مذكرات العقد الاخير : نهاية

49 4 3
                                    

كانت صفاء في ذلك اليوم سعيدة جدا لدرجة انها لا تخفي جنونها و صبيانيتها عندما تراها على وشك القفز من السعادة و يداها لا تنفكان الا عن التحرك و تجسيد علامات النصر ، كان ذلك الفرض ، اختبار الانجليزية يعني لها الكثير و شعرت بالراحة عندما رأيتها على تلك الحالة المبهجة ، عدا انني قررت الرحيل و تركها شأنها تحتفل بنصرها الخاص ، و لو انني كنت اتمنى تلقي عبارات المديح و الشكر لأنني انا من حقق ذلك النصر لها ، انا فقط في نهاية المطاق قررت ان لا العب دور البطل الخارق و ذهبت في حال سبيلي بعد الاطمئنان عليها ..
انتهى الاختبار النهائي الوطني مخلفا للبعض سرورا بمستقبل افضل و حسرة و حزن شديد للبعض الاخر ..كان الجميع يعلمون ما سيؤول اليه حبرهم على الورق  ، حصل ما في الصدور و انتهى الكابوس الى الابد ..
كان ذلك يوم السبت ،على اثر خروجي من اختبار اللغة الاسبانية ، لم أشأ ان اغادر على الفور ، فقط قررت ان ابقى لأقصى فترة ممكنة حتى نحظى جميعا بوداعية تليق بذلك العام الطويل الذي خضناه سويا ..و بالفعل كنا قد تجمعنا امام المعهد بعضنا يودع الاخر و اخرون يلتقطون صور تذكارية اما البقية كانو يخططون للإلتقاء مجددا في ذلك الصيف ..
شعرت في ذلك اليوم انني غريب قليلا ، لم اكن صديقا عزيزا على الكثير ، لم اكن صديقا للبعض حتى ، مثلي مثل الغريب الذي يمر امامك في الطريق مع كل لحظة تمضي ..اتذكر انني كنت جالسا على مقعد مخصص للاستراحة خارج المعهد ادخن سيجارتي قبل العودة الى الديار ..حينها اتت صفاء و في تلك اللحظة قررنا انا و هي نترك خلافاتنا السابقة على حدى و نحظى بوداعية لائقة ..
- كيف ابليت في الاختبارات ؟ , سألتني هي.
= جيد ، اعتقد بأنني ضمنت النجاح ..ماذا عنك؟
- مثلك تماما ، كانت جميع الاختبارات في المتناول  ،حمدا لله.
= عظيم ..
- وسام ، شكرا لك على اختبار الانجليزية .
= لا شكر على واجب ..كان مجرد وعد قطعته لك .
- وعد؟
= ألا تذكرين ؟ عندما اخبرتك انك ستجتازين الاختبار بسهولة بعد اجابتي على أسألتي .
- فهمت ..نسيت حول ذلك ، شكرا لك على كل حال.
= على الرحب و السعة .
- بالمناسبة ، اي جامعة سترتاد ؟
= لا اعلم ،سأنتظر نتيجة الاختبار اولا و ادرس بعض الخيارات لاحقا ..اعتقد انني لن ابتعد عن المدينة ، سأدرس في احدى الجامعات المحلية .
- حسنا .
= ماذا عنك؟
- لا اعلم ..لربما سأهاجر .
=تهاجرين ؟ الى اين ؟
- فرنسا ..
= فهمت ، سترتادين جامعة خصوصية اذا ؟
- نعم ..
= اتمنى لكي التوفيق .
- شكرا .
هممت بالرحيل و لكنني لم استطع المغادرة الا بعد الحصول على اجابات شافية و كافية ، لقد كانت مجرد نهاية اين يتحصل فيها الجميع على اعترافات ابدية ..عندها استدرت لها قائلا :" صفاء ، هل احببتني و لو لمرة واحدة في حياتك؟"
و لكن صفاء التزمت الصمت مرة اخرى ...
= صفاء ، هل كانت حادثة المال متعمدة منك ؟
- نعم ..لقد اردت اغاظتك بعدما تجاهلتني ، لم ارد حتى شراء الالعاب النارية ، كان طارق من اراد ذلك و اردت استغلاله هو و المال من اجل اغاظتك .
= طارق ..هل تحبين ذلك الفتى ؟
- لم احبه قط ، هو يعلم هذا مسبقا ، و لهذا انفصل عني ..
= انفصلتما ؟
- نعم .
في تلك اللحظة كنت قد اردت ان انهي تلك العلاقة على الطريقة السينيمائية التي لطالما كنت متأثرا بها ، اردت ان تكون نهاية فصلنا شاعرية لأقصى الحدود ، و لهذا اقتبست ذلك المشهد ..عندما سكت قليلا و قلت لها :" صفاء ، تمنيت لو انك احببتني لمرة واحدة فقط ..لما كنت انا الان راحل الى الابد"
و من ثم تقدمت بخطوات مترنحة متمنيا في قرارة قلبي ان تسوقفني هي و تحقق لي امنيتي الوحيدة ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 24 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مذكرات العقد الاخير .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن