مذكرات العقد الاخير .

مذكرات العقد الاخير : ورقة فارغة

في اقتم لحظات حياتي التعيسة ، كان هنالك متسع صغير للفضفضة بيني و بين نفسي ، كنت احدثها بين الفينة و الاخرى عن النظرة العدمية المتجهمة نحو هذا العالم ..اعتقد حتى اذا خاض احدهم عراكا داميا يهدد حياته سيكون له في خضم تلك المعمعة الغريزية بضع اجزاء من الثانية اين تجول في خاطره بضع افكار او قرارات يتحفز على اتخاذها في حركته القادمة ..
اتذكر في ذلك اليوم ،عندما فتحت ورقة اختبار الميكانيك ، لم ارى في مخيلتي سوى فراغ ..
فراغ يصاحبك في اهم يوم دراسي في حياتك ، لم اسرح حتى بخيالي في مواضيع اخرى او ترهات خارج نطاق الدراسة ، لم اذهب بمخيلتي الى اي مكان ، كنت امارس طقوس الانهيار بصمتي الخارجي و الداخلي ..ارى هؤلاء يكتبون بنهم و كأنهم يعرفون الاجابات مسبقا ، كان الاختبار بالنسبة لهم وجبة سهلة البلع ، نعم لقد كانت تقنية الميكانيك سهلة جدا لكل شخص ارتاد حصصها ، اما بالنسبة لي كنت لا ادري مالذي تتحدث عنه هاته الورقة امامي ..
خيرت حينها ان ابدأ اختبار تقنية الكهرباء ، و كان سهلا جدا فأنهيته في نصف ساعة ، تبقت على اثرها 3 ساعات و نصف من مدة الاختبار ، كنت مطالبا في هاته المدة الطويلة ان املئ ورقة اختبار تقنية الميكانيك ، عدا انني لا املك اي اجابة تذكر ..
قررت ان اتخذ المخاطرة و الغش في ذلك الامتحان ، كنت انظر اليهم يكتبون و يقلبون الصفحات بسرعة و كنت اتمنى ان اتسول كلمة حتى ..و لكنهم لم يأبهو بإحتراقي الصامت داخل القاعة..حينها ايقنت انني لن احصل شيئا من بقائي هناك ..تركت الورقة فارغة و غادرت .
كان يوما سيئا ، تخيل ان تفشل في الاختصاص الذي اخترته بنفسك ؟ كان لذلك اليوم اثار سلبية على نفسيتي و لكنني سرعان ما تجاوزت الامر عندما ايقنت مرة اخرى ان الاوان لم يفت بعد و أنني سأنجح بسهولة رغم العلامة الصفرية التي تلوح في الافق ..يا لشخصيتي الحديدية انذاك عندما غادرت الامتحان بفشل ذريع و ذهبت لمقهى الانترنت للعب موقنا ان الغد حتما سيكون افضل و ان التعويض قادم لا محالة ..
و بالفعل كنت قد عوضت فشل الامس بنجاح ساحق في اختبار الرياضيات ، كان اختبارا سهلا بالنسبة لي ، رغما و انها المادة الاصعب في المنهج الدراسي ، و لكن بطريقة ما توقعت مواضيع الاختبار و حلول جميع المسائل المكتوبة ، و ها نحن ذا..كنت قد وضعت قدما بالفعل في ما يخص نجاحي انذاك.