذات طول فارع بيضاء كالثلج يكاد ان يرى عظامها لشدة بياضها
ولها نفس ملامح امها غير ان دمها وروحها كأنها نسخة من ابوها عگاب ولشدة حب سوار لعگاب
احبها كثيرا
لكن موضوع الارتباط مازال مبكرا جدا فهو بالكاد في السابعة عشر من عمره لكنه اغلق قلبه على چنو وقرر فيما بينه وبين نفسه ان يتخذها زوجة له
وحين انتهت ايام التعلم
و ختم سوار القرآن حفظا بل وزاد على ابيه انه تعلم علوم الفقه والحديث وانتهى من حاجته للبقاء في الموصل هو وحسين وقررا الرجوع الى لاوا ليبدأ رحلته في جمع عشيرته المشردة بين القبائلورغم ان أغلب العرب معروفين بكرمهم
وطيب معشرهم لكن لابد من وجود بعض الرعاع والمتمردين في كل عرب وكل عشيرة لهذا
كان افراد عشيرة الزين يتعرضون كثيرا لكلمات تمزق كرامتهم
مثل كلمة( لفو) ورغم مايبدو على هذه الكلمة من انها شعبية لكنها من لب اللغة العربية وهي مشتقة من كلمة لفى وتعني القليل المنعدم
ومعناها قبيح جدا وكذلك في العامية لها نفس المعنى
وتعني انك شريد فريد ليس لك مكان تأوي اليه فلفيت عندنا كبقايا قماش تالف مرمي لاقيمة له
لقد مرت عليهم سبع عشرة سنة وهم على هذه الحال من الذل
حتى هجر قسم منهم البادية وذهبوا للمدن وهم يرددون المدينة
ام الجميع لكن من الصعب جدا على البدوي ان يندمج مع المدنية الا بعد اجيال عديدة
حين رجع سوار وحسين للقرية
احتفلت بهم چنار واقامت وليمة ضخمة
لقد كانت چنار فخورة به وهو يرتل القران كما كان يرتله عيسى على حافة حوض العين قبل سنين
كان قلب چنار يذوب اعجابا بذلك الشاب الوسيم الذي يحمل ملامح ابيه ولون امه
واصرت چنار ان تكون هناك فقرة من فقرات الحفل هي المبارزة لتطمأن على ولدها
وانطلق الجميع يتبارزون
وحين نزل عگاب يبارز سوار ذهل لسرعته
وقال له انت تتنقل كالعصفور ومن تلك اللحظة اصبحت كنية سوار ابو عصفور