ارى الناس ينتشون بالسعادة ، نوع من انواع المخدرات الرخيصة عندما يترك احدهم روحه تطفو مع الرياح عندما يستمر في القفز و الرقص على ألحان الموسيقى الصاخبة ..كنت ارى اولئك الصامتين و الخجولين و العباقرة و المنحرفين و الاطفال و الرجال و النساء و الطلاب و الغرباء ،جميعهم يتساوون في امر واحد انذاك ..جميعهم منتشون بالاحتفالات ..
لقدت عقدت ذاك اليوم آمال كبيرة على انني سأصبح مثلهم و سأقتلع روحي من جسدي و اطفو في السماء ..لكنني لم اكن ابدا مولعا بالموسيقى ، و لم تكن هي بدورها مولعة بي ..
كنت جالسا اراقب الجميع متهيئا للرحيل ، بالفعل انتهى عرض الالعاب النارية و المعلقات ، هذا ما قدمت من اجله و لا اجد لنفسي سببا اخر ابقى من اجله ..عدا انني بقيت رغم ذلك ، لا ادري في ذلك الوقت لما لم ارحل مبكرا و ظللت هناك حتى انتهى الاحتفال عند منتصف النهار ..عندما ينتهي الاحتفال يبدأ حفظ الذكريات ، و لو انني افضل ان احفظ ذكرياتي في شاكلة مذكرات مكتوبة كما هو الحال الان ، لكنهم هم ، اولئك الشباب المراهقون كانت وسيلتهم الوحيدة لاستذكار الماضي عن طريق الصور ..
غادر الجميع الحفل و بقي فقط طلاب الباكالوريا ، جميههم بهواتفهم الذكية يلتقطون صور تخليدا لذلك اليوم ، و تختلف الصور من كونها فردية و جماعية ، و كانت الصور الجماعية هي الغالبية الكبرى ..كان يعيش الشباب بالصداقة و كانو يخلدونها في ذلك الوقت ..اما انا كنت اكره الصور خصوصا تلك التي تجمعني بشخص او اشخاص اخرون ..نادرا ما التقط صورة لنفسي ، لك ان تتخيل انني لم التقط صورة لنفسي في ميدان "التايمز سكوير" في "نيو يورك " الامريكية ، فما بالك بذلك المعهد و مع اشخاص اخرين ؟
اعتقد ان سبب تحريري لهذه المذكرات ، هي ، كانت فتاة غير طبيعية بالمرة ، امثالها يموتون في العشرين من عمرهم ، لا يستطيعون التأقلم مع هذا العالم المنظم ، و لكن بطريقة ما هي لا زالت على قيد الحياة و اشك في انها تخلت عن جنونها الذي حفزها على ان تقترب مني و تقول :" وسام ، هلا التقطنا صورة "سيلفي" معا ؟"
جنون يخيل لهذه الفتاة انها تتحكم بي ، تهينني و من ثم تريد تخليد الذكرى معي و كأنه لم يحدث شيئا على الاطلاق ..
ظننت في ذلك الوقت انها اما تعاني من اضطرابات نفسية عويصة ، و اما تتعاطى نوعا من الممنوعات، في كلتا الحالتين كنت اشفق عليها و ابرر لنفسي ان شخصا طبيعيا لن يقدم على فعل كل هذه الاشياء الشاذة عن العقل السليم ..و لكنها ألحت مرات عدة عندما رفضت طلبها ، قلت لها بالحرف الواحد :" لا اريد اي صورة تجمعني بك " .
فتاة طبيعية و سليمة المدارك عندما تسمع شابا يرفض طلبها في التقاط صورة بتلك الطريقة الفظة ، فهي ستغادر في صمت ..و لأنها ليست طبيعية كانت تكرر طلبها حتى سبب هذا لكلينا الاحراج عندما تدخل زملائنا لفض الاشكال و طلبو مني فضلا ان التقط معها صورة واحدة من اجل ان لا تتكدر اجوائنا الاحتفالية .
وضعت امام الامر الواقع ،اتذكر انني لم اتصنع حتى ابتسامة عندما التقطتنا الكاميرا سويا, هي فقط من كانت تبتسم ..و قد ظننت انها مجرد صورة للذكرى هي تريدها اما ان فلا اهتم بها و ان الامى سينتهي هناك الى الابد .
عدا ان تلك الفتاة أبت الا ان تضعني في موقف الاحراج مرة اخرى ، صدقوني لا افهم لحد هاته اللحظة لما تصرفت هكذا ؟ لما تعيش بتلك الطريقة الغريبة جدا ؟
استغراب و توتر و غضب حاقن راودني لاحقا مساء ذلك اليوم ..بينما كنت اتصفح تطبيق الفيسبوك صادفتني نفسي في صفحة الاستقبال ..ها نحن ذا مجددا ، كانت قد قامت هي بنشر الصورة على حسابها الخاص ، تلك الصورة تحديدا ! و احزرو ايضا ما فعلت هي ! كانت قد ألحقت تلك صورة بمجسم "ايموجي " قلب حب .
يا لهذا الجنون .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romanceانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .