مذكرات العقد الاخير : ارتياب

37 6 3
                                    

لطالما كنت شخصا هادئا و متزنا ، هدوء ينبع من اللامبالاة و اتزان وليد تجارب علمتني ان لا انفعل مع اي حدث عرضي بشاكلة لا ارادية ..عندما يتخذ الانسان الفعل او يرد الفعل دون تفكير في عواقب كليهما ،حينها تبدأ المشاكل في الظهور و تكثر الافعال و ردودها دون حصر الى ان يدخل في دوامة التخبط اللانهائية ..لست انا من يرد الفعل على تفصيلة تافهة تلوح في الافق ،التجاهل صعب جدا في هذا المحيط المستفز و لكنه الطريقة المثلى لتجنب التخبط الابدي .
في ذلك الوقت ،جرح كبريائي و انفطر قلبي .لم اطلب الشيئ الكثير ،فقط بضع دقائق او اقل حتى من اجل الاعتراف و هذا كلامي و موقفي ان شائت هي تقبلته و ان شائت رفضته ، هكذا تسير الحياة ، ينتقي الانسان ما يفيده و يترك ما لا يفيده ..عدا انني لم اترك حتى ،بل تم نفي في خانة الصداقة او الزمالة او حتى الاخوية ..
في تلك اللحظة التي غادرت فيها قاعة المراجعة مكسورا و محطما ، لاح في كياني حينها شعور غريب بالغضب و العدوانية لم اعهدها في السابق ، ادركت حينها ان ذلك العام سيكون صعبا جدا ، ذلك لانه العام الذي بدأ في التحول ..تحولي انا من شخصية هادئة و متزنة الى مسخ غاضب و عدواني .
قررت حينها انني ساغادر المعهد و اعود دياري دون ان اتفوه بشيئ و اني سأنفي عن غضبي في مكان ما اخر ..و لكن كلا ، لن يتركني المسخ بداخلي الا اذا ذهبت و اطلقت العنان له ..
بدأ التحول عندما رأيت صفاء ، هيام ، ياسين و طارق متجمعين في ساحة المعهد ، حينها ذهبت هناك و قاطعت حديثهم و ضحكهم و صرخت تجاهها هي : " ايتها الغبية ، من تظنين نفسك ؟"
وسط ذهول تام من هؤلاء الاربعة اردفت :" الان تلاحظين وجودي ! الان تنظرين الي ؟ ..يا لكم من حمقى جميعا "
حاول ذلك الفتى الوسيم نجم الصف "ياسين" التدخل قائلا بنرة تهديد : " هل جننت؟"
دفعت ذلك الفتى : " ابتعد عليك اللعنة" ..ثم رحلت في حالة غليان  تاركا الانطباع الذي تمنيت لو انهم لم يسموني به لبقية تلك السنة المظلمة في حياتي ، اصبحت الفتى العدواني و العنيف و العصبي ..تناقل الجميع ذلك الانطباع عني بينهم ..و انتقلت من ذلك الفتى الانطوائي الهادئ الى الشخص الذي يخافه جميع زملائه .بإستشناء صفاء ، لقد كانت الشخص الوحيد الذي لم يخف مني قط ، كنت انا من توجب علي الخوف منها ..الارتعاب حتى ، لأن ما صنعته هي بي لاحقا لم يكن لكي تفعله فتاة عادية تبلغ من العمر ثماني عشر سنة .

مذكرات العقد الاخير .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن