قررت الرحيل عن المعهد ،لكن ابقيت على عزيمتي في اجتياز الاختبارات النهائية "البكالوريا" حتى اتخرج اخيرا من جحيم الحياة الثانوية ، جحيم صنعته انا بنفسي فقررت الهروب منه دون اخماده .
كنت اعي مليا منذ بادئ الامر ، انا ما سيعطيه اليك الاساتذة من دروس و مناهج في ذلك المعهد الحكومي ، هو مجرد تحصيل حاصل ،هو نقطة صغيرة في بحر واسع من الفرضيات و الاحتمالات التي سيكون عليها الاختبار الوطني الصعب ، نعم هو صعب كما كان يتنبئ به اي شخص له علاقة بذلك الحدث انذاك ..
كما انني كنت موقنا جدا بأنه ما اذا اردت النجاح في ذلك الاختبا، يجب علي الانخراط في دروس التدارك المدفوعة لدى الاساتذة الذين يعطونها خلسة و بدون ترخيص كما يعطون اختبارات موادهم لطلابهم قبل ميعاد الامتحانات .
و لأننا كنا فقراء ، لم اكن لكي اثقل كاهل والدي بشباك مصاريف جديدة ،هم بالكاد يعيلون اشقائي في الحياة الجامعية ..
و لهذا قررت العمل ، و ما ان اراد احدهم ان يعمل في الدولة الرأسمالية فإن عروض الشغل ستكون وفيرة جدا ، هنالك الاشخاص يقدرون يأسك من اجل حفنة صغيرة من المال ، يصيدون اولئك المستعدين للعمل دون ضمانات اجتماعية و يرضون بالحد الادنى من الاجور ..ثم يتشدق وزير التشغيل في برامج التلفزيون بنسبة البطالة المرتفعة و يلقي باللوم على الشعب الذي لا يريد العمل ، يا له من ثعبان شأنه شأن جميع الاعضاء المكونة لحكومة الدولة الفاشلة .
عدت الى المقهى الذي اعتدت العمل فيه عندما تحل الاجازة الصيفية ، اخترت على الاقل ان يستغلني شخص اعرفه على ان يخدعني احد الغرباء ..و بالفعل زاولت عملي بالتزامن مع ارتيادي لحصص الدروس الخصوصية ..كان بعض زملائي هناك بالفعل ايضا ، احيانا يطلبون مني العودة للمعهد و احيانا يسألون عن حالي و بعض من اطراف الحديث التي لا حصر لها ..انهم اناس جيدون عدا انني خيرت ان اعيش في صمت دون ان انخرط في الحياة الاجتماعية مجددا ، ابقت فقط بضع اشهر و كنت يأسا من اجل اكمالها دون مشاكل .
تحسنت علاقتي ب"هيام" ، اعتقد بأن في تلك الفترة التي اراها فيها مرة او اثنين فقط اسبوعيا ايقنت بأن مشاعري قد بدأت بالتقلص تجاهها ، كنا زميلين و صديقين لا اكثر و لا اقل و حاول كل منا الحفاظ على مساحته الخاصة عند لقاء الاخر و تجنب اي حديث سيسبب حساسية لكلينا ...
كنا انا ، صفاء ، هيام و صديقنا الاخر احمد مجموعة مترابطة في ما يتعلق بمراجعة الدروس ، في كل مرة اجد فيها فسحة من الوقت ما بين عملي و حصص الدروس ،التحق بهم الى المكتبة للمراجعة ، بشاكلة ما توطدت علاقتنا عندما وحدنا مصالحنا الخاصة ، اربعتنا نريد النجاح لا غير و بعدها سنحظى بوداع لائق .
في ذلك الوقت ، شعرت بأن العديد من الاشياء تسير بغرابة ! احسست ان هنالك خطب ما بين صفاء و هيام ، لا اعلم ، لربما تبين لي انهما على وفاق شديد رغما و ان شعورا ما كان يخالجني بان اشياء عدة قد فاتتني ..و الان سيبدأ احد اغرب الفصول في اواخر الشتاء من سنة 2015 ، و لربما هو الفصل الاهم و المسبب الاول لكتابة هاته المذكرات .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romanceانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .