كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة والنصف بعد منتصف الليل عندما وصلت لبوابة المبنى، الهاتف كان علي وضع الطيران لأتجنب أي مكالمات متوقعة، لذا على الأغلب ينتظرني نوع ما من الهستيريا في الأعلى.
العشر ثوان التي قضيتها في المصعد أحدق بإنعكاسي الذي يعطيني وجه البوكر علي مرآة الجدار الداخلي للمصعد جعلتني أدرك أني فعلت شيئاً مبالغاً به..قليلاً فقط.
فتح المصعد أخيراً، وكان علي سحب خطواتي خارجاً أشعر وكأن كتفاي يزنان عدة أطنان.
فتحت الباب بنسختي من المفاتيح، الظلام كان كل ماقابلني بالإضافة للصمت التام..حسناً، لنأمل فقط أنهما ليسا في مكان ما خارجاً يبحثان عني.
فتحت ضوء المدخل البرتقالي الخافت، فقط لأجد طريقي للمشجب وخزانة الأحذية، وما إن خطوت داخل الصالة حتى ظهر أمامي الأثنان من اللامكان، تعابير مرتاحة جداً وعدة تنهيدات ثم صمت تام قطعه روسلان بعد دقيقة.
-هل أنت بخير؟
حدقت به للحظة قبل أن أتمتم أني كذلك، ألكسيس ظل يتحرك مكانه بتوتر دون أن ينظر لعيناي، بدا ذلك كنوع من الشعور بالذنب، لكنني لم أرد التحدث عن الأمر أو الخوض فيه مجدداً لأي سبب.
سحبت خطواتي لغرفتي دون كلمة، أغلق الباب خلفي، المفتاح والهاتف على الطاولة جوار السرير، أنزع الجوارب، ثم أحدق في الظل الممتد فوق السرير..
عندما رفعت عيناي لباب الشرفة الزجاجي حيث ضوء الشارع الفضي ينير نصف الغرفة تقريباً، كان هو هناك، مستنداً للباب يعقد ذراعيه أمام صدره، وفكرة أن يسند أحدهم ظهره لباب شرفة زجاجي منتصف موسم تساقط الثلج جعلتني أرتجف برداً.
ملامحه لم تكن واضحة بسبب وقوفه معاكساً للضوء، لكنه على الأغلب ليس سعيداً.
أحدهما أو كلاهما أتصلا به كما يبدو، منذ أنه لم يعد قارداُ على إيجادي أو نقلي منذ كسر الختم، لذا..لم يكن أمامه سوى الإنتظار هنا.
تنهدت بخفة لأجل الصمت الذي استمر لدقيقتين الأن..وقبل أن أفتح فمي لمحاولة قول أي شيء سبقني هو.
-أين كنت؟
صوته كان خافتاً، جامداُ ومظلماً..لو أن هذا ممكن.
ربما عدم قدرته على معرفة مكاني يؤثر عليه أكثر مما ظننت.
-عند زميل.
قلت دون أن أنظر إليه، أرفع أغطية السرير وأنزلق تحتها جالساً في إنتظار هذه المحادثة البطيئة لتنتهي.
-من؟
هذه المرة كانت نبرته منزعجة، لا تزال هادئة مع ذلك..وحسناً..