الخطأ لحظة و الندم سنين ..ذلك.هو الاقتباس الاصح لما اقترفته انا و شكل اكبر تهديد مباشر في حياتي ..صحيح انني دخلت في مشاجرات و عراك لا ينتهي مع الاخرين ، صحيح انني قللت من احترام العديد من البشر ، لكنهم كان يستحقون ذلك ..عدا ان الحياة لا تسير بهاته الشاكلة العدوانية و العنيفة التي كنت انا عليها عندما لعنت ذلك المدعو الحقير "الاستاذ" على مرئ و مسمع من الجميع ، حينها ادركت انني على وشك تدمير مستقبلي الى الابد ، في تلك اللحظة التي نفست فيهة عن غضبي منه ، كنت قد ندمت في الحين ، و لكن كون ذلك الرجل السئ حقير لدرجة لا يتخيلها احد ، فإنني قررت ان لا اعتذر اليه ، بالمقابل جمعت اغراضي و غادرت القاعة و المعهد و انا على يقين ان ذلك اليوم من شهر يناير من سنة 2015 هو يومي الاخير على مقاعد الدراسة .
اتجهت نحو المنزل و جلست في حالة ارتعاب شديدة ، لم اكن افكر في نفسي على وجه الخصوص و عن حياتي التي تدمرت الى الابد ، و لكنني كنت بطريقة ما او اخرى خائفا بشدة من والدتي و رد فعلها ما ان تسمع بما حدث في ذلك اليوم ..كانت الساعات تمر و كأنها سنين و انا في انتظارها حتى اخبرها بالامر.
ما ان دخلت امي الى المنزل في المساء بعد يوم مضني و شاق من التعب ، لم اتمالك نفسي ان انتظرها حتى تجلس و تأخذ قسطا من الراحة، بل بالاحرى لحقت بها الى المطبخ و قلت بصفة مباشرة :" لقد انقطعت عن الدراسة "
و بدا من محيا امي و ردة فعلها ، انها لم تأخذني على محمل الجد ، حيث ظلت تتمتم حول ما ستطبخه للعشاء و لماذا تأخر ابي عن القدوم و مثل تلك الترهات العائلية المعتادة ..حينها صرخت مجددا :" لقد طردت!"
الان هي تستمع ! عندما غيرت كلمة انقطاع ب "الطرد" اختلف الامر و ازداد صعوبة على امي عندما بدت عليها ملامح الدهشة و التوتر ..ذلك لأنني كنت اكرر لها انني سأنقطع عن الدراسة يوما ما و لم افعل ذلك قط ..عدا ان الطرد فهو امر لا امل يرجى منه و لا يتغير بتغير موقفي ..بالفعل حصل الامر و ها هي اللحظات الصعبة مجددا عندما ارى امي تذرف الدموع و تخاطبني بهلع :" هل هذا صحيح ؟ ماذا فعلت ايها الوغد الصغير ؟"
و من ثم بدأت بتوجيه لكمات خفيفة بيداها العاريتان تجاه صدري و هي تكرر التلعثم و الاسئلى العشوائية ..
حينها ذرفت الدموع معها , لعلمكم تلك كانت اخر مرة بكيت فيها ، لأنها اول و اخر مرة خيبت ظن امي فيها ..
و من ثم اتى ابي و قام بطردي ، نعم لقد طردت خارج المنزل عندما سمع ابي بالامر ، و ها انا جالس على الرصيف لا ادري اين اذهب و كيف سأتصرف ..
كنت بالفعل قد بدأت في البحث عن عمل من معارفي في الحي ، لقد كانت الدراسة فصل و انتهى في حياتي ، على الاقل ظننت ذلك انذاك .
في وقت متأخر في الليل ، كنت جالسا في ذلك المقهى الفارغ الذي لا يغلق ابوابه ابدا ، انا و بعض المشردين كل منا جالس على كرسي في طاولة معزولة ، بعضنا تمكن من النوم و البعض الاخر سيطر عليه الارق بالفعل ..
هاتفتني امي ان اعود للمنزل لاكثر من مرة و لكنني ابيت و اخبرتها ان لا تقلق بشأني و اني في منزل احد معارفي ، حتى حل الصباح و استفقت على مكالمة امي مفادها انها ستذهب للمعهد من اجل الاعتذار نيابة عني من ذلك المدعو الحقير ، لهذا لحقتها بسرعة حتى امنعها من ذلك لأنني لا اريد من امي ان تتذلل لاي شخص كان , خصوصا لهؤلاء الاوغاد الانتهازيين ...و لكنني لم اصل في الوقت المناسب .
رأيتها بالفعل تحادثه في ساحة المعهد ،و لكن شعرت ان شيئ ما خاطئ ..امي تبتسم ؟ و ذلك الوغد يبتسم بدوره ؟
اقتربت حذوهما و ناديت امي :" اماه ، ماذا تفعلين ؟"
- وسام ، اقترب و اعتذر لمعلمك ..لقد.غفر لك (كانت امي تشعر بسعادة غامرة ، كنت ارى ذلك في عيناها الجميلتين)
و لأنني لم ارد ان ارفض طلب امي امام ذلك المعتوه ،كنت قد تقدمت بالفعل و قلت له :" سامحني " ( نعم لقد كنت ذليلا ، و لكن لا يهم طالما ان امي لا تحزن)
تصنع ذلك الحقير حينها ابتسامه و قام بحضني قائلا :" اعلم بالفعل انك اخطئت و ندمت ، لهذا لم اكتب عنك تقريرا للمعهد "
و لكن لماذا ؟ كنت اسأل نفسي لما لم يستغل ذلك الرجل الموقف و طردني من المعهد ،لما لم يجعلني اتذلل اليه حتى من اجل الغفران؟
و من ثم غادرت والدتي و تركتنا بمفردنا ، لم اكن اعلم ما اقوله في تلك اللحظة، و لكن ذلك الوغد حافظ على شخصيته الحقيرة و اجزم انه لا يزال حقيرا الى حد.هذه اللحظة ..لقد تغير وجهه الباسم الى ملامح غاضبة و مستفزة عندما قال :" ايها الفتى ، انت محظوظ جدا لبقائك هنا ، لولا زملائك لكنت اول من يطردك خارج اسوار هذا المعهد ، و لكنك لن تحضر حصصي مجددا , هذا اتفاقنا " .
أنت تقرأ
مذكرات العقد الاخير .
Romanceانه انا من يحدثكم بمذكراته حول السنة الاصعب التي قضيتها في حياتي ، السنة الدراسية التي عهدت فيها الحب لأول مرة .