مذكرات العقد الاخير : ارتياب 5

36 4 0
                                    

لم تكن نهاية مشواري الدراسي مثيرة جدا للاهتمام ، اكاد اجزم بأني لا اتذكر اي سنة ولت او مضت قبل ان اصبح في الثامنة عشر من عمري ، لم اعش تلك الدراما التي تستحق الذكر ، عموما جميعنا سواسية هناك ، مجرد أناس عاديين يأتون يوميا لتلقي الدروس و تجاوز الاختبارات ثم يذهب كل من في حال سبيله ..عدا تلك السنة الاخيرة ، شعرت دائما ان ما حدث خلالها يستحق ان احفره في ذاكرتي و اتلوه عليكم .
لعل اول لقطة درامتيكية اشاهد نفسي خلالها و كأني  شخصية   تقليدية في مسلسلات الرومانسية ، هي ان وقعت في الحب من النظرة الاولى ، اللقطة الثانية هي قرائة نص البطل الثاني في ذلك المسلسل ، كنت الرجل المركون في الزاوية ، يشاهد متألما كيف ان الاحلام تتسع للجميع و لكنها لا تتحقق في نهاية المطاف .
ذلك الشعور بالاذلال و التقزز من نفسي كنت قد عهدته عندما رأيت هيام في صحبة رجل اخر ، كان هو بطل الدراما ..و لأن المكان الذي جئت منه لا يرحب بأولئك الذين يتخلون عن كرامتهم ، قررت حينها ان لا اكمل تلك القصة الدرامية و ان اتخلى كليا عن دور البطل الثاني و عن الحب و العاطفة و عن الاشخاص و عزمت على ان اعود الى ما كنت عليه ، فقط ذلك الفتى الهادئ و المنعزل الذي يتجاوز السنة الاخيرة بأقل مجهود دراسي يذكر و من ثم سنفكر حول ما ينتظرنا في المستقبل .
عندما اخبرتني صفاء ان لا احد ينتظرني ، كنت قد صدقتها على الفور ، لم و لن ينتظرك احد في هذا العالم ، الاشخاص على الاقل ، اما بقية الاشياء التي لربما تتفاجئ ذات يوم اها كانت تتهيئ لمجيئك ، فإنها في حقيقة الامر عواقب ما صنعته انت و ماعزمت على تحقيقه بكلتا يداك و من ثم  كوفئت به ..لا يوجد اي شيئ مجاني في هذا العالم الا الحب الحقيقي ..عدا  ان الحب مجاني صحيح و لكنه غير متوفر للجميع ..
كانت صفاء صديقتي الوحيدة في ذلك الوقت  ، و بالنظر في الامر لقد كنا اصدقاء دون تلكف ، دون ان نطلب ذلك من بعضنا البعض ،دون ان يعرف احدنا على صاحبه او يطلب ذلك حتى ..
مرت الايام و نحن نتمشى سويا ، ندرس احيانا ، نتجالس في الساحة و في القاعات ، نتابدل اطراف الحديث و نلقي بعض النكات ان اغضب احدنا الاخر فالاجواء الساخرة و الهزلية دائما ما تلين القلب ، كنا صديقين حقيقيين ..على الاقل اعتقدت انا ذلك .
و ها قد اتت فترة الامتحانات ، الاسبوع الأسوأ في كل ثلاثي من السنة الدراسية ، بالنسبة للأغلبية اما انا فلم اشعر و لو لمرة  واحدة ان الاختبارات صعبة ، ذلك لأنني كنت ذكيا جدا .
و بالفعل على الرغم من انني لم ادرس بجد ، لم ادرس ابدا للتصحيح ، الا ان الاختبارات كانت في المتناول كعادتي في التعامل معها بأسلوب السهل الممتنع ..
و من ثم حلت العطلة اخيرا ..سأتمكن الان من تناول البيتزا ..لأول مرة .

مذكرات العقد الاخير .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن