اتذكر ، عندما كنت في الثالثة عشر من عمري ، كنت اخرج للعمل في المدينة كبائع لزهور "المشموم" التقليدية ، المشموم هي عبارة عن زهرات ياسمين و فل يتم تشكيلها في شكل باقة و تباع للسياح و الازواج الذين يتنزهون في ارجاء المدينة ..كان عملا شاقا جدا و غير مربح ، كنت اقطع كيلومترات من التجول و عرض المشموم على الناس و قلة هم من يشترون مني على الرغم ان الثمن كانا بخسا ، هو مجرد "دينار" لا يغني و لا يسمن من جوع ..و لكنني كنت سعيدا ليس بسبب المال القليل و لكن بطريقة ما شعرت انني اعتمد على نفسي ..كما هو الحال لحد هذه اللحظة ..
اتذكر في ذلك اليوم ، عندما اقتربت من ذلك الرجل و تلك المرأة و قاطعت اجوائهما الحميمة ، قلت لهما : " عمي ، هل تريد شراء مشموم؟"
و لكنه تجاهلني ، اعتقدت انه لم يسمعني و لهذا اقتربت قليلا منهما و كررت سؤالي : "مشموم ؟"
ظل ذلك الرجل يحدق في و من استخرج دينارا من جيبه و صرخ : " ايها الشحاذ ، خذ هذا الدينار و اغرب عن وجهي "
شحاذ؟ هل نعتني ذلك الرجل بالشحاذ ؟ ، لم ادرك الامر و قمت بعض يديه بأسناني حتى صرخ من الألم و قام بركلي و لكمي و ضربني عدة مرات حتى تدخل المارة و انقذوني منه ..
و ذلك الموقف يكرر بعد خمس سنوات ، هذه المرة يتجسد امامي ذلك الرجل الفظ و الحقير في شكل فتاة كنت بمثابة ملاكي الحارس ، كانت اعز صديقة لي ..و لكنها لا تصرخ كما فعل هو ، بل كانت تهينني بهدوء و كأنها خططت لذلك مع هؤلاء الحمقى الذي من بينهم اول حب في حياتي ..يا لها من مهزلة ، لو كان من اهانني في ذلك الوقت فتى او رجل لقمت بدفنه في الارض هو و ماله ..و لكنها كانت هي ..امر صعب ان تهينك امرأة لأنك لا تسطيع لكمها ، فما بالك لو كانت ترك المرأة هي ؟
و لهذا كان لبد مني الا ان ارد الاهانة بنفس الشاكلة عندما طفت العشرون دينار من يدي مع الرياح و غادرتهم في صمت ..اعتقد بأن في ذلك الوقت كنت قد تخليت عن جميع مشاعري تجاه صفاء و هيام للأبد ، و قررت بالفعل ان انهي هذه المهزلة في نفس اليوم الذين ارادو فيه الانتقام مني ...و بالفعل كنت قد سارعت في اقتناء الشماريخ و تواصلت مع كليهما في ذات اليوم و اخبرتهما ان نلتقي امام المعهد لاحقا بعد الزوال .
و بالفعل جلبت في حقيبتي الشماريخ التي باعها لي ابن حي و سلمتها لهم ..بعد ذلك كانت مجرد جملة واحدة اردت ختم تلك العلاقة بها ، فبينما كا يسارعان في وضع الشماريخ في حقائبهما ، كنت قد حدثتهما بهدوء : " صفاء ، هيام..لا اعلم لماذا تصرفتما معي هكذا ، و بصراحة لم اعد مهتما بمعرفة السبب ..فقط دعونا لا نتقابل مجددا و لا نتحدث ابدا مرة اخرى .
ثم غادرت على وطئ كلمات هيام : " هل ستأتي غدا ؟"
التفت و انا اتصنع ذلك الضحك قائلا :" سأتي طبعا ، اتمنى ان لا اراكما هناك" .
ثم رحلت ، و لأصدقكم القول لقد شعرت براحة كبيرة عندما رحلت ..شعرت بأن حملا كبيرا قد ازيل من على كاهلي ، شعرت اخيرا ان الشيئ الوحيد الذي اصبو اليه الان هو الاحتفال ..لا اعلم كيف شاء القدر ان يمنح لي فرصة اعتزال البشر قبل يوم واحد من يوم الاحتفال ..و كأنه يطلب مني ان اتي غدا لامرح و اغني و احتفل ..انها حفلة توديع جميع العلاقات المزيفة .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romantizmانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .