IX 9

142 13 0
                                    

• الفصل التاسع •


استيقظت صباحاً على صوت العصافير على نافذة غرفتها شاهدت خيط من اشعة الشمس نادرة الضهور في هذا الجو الشتوي الحالي، وضعت راسها على الوسادة مجدداً ونظرت للسقف، تذكرت امر تبنيها فشعرت بالقلق الشديد.
"لا أود الرحيل" تكلمت بداخلها وشعرت بأنها ضحية، تشعر بالخوف، لابد وانهم سياخذوها لمكان بعيد جداً، لاملجأ لا كنيسة لا ثيماتوس لا ابرام مجدداً.
"هل يعقل بان ثيماتوس تركني؟" تسائلت في نفسها، تتذكر انانية ثيماتوس فتنهدت، اجل يستطيع تركها ونسيانها ايضاً فهو كان سيقتلها ذات مرة لأنه بلا رحمة! وقفت اخيراً متجهة نحو خزانتها لتخرج ملابساً لم توضبها في الحقيبة لاجل ان ترتديها اليوم، سحبت قدميها بثقل ودخلت الى الحمام.
انتزعت قميصها وتقدمت نحو المراة، حركت عنقها حيث عضة ثيماتوس، ابتسمت لا اراديا وشعرت بالحزن، تحركت نحو المغطس التالف القاسي الملمس وملأته بالماء شبه الدافئ ودخلت لتستحم بهدوء تتمنى ان لا ينتهي الوقت ابداً او أن تتجمد هنا بدون أن ياخذها احد الى أي مكان، ضلت جالسة تفكر بهدوء ناظرة نحو سقف الحمام وقطرات الماء تنسال على وجهها لتبعث رعشة برد في جسدها، اغمضت عيناها لتشغل بالها باشياء جميلة منها رؤية ابرام مجدداً! بذكر أمر ابرام ، هو كثيماتوس غادر للمملكة التي لااحد يعرف اين بالضبط، ليس كان ريتا ستذهب الى هناك! لانهم بالتاكيد سيقتلونها ولاضير في ذلك، ثيماتوس اراد قتلها وهو يعلم بانها الفيكتور فكيف بمن لايعلم بامرها.
أخرجت قدماها من الماء وتوقفت لتنشف شعرها وجسدها، سحبت ملابسها وارتدتها بسرعة، رتبت شعرها القصير بطريقة عشوائية، شعرها الذي لم يعجب ثيماتوس ابداً، فلطالما جره بخبث. نظرت للساعة المشيرة لـ السابعة والنصف، لقد تاخرت، ارتدت كاب على راسها لان شعرها لايزال مبللاً ثم خرجت بسرعة نحو الفصل دون ان تاخذ كتبها او اي شيء ، ستجلس فقط مع اصدقائها لتودعهم !!
تحركت داخل الممر المؤدي للفصل والبعض يحدق بها ويهمس مع بعضهم، تجاهلتهم ومشت بسرعة نحو الفصل حيث وجدت جايد ومولي و انجيلا جالسون مع بعضهم ينتضرون حضورها، رفعت يدها لهم فحيوها وركضت نحوهم فأستقبلها صوت مولي العالي وهي تقول : (ريتـا)
وقفت امامهم ووضعت يدها خلف راسها بابتسامة مصطنعة فأردفت مولي : (ريتا ارجوك لاترحلي)
تنهدت ريتا فقال جايد : (الامر ليس بيدها مولي)
(اجل ليس بيداي) قالت ريتا وعبست و بدأت الدموع تتجمع بعيناها فحاولت منعها فاحتضنتها انجيلا قائلة : (لاتبك ريتا انت قوية، لو كان ابرام معنا كان سيؤنبك على بكائك ذا كما يفعل دائماً، ارجوك لاتبكِ لاجل ابرام)
بدات عيناها تدمع هي الاخرى فقال جايد بحدة : (يكفي انجيلا)
خرج هو الآخر من الفصل بسرعة فـ جايد حساس في مثل هذه المواقف فقالت مولي : (لم تأتي لتناول الفطور)
نفت ريتا وقالت : (لارغبه لي مولي)
واومأت مولي ونظرت انجيلا نحو ريتا قائلة بقهر : (اشفقي على نفسك ريتا فمنذ وفاة ابرام انت لا تاكلي الا قليل، ستموتين ان بقيتِ على هذا الحال)
انزلت ريتا راسها وتكلمت : (اولست اولى بالموت منه؟)
شعرت بأن قلبها يعتصر الما فسمعن صوت احدهم : (ريتا المديره تنتضرك)
التفتت بقلق واومأت للشخص القادم، نظرت نحو مولي وانجيلا قائلة : (س ساغادر الان!)
مسحت الدمع من عيناها وخرج بسرعة دون ان تنظر لمعالمهم او حتى سماع ماسيقولوه. تعدت باب الفصل وخرجت مجدداً لتمر بذلك الممر الطويل الذي شعرت بأنه اقصر ممر فجأة، وصلت بلمح البصر نحو غرفة المديرة وتوقفت امام الباب وبات قلبها ينبض بشدة، وضعت يدها على مقبض الباب وتنهدت ثم اخذت نفساً طويلاً وطرقت الباب لتدخل بعد اذ وتسمع : (اوو ريتا ، صغيرتي هل جهزت نفسك)
تكلمت المديرة واشارت ريتا بالايجاب. نظرت نحو الرجل الذي شاهدته امس فقالت مجدداً : (اذا ودعت اصدقائك!)
اومأت ريتا ناظرة نحو الارض فقال الرجل : (اذا اذهبي واحزمي امتعتك وستجديني خارجاً بعد خمس دقائق)
تكلم الرجل بصوت غليظ وشعرت ريتا بالتوتر لكنها تمالكت نفسها وبقيت واقفة. حركت قدماها للخلف وفتحت الباب لتذهب نحو غرفتها، حين وصلت فتحت الباب وجلست على السرير تنظر بشرود هي لن ترى اصدقائها مجدداً ستغادر الملجأ ستذهب عند بشر لايعرفون سوا انها الفيكتور وسيسعون خلف قوتها التي لم تعرف ماهي حتى الآن ولم تفهم ماهي!
توقف وحملت اغراضها بعدما غسلت وجهها وخرجت ثم نظرت نظرة اخيرة للغرفة واغلقت الباب خلفها، هي فكرت لو لم تعرف بأن ابرام لايزال على قيد الحياة لكانت هالكة الان!!
الكل ينظر نحوها ولملامحها العابسة اثناء مرورها بـ طريقها في الممر نحو الخارج، عضت شفتها واسرعت دون ان تنظر بوجه احد. شاهدت جايد وانجيلا واقفان في الخارج وفور رؤيتهم لها اسرعوا نحوها، انجيلا تعانقها والاخر أيضاً.
(سنشتاق لك ريتا) تكلمت انجيلا وعكش جايد شعرها وقالت : (ربما سأزوركم في المستقبل تمنوا لي الخير، اعلم اني ذاهبة لمكان ليس من صالحي، ادعوا لي بالسلام فحسب)
ابتلعت غصتها ونظرت انجيلا نحوها بشفقة فحركت جسدها نحو السيارة الواقفة امام باب الملجأ بعدة امتار ، توقف امامها رجل يبدو اصغر سنا من الرجل الذي قام بتبنيها وفتح الباب لها ودخل، قام بحمل اغراضها ووضعها في صندوق السيارة.
انطلقوا بعيداً، حيث لاعودة للملجأ حيث لا كنيسة ولا ثيماتوس، نعم خارجاً في المدينة، حيث يفصل بين المدينة والملجأ كنيسة مرقاسا التي تذهب لها عندما كانت اصغر في السن. سارت السيارة طويلاً جداً حيث تلك الاشجار الكثيفة والغابة المخيفة، ريتا لم تتوقع بأن الطريق بعيدٌ هكذا، اوه فقط نسيَت ان الملجأ هو القلعة التابعة لمصاصي الدماء قديما !!
نظرت لجانبها من خلال نافذة السيارة فقط تتأمل للمكان المخيف ، هي لم تخرج من الملجأ سابقاً عدا ذهابها لكنيستي مرقاسا وكنيسة ثيماتوس كما تنعتها. شعرت بالنعاس واقفلت عيناها لتنام، عدة دقائق قبل وصولهم سمعت : (ريتا اخرجي، انقذي نفسك)
تكلم ثيماتوس داخل الكنيسة المحطمة والنيران تبتلع كل انحائها، استيقظت ريتا بهلع، لحسن الحظ لم تنطق بأسمه كما كانت تفعل سابقاً، نظر السائق والرجل الذي تبناها نحوها بصدمة وسأل : (ما الامر ريتا؟)
نفت براسها ثم تمتمت : (حلم! حلم لا أكثر)
نظرت من النافذة واندهشت حينها بوجود الشوارع والبنايات الضخمة العالية، طرقت عيناها مرتين وابتسمت بحماس "انها جميلة" تكلمت مع ذاتها فنظر نحوها الرجل بفخر. شاهدت شاشات عرض كبيرة و شوارع مبلطة وسيارات جميلة ودور السينما والاسواق وبعض المحال التجارية والجسور وبعض البشر الذين يرتدون ملابس غريبة قليلاً عما يرتدونه هناك من ملابس قديمة ومهترئة هنا حيث يرتدون ملابس عصرية اكثر قصراً وضيقاً.
"وااو" قالت مع نفسها ناظرة لكل مكان في الشارع الذي لانهاية له كما اعتقدت، توقفت السيارة بعد دقائق ونظرت ريتا نحو السائق الذي نظر نحوهم خلال مرآة السيارة الامامية وقال : (انستي لقد وصلنا)
اومأت ريتا وفتحت بابها للخروج ونزلت، قلصت عيناها بسبب اشعة الشمس ناظرة نحو البناية الواقفين عندها فقال المتبني : (هنا ستسكنين مع طلاب هذه المدرسة الداخلية ريتا)
أنزل السائق امتعها فقال المتبني : (تحركا معي)
ثم اشار لهما بلحاقه وفعلت ريتا ما أمرها به، دخلوا من الباب الكبير للمدرسة الداخلية فشاهدت عدة اشخاص يقفون مع بعضهم يرتدون زياً موحداً من الملابس الفتيات بتنورة قصيرة سوداء وقميص ابيض مطرز بالاسود، والشباب بنفس التفصيل، بعضهم يركضون للعب والاخر يجلس بالحديقة، عددهم ليس بكثير، منظرهم جميل وهم موزعون بعدة اماكن. تحرك الرجل وريتا للداخل وضلت ريتا تحدق بجانبيها حتى وصلا للداخل ووقفا عند باب غرفه ما. فتح الرجل الباب ودخل المكتب وجلس خلفه وتكلم : (انا المدير هنا)
نظرت ريتا نحوه مطولاً وانزلت راسها بوقار. قام السائق بوضع امتعة ريتا بجانبها وخرج فسمعت : (ريتا هنا الدراسة تختلف، هنا يمكنك تنمية مهاراتك من خلال نوادي ونشاطات تطوركِ للافضل، الدراسة صعبة جداً، وبحسب ملفك الذي جلبته معي يوضح ان مستواك متوسط دراسيا وذهنياً كذلك، ويشير ملفك كذلك بانك ذات بنية ضعيفة، سننظم لك وجبات الطعام والدراسة وغيرها)
تكلم بثقة وفخر فجلست ريتا على الكرسي حين امرها الاخر بالجلوس، رفع الهاتف وتكلم : (احضرولي جيسكا)
أغلق سماعة الهاتف وضلت ريتا تحدق بالارض بصمت، نظر المدير نحوها وكان يبدو ذو محيا سمح وتكلم : (اسمي لوقاس، مُنشئ هذه المدرسة)
اومأت ريتا فحسب وعادت للنظر بالارض مجدداً عدة دقائق من الصمت حتى فُتح الباب بهدوء دون ان يطرق فألتفتت ريتا نحو الباب وتفاجأت، عادت النظر لجسد الفتاة الطويل والنحيل وترتدي تنورة سوداء ضيقة وقميص ابيض مطرز بالاحمر عكس بقية الطلاب، شعرها الاشقر وعيناها البحرية ولديها اسنان موزعة بشكل مبعثر ولطيف تظهر من ابتسامتها الهادئة وهي تقول : (طلبتني؟)
كان على وجهها ابتسامة عفوية جداً فقال لوقاس : (هذه ريتا التي حدثتك عنها)
نظرت جيسكا نحو ريتا بتفهم فأردف : (خذيها لغرفتكما)
بدا بتقليب الاوراق امامه وابتسمت المدعوة جيسكا بوجه ريتا التي بادلتها الابتسامة ثم قالت : (دعيني اوصلك)
حملت اغراض ريتا التي فوجئت لكنها سارت خلف جيسكا دون ان تتحدث فقالت جيسكا : (اذا هل انت بكماء؟ لم اسمع صوتك)
تكلمت جيسكا وكانها تعرف ريتا منذ مدة طويلة، شعرت ريتا بالحرج لمقارنتة ملابسها بملابس البقية المرتبة، حركت راسها ونظرت الى النوافذ الكبيرة ذات الستائر البيضاء الشفافة لتدخلها اشعة شمس خفيفة ونسمات هواء عليلة وعدة طلبة يتجمعون ليسوا باعداد كثيرة لكنهم يبهرون فسألت جيسكا : (مارايك؟)
اومأت ريتا بنعم دون ان تعلم حتى عن ما كانت تتحدث به الأخرى فانصدمت جيسيكا قلة بفخر : (ياه! لايهم، انني مقتنعة به)
ابتسمت ريتا بوجهها فقالت جئسكا مجدداً : (لم ترتدين بنطالاً عريضاً، اراهن ان التنورة القصيرة ستكون جميلة جداً عليك)
فتحت الباب لتدخلان معاً، نظرت ريتا للغرفة وطرقت عيناها مجدداً، حسناً المكان لطيف جداً، حقا لطيف! "و نظيف" كذلك بالمعنى، الاهم بانها مضاءة بنوافذ كبيرة، ابتسمت جيسكا وقالت : (هذه غرفتنا)
أومأت ريتا فتنهدت جيسكا وسألت : (كم عمرك؟)
اجابت ريتا بعد صمت في التحديق : (في الثامنة عشر)
صفقت جيسكا بحماس وقالت : (يااه واخيراً تكلمت، لابد وانك تمزحين ريتا اليس كذلك؟ انا في العشرين من عمري)
اشارت الى الفارق الجسمي بينهما فقالت ريتا : (لاداعي لان اكذب)
عبست قليلاً وابتسمت جيسكا رافعة حاجبها : (هل انتِ طفلة)
تكلمت جيسيكا مازحة ناظرة لوجه ريتا التي تمتمت بضجر : (لم تقولين مثلهم؟)
استدارت نحو حقيبتها وحركتها لجانب الخزانة على الطرف الايسر الذي يبدو من شكله انه فارغ فسألتها جيسكا : (مالذي تقصدين بمثلهم؟)
نفت ريتا براسها وقالت : (لاشيء، سارتب اغراضي بالخزانة)
اومأت الأخرى بحسنا ثم قالت : (بالمناسبة ريتا دمنا سنصبح صديقتين مارأيك ان اعرفك باصدقائي؟)
باتت تفتح خزانة ريتا لتساعدها بترتيب اغراضها فقالت ريتا ببراءة : (ساكون ممتنة لك)
نظرت جيسكا نحوها بأعجاب وقالت : (اسمائهم ماريا ومارك و جون وريزهاي و فيريونكا)
اومأت ريتا مجدداً بحماس مصطنع!!

حارس الكنيسة || The church guardحيث تعيش القصص. اكتشف الآن