لمن لا يعرف الشمروخ ، فهو نوع من الالعاب النارية الملتهبة التي تحتوي على فتيل يتم اقتلاعه منه فيبدأ بإخراج دخان ناري كبير يغطي مساحة كبيرة في الجو .
و لكن اولئك الذين لم يجربو مثل هذه الالعاب النارية، هم لا يعلمون قطعا ان الشمروخ لا يحتوي على صمام امان يخوله من التوقف عن الالتهاب عندما تصل درجة الاذابة الى اليد التي تمسكه ، فاذا اشتعل الشمروخ بين يديك و لم تقرر القائه بعيدا عن متناولك ، حينها سيسبب ضرر و حروق بليغة على يديك من الممكن ان تؤدي لبترها حتى ..
في تلك اللخظة كنت قد القيت بالشمروخ بعيدا و اطفأته ، و لكنني شعرت بقلق كثير حول صفاء و هيام خصوصا عندما سمعت صيحات الهلع و الفزع تخيم على الارجاء ..صحيح انني امقتهما بشدة و لكن ايضا لا استطيع تمني حدوث سوء لهما ..و لهذا في تلك الرقعة المليئة بالدخان الاحمر و الضوضاء المزعجة بدأت بالبحث عنهما حتى اراقب كيف تشعلان الشماريخ ..و قد شعرت بالارتياح عندما لمحت هيام ترقص و تغني بدون استعمال الشماريخ ، يبدو انها خافت بالفعل من تلك التجربة و خيرت ان لا تخوضها ..في المقابل واصلت بحثي عن صفاء و بعد لحظات كنت قد وجدتها و هي تتحضر لاقتلاع الفتيل و اشعال الشمروخ ..عدا انني شعرت بالقلق الشديد عندما رأيتها محاطة بالفتيات فقط ، لم يكن هنالك شاب ما بجانبها حتى يخبرها ان تلقي الشمروخ و تطفئه عندما تحين اللحظة ..كنت خلفها مباشرة اراقب عن كثب ما تصنعه ..كانت متخمرة بالموسيقى و الاهازيج و الشمروخ بين يداها و هي لا تراقبه ، كنت انا من يراقبه ..و بالفعل ما شعرت به في السابق كان صحيحا ..لم تكن صفاء واعية بالشمروخ الذي يشتعل و ذوبانه الذي يتجه الى الاسفل رويدا ..تمنيت من قلبي ان تنتبه لما يحدث بسرعة حتى اتجنب انا التدخل ..و لكنها لم تفعل ذلك و لهذا وضعت امام الامر الواقع ، لن ادع تلك الفتاة تحترق بالألعاب النارية ، اقترب حذوها رويدا رويدا و نظري موجه بالكامل الى مستوى الذوبان الذي ينخفض ، و عندما حانت لحظة الالقاء كنت قد مددت يدي عاليا و افتككته منها و من ثم قمت برميه في الاسفل و اطفئته بحذائي ..
سرعان ما لاحظت صفاء الامر ، عندما لامست يدي يداها اثناء خطف الشمروخ ، التفت لي و هي تقفز و تغني بملامحها السعيدة جدا ، اما انا كنت في حالة ذهول ..لم نكن نسمع بعضنا البعض اصلا ، لقد ظللت اصرخ : " الشمروخ احترق بالفعل " و لكنها لم تولي الامر اهمية و ظلت تغني و ترقص في حالة هستيرية ..شعرت في لحظة ما انها كانت تتعاطى الممنوعات في ذلك الوقت ، و لكنه مجرد توقع ناتج عن خيالي الشاسع ..فجميعهم كانو في حالة هستيرية ، بدا و كأنهم غير واعون بهذا العالم و انهم بالفعل في عالم موازي ، و لهذا لم أشأ ان اوقظها من نشوة احلامها تلك فتراجعت للوراء في صمت ...
كنت جالسا على كرسي قد اخرجته بالفعل من احدى القاعات الى البهو اين يمكنني مشاهدة احتفال الجميع و صخبهم ..كنت ارى هيام بطباعها الباردة حتى في احتفالها ، تبدو و كأنها لا تتخذ اي قرار عفوي ابدا ، هي فقط تحتفل في حدود استطاعتها ..اما صفاء كانت في حالة من الجنون لدرجت انني شعرت بخطر سقوطها من حواجز البهو ..و لهذا كنت اراقبها ..لقد كانت مراقبتي لها نوع من انواع رد الدين على خدمتها التي لن انساها لها عندما حالت دون طردي من المعهد ،اتقذتها من الاحتراق و ها انا احرسها من السقوط حتى اتساوى معها الى الابد ..اما مشاعر الكره و الخذلان تلك ستبقى على حالها .
استمرت صفاء في الرقص و الغناء ، و لم تمر سوى دقائق حتى التفتت و رأتني جالسا ورائها ، ثم وجهت ناظريها الى الساحة اين يوثق الجميع احتفالها الجامح بهواتفهم ..و لكن في تلك اللحظة سرعان ما التفتت لي مجددا ثم صرخت : " وسام"
كنت قد ايقنت انها تناديني و لكنني التزمت الصمت .
كررت ندائها :" وسام"
اجبتها صارخا :" ماذا؟"
- انا سعيدة جدا ..
ظلت تصرخ مبتسمة لاربع مرات قائلة لي :" انا سعيدة جدا " .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romanceانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .