الفصل أربعة و ستون:ألم

94 5 5
                                    

عاد لودريك إلى بيت مات من جديد،وقف للحظة وراء الباب وهو يفكر في نفسه:هل أستطيع فعلها؟..كيف سأوجهها من جديد؟..لقد تركتها وحيدة؟..ماذا سأفعل؟..
كانت هذه الكلمات قد جعلته يتردد للحظة،لكنه أمسك زمام نفسه وضغط على الجرس مرتا واحدة،و وقف ينتظر قدومها،قال في نفسه من جديد وهو فاقد الأمل:لقد بدأت تكرهني..بل كانت تكرهني سابقا..و أكثر الأن..أنا..أسف أختي..
لحظتها عندما قرر الرحيل،فتحت له الباب،لم يصدق نفسه عندما سمع صوت الباب يتحرك،أدار وجهه ليجد أخته واقفتا أمامه ترتدي فستانها الأبيض المنزلي،قالت بصوت منخفض:((فلتدخل..)).
دخل بخطوات بطيئة،تغير المنزل كليا عن أخر مرة كان داخله،حوالي ستة عشر سنة،وهو وقت طويل جدا،أغلقت أخته الباب ثم أتممت:((إتخذ لنفسك مكانا)).
جلس في غرفة الضيوف،بدأ يشاهد الصور المعلقة في الحائط،صورها هي و زوجها قبل أن يتركها،و صور مات عندما كان صغيرا،و حتى واحدة أخرى مع أصحابه في الجبل،كانت أخر مرة رأى فيها لودريك إبن أخته،كان عندما كان عمره سنتين،صغير جدا،لكنه لم يجد صورة له هو،فقد إلتقط العديد منها هو و أخته عندما كانا صغارا،إذن هي تكرهني بعد كل شيئ.
جائت بعدها تحمل الشاي و بعض الحلويات،قالت عند جلوسها:((ماذا تفعل هنا إذن..)).
قال وهو متوتر جدا،توقفت الكلمات في حلقه:((أنا..أنا جئت كي..أطلب منك أن..تسامحيني..)).
صمتت دون أن تعطي جوابا،أخذت رشفة شاي ثم قالت:((لقد تركتني وحيدة..)).
لقد علم أنها ستقول كلاما مثل هذا،لذلك كان يعلم جوابه:((لقد كنت أعمل كثيرا..لقد كنت في مدن كثيرة..و أنت تعلمين هذا..)).
قالت:((لكنك لم تأتي لرؤيتي حتى لنصف يوم..أنت تعلم أني عمياء..و الأكثر عندما مات إبني لم تأتي حتى لمواساتي..يالا الخسارة..)).
قال بصوت مرتفع:((لم أكن أعلم...لقد أخبرني المدير فقط البارحة..لم أكن أعلم..)).
قاطعته:((ألم تكن تعلم أن زوجي تركني،إذن أين كنت حينها)).
لم يجب،فلم يكن ماقاله مجرد كذب،فقد كان يعمل في أماكن كثيرة،لسبب مجهول حتى الأن.
أتممت أخته تقول:(( هل تعلم كيف يكون ألم فقدان إبنك..أن أفقد النور الذي يقودني في الظلام الذي أنا أعيش فيه..أن تفقد جزء من جسمك..إنه أمر صعب..)).
بدأت يداها ترتعشان:((...و الأكثر ألما..أنني لم أرى وجهه طول حياتي..لم أرى إبتسامته..غضبه..بكاءه..مراحل نموه..كان صوته فقط ما أسمعه..ودفئه مايجعلني أحس بوجوده..)).
بدأت تبكي:((..لكنه إختفى في لحظة واحدة..و بدأت أشعر بالبرد من جديد..البرد القارس..)).
بدأت تنهار من البكاء،لم يستطع لودريك التحمل،لذلك قام بعناقها و ضمها بكل قوته:((أنا لن أتركك من جديد،و سأفعل المستحيل لتشعري بالدفئ من جديد..فكل ما أفعله هو من أجلك)).
قالت بصوت مبحوح:((كيف؟!!..)).
أجابها وهو يقف من مكانه:((الأسبوع القادم سوف نسافر إلى فرنسا..مكان بعيد لكن ستحبين الأمر..)).
وقفت أيضا بدورها:((لكن لماذا؟؟..)).
أجابها:((حينها سوف تعرفين..)).
ترك قبلة على جبينها ثم رحل،لتجلس وحيدة في غرفتها،وقالت قبل أن تغض في نومها:((مات..لقد إشتقت إليك...)).

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 22, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

متاهة الأصدقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن