كان يتقلّب في فراشه، جسده غارق في عرقه، يده تمسك رأسه بقوة، وملامحه تحمل ألمًا دفينًا. تحرك بعشوائية وكأنه يحاول الهروب من شيء ما. في عقله كانت الذكريات تدور بلا هوادة، ولكنها مشوشة، مكسوّة بفراغ أبيض لا يسمح له بفهمها. فجأة، برزت أمامه صورة عيون خضراء، غارقة في المياه. صراخ، بكاء، وعراك. انتفض فجأة من نومه وهو يصرخ: "هيلي!"
اشتعلت أضواء الغرفة بسرعة. كان فرانك يندفع نحو ماسيمو، يحمل كأسًا من الماء بيديه المرتعشتين. جلس إلى جواره، وبدأ يتفحصه بعينين تحملان القلق.
"هل أنت بخير؟" سأل فرانك بصوت مطمئن لكنه حذر.
"نعم، عمي فرانك. شكرًا لك." ردّ ماسيمو وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة.
"هل كان نفس الحلم مجددًا؟"
هزّ ماسيمو رأسه، وهو يقول بصوت منخفض: "نعم، نفس الحلم. أنا لا أفهم شيئًا منه. أرى الفتاة ذات العيون الخضراء التي أخبرتك عنها سابقًا. تنادي عليّ، لكنني لا أسمع اسمها. تشير لي، لكن وجهها يظل غامضًا، لا أستطيع أن أراه أو حتى أتعرف عليه. هذه المرة كانت تغرق في المياه، وكنت أحاول إنقاذها، لكنها تهجم عليّ وكأنها تريد إيذائي! لا أفهم... أحلامي هي نفسها منذ سنوات، فقط تضاف إليها تفاصيل بسيطة بين الحين والآخر. هل تعتقد أن هذه الفتاة كانت جزءًا من حياتي السابقة؟"
ابتسم فرانك بهدوء، وربت على كتفه قائلاً:
"نعم، من الممكن جدًا. وهذا أمر جيد، يدل على أن ذكرياتك بدأت تعود شيئًا فشيئًا."تنهد ماسيمو، وهمس وكأنّه يتحدث إلى نفسه:
"أتمنى ذلك حقًا."نهض فرانك وهو يضع الكأس الفارغ على الطاولة بهدوء لينطق:
"والآن، حاول أن تعود للنوم. بوني ستأتي صباحًا.""حسنًا... وأعتذر عن إيقاظك."
أومأ فرانك له بابتسامة خفيفة، ثم غادر الغرفة.
بقي ماسيمو جالسًا على السرير، عينيه مثبّتتان على السوار الأحمر الذي يحيط بمعصمه. كان يحاول التذكر، يحاول أن يربط بين هذا السوار وأحلامه، لكن الألم في رأسه لم يمنحه فرصة لقد مداهمه بقوه.
ليمسك علبة الدواء بجواره وتناول جرعته المعتادة، ثم عاد ينظر إلى السوار. بصوت منخفض ومملوء بالشوق، همس:
"من تكونين؟"............
حل الصباح، وكان ماسيمو يجري دوراته اليومية المعتادة في الهواء الطلق. بخطوات ثابتة ونشاط واضح، كان يفكر بعمق، بينما الموسيقى تتردد في أذنيه عبر السماعات التي أهدتها له بوني. عضلات جسده المشدودة وأشعة الشمس التي تنعكس على جلده العاري أضافت لجاذبيته حضورًا قويًا.
توقفت سيارة أمام المنزل، والتي كانت تخص بوني. لفت نظرها ماسيمو وهو يركض، عيناه مركزتان على الطريق، ثم توقف فجأة ليلتقط قارورة المياه. ارتشف منها قليلاً، قبل أن يسكب الباقي على صدره، مشعلاً ارتباكها وهي تراقبه دون وعي. لم تنتبه إلى أنه ينادي عليها لأنها شارده به، فتقدم بخطوات هادئة نحو السيارة، وطرق على نافذتها ليعيدها إلى الواقع.

أنت تقرأ
That's my life
Aksiصوت تحطيم الأشياء كان يتردد في أرجاء الغرفة ، وكأنها تعبر عن الفوضى التي حدثت عندما فُتح الباب ، دخلت العائلة دفعة واحدة ، وكأنهم قد وقعوا في مشهد من فيلم! كانت الغرفة مليئة بالقطع المتناثرة : كسرات الزجاج ، وقطع الأثاث المقلوبة ، وكتب متناثرة . و ف...