الثاني والاربعون
بخطوات بسيطة نزلت الدرج الفاصل ..بفضول من هوية تلك المجهولة التي طلبت مقابلتها ..ورفضت ابلاغ الخادمة بهويتها ..
تحركت باتجاه غرفة الاستقبال فقابلتها خادمتها خارجة بعد ان قدمت واجب الضيافة فطلبت منها الانصراف لتكمل عملها ..دخلت بفضول تمرر نظرها على تلك الواثقة امامها بشعرها الاسود الكاحل الغجري المموج الذي يصل لاخر ظهرها ذات التنورة السوداء الضيقة و القصيرة بشكل فج ..فتلاقت عين تلك الغريبة بعينيها بنظرة غريبة فرحبت شيراز بها برسمية :
-اهلا بحضرتك ...انا شيراز ..اي خدمة ؟!..
ابتسمت الاخرى بمكر جلي لم يخف على تلك البريئة فاجابتها بلغتها الاصلية التي فهمتها شيراز بسرعة :
-مرحبا مدام شيراز!!!..
-انا چولين !!!!!
..................
بعد ساعة
نائمة بوضع الجنين فوق الاريكة على وجهها دموعها المنهمرة التي لم تتوقف ثانية منذ انصراف تلك اللعينة التي بخّت سمها بوجهها كأفعى رقطاء شرسة ..لتتركها بصدماتها لا تستطع الصراخ او البكاء والانهيار تركتها كتمثال رخامي فقد الحياة والاحساس ..لم تتحرك من ثباتها الا بعد شعورها.بألم يسري برحمها فتراجعت بنفس صدمتها تلقي بنفسها فوق الاريكة ..و رفعت كفها المقبض فوق صدرها تستشعر قلبها الذي بدأ يخفق ببطء شديد كأن روحها تودّع جسدها الوداع الاخير ...اغمضت عينيها بقوة على ألم شديد يضرب قلبها وجسدها فتتوسل بعض الراحة لتستمد قوتها المفقودة لمجابهة كوارثها المنتظرة...
.......................
في نفس اللحظة بمكان اخر مجهول
.....................
جسد صغير راقدا فوق الفراش فاقد للوعي منذ زمن ...متصل به العديد من الاسلاك والخراطيم المغذية يكافح للبقاء واجتياز حالة الانهيار الجسدي والتشنجات الفجائية غير المتوقعة ...فالجسد اصبح هزيلا و اضعف من ان يقاوم للبقاء كما يأمل الجميع ...صراخ استغاثة من احدى الممرضات التابعة للحالة :
-حد يبعت للدكتور بسرعة ..الحالة بتنهار....القلب هيقف..
صراخ رجولي بالخارج يحاول مقاومة ايادي من يمنعه عن الدخول :
-سيبوني ..سيبوني اشوفها ...لااااااااا...
الطبيب بصرامة لاحدهم :
-جهاز الصدمات بسرعة ..وامنع اي حد يدخل هنا...
قامت الممرضة بتقريب جهاز الصدمات منه وبسرعة ساعدته في الكشف عن جزء من صدر ذلك الجسد الهزيل المصر على مغادرة الحياة ...فبدأ بتوجيه الصدمات المتتالية في محاولة منه انعاش القلب مرة اخرى..
..........................
(((((داعبت نسمات الهواء الباردة وجهها الساحر لتتطاير خصلاتها الذهبية و تلامس عينيها المغلقتين في حرية فراشة رقيقة ناعمة ...رمشت باهدابها الشقراء عدة مرات عندما تغلغل لسمعها صوتا تشتاق اليه بقوة من بعيد فدفعها لفتح اعينها وترفرف بهما عدة مرات حتى اعتادت الضوء الذهبي الضارب بوجهها ..رفعت رأسها تبحث عن مُناديها بلهفة مشتاقة لتكتشف وجودها فوق رمال ذهبية صفراء كضوء الشمس الذي يعكس ضيّه فوق الامواج الزرقاء المتلاحقة ..ظلت تنظر حولها باندهاش من وجودها في ذلك المكان الغريب ليصلها صوته مناديا مرة اخرى عن قرب اكبر ..:
-ديدااااا.....ديددددا .اصحي.....
فرفعت اناملها تنفض ذرات الرمل الملتصقة بوجنتها الناعمة وتستقيم تقف فوق الرمال بقدميها العاريتين تبحث عنه بلهفة تناديه هي الاخرى:
-بابي ..انت فين ؟....
وصلها صوته القريب من خلفها :
-انا هنا يا ديدا....
إلتفتت بسعادة لتجده واقفا امامها بعيدا عدة خطوات كادت ان تقترب بلهفة فاوقفها كف يده الذي يمنعها :
-خليكي عندك ....
تعجبت من رفضه لقربها فسألته بلهفة :
-ليه ؟...انت مش عايز تحضني ..انت واحشني اوي يا بابي...
هز رأسه بالرفض يخبرها :
-وحشتيني ....وحشتيني ياقلب بابي...بس بلاش تقربي ....لازم تقرري الاول ...
-اقرر ايه ؟..انا مش فاهمة ...
اشار حوله بذراعيه يردف :
-لازم تقرري ..أنتِ عايزة ايه ؟!...هتيجي معايا ولا هترجعي لهم ولا هتفضلي زي ما أنتِ في مكانك ....
إلتفت برأسها حولها تنظر للبحر والسماء فوقها بتعجب واضح غير مستوعبة كلماته البسيطة فسألته بجهل مرة اخرى :
-ارجع لمين ؟..واروح معاك على فين ...؟كل اللي عايزاه انك تفضل معايا ...
هز رأسه بالرفض وباصرار اكبر :
-انا مكاني مش هنا ..
واشار بيده اتجاه البحر يكمل :
-انا مكاني بعيد ..بعيد اوي مش هنا ..انا جيت لك مخصوص وراجع تاني ...
اندفعت تقول بلهفة:
-خلاص هاجي معاك ...مش عايزة اسيبك تاني انا تعبت بعد ما سبتني اوي.....
ظهرت الدموع بعيونه يقول بتأثر :
-بس في ناس عايزاكِ ..ناس كتير بتحبك يا ديداااا.... سامعة ؟!..بينادوكي اهو ...
سمعت اصوات تناديها ببكاء ترجوها البقاء فاخبرته بضيق :
-بس انا مش لقياهم ..مش شايفاهم ...خليني معاك افضل ....
طلب منها بشدة أب:
-استفتي قلبك ..امشي ورا اللي حاسة بيه ...بلاش تفكري بعقلك كتير ..
-لو مافكرتش مش هعرف اوصل لهم ...
قال بصرامة اكبر :
-لا ..لا يا ديدا ...عقلك معطلك ...غمضي عينك ...وقلبك هيدلك ...ارجعي لهم هما محتاجين لك ...
نظرت له بعيون باكية ترجوه الا يبتعد مرة اخرى فاشار لها بكف يدها يلوح بها مع ابتعاده عنها تدريجيا :
-هرجع لك تاني ..اوعدك ارجع اخدك ..بس مش دلوقت يا ديدا ..مش دلوقت خالص يا ديدا....سمعاني لازم تقرري قبل فوات الاوان....
ابتعدت صورته وصوته يردد:
-ماتنسيش كلامي ...ارجعي يا ديداااا ...ارجعي..ارجعيييييي)))))
انتفضت تفتح اعينها مرة اخرى على اتساعهما لتكتشف نومتها فوق اريكتها كما هي ...تضم بكفها شئ مجهول اعتدلت من نومتها تمسح اثار دموعها التي جفت باهدابها لتكتشف وجود صورة مجعدة بكف يدها فتذكرت على الفور انها تلك الصورة الحميمية التي تضم حازم بتلك الغريبة ...
فأفاقت لحالها انها كانت تحلم كعادتها ..على الاقل هي متيقنة ان ذلك كان حلم بعكس الاصوات والهواجس التي تفاجئها اثناء يقظتها مؤخرا ..فكرت في حياتها وصدمتها الجديدة به كيف فعل بها ذلك بعد كل هذا العشق المضني يخونها ..بعد ان سلمته مقاليد قلبها وحياتها بعد ان اضحى برحمها جزء منه..يخونها؟!....
تحركت منتفضة من جلستها باتجاه حجرتها يجب عليها ترتيب خطواتها جديدا ..ستذيق كل من آذاها طعم العلقم المر كما مرروا حياتها
.............
بنفس الوقت بمكان اخر
........
وسط الموسيقى الصاخبة والاضاءات المتلاعبة بالوانها الفسفورية التي تملأ المكان بشئ من الجنون ...ترقص بجنون امرأة ثائرة بجسدها المكشوف منه جزء كبير ...بهدف إثارة من حولها بطريقة مرضية تتناثر حول وجهها خصلاتها المموجة السوداء لتلتصق بجبينها المتعرق ..فتجد من يجذبها بقوة من ذراعها يلتهم شفتيها المغريتين بجوع حيواني فترفع ذراعيها تزيد من عمق قبلته بطريقة عنيفة ..ابتعد عنها يجر جسدها المترنح بفعل المشروبات الروحانية التي اثقلت من تناولها
و يجلسها فوق ساقه ويدعب ظهرها المكشوف بوقاحة يسألها بخبث بلغته الايطالية :
-لقد تركتك بما يكفي لتخرجي طاقتك الثائرة بحلبة الرقص ..وجاء دورك لتخبريني ..ماذا حدث بينكما؟!.وبالتفصيل....
تحدثت بغنج انثوي:
-لقد اخبرتك عدة مرات وقد مللت من تكرار سؤالك...
ضغط بانامله فوق خصرها بقوة تألمت لها يأمرها:
-لن أكرر سؤالي !!..تكلمي!!!!
-فعلت كل ما طلبته مني ..اظهرت لها جميع الصور التي تجمعنا في اوقاتنا الحميمية ..وتلك الصور كافية لتكون هي الصورة الكاملة لعلاقتنا ....واظهرت لها مدى حبه لي ،.وان الزواج لم يتم الا تنفيذا لاهداف لا تعرف عنها شيئا ...
واكملت بطريقة تمثيلية :
-لقد تأثرت كثيرا من صدمتها...مسكينة!!!.ههههههه
صدرت منه ابتسامة ماكرة فسمعها اكملت بثقة :
-ها قد نفذت كل ما طلبته مني بدقة ..وجاء دورك انت... لتفتح لها ذراعيك بالكامل لاحتوائها وحمايتها من ذلك الذئب المفترس ،...هههههه
ابتسم اكثر لادائها المسرحي فاجابها بثقة :
-بلى !!!.جاء دوري اخيرا ......ولكن لي سؤالا لك !!..لما تركتي جبهته وانضممت لجبهتي ؟!رغم انك تستحقين القتل على خيانتك لي ....
فقالت وهي تتلاعب بخصلات شعرها الاسود:
-لقد فقد سحره ..بعد ان تزوجها ..لم يصبح كما كان ..سحرته تلك الصغيرة وانا اكره ان يشاركني احد فيما املك .....لقد كانت نيتي من البداية تركه ولكن بعد مشاهدتي لصورتها على هاتفه بمحض الصدفة ازداد شكي .به بانه كان يجندني لصالحه .....فغير معقول ان ما تبحث عنها كل تلك السنوات تكون في نفس الوقت زوجته بطريق الصدفة ....كان يظن انني غبية...
ضحك بقوة يردف :
-اقسم ان لا يوجد غبي متحذلق الا هو ..ههههههههه!!!
.................
في نفس الوقت
..............
وقف منتظر فتح الباب بعد ان طرقه عدة طرقات متفق عليها بينهما ..إلتقط انفاسه براحة بعد ان ظل يجوب الشوارع لاكثر من ساعتين حتى يتأكد من عدم تتبع احد له ...فتح الباب ليظهر من خلفه ذلك البارد بابتسامته السمجة مع سماعه لصوته :
-متأخر عن الميعاد ساعتين كاملين ...
دفعه حازم من كتفه بقوة جعلته يتراجع مع استمرار ضحكة :
-بقولك ايه وحياة ابوك انا على اخرى...
دخل عدة خطوات يمرر نظره بجوانب شقته بفضول فسأله بسخرية :
-فين مراتك؟..قتلتها ولا ايه؟
هز الاخر رأسه يقارعه:
-لا ده انت فايق تهرج بقى ....
ألقى بحاله فوق اقرب اريكة :
-لا ولا فايق ولا بهرج ..انا بطمن بس ان مافيش حد سامعنا ...
اقترب منه الاخر يجلس امامه على احد الارائك يطمئنه:
-لا اطمن ...الشقة دي مأجرها نتقابل فيها ومراتي وابني مش هنا ...ها هات اللي عندك ......
ادخل حازم يده بجيب سترته يخرج قطعة بلاستيكية صغيرة باللون الاحمر ويمدها له فتناولها الاخر بسرعة منه يسأله :
-انت متأكد من اللي موجود علي الفلاشة دي ؟!..
زفر حازم بتأثر وانحنى يسند ساعديه فوق ساقيه يجيبه:
-انا فتحت الفلاشة عليها كل اللي يثبت انه كان بيستغل اسمها في كل شغله وان كل الاعمال المشبوهة وتجارة الاعضاء كان شغل خلفي للشركة و اللي كان بيعملها كان بيعملها بحكم التوكيل اللي معاه من امها قبل موتها على اساس انها شريكة بالنص ..كده معانا اثبات برائتها....
قال الثعلب مصححا لحازم :
-تقصد قتلها ؟!...وكمان انت متأكد من "چولين "اوي وواثق فيها ؟!مع انها كانت سكرتيرته قبل ما نخليك تدخل شريك معاه في الشركة و نستغل دخوله السجن وازمة الشركة...ياريت تخلي بالك منها ....
اراح ظهره يفكر بتمعن في حديثه للحظات ثم اجابه بثقة :
-اكيد ..دي حية بميت لون وشكل .. واكمل بسخرية :
-وكمان "چولين" ..طلباتها انا فاهمها وطول ما انا بوفرلها اللي محتجاه هتفضل تحت جزمتي...وفي ايدي ...
صدحت ضحكة خشنة من الثعلب يقول بمرح:
-اهم حاجة يا وحش تكون رافع راسنا قدام الاجانب ما تكونش كسفتنا...هههه
انتظر حازم بعض لحظات حتى هدأت ضحكته التي يبادلها بابتسامة حزينة ..يفكر بداخله ماذا لو علمت لمسه لغيرها ..هل كانت لتقبل الاستمرار معه ؟..ام ستتركه ينكوي بنار هجرها له ؟!...فقال حازم يدافع :
-الموضوع مش مريح زي ما انت فاهم ..الموضوع اصعب من ان اوصفه ..تحس بعدها ان بيتملكك حالة من القرف لنفسك ....ساعات بحس ان خلاص مش هنضف من الوساخة دي .....
تحرك الثعلب اتجاه حجرة الطبخ المفتوح على الغرفة الماكثين بها يقول وهو يقوم باعداد الشاي:
-خلاص الموضوع قرب يخلص البوليس الدولي مش ساكت ..بس خليك زي ما انت حاطط على شيراز مراقبة وحراسة دايما ...احنا مش عايزينه يوصلها باي شكل ..وما تنساش معنى اختفاؤه المفاجئ ده يدل انه بدأ يشك في حاجة ....
انتفض حازم من جلسه يقترب منه يشاهده وهو يصب الماء المغلى بالاكواب يسأله برعب:
-هو ممكن يدخل البلد من غير ما تعرفوا ؟..ازاي ؟..
قارعة الثعلب بعقلانية:
-ممكن اوي ..لو غير شكله ودخل باسم تاني غير اسمه ..
واكمل يوضح:
-وقتها ممكن بسهولة يوصل لها و يمضيها على اوراق تدينها بتواريخ قديمة فترة اختفائها ويلبسها في الحيط ان كل الشغل كان بامرها وتعليماتها ....
فشرد حازم فيما يمكن ان يحدث اذا حدث ذلك فقال وهو مغيب :
-او يقتلها !!!!..زي ما قتل امها وقالوا انتحرت؟!...
هز رأسه باسف واضح يقول :
-للاسف !!!....ده الاحتمال الاكبر ....
....................
في نفس المكان المجهول
..................
خرج الطبيب منهك الجسد يجفف عرقه فانضم اليه الجميع بسرعة في لهفة ورعب مما سيلقى عليهم فقال بعملية شديدة:
-القلب توقف لدقيقتين كاملين..وقدرنا ننشطه ...هي حاليا تحت جهاز التنفس ..اضطرينا نرجع تاني ليه بعد ما كانت اتحسنت...
اقترب شخص ما بحدة :
-هي هتفضل على الوضع ده لحد امتى ؟..انا مش شايف اي تقدم في حالتها بقالها شهور ..انتوا مش شايفين شغلكم ليه؟سيبنها لحد ما تموت...!!!
اقترب شخص اخر يربت فوق كتفه مهدئا حالته يقول :
-الدكاترة مش مقصرين في حاجة ..اهدى خلينا نفهم ....
ثم وجهه نظره للطبيب يسأله مستفهما:
-احنا محتاجين نفهم ليه الحالة وقف قلبها تاني بعد ما كل الدكاترة طمنونا انها بقت احسن الفترة اللي فاتت عن الاول ..
اجابه بضيق من حدة الاول :
-الحالة في غيبوبة بقالها تلت شهور زي ما احنا عارفين ..واما حالتها اتحسنت بلغناكم بده وشيلنا كل اجهزة التنفس عنها وقتها ..بس عدم إفاقتها لحد دلوقت احنا مش عارفين له سبب ..كل الاجهزة الحيوية شغالة كويس و كل اللي نقدر نعمله الانتظار ....
سأله نفس الشخص مرة اخرى :
-طيب تفسر بإيه غيبوبتها دي ..وقلبها اللي وقف لتاني مرة مادام الحالة كويسة.....
-ساعات في حالات بترفض انها ترجع تفوق ..وده تفسيري الوحيد للحالة انها رافضة تفوق!!!!
كل اللي مطلوب منا الدعاء
.......................
عاد متأخرا بقلب مثقل مما سمعه من الثعلب لقد ازداد رعبا عليها اكثر من ذي قبل ..فهو على يقين انها الان في غفلة عما يدور حولها من مكائد في محاولة للايقاع بها ونهشها حية ..وقف ينظر لوجهها الملائكي مفتونا بها..كيف لمثلها ان تتحمل كل تلك المصائب والمكائد ..؟..لما لا تُتْرك لحالها لتنعم بحياة هادئة طبيعية مثل باقي البشر ...اقترب منها ينحني بجسده يهديها قبلة فوق وجنتها الدافئة بحنان ..تمنى استيقاظها في تلك اللحظة ليدفنها بين احضانه حتى يسمع صوت تكسير عظامها .ولكنه سيكتفي حاليا بتلك القبلة البسيطة حتى لا يزعج نومتها الملائكة الهانئة ..تحرك من حيز حجرتها يغلق الباب بهدوء كبير حتى لا يزعجها ..ففتحت اعينها الخالية من الحياة تلتقط انفاسها براحة كبيرة ...ستنام الان قريرة العين وتترك تخطيط انتقامها للغد .......غدا قريب وليس ببعيد ....!!!
..................
في صباح اليوم التالي
.................
قلب مقلتيه بملل من مجادلة تلك المخلوقة يقول برسمية :
-مش هينفع يا فندم ..حازم باشا مشدد الصبح قبل ما يخرج ان اكون معاكي في كل مكان ....
واجهته بوجه هادئ مخالف لبراكينها الداخلية تردف بهدوء:
-مش هتأخر يا محمد ...هشتري الحاجة اللي محتاجاها واخرج بسرعة ...كاد ان يعترض فاكملت تقاطعه برجاء :
-ارجوك يا محمد مش هتأخر ..انا محتاجة اكون لوحدي شوية .....
.................
جلس يراقب ملامحه المضطربة بسعادة داخلية حاول كبحها بقوة فتدارك نفسه وقال ليخفي ابتسامته ويخفف عن ذلك المرتبك :
-مش بتاكل ليه يا فزاع ؟..اكل امينة مش عاجبك ولا ايه ؟
تنحنح باضطراب يجيبه:
-لا ازاي !!..المحشي حلو تسلم ايدها ...بس ماكانش له لزوم كان كفاية الشاي...
مرر مالك نظره بينهما ليلاحظ حزن امينة الذي لم يبرح ملامحها منذ وفاة صغيره ...فتنهد بثقل على حالها ورفع عينه لفزاع المتهرب بعينيه عنها يكافح لمنع نفسه لرؤيتها ..لايعلم هل يتهرب من النظر لملامحها لانها مازالت زوجته ومراعاة لحرمته ام ليس له القدرة على مواجهة حزنها ؟!..فقارعه بمشاكسة:
-لا الشاي ده يجي بعدين ؟؟..نحبس بيه واحنا بنتكلم ...
هز رأسه موافقا على كلامه ونفض يده من الطعام يخبرهم:
-انا ...انا الحمد لله شبعت ،..
رفعت عيناها له وكانت اول مرة تنظر له منذ حضوره كانت تحث حالها على عدم مواجهة نظراته واردفت بصوت مرتبك:
-بس انت ما كلتش كويس ...حتى ما كلتش الكوسة ....
فتدخل مالك يشاكسهما :
-مش معقول لحد دلوقت ما كلتش الكوسة ..دي حتى الكوسة تزعل ....
نظر فزاع لمالك محذرا بعينيه فهو لا يحبها بكل اشكالها ومالك يعلم تلك المعلومة منذ الصغر ففهم انه يريد احراجه فاجابه بتحذير خفي:
-اه طبعا ..تحفة ..بس انا مش قادر شكرا يامالك ....
تفاجأ بوضعها للكوسة المحشوة بالارز بصحنه واردفت وهي تتحرك من مكانها :
-هقوم اعمل الشاي .....
اسرعت للداخل هاربة من نظراته الخفية وصوته التي تعشقه تعطي فرصة لقلبها لان يهدئ ضرباته المتسارعة التي سببت لها ألام مبرحة ...
..............
في الخارج جلس فزاع امام مالك برأس منحني لا يستطيع اجابته على سؤاله المباغت فقال بصوت مهتز :
-ما يصحش اللي انت بتقوله ده ؟..راعي انها مراتك يا اخي...
ضيف مالك عينيه واردف بحدة :
-انا عارف ايه اللي يصح ..انا سألتك سؤال وياريت تجاوب ويا اما هعتبر اجابتك ...لا.....
اجابه فزاع بتهرب:
-ما ينفعش اجاوب على سؤالك الا بحاجة واحدة بس ..ان بعزها طبعا لانها مرات اخويا ...
اغتاظ مالك من مراوغة فزاع في اجابته على سؤاله الصريح ..يريد معرفة هل مازال يهتم بها كما كان ويكن لها مشاعر حية لا تمت..فراوغه مالك مرة اخرى يقول بثقة:
-عموما انت كدة طمنتني ...وشجعتني ابلغك باللي بعتك عشانه ..انت عارف ان امينة دلوقت ملهاش الا انا وانت على اعتبارك اخويا ..واهل ابوها ايدك منهم والارض ..فبعتلك اخد رايك في موضوع جوازها ...
ضيق فزاع عينيه يسأله بغباء:
-تقصد جوازكم انتم الاتنين !
هز رأسه بالرفض يحدد كلماته بثقة:
-لا ....جوازها هي ....امينة اتقدم لها عريس ..
اندفع يعارض ما يهذي به :
-انت اتجننت ...ازاي ..ازاي تقبل واحد يتكلم على مراتك ...انا ماشي .....
انتفض ينتشل هاتفه من فوق الطاولة بعنف فاوقفته جملة مالك :
-انا ..طلقت ...امينة!!!!!
صوت تهشم شديد جعل كلا منهما ينظر لاتجاهها ليكتشفا ثباتها بصدمة مما تسرب لسمعها من مفاجأة طلاقها ....وقف كلاهما ينظران الى بعضهما بتوتر فكان اول من اخرجها من صدمتها وذهولها" مالك "الذي نادى باسمها بصوت متأثر فانتفضت فارة من امامهما متجاهلة لنداء مالك لها ..لم تجد الا حجرة الطبخ تختفي داخلها بانهيار ..جلست فوق مقعد خشبي صغير تحاول تهدئة سرعة تنفسها ...تشعر بالغيظ الشديد والغضب من تصرفات الجميع ..لما يتعامل معها الجميع كدمية يتلاعبون بخيوطها كما يريدون ..لا تصدق ما سمعته !!..مالك طلقها ؟!...وبدون علمها!!! ..بدون اخذ رأيها وسؤالها ؟..وعادت تفكر مرة اخرى لما حزنت لانفصالها عنه وهي على يقين من نهاية تلك الزيجة عاجلا ليس آجلا....سمعت صوت خطواته المترددة حتى ثبتت امامها فقالت بضيق :
-عايز تقول ايه تاني ؟!...جاي تقولي مالكيش مكان هنا ..كنت لازم اعرف انك هتخلى عني بعد موت حمزة ..
-الموضوع مش زي ما أنتِ فاهمة ...
انتفضت من جلستها تصرخ بحرقه:
-فهمني !!..فهمني يا ابن خالتي ..يا اخويا ...انت حتى ما اخدتش رأيي ...اكني لعبة ملهاش رأي ...
ضغط باصبعيه اعلى انفه يحاول ترتيب افكاره وامتصاص ثورتها المتوقعة:
-انا عارف ان ليكِ حق تثوري وتتعصبي...بس انت عارفة كويس ان دي هتبقى النهاية في يوم من الايام
صرخت معترضة:
-كنت تبلغني ..حقي اعرف ..
-ما كنتش عايز اجرحك ..حتى لو كان الطلاق شي متوقع بس كان هيجرحك ..ما حبتش احطك في الموقف ده ...وكمان ياستي افهمي الاول انا عملت كده ليه ؟..وطلبت انهاردة فزاع ليه ؟...
تحركت من امامه تلهي نفسها بالصحون المتسخة وتقوم بجليها بعصبية :
-مايهمنيش اعرف ...واللي في دماغك عمره ما هيحصل ....وياريت تتفضل تخرج تشوف ضيفك ...وتقدم له الشاي ..لان انا مش ناوية اخرج اضايف حد ...
-انا هسيبك دلوقت عشان عارف ان متضايقة ولينا كلام تاني ...
فزع من تكسيرها للصحن بالحوض بعصبية قائلة :
-كفااااية بقى !!!
سمعا كلاهما صوت طرقات قوية متلاحقة نظرا لبعضهما بريبة فقال بتعجب :
-مين اللي بيخبط بالشكل ده ؟....
لينتفضا مرة اخرى عندما وصلهما صوت شجار فزاع مع مجهولين فكان دورها لتسأله :
-مين اللي بيزعق كده ؟!...
..........
وقفت تنظر للمشهد من خلف نافذتها اللامعة بشرود ..رغم روعة المنظر المتمثل في نهر النيل المنعكس فوق سطحه الاضواء الساطعة وحركة سير القوارب فوق السطح ليلا..كانت في حالة لا تسمح لها بالاستمتاع بالمنظر الباهرة امامها ..كل ما تفكر به وضعه عندما يصله خبر اختفائها .من حارسها الخاص بعد ان احتالت عليه بطريقتها وخضع الي توسلاتها لينتهي الامر بتركها تدخل السوق التجاري بمفردها على وعد منها بانهاء ما اتت من اجله على وجه السرعة ....شقت ابتسامة شامتة فوق ثغرها الوردي عندما تذكرت كيف هربت من الباب الخلفي للمبني لحظة دخولها وقامت باغلاق هاتفها على الفور ...تحركت تجوب الحجرة بشرود تتلاعب اناملها لسلسالها القيم الذي تم إهدائه لها منه عندما كانت ساذجة لتصدق انه مختلف عن الجميع ...اقتربت من فراش الحجرة وألقت بجسدها بتعب تتأمل نقوش السقف البسيطة وعادت تذكر نفسها انها يجب عليها الاسراع في خطواتها حتى لا يصل اليها ...فكانت اول خطواتها في حجز غرفة فندقية لليلة واحدة خطوة ناجحة ..وعليها التأكد من باقي خطواتها حتى لا تتعرض للاخفاق ..ستبتعد نعم ستبتعد عن الجميع وتعيش حياتها وحيدة مع ابنها ...اغمضت اعينها للحظات تحاول الحصول على بعض الغفلة تريح بها اعصابها ولكن باغتها نفس الالم يضرب كفها مرة اخرى جعلها انتفض من نومتها صارخة تضم جسدها لصدرها في رعب شديد رفعت كفيها تغطي اذنيها تمنع تلك الاصوات التي تناديها بقوة فيتسرب لسمعها الاصوات بصورة منخفضة ترجوها وترجوها ..اعتقدت ان ما يصيبها بفعل الحجرة المخيفة بالڤيلا ولكن كيف تتبعتها هذه الاصوات مرة اخرى في كل مكان؟؟؟ صرخت تحاول إيقاف تناوب الاصوات المختلفة تقول برعب وجسد مرتعش :
-اخرجوا اخرجوا من دماغي ..عايزين مني ايه !.....
توقفت فجأة الاصوات من حولها كأنها لم تكن فنظرت حولها بجوانب الحجرة بانفاس متلاحقة تحاول السيطرة على خوفها تشجع نفسها وتبلغها انها في بداية الطريق ويجب عليها عدم الاستسلام ....انتبهت لصوت طرقات خفيفة فوق باب الحجرة فتحركت ببطء اتجاهه معتقدة انها خدمة الغرف فتحت الباب مع صدور شهقة مسموعة من حنجرتها لصدمتها باخر شخص ممكن ان يتجسد امامها في تلك اللحظة فصرخت بانفعال هستيري واضعة كفها تكتم صرختها :
-انت؟!..مش معقول !!!!!
...................
وقف مالك يقيد فزاع من الخلف بذراعيه يحاول السيطرة على جنون ذلك المتهور الذي سيلقي بنفسه في مصيبة لامحالة يصرخ به مهدئا:
-اعقل يا مجنون ايه اللي انت بتعمله ده؟....ثم وجه حديثه للاخر :
-وانتوا اتفضلوا من غير مطرود من هنا......
ظل فزاع يحاول فك قيد ذراع مالك بثورة غاضبة :
-سيبني يا مالك وحياة ابوك عندك ...سيبني ...سيبني ابرد ناري من الكلب ده ...
قارعه الاخر الممسك بانفه يحاول كتم الدماء السائلة منها نتيجة لكمة بمنتصف وجه:
-تعالى يا حيلة امك وريني هتعمل ايه ؟..اما لبستك قضية امن قومي ما بقاش "اكرم "....
-كفااااااية...!!!!
كلمة صدرت من "حازم "بانفعال يكفيه رعبه عليها ..عندما ابلغه محمد باختفائها من السوق التجاري ..انتبه الجميع لصراخه فقال بصوته الاجش مترجيا "اكرم":
-خلينا لنشوف المصيبة اللي احنا فيها مافيش وقت لمشاكلكم الشخصية ...ثم وجهه حديثه لمالك المقيد لفزاع بصعوبة :
-احنا جايين نسأل امينة على حاجة ونمشي احنا مش جايين نعمل مشاكل ...
اجابه مالك بنزق متعجبا من علاقة حازم واكرم :
-وايه اللي لم الشامي على المغربي؟...
قارعه "فزاع":
-هيكون ايه الا حاجة وسخة زيهم....
تجاهل اكرم سبابه عندما لمح امينة واقفة على مسافة من هما فتحرك خطوة بلهفة يقول :
-امينة!!..انتِ كويسة ...
صرخ به فزاع :
-ما لكش دعوة بيها ...خشي جووووه يا امينة....
اقترب حازم من مالك مترجيا :
-قولت لك جاي اعرف حاجة من امينة واوعدك همشي على طول ...
وجه سؤاله لامينة مع اقترابه خطوة بحذر :
-انا عارف اللي هقوله ده مش منطقي ..انا بدور علي شيراز مش لاقيها من الصبح ...
صدح سؤال مالك القلق مما سمع :
-يعني ايه مش لاقيها ؟!...
نفض يده عن فزاع ليمسك حازم من تلابيبه :
-يعني ايه بتدور عليها ؟..عملت فيها ايه يا حازم ....وربي لو ما نطقت لاكون قتلك هنا ....
كان دور فزاع هذه المرة للفصل بينهما ويهدئه :
-استنى يا مالك عشان نفهم في ايه ؟...
صدح صوت اكرم بغضب يلقي سبابه عليهم جميعا:
-انتم مجانين ..شيراز في خطر ..لو ما عرفناش نوصل لها قبله هيقتلها ....
جحظت عين مالك وفزاع مع شهقة تلك الصامتة منذ البداية تنظر لهم برعب فاكمل اكرم بحدة :
-كل واحد فينا يحط مشاكله الشخصية وكرهه للتاني على جنب ..لحد ما نعرف نوصلها ..
...........
بعد لحظات
......
كانت ثورة مالك ليس لها حدود بعد ان اصر ان يعلم ماهية الخطر الذي يهددها فتحول للحظة لثور هائج غير مسيطر على افعاله فامسك مطفأة السجائر الكرستالية بهدف ضربها برأس غريمة ليتفادها بصعوبة مع صراخ امينة ونحيبها فصرخ فزاع به :
-اللي بتعمله ده مش وقته خلينا نفهم الكلام اللي قالوه ...
لكمة قوية عرفت مكانها بمنتصف وجه حازم منه وهو مكبل بذراعه يجيب وسط ثورته:
-افهم ايه ؟افهم ان الكلاب دول كانوا واخدينها طعم عشان يقبضوا على تاجر اعضاء ....اخدتها مني عشان تقبض على "اندرو" ..حرقتوا قلبي عشان مصالحكم ...وياريتكم حفظتم عليها جايين بعد كدة تبلغوني انها ممكن تكون ميتة دلوقت واحنا قاعدين نتكلم ....
اخفض حازم رأسه بحسرة وانكسار فهو احبها نعم احبها ...يعلم ان قربه منها من البداية كان مخطط له مسبقا لا لسبب عمته ثريا فهذا كان هدف ثانوي حينها ولكن كان هدفه الرئيسي تبرئتها من تلك التهم فتلك التهم ليست بالقليلة عليها ان يتورط اسمها مع اكبر تجار بالعالم لتجارة الاعضاء البشرية وكان استمرارها مع "مالك "سيعيق مهمته في حمايتها عن قرب خلال بحثه عن ادلة تبرئتها ..ولكنه احبها ..وليس على القلب سلطان .....رفع عينه بحزن جلي يدافع عن نفسه :
-انا مش هدافع عن نفسي..بس عايزك تعرف ان اصراري ان اتجوزها مش عشان اخطفها منك ..ولا عشان احميها من عمتي ..عمتي كان امرها سهل ..الفلوس تسكتها ..وكانت تعتبر عقبة بسيطة عرفت اتجاوزها ..لكن اللي ما كنتش عامل حسابه وانا بدور علي اللي قتلت ناصر ...ان جهاز الامن القومي هيبعت لي بشكل سري ويطلب مني التعاون معاهم عشان يوقعوا اكبر راس في مافيا الاعضاء واللي شغلها بين هنا وايطاليا ..اما عرضوا عليا صورة هدفهم ما صدقتش ان (شيراز)اللي هي خديجة اللي بدور عليها تكون متورطة في حاجة زي دي ...
صمت لم يستطع اكمال الحديث تحت انظار مالك وفزاع وامينة المصدومة مما تسمع ..فتنحنح اكرم يكمل بلهجة عملية كطابع عمله :
-حازم اما اتقابلت معاه اول مرة في الجهاز كان المطلوب مني و تجنيده وزرعه وسطهم بطريقة طبيعية ان يستغل فرصة اهتزاز الشركة بسبب تعرض صاحبها للحبس وكان دوره ان يدخل شريك في الشركة السياحية بايطاليا على اعتبار انه له في مجال السياحة واسمه مسمع هناك ..من هنا حازم اتعرف على اسم شيراز الحقيقي وشكلها اللي اتقال قدامه وقت ما جالكم البيت ووقعت عليه الشاي ..
رد فزاع بضيق :
-طبعا وقال يضرب عصفورين بحجر عمته يخلصها منها وينتقم ويسلمها لكم تسليم اهالي ...
بصقت امينة كلماتها مهاجمة اكرم تحاول تكذيبه :
-انت عارف شيراز كويس ..ازاي تتهمها بحاجة زي دي ...
صمتت للحظات تذكرت شيئا مهما :
-انت بتكدب يا اكرم ..عارف ليه ؟!..عشان انت تعرف "شيراز" من قبل ما نتجوز ..عايز تقولي انك ما اخدتش بالك منها اما شوفتها وقت خناقتك مع "فزاع "...
اجابها ببرود صدم الجميع الا حازم :
-مين قالك ان ما عرفتهاش يوم الخناقة !!!...الخناقة دي بالذات كنت مخطط لها عشان أتأكد هي ولا لأ ...لان حازم اما بلغني ان البنت اللي بيدورعليها في بيت حافظ بس مش متاكد من هويتها وحاسس ان في حاجة غلط في موضوع تهمتها ...اضطريت اختلق المشكلة لان عارفها مندفعة ومش هتسيب صحبتها في ورطة ..وفعلا استنتاجي كان في محله ..طلعت جري من غير ما تفكر تخفي وشها وعرفتها يا امينة ....
نطقت بهمس غير مصدقة لما يحدث حولها من تخطيطات وترتيبات :
-مش معقول!!!!!..انت ايه ؟..مش بني ادم..
-ده شغلي ،..وسواء شيراز صاحبتك او حتى اختك لو كانت متهمة كان لازم ينقبض عليها ...
سأله مالك بهدوء مخالف لالمه:
-ما قبضتش عليها ليه؟ مدام تأكدت انها هي ..مدام بتنفذ شغلك...
اجابه حازم تلك المرة بصوت مهزوز :
-عشان انا اللي اقنعته ان يديني فرصة اثبت برائتها ..من تورطها في شغل "اندرو "المشبوه اللي بيديره باسمها بالتوكيل اللي معاه احساسي كان بيأكد لي ان مش معقول واحدة زيها تكون مجرمة ..وفعلا قدرت اوصل لحاجات تدينه هو وتنقذها..
قفز مالك واقفا عندما وصله معنى حديثه:
-وطبعا هو مش هيسكت وممكن يكون خطفها يساومكم ...
تبادل حازم واكرم النظرات المرتبكة تحت مراقبتهما فقطع نظراتهما صوت هاتف اكرم الخاص :
-الو ...عملت ايه؟
-........
-كنت متوقع ...حاول تدور تشوف الاماكن اللي كان بينزل عليها كل مرة .وأي جديد تبلغني فورا....
انهى مكالمته يقول :
-زي ما توقعت ..كاميرات المطار ..وجهاز الامن اثبت دخول "اندرو"من اسبوع بشكل واسم مزيفين...
اراح حازم راسه بين كفيه ماذا عليه ان يفعل في تلك الكارثة ؟..فقال بصوت مرتعش يكابح السيطرة على انهياره:
-اختفاءها مالوش الا معنى واحد ..انه قدر يوصلها ...وللاسف الموضوع مش موضوع مساومة ..اندرو بالنسبة له اختفاء شيراز من الحياة في صالحه ..يعني ممكن.....!!!!
قفز مالك ثائرا من جلسته يمسكه من مقدمة قميصه بعنف مستسلم له الاخر :
-اياك تنطقها ..اياك..وزي ما خططت من البداية و ورطتها وما قدرتش تحميها ..لازم تبقى راجل للنهاية وتلاقيها يا أما وحياة ابويا ما هيكفيني فيها رقبتك يا حازم ...
صرخ حازم بسعادة فجأة كأن فكرة بزغت برأسه :
-السلسلة!!!!...السلسلة!!!
نظر لاكرم بلهفة عندما تذكر امر السلسلة التي اهداها اياها من قبل :
-السلسلة يا اكرم !!!..ازاي نسينا السلسلة؟!...
لاحظ مالك تحرك "اكرم "من جوارالاخير كأنه ألقى عليه كلمة سر لا يعلمها الا هما وقام فتح هاتفه يتلاعب به وبعد لاحظات رفع اكرم نظره لحازم يطمئنه :
-قدرت احدد مكانها .....
انتفض حازم دافعا يد مالك الممسكة به صارخا باندفاع :
-ومستني ايه ؟..يلا ...
كاد ان يتحركا من مكانهما فاوقفهما مالك بحدة :
-رجلي على رجلكم ...انا يا قاتل يا مقتول ....
-وانا كمان جاي معاك ...اردف بها فزاع باصرار ليجد يدها تتشبث به تمنعه من تهوره ...
فرفع عينيه ليقابله عيونها العائمة ببركتي دموعها تترجاه بألا يلقي بنفسه في الهاوية ما كان منه الا ان رفع كف يده يربت فوق كفها يطمئنها يقول بتأثر:
-ما تخافيش ..فزاع بميت راجل .....
انصرف الجميع امام نظرها وقلبها الملهوف ولم يخف عليها النظرة التي ألقاها اكرم مع ابتعاده ..نظرة آسفة مودعة لعلها تصفح عن اخطائه ......
..............
بفيلا صغيرة بمكان مهجور يحرسهما رجلان بسلاحهما
..................
وقف يراقب نومتها بعيون خالية من المشاعر..بعد ان دس اليها بعض الحبوب المهدئة لتنفصل عن العالم حولها ..يفكرماذا سيفعل بها في الخطوة القادمة ؟..صدمه امر حملها من ذلك الحازم ..ماذا سيفعل الان ؟..كان عليه التخلص منها سريعا لتختفي كما كانت مختفية ولكن هذا الحمل اصبح عقبة امامه ..ضحك عندما تذكر سذاجتها لتبث له شكواها مما حدث في حياتها لا تعلم انه كان يبحث عنها ليتخلص منها ...افاق على اناملها تضغط فوق كتفه تردف بلغتها بغنج :
-اووه "اندرو" ...لما انت متردد؟ ..فكل الامور في صالحنا كما خططنا..لنتخلص منها سريعا ونعود قبل ان يشعر بنا احد .....
تحرك من حيز حجرتها التي خصصها له يغلق بابها عليها ويواجه چولين برتابة:
-لا تتدخلي فيما لا يعنيك چولين ...فامر قتلها شئ مفروغ منه..ولكني متردد بشأن طفلها ..
ضحكت بسخرية :
-لقد رق قلبك لابنة اختك ..ولم يرق قلبك عندما قمت بدفع اختك من النافذة ..
تحرك يهبط الدرجات القليلة ويتجه بثقة الى حجرة الاستقبال :
-فهمتِ خطأ چولين ..فانا لم يرق قلبي مطلقا ..ولكني افكر مليا ..لما لا اتركها حتى تضع رضيعها واتخلص منها بعد ذلك ..ليكون وريثا لي ...
جلست فوق الاريكة تضع ساقا فوق اختها فتنحسر تنورتها بطريقة فجة مع الاستمرار في هزها ظلت توزن كلماته بتمعن فاردفت تقول :
-لما تريد هذا الطفل؟.. وانت لديك القدرة على تبني طفل اخر من الملجأ ..
اندفع يوضح:
-لانه من دمي چولين ..وانتِ تعلمين انني لن استطع الانجاب لذلك انا اريده چولين ..اريده بشدة ...
رفعت حاجبها باقتناع :
-اذن .....لك ما تريد "اندرو"!!!!!!
..............
يتبع،
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء