من الممكن ان كلمات اخي لي كان مراد ايصالها هو تذكيري بالمكان الذي اتيت منه و المكان الاخر الذي اصبو الى وصوله ..و لربما يكون الامتياز في دراستي احد قوارب النجاة التي تمكنني من العبور من نهر الحياة العميق ..احلم دائما بأن اعيش حياة لا توجد فيها تساؤلات ما قبل الليل حول المستقبل .احلم بحياة انام فيها دون تفكير ..و لهذا في تلك الليلة قررت ان افكر كثيرا في ذلك الوقت المهم في مشواري الحياتي ، و من ثوصلت الى انني املك حل واحد يمكن تحقيقه و غير داخل في نطاق المستحيل ، و هو ان ادرس حتى انال الامتياز .
قررت في تلك الليلة ان لا ادع اي شيئ او شخص يعرقلني نحو هدفي غي الحياة، سأصبح مهندسا لا محالة مثل اخي و قدوتي .يتطلب الامر الكثير من التضحية و القليل من التركيز ، اما عن التضحية فهي ليست بالمرة الاولى حتى اقدمها ، اما التركيز يجب علي تطبيق غدا و في كل يوم اغادر فيه هذا المكان .
في اليوم الموالي ،غادرت نحو المعهد متشبعا بعزيمة و دوافع اكثر مما قد ظننته ، كنت معتقدا بأنه ما ان حل الصباح سأنسى كل ما عزمت عليه ، اما الان داخل قاعة الدرس فأنا اتخذ الامور بجدية لم تكن على محياي قط .
جلست في كنف الهدوء و التركيز و عيناي تصبوان نحو المدرس و كلي اذان صاغية حتى اتمكن من التدوين و فهم المعلومات ..كان التركيز يطغى علي لدرجة انني لم ادرك من يجلس بجانبي في ذلك الحين ، انها هي مجددا ، نفس فمها المنعش ، رائحتها الجذابة و هالتها الحاضرة و المحيطة بي ..مالذي تفعله هذه الفتاة هنا مجددا ؟ ماذا عن البارحة ؟ حسنا لا تقلق يا رجل فقط تجاهل الامر ، انها مجرد زميلة صف فلا تعرها انتباها .مهلا !
اكاد اشتشعر ذلك الموقف بكل تفاصيلة و انا لا اراه ..كان عيناي مصوبتان نحو المدرس ،و لكن في لحظة ما شعرت بأن هنالك شخص ما يحدق لي ..انها هي .
م ان التفت الى يسار ي بصفة عفوية حتى تحركت شفاهها : " وسام" ، نادتني بصوت مرتفع قليلا على قربها مني و من ثم ابتسمت حتى شعرت بالاحراج و حاولت التملص منها موجها عيناي مرة اخرى الى الاستاذ ..و لكن ذلك الشعور بأنها تحدق لي لم يتلاشى ، هي حتما لا زالت ترمقني بنظراتها ..كسرت الصمت مجددا قائلة : " لماذا ناديتني البارحة؟"
كان سؤالها فرصة سانحة لي حتى اصحح سوء التفاهم الذي جرى بيننا يوم الامس ، فقلت لها : " لقد اردت سؤالك ما اذا حصلتي على جدول الاوقات ، لقد قدمته لأحدى صديقاتك و ندمت على عدم تقديمه لكي شخصيا "
- فهمت ، انت شخص مراع جدا (تبتسم مجددا) لقد حصلت عليه بالفعل شكرا لك .
- انا من يجب علي شكرك و لكن لم تتح لي فرصة لفعل ذلك .
- اتريد ان تشكرني حقا ؟
- نعم .
- حسنا ، اريدك ان تقدم لي صنيعا ، هلا فعلت؟
- ان شاء الله ، ماهو؟
- اريدك ان ترافقني في العودة ..
- ماذا ؟
- لا اريد ان اتوجه للمنزل بمفردي ، هلا رافقتني رجاءا؟
و من ثم صرخ الاستاذ :"صمتا" ، فسكتنا نحن و سكت كل من كان يتحاور و يحدث تشويشا داخل تلك القاعة و عم الانتباه مرة اخرى على سياق الدرس الذي كنت احمل آمال كبيرة على متابعته و التركيز فيه ، اما الان فأنا اتابع اشياء اخرى تعجز الفيزياء عن تفسيرها .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romanceانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .