لا داع للحديث حول الاختبارات النهائية و الاحاطة بتفاصيلها من خلال تجربتي ..اعتقد انها لم تكن مخيفة بالشكل الذي وصفوه لنا الطلاب السابقون، ظننت بأن حياتي على المحك عندما املأ فراغات تلك الاوراق ..و كأن حياتي مرتبطة بمجرد اوراق عشوائية متعطشة للحبر ..
لم تكن تجربتي بذلك التميز او الاختلاف الذي يستجدي ان احرر عنه ، تقريبا تعرضت لثلاث حالات غير روتينية ، كنت قد سردت الاولى عندما تركت اختبار تقنية الآلية فارغا ، اما الثانية كانت عندما تحولت لبطل منقذ ..
اتذكر في فرض اللغة الانجليزية ، كنت موقنا بأنني لن اطيل المكوث في قاعة الاختبار ، بضع دقائق كانت تكفيني لملأ جميع الفراغات و المغادرة ، و كان ذلك بالفعل ..دخلت لقاعة الاختبار على الساعة الثامنة صباحا ، على الساعة الثامنة و عشر دقائق اشرت للمراقب انني اريد الخروج ..ذاك الرجل كان يظن انني لم احل شيئا فقال لي :" فقط حاول ان تكتب القليل حتى لا تتحصل على صفر .
- صفر ؟ (كنت اضحك بهستيرية )، سيدي لقد انتهيت من الفرض بالفعل .
اتذكر حينها ملامح وجوههم، اولئك الفتية و البنات كانو ينظرون الي بافواه مفتوحة و كأنني كائن فضائي ، لا لشيئ الا لان جميعهم لم يحلو شيئا ، كما قلت لكم سابقا اللغة الانجليزية هي كابوس بني وطني في مقاعد الدراسة ..
رفض المراقب طلب مغادرتي متعللا بأن القوانينتنص على ان ابقى لنصف ساعة على الاقل قبل المغادرة ، و لهذا جلست في صمت انتظر الدقائق و اراقب كيف يحل من يدنونني في الجلوس ، كانت حالتهم ميؤوس منها، هم فقط لا يريدون تسليم ورقة فارغة ، ذلك سيخفف من حدة احباطهم ..
و ها انا اذا اتحول الى البطل المنقذ ، اعتقد يا اصدقائي ان هنالك من يدين لي نجاحه في ذلك العام ..اولئك الذين زاملوني في قاعة اختبار الانجليزية ، بعضهم لربما نجحو بالحد الادنى من العلامات ، و لولاي لما تحصلو على تلك العلامة ..
في واحدة من اغرب الحوادث التي تعرضت لها ، كان ذلك المراقب الشاب يحدق لي عن كثب ثم اقترب و همس في اذني : " هل انت جيد في الانجليزية ؟"
- نعم ، اجبته .
= هلا ساعدت اذا زملائك ببعض الاجابات ؟
- هل هذا مسموح لي ؟
= نعم و لكن حاولو التزام الصمت ..
قرر ذلك المراقب ان يساعد هؤلاء الفتية اليائسين ، لمح ذلك على ملامحهم البائسة و لهذا قرر تحويلي الى بطل خارق انذاك ..قائلا :" استمعو الي جميعا ، ساخرج انا و زميلتي (يقصد المراقبة الاخرى) خارج القاعة ، حاولو الحصول على بضع اجابات صحيحة و لكن التزمو الهدوء "
سرعان ما تحولت ملامحهم الشاحبة الى بهجة و سرور خاص بعدما اشار لي المراقب و اخبرهم بأنني سأمدهم بيد العون ، و ها قد بدأت اتلو الاجابات الصحيحو على مسمع منهم جميعا ..في تلك اللحظة بينما كنت التفت يمينا و يسارا مجيبا جميع زملائي حول اسألتهم ..كنت قد لمحتها هي ..صفاء ..
كانت صفاء جالسة في اواخر القاعة، لم الاحظ حتى انها كانت موجودة لأنني كنت قد وصلت قبل الوقت المحدد للاختبار و لازمت طاولة الجلوس ، و لكن الان اراها ،و هي لا تبدو في حالة جيدة ، شعرت انها تسترق السمع و لكن تمتماتي لم تكن واضحة ..شعرت في ذلك الوقت ان قلبي انقبض عندما تجاهلت جميع من حولي و ناديتها : " صفاء ، هل تريدين مساعدة ؟"
حتى صرخ المراقب من بعيد :" التزمو الهدوء ، لا تفضحو انفسكم !
اعتقد بأنني في ذلك اليوم قد خاطرت بكل شيئ في سبيلها ، اتعلمون انه اذا كشفت و انت في حالة غش ستعاقب لخمس سنوات دون اجتياز؟
و لكنني لم اهتم ، لم اهتم بالمراقب فهو من بادر بالامر ، و لم اهتم بهؤلاء الجمع لأنني اجبتهم بالفعل ..كل ما اهتممت به هو صفاء ..خصوصا عندمت سكتت هي بعد عرضي لمساعدتها ، كنت اعرف انها تريد مني ذلك دون ان تطلبه و لهذا اتخذت اكثر قرار عشوائي في حياتي عندما بدأت في كتابة جميع الاجوبة على مسودة و من ثم قمت من مكاني و اتجهت نحوها و منحتها اياها ..على مرئ و مسمع من المراقبين ، لو مر احد المشرفين على سير الاختبار في تلك اللحظة لدمرت الى الابد ..كنت قد اتخذت اكثر قرار خاطئ في حياتي و لكن الحمدلله لم تكن لذلك القرار عواقب ..بل بالاحرى اصبحت بطلا خارقا في ذلك اليوم، كان الجميع في الخارج يشكرونني بصدق ممتنين على انقاذي لهم في اصعب اختبار يجتازونه ..و لكنني لم اهتم ، الامر الوحيد الذي جعلني اخرج بعد ساعة واحدة من الاختبار و الانتظار خارج المعهد هو صفاء ، لم اكن انتظرها حتى تشكرني ..فقط اردت ان اتأكد من أنها حلت بالشكل الصحيح و استفادت من اجاباتي ..كنت فقط انتظرها على احر من الجمر حتى لاحت في الافق ..و لقد كانت سعيدة جدا ، تلك الفتاة التي كرهتها بشدة كنت سعيدا معها في تلك اللحظة بالذات.
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Storie d'amoreانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .