كندا،أوتاوا:أونتاريو.
حملت إليسيا فنجان القهوة اليونانية الساخن لمكتب السفير،تطرق الباب مرتين وتنتظر حتى سمعت صوته يطلب منها الدخول.
كان يسند مرفقه للمكتب و وجنته لقبضة يده،يمسك قلم رصاص يخربش بعشوائية على الظهر الأبيض لورقة مطبوعة لا يحتاجها،ولم يرفع عينيه إليها حتى بعد أن تقدمت من المكتب تبتسم وتضع الطبق الخزفي الصغير و وفوقه الفنجان.
-أعتقدت أنك قد تحتاجه الأن منذ أنك لم تحصل على ما يكفي من النوم!
قالت عندما لم يبد أي رد فعل،مع ذلك لم يرفع عينيه إليها وتمتم بشكر خافت.
الصمت المثير للتوتر الذي خلفه ذلك جعلها تنسحب بهدوء مغلقة الباب خلفها.
تتجاهل الغصة أعلى حلقها،تذكر نفسها أنه لا يتعمد أن يتجاهلها،وأنه فقط ليس على ما يرام مؤخراً!
.......
السيارة التشفروليت البيضاء كانت متوقفة على بعد خمس عشر متراً من الحاجز الأمني أمام السفارة والتي إستأجرها إرمولاي بعد وصوله لكندا قبل سبع عشر ساعة.
إرمولاي كان في مقعد السائق يرتدي نظارته الشمسية ذات العدسات البنية الكبيرة ويحدق من فوق إطارها المنزلق على عظمة أنفه للخارج،يسند ذقنه لعجلة القيادة وينقل عينيه لساعة السيارة كل نصف ساعة.
أوقات العمل الرسمية تنتهي في السادسة مساء،لكنه وضع إحتمال كون السفير قد يبقى في الداخل لوقت إضافي.
سفير..
كان ذلك كثيراً بعض الشئ،أياً كان من فعل ذلك فهو بالتأكيد بالغ بوضعه في منصب كهذا،بلا خلفية سياسية معروفة،ولا إنتمائات سياسية ولا أي شئ منطقي قد يجده البشر إن أعادوا النظر في تاريخه السياسي..تاريخه الوجودي في الواقع.
كيف تمكن ذلك الشخص من وضع شخص ليس موجوداً في أي سجل مدني لأي دولة في منصب كهذا؟
كان عليه أن يخاف،يعلم ذلك،وربما كان الأمر كله فخ ما..لكنه لا يستطيع فقط تجاهل الأمر.
لكن إن كان شخص ما يريد إستغلال قدرته لفعل شئ ما..فهو بالتأكيد لن يدع ذلك يستمر لوقت أطول.
بعد ساعات من الأنتظار رأى أخيراً السفير يخرج من البوابة الرئيسية مباشرة للسيارة التي توقفت أمامه،يرى أيضاً رئيسة حرسه التي تبعته تقف مكانها للحظة ثم تلتفت بحثاً عن شئ ما،عنه غالباً،لكنها في النهاية تبعته لداخل السيارة التي أبتعدت تتبعها سيارة أخرى.
عندما تلاشت السيارتان عن مجال رؤيته تراجع في مقعده يدفع النظارة لتغطي عينيه يشغل المحرك ويدير السيارة للطريق المعاكس للذي سلكته سيارة السفير.
يقود في طريق سريعة لا يعلم إلي أين تؤدي،مشتت لحد بالكاد يجعله لا يصطدم بالسيارات المجاورة له،غاضب أيضاً لسبب لم يرد الأعتراف به.
