Dallas , POV
-مثالي!
صفق رئيس القسم المرح بيديه بعد أن أنهيت قراءة الخطاب على كل أساتذة القسم الذين أقاموا إجتماعاً صغيراً لهذه المناسبة.
-كان ذلك جيداً جداً دالاس، مخارجك ممتازة.
قالت بروفسور الصوتيات التي لا أذكر اسمها بابتسامة لطيفة، ولم أستطع حمل نفسي على مبادلتها.
حسناً..لقد استغرق الأمر عشرة أيام من التدريب المستمر مع يونيا حتى أصبحت قادراً على إلقائه دون النظر للورق.
-نحن جاهزون إذن!
قال رئيس القسم بحماس، بينما يقف عن مقعده يتقدم حيث أقف أمامهم، يربت على كتفي بقوة ألمت مفصلي قبل أن يتخصر ويلتفت محدثاً الجميع.
-الأن يمكننا الأسترخاء، مع ذلك سنبقى البديل مستعداً في حال حدث أي ظرف.
أضاف الجملة الأخيرة ملتفتاً إلي، وبذلك إنتهى الأمر بأفضل طريقة ممكنة. بدأ الجميع ينهض للتوجه لمحاضراتهم، بينما أنا أنسللت بينهم قبل أن أعلق وحدي مع رئيس القسم محب الثرثرة.
كانت تلك محاضرة ڨالديمار، والذي كان أكثر تجهماً وأقل كلاماً مؤخراً، لحسن الحظ.
جلست جوار كاسيوس الذي ألقى نظرة سريعة تجاهي قبل أن يعيد عينيه حيث ڨالديمار يكتب ملاحظات غير مرئية على اللوح الأبيض العريض.
***
شارداً في السطح الساكن لقهوته المرة الساخنة، بخارها يتصاعد مموهاً رؤيته، عيناه لا تريان سوى نفس الصورة لدالاس الباكي تهاجم ذاكرته كل دقيقة.
دالاس المتكور على نفسه في زاوية المقعد الكبير يبكي موت الرجل الذي كان على بُعد طعنة خنجر من قتله!
أطلق زفرة طويلة بينما يخفض جبهته لعقدة يديه المنصّبتان فوق طاولة مكتبه، الشيء الوحيد الذي ربطه بالواقع هو رائحة القهوة المتصاعدة لأنفه، بينما وعيه كان عالقاً في سلسلة لا نهائية من الصور والذكريات..
صورة أول أشعة سونار لدالاس، والتي أجراها بنفسه..
أول مرة رآه فيها بعد ولادته، كانت بعد ثلاث أيام من الحادث، كان بالكاد يستطيع إدراك أنه حي..
بعد تحوله لم يعد أي شيء مألوفاً أو طبيعياً، لم يدرك ما هو أو ماذا أصبح، كل ما أراده هو رؤيته..قطعته الصغيرة التي خرجت للحياة من قلب الموت، وعندما فعل، تحدق له العينان الخضراوان الكبيرتان بغرابة ثم تتحرك يديه الصغيرة بغير إتزان في محاولة للوصول لوجهه..
كانت تلك لحظة إنكساره الكبرى..
لقد إنهار باكياً بين يدي طفله الدقيقتين، بكى لأنه مع كل الفوضى والخسارة التي علق بها، وجد أخيراً ضالته..