#سوار_الذهب
الفصل الثاني عشر
اول نبضة
حين كنت صغيرة
سألت شيخ كبير في السن
بعد مشاهدتي فلم مجنون ليلى بالأبيض والأسود
لماذا مات المجنون حزنا على امراة تزوجت غيره اليس من المفروض ان يذهب هو ايضا فيتزوج ويعيش؟
اجاب قائلا
_ هناك لحظة تمر على العاشق يربط حياته بحياة معشوقه حينها يحيا اذا عاش حبيبه ويموت اذا مات تلك اللحظة التي حين يصلها العاشق يشعر انه ملك الدنيا وهي قمة الجنون بالنسبة لنا وقمة العقل بالنسبة له
°°°°°°°°°°
بعد الحاح شديد من چنار وحسين اقسم الرجل ان سليمان هرب من عنده بعد شهر واحد فقط وانه لايعرف عنه اي شيء
وأنه احسن له وكان يتمنى ان يتخذه ولدا له لأنه عقيم لاينجب وانه احبه كثيرا وحاول ان يكسب ود الطفل لكن الطفل رفض ان ينسجم معهم
وانه ذات صباح صحى فلم يجده
وكان قد فتح الباب وهرب وأنه بحث عنه بكل مكان فلم يجده
وشهد جيرانه بذلك
فلم يبقى لچنار عليه اي حق
وخرج الجميع من الزقاق
وچنار تتلفت يمين يسار وتصرخ سليمان سليمان كأن عقلها صور لها لشدة رغبتها بأيجاده انه هرب توا واذا نادته سيرد عليها الجواب
ولكن لاجواب
كانت تمشي وتبكي فقد بنت الامال على هذه اللحظة لقد تخيلت عشرات المرات انها تطرق الباب فيخرج سليمان فتأخذه بالاحضان وتبكي فرحا
وقد تحطمت احلامها على احجارالحقيقة
وانطلق الرجال يسألون الناس من الصباح الباكر حتى آخر النهار
يتفرقون بالطرقات ذياب وعگاب كلن من طريق وحسين وچنار يبحثان سوية وانضم لهم ابو سميع في اليوم الثاني كان يعرف ازقة الموصل
زقاق زقاق ويعرف اسمائها
والتي يسميها اهل الموصل (عوجي)وجمعها عوجات
وهي ممرات ضيقة وغير نظامية بين البيوت المبنية ايضا بطريقة غير نظامية
واستمر الوضع لأسبوع او اكثر حتى شعرت چنار ان بعض الممرات قد مرت فيها سابقا
قالت لحسين يجب ان نغادر الى بغداد
قال لها
_يجب ان ننتظر هنا حتى يأتيني رسول من القرية يجلب لنا المال ونحن بهذه المدة لن نوقف البحث عن سليمان وهايما
سألته مستغربة
_ الاترى ان رسول العرب تأخر
قال لها مطمأنا وهو يبتسم لجهلها
_لايستطيع الرسول القدوم فور علمه اني اريده لانه حتما لديه بعض الاعمال
وايضا إن ديارنا بعيدة اتعرفين
ربما لم يصل الشباب الى الديرة
الا بعد ثلاثة او اربعة ايام ولاتنسين انهم خمسة باربع خيول .واكملوا بحثهم وذات يوم حين شاهد حسين أن المؤذن يصعد على المنارة ويؤذن خطرت بباله فكرة نفذها فورا
حيث ذهب الى المؤذن وطلب منه ان يصيح على سليمان وهايما
واصبح ينادي المؤذن ايها الناس من كان يعرف الطفل سليمان الكردي والفتاة هايما الكردية يبلغ مؤذن الجامع الفلاني ثم يذكر صفاتهم واشكالهم ويكرر النداء عدة مرات .واصبح حسين حين يدخل لأي حي يذهب لمؤذن الجامع أولا ثم يبحثون مشيا على اقدامهم في المناطق البعيدة عن الجوامع
حتى خرج عليهم ذات يوم امام وخطيب احد الجوامع
وقال والله لا اعرف اسم الولد لكنكما تصفون بالضبط ولد رأيته و لدي خبر منه
سالته چنار بلهفة والدموع تجري من عينيها ويحجزها اللثام قل لي قل لي ارجوك
قال الأمام والخطيب
انه كان عندهم شاب تركي اسمه مدحت افندي يدرس علوم الدين في مدرسة الصائغ(١)
الدينية هنا في الموصل
وكان قد اوشك ان ينهي دراسته حينما حلت المجاعة
حاول الصمود عدة اشهر حتى استنفذ كل مايملك فقرر الرحيل
فجهز نفسه واتفق مع القافلة الذاهبة الى اسطنبول
وقبل رحيله بيوم واحد كان عائدا من المدرسة إلى البيت الذي كان قد استأجر فيه غرفة قبل خمس سنوات فوجد طفل هارب يركض ويبكي في الطرقات
وكان الطفل لايعرف الا كلمات بسيطة
من العربية وكان ذو وسامة وجمال فريد من نوعه وسالني الشاب مدحت ماذا افعل
قلت له اذا تركته هنا سيموت من الجوع او يأكله بعض الجياع
خذه معك فالمجاعة هنا فقط
نظرنا الى الفتى وقد كان خائفا عليه اثار ضرب لانعرف مالذي حصل له
اشفق عليه مدحت افندي واخذه معه
ضربت چنار جنباتها بيديها وهي تتحسر على اخوها مدلل ابوها فأمها كانت تدلل أمينة وأبوها كان يدلل سليمان
وبكت وبكت وجلست القرفصاء لتتنفس ثم
سألت الخطيب بكلمات متقطعة مشبعة بالانين
_هل تعرف اين يسكن مدحت افندي في اسطنبول؟
التفت اليها حسين قائلا بتعجب
_هل تفكرين بالذهاب الى اسطنبول؟
قالت بأصرار
_نعم.
كانت هي جالسة وقد رفعت راسها للأعلى ونظرت الى حسين بعتب حين قالت نعم بتلك العيون التي لم يرى مثلهما طوال حياته
والتي يشعر الرائي حين ينظر اليهما انه مسلوب الفؤاد مسلوب الارادة متيم مكبولُ
سرت في بدن حسين رعشة شعر انه يرجع للحياة وأن قلبه ينبض من جديد
قال لها بلهفة واصرار
_نعم نذهب الى اسطنبول والى اي مكان تريدين بل اني سأذهب معك الى الموت أأمريني وامرك مجاب
كانت نبرة صوته تذوب حنانا ورحمة
سأله الخطيب هل هي زوجتك؟؟؟؟
فلم يعرف حسين ماذا يقول
ففي ذلك الزمن الذي لم يكن رجال الدين يعترفون كما هو الحال الان بأي من الأعراف البدوية مثل الشهامة والنخوة لايعترف الدين ورجاله الا بما جاء في الشرع فكان صعبا عليه ان يقول انها غريبة ويستحيل ان يقول زوجتي
والشرع يقول انها فتاة اجنبية على حسين
لهذا ولوهلة وبسرعة بديهية أجابت
چنار وقالت للخطيب بأصرار
_ نعم انا زوجته
بدا على حسين الأرتباك
كان الخطيب مذهولا كيف لرجل كبير مثله ان يتزوج فتاة صغيرة وجميلة مثلها
فتذكر ماحصل قبل مدة وكيف ان الناس باعوا اطفالهم مقابل الطعام
ومد حسين يده لچنار ينهضها
وودعا الخطيب ورجعا صامتين
لم يتكلم معها الى ان وصلا بيت ابو سميع
قالت له ياشيخ نحن يجب ان نذهب لبغداد اولا
نرى اخبار اهلي فبقائنا في الموصل مضيعة للوقت
قال لها حسين_كل ماتريدينه مجاب لكن نحن مضطرين للبقاء حتى يصلني المال
قالت
_ دع الشباب يبقيان هنا ونسافر انا وانت واذا جاء الرسول واخذا منه المال لحقا بنا الى بغداد
قال لها
_ننتظر ثلاثة ايام اخرى اذا تأخر نفعل مثلما تقولين
ودخلا هي دخلت عند البنات وهو ذهب عند الرجال
في اليوم الثاني بعد الضهر ناداها حسين من خلف الستارة وقال لها تعالي كي نذهب الى السوق ونشتري الطعام
خرجت ومشت معه مدة وهما صامتين
ثم سألها حسين بنبرة استفهام
_ لما لم تقولي للخطيب انك ابنتي؟
قالت
_ ياشيخ انت ترى اني لا احسن نطق العربية
فكيف اكون ابنتك وانت عربي وانا كردية ونعم انت وسيم جدا
لكن ملامحك عربية ونعم انا ملثمة لكن عيني ودمي وجبيني واضح اني كردية
سكت ومشيا مدة قالت له هل
_ انت متزوج؟
جفل وقال بتعثر
_ لا لا.... لم........ يقدر لي الله هذا النعيم وكل انسان له نصيب في هذه الدنيا حتى الزواج فيبدو اني بلا نصيب
قالت بتعجب
_ كيف عشت عمرك كله وحيدا؟
نظر الى يمينه كان النهر قريبا
قال
_تعالي نجلس هنا كي احكي لكي حكايتي التي لم احكيها لمخلوق منذ ان حصلت قبل خمسين عام مثلما حكيتي لي كل حكايتك