الثالث والعشرون

4.9K 216 7
                                    

الفصل الثالث والعشرون

راقدة بفراشها المخصص لها بالمشفي يظهر على ملامحها الإرهاق والتعب الشديد متصل بها العديد من الأسلاك ..غافلة عمن اصر ان يجلس بجوارها بعض الوقت رغم اعتراض الجميع بسبب إهماله الذي ادى إلى ارتفاع في درجة حرارة جسده لعدم حصوله على الراحة المطلوبة ممسكا كف يدها الصغير الموصل بالمحلول المغذي ..لقد لاحظ عليها الضعف الشديد ..يؤلمه حال تلك الفراشة التي لم تنعم بسعادة في حياتها قط ...ورغم ذلك تقف ببسالة بعد كل عثرة وعثرة ..متحدية قدرها ان يهزمها....
رفع كف يدها لفمه يودعها قبلة حانية ..لا يستطع الحديث معها اراد فقط مراقبتها للتأكد انها بخير . ...
فتح الباب فجأة ليغفل من ذلك الزائر الذي لم يطرق باب الحجرة ظنا منه انها احدى الممرضات ليتفاجأ باخر شخص ممكن ان يتمنى وجوده في مثل تلك اللحظة حاول الوقوف ليجدها تجرى باتجاهه تحتضنه باشتياق ببكاء حار ليتحول البكاء الصامت لتشنجات عالية قائلة بين شهقاتها:
-أنا ما صدقتش لما عرفت ..انت كويس ...؟حاسس بحاجة ...؟...أنا جيت جرى لما عرفت ...
رفع يده الغير مصابة يربت فوق رأسها يهدئها قائلا:
-ايه اللي جابك بس ؟..أنا كويس مافيش حاجة ...
رفعت رأسها عن كتفه تسأله بوداعة :
-ما اجيش ازاي وانا عارفة انك أضربت بالنار ...
أكملت بخبث :
-مين اللي عمل كده ؟؟؟.احنا لازم نبلغ البوليس...مش لازم نسكت ....
-مش وقته الكلام ده ..أنا كويس قدامك اهو ..ماتقلقيش ...
صدرت منها إلتفاته لتلك القابعة بفراشها بكره شديد فهي منذ دخولها للمشفى وسؤالها عنه علمت بمكوثه بجوارها بغرفتها بعد انصراف الجميع ليحصلوا على بعض الراحة لتقول له بحدة بسيطة:
-انت ايه اللي مقعدك هنا ؟...المفروض تبقى في اوضتك انت جرحك مش سهل ..(قامت بجذبه بإصرار. حتى يبتعد عن غريمتها )تقول:
-يلا يا مالك انت شكلك تعبان ....
صدرت منه إلتفاته لشيراز الغائبة عن الوعي ليقول لها برجاء:
-أنا كويس ..أنا محتاج اقعد هنا شوية لانها لوحدها ..ومافيش حد معاها ..أنا هتصل بفزاع يجي يأخذك على البيت ترتاحي ونبقى نتكلم الصبح ....لان في موضوع مهم لازم نتكلم فيه...
ارتابت من كلماته عن اي حديث يرغب فيه فتسأله بريبة:
-هو في حاجة عايز تقولها ؟نتكلم دلوقت وليه  الصبح ؟!...
ابتلع ريقه حاول ان يهرب من مواجهتها لقد اتخذ قراره بالانفصال عنها وان يعطيها كامل حقوقها بعد الانفصال ...تحرك  ببطء ليجلس فوق مقعده مرة اخرى يقول باضطراب متهربًا منها:
-غادة في حاجات كتير لازم تعرفيها أنا كنت مخبيها عنك ..وفي قرار أخذته ..وعايزك تعذريني ...وتسامحيني
ازداد ضربات قلبها رعبًا بان يبتعد عنها فمن الواضح انه متخذا قراره وانتهى ..ولكن لا !!!..لن تكن غادة إذا انهزمت في معركتها ...
قالت بثقة تعجب منها :
-أنا عارفة انت مخبي ايه ...
رفع نظره لها مندهشًا من جملتها ليسمعها تقول بهدوء مخالف لطبيعتها :
-مش عايز تقول ان خديجة تبقى شيراز !!..حبك الاول ..
جحظت عيناه من مواجهتها له ليقول بذهول :
-انت كنتي عارفة ؟..عرفتي ازاي وامتى؟
-مش مهم عرفت ازاي و امتى ؟...المهم ان كنت واثقة فيك انك مش هتخون غادة لانك بتحبها يا مالك ..مش كدة ؟
أنا ما حبتش أعرفك ..لاني متأكدة انها انتهت من حياتك من زمان ...لانها ماضي وانا الحاضر ..صح يا مالك؟
رفع كف يده الحرة يمرر أنامله بخصلات شعره بتوتر يخبرها:
-غادة ارجوكي افهميني ...احنا لازم ننفصل ...
-أنا حامل !!!...
نظر اليها بصدمة لا يمكن ..لا يمكن ان يعانده قدره بمثل هذا القدر ...اطال النظر لها اراد ان تكذب ما سمعه منذ لحظات ولكنها كررتها مرة اخرى بإصرار:
-أنا حامل ...حامل في ابنك يا مالك !!!..
عايز بعد اللي سمعته ده تسيبني أنا وهو ..عايز تسيب ابنك محروم منك وليه؟!.. عشانها ...!!!
..................
بعد أسبوع
....................
ها يا بنتي قولتي ايه؟...
قالها الحاج حافظ لشيراز الراقدة فوق فراشها بالمشفى مغمضة عينيها بألم فتهرب منها دمعة فوق وجنتها الحمراء من كثرة البكاء ..صدرت تنهيدة قوية منه لا يعلم ما هو الصواب ؟!...ولكن ما يعرفه انه يجب عليه حمايتهما رغمًا عنهما يكفيه ما حدث سمعها تهمس بألم  :
-موافقة !!!بس بشرط ...
نظر إليها يدقق في ملامحها الغريبة الغير مطمئنة يسألها بريبة ما هو الشرط ؟...لتجيبه نبرة خاوية وهي شاردة للامام :
-مالك !!!!.هيكون حاضر و شاهد على العقد ...
تراجع حافظ بمقعده مبهوتا من طلبها وتبعه اهتزاز رأسه بعدم رضا :
-لا يا بنتي ..لا لا ..حرام نعمل فيه كده ..ما اقدرش ما اقدرش ...
رفعت وجهها المحتقن بالحمرة من يراه لايستطع تفسير سبب حمرته هل من شدة الغضب ام من كثرة البكاء :
-ده شرطي ..عشان أوافق على الجوازة دي ...ياريت تبلغ ابن السلمانية بموافقتي وان يجيب المأذون في اقرب وقت ....
وقف حافظ بصعوبة محني الظهر يظهر عليه الكسرة يتحرك من امامها بصمت مستندا على عكازه بخطوات بطيئة ..ألمها قلبها على وضعه .راقبت انصرافه الصامت بوجه خالي من الملامح ..أغمضت عيناها بقوة تحارب ضعفها و كسرتها يجب عليها التغير ..ماذا جنت من ضعفها الا المهانة والذل من اقرب الأشخاص لقلبها ؟!.
أسندت رأسها فوق فراشها

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن