طقوس الاحتفال لدى الشباب مقدسة ، خصوصا اذا كان الاحتفال يمثل دفعة لهم من اجل النجاح ..لهذا كان اليوم الرابع عشر من شهر ابريل خاصا جدا لجميع تلاميذ الثانوية ، انه اليوم الذي سيغطي فيه اللون الناري كافة ارجاء اكبر معهد في قارة افريقيا ، نعم بالفعل درست في اكبر معهد مساحة في افريقيا ..يرتاده الجميع من شتى المدن المجاورة و يصبون جميعا نحو يوم الاحتفال المقدس .
لم اكن لأشارك في يوم الاحتفال ، عدا ان اصدقائي اجبروني على ذلك اعتقادا منهم انه يوم يحدث مرة واحدة في العمر فلا يجب على اي شخص تفويته ..اتذكر انه قبل ايام قليلة من يوم الاحتفال، كانت صفاء قد تواصلت معي من اجل تسليمي قميصي الخاص ..حضر اخيرا .كانت صفاء تتعامل معي بحرفية و كأنني احادث مصلحة ما بعد البيع في شركة ما ، و كأننا لأول مرة نتراسل و نتحادث ، و طبعا كان لها مبتغاها ان اعاملها بالمثل دون دراما زائدة ، و اتفقنا ان ارتاد المعهد في اليوم الموالي اين سأقابلها و تسلمني قميصي فينتهي الامر حد ذلك .
و بالفعل كنت قد ذهبت هناك في وقت الفسحة على العاشرة صباحا ، اين وجدتها لوحدها حاملة القميص بين يديها ، كانت تنتظرني بالفعل ..
- صباح الخير ، القيت عليها التحية .
= وسام ، تفضل قميصك .
- هل مقاس القميص مناسب ؟(فقط اردت اطالة الحديث معها)
= يمكنك ارتدائه و تجربته ، اذا طرأ خطأ ما تواصل معي و سأتدبر لك قميص اخر..(ثم همت بالمغادرة) .
- صفاء ..(كنت قد.استوقفتها )
= نعم ؟
- مالذي تريدين فعله ؟ (اردت انهاء المهزلة )
= افعل ماذا؟ (كانت تبتسم)
- اعني ، لما كل هذا التجاهل ؟
= تجاهل ؟ ايها الفتى ( قالتها بالمعنى الحرفي ) تواصل معي اذا لم يعجبك مقاس القميص .
ثم همت صفاء بالرحيل بالتوازي مع اقتراب حبيبها طارق الذي اتى من العدم في ذلك الوقت ..حينئذن شعرت ان شيئا ما خاطئ ..كانت صفاء تدفعه الى الامام و لكنه هو كان يريد ان يكلمني انا ، كان يصوب نظره نحوي و صفاء تتمتم بكلمات من نوع :" لنذهب , انسى الامر"
و لكن طارق كان قد رفض و اصر على التوجه نحوي ، و كنت بالفعل انتظره لأنني شعرت انه يريد محادثتي ..تقدم و بقيت صفاء فالخلف تراقبنا ، و هاهو اذا يلقي التحية .
- صباح الخير ، وسام .
= مرحبا صديقي .
- هل استلمت قميصك ؟
=نعم ، (اشرت له بين يداي).
- حسنا اذا، اريد ان اطلب منك صنيعا لو تكرمت .(كان يبتسم)
= تفضل ، خيرا ان شاء الله .
- لا تتواصل مع صفاء مجددا .
= عذرا ؟
سرعان ما تحولت ابتسامة طارق الى ملامح غاضبة و نبرة حادة عندما اردف : " ألم تسمع جيدا؟ هل انت اصم "
في تلك اللحظة لم استطع تمالك نفسي ، ذلك الفتى الوديع و الظريف يتقمص احدى شخصيات السينيما و يتصنع تعبيرات و ملامح لا تليق به و لا تناسبه ..طارق يهددني ؟ لم استطع كبح نفسي فإنفجرت بالضحك ، و لقد كان ضحكي هستيريا و لم ازيفه لمجرد اهانة ذلك الفتى ،عدا انني لم اتوقع ان يصدر ذلك الموقف منه ..لكن طارق كانن قد امتعض من ردة فعلي على طلبه فواصل تهديدي بنبرة حادة :" هل تضحك ؟ هل تريد ان امحو الابتسامة من على وجهك؟ "
حينها ، كان لا بد لي من اتخذ الامور بجدية اكثر ، شخص مثلي في ذلك الزمن المضطرب و المكان الجامح الذي اتيت منه ، كان الاناس امثال طارق اخر من يستطيعون اخافتي او حتى التجرأ عن تهديدي ، سأعترف ،لقد كنت شخصا عنيفا جدا بالرغم اني لم اظلم احدا ، كنت عنيفا فقط مع من يطلبون ذلك ، كنت عنيفا لدرجة انني سأشعر بالشفقة من طارق اذا اراد افتعال عراك معي ..و لكن من اجل صفاء التي تشاهدنا عن كثب ، لم افعل شيئا ، فقط اردت ان اضع ذلك الفتى في مكانته عندما وضعت يدي على كتفه و قلت له بنبرة اشد حدة مما تخيله هو :" طارق ، صفاء تنتظرك ، يجب عليك ان ترحل الان " .
ثم تدخلت صفاء موقنة ان الامور كانت ستتخذ منعرجات خطرة اذا ما واصل طارق في التواجد هناك ، قامت بضم يديها الي يديه ، اتذكر تلك اللحظة بشتى تفاصيلها ، تعيدني الى اليوم الذي تعرفت فيه عن صفاء عندما ضمت يديها الى ..الان هو طارق و ليس انا ، يا لها من سيناريوهات متكررة اكون فيها الواجهة الرئيسية و من ثم اضحي ركنا منسيا في القصة ..لقد رحلا بالفعل .
في وقت لاحق من ذلك اليوم ،تواصلت معي صفاء على موقع فيسبوك ، كانت تسأل عن القميص و مقاسه و كنت قد اجبتها بأنه محاك ببراعة و اعجبني . طبعا صفاء استغلت محادثتنا من اجل الاعتذرا عما بدر من حبيبها في ذلك اليوم و قد اخبرتها بالفعل انه ليس بالامر الجلل ..
اردفت صفاء : " ظن طارق انك تضايقني لهذا تصرف بعدوانية "
- فهمت ، لقد قام بالفعل بما يتوجب على الرجل فعله في مثل ذلك الموقف ، لكنه كان يسيئ الظن فقط.
= صحيح، انه شخص مراعي و لكنه غير متفهم (تضحك)
- تليقان ببعضكما البعض ( ضحكت بدوري )
= اخبرته بحقيقة ما كنا عليه و يتفهم الامر .
- ما كنا عليه ؟
= نعم ، مجرد اصدقاء قدامى .
- فهمت ، اذا نحن لسنا اصدقاء الان اذا ؟
= نعم ، شكرا على تفهمك للامر .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romantikانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .