الفصل الرابع والثلاثون
&&&&&&ظل يفتح الحقائب الواحدة تلو الأخرى بسعادة بالغة وظلت هي تراقبه بعين خالية من المشاعر ..مستندة رأسها على الحائط بجوارها بشجن ظاهر مع استمراره على ثرثرته التي لم تستمع لها رفع عينه عندما لم تجبه على سؤاله فيلاحظ وجومها مع شرود اعينها ليسألها بحرص:
-سرحانة في ايه؟...الحاجة اللي جبتها مش عجباكي .....
انتبهت له واستمرت في النظر اليه بنفس وجومها حتى تحركت اخيرا من مكانها تجلس فوق الأريكة بجواره تردف بخفوت:
-لا عجباني تسلم ايدك.....
ضحك ساخرا يقارعها:
-هو انتِ شوفتي حاجة ..مالك ياغادة ؟..مش مبسوطة ان ابننا قرب يجي ..
هزت رأسها بالنفي تجيبه:
-اكيد فرحانة ..بس انت عارف ان أنا لسه خايفة من حالته ..ان مقدرش عليها ...
ترك قطعة الملابس الصغيرة من يده ليضع كفه فوق كفها يربت عليه بحنان :
-طول ما احنا مع بعض هنقدر نراعيه ونعلمه ويكون طبيعي زي اي حد ...
-انت عارف ان عمره ما هيكون طبيعي !!!صرخت بوجه رافضة حديثه ..صمت للحظات ليولي اهتمامه للملابس الجديدة المبعثرة مرة اخرى يقوم بجمعها بحقائبها يردف :
-هيفضل ابني ...سواء كان طبيعى او لا ..كفاية اللي خسرته ما عنديش استعداد اخسر تاني ...
تنهيدة يأس صدرت منها جعلته يرفع وجهه باهتمام لها ليسألها بريبة :
-فين حلقك ؟؟
رفعت يدها بطريقة لا إرادية تتحسس أذنها تجيبه :
-قلعته ..اصل في فردة ضاعت مني ..فخلعته لحد ما ألاقيه ..
هز رأسه بتفهم يطلب منها :
-طيب ابقي اديني الحلق يمكن اقدر اجيلك زيه .
هزت رأسها بطاعة غريبة ويشاهدها تتحرك من جواره بصعوبة لبداية ثقل جسدها تلملم الحقائب تقول :
-هدخل الحاجة جوه ..وعقبال ما تغير اكون حطيت الغدا...
هز رأسها بدون حديث يراقب اختفائها داخل الحجرة المخصصة لابنه القادم ...
..............
وقف يقلب من بين يديه القطعة الكرستالية باهتمام لقد اثرت انتباهه منذ ولوجهما لهذا المتجر المتخصص في بيع التحف والثريات لتزين البيوت العصرية ..غلبه الفضول لمعرفة ثمنها فأشار بيده لاحد العمال القائمين على التواجد بالمكان يسأله :
-لو سمحت التحفة دي بكام ؟...
اقترب منه العامل باحترام يمسكها منه وبعد النظر لجوانبها باهتمام ذكر له سعرها ..ليجفل فزاع من السعر المبالغ فيه لتلك القطعة فشكر العامل وقام بوضعها بحرص شديد خوفا من تهشمها ...ليهمس لنفسه :
-مجانين دول ولا ايه ؟....
تلفت حوله ينظر لجوانب المكان يبحث عنها بعينيها يسأل نفسه مرة اخرى :
-هي سابتني وراحت فين ؟!..
وقعت عينيه عليها تحدث احد العاملين باهتمام شديد فاقترب منهما في عدة خطوات خاطفة حتى وصل اليها تقول بعملية :
-أنا عايزة نفس الشكل ده بس علي حجم اصغر ...
انتبهت لوقوف "فزاع "بجوارها فشقت ابتسامة شفتيها تسأله :
-ايه رايك يا فزاع في "الڤاز .."مش تحفة ...
نظر لما تشير اليه باهتمام بالغ يدقق في شكلها وألوانها فيردف بثقة :
-جميلة بس دي هنحطها فين دي كبيرة اوي...
اشارت بيدها امامه تفهمه :
-لا ما أنا طلبت منه واحدة اصغر ...
-تمام ..في حاجة تاني هتطلبيها ...
هزت رأسها بالرفض :
-لا احنا هنحجز الحاجة ونعدي ناخدها واحنا مروحين لان لسه في محلين عايزة ادخلهم ...
صدح صوت رنين هاتفها ليجد ملامحها الرقيقة تبدلت في لمح البصر للوجوم مع إشاحة نظرها عنه كأنها تناظر شئ وهمي باهتمام ..متجاهلة الرنين المتواصل فيسألها بحرص :
-مش هتشوفي مين ؟؟....
هزت رأسها بالرفض بسرعة تقول :
-لا لا أنا ...مش عايزة حاجة تعطلنا عشان نلحق نرجع بدري ..يلا ولا ايه؟
هز رأسه بالموافقة يؤمّن على حديثها بنظرات تائهة كل يوم يمر عليه يتأكد انها تخفي شيئا مريبا
........
اثناء خروجهما من باب يقص عليها ذهوله من سعر القطعة المبالغ فيها وجد العديد من الرجال ذو الملابس الرسمية السوداء يقتربوا اتجاهها يمنعوه من التحرك نظر لهم باستغراب شديد وظل يمرر نظره بينها وبين هؤلاء الغرباء بريبة حتى استمع لأحدهم يدل على قيادته لهذا الفريق يقول :
-انت فزاع ناصف ؟!...
شعر بالريبة لابد من هنا خطأ ما ..ليجيب بقلق واضح:
-ايوه أنا ؟
وجد احدهم يجذبه من ذراعيه بشدة ليقول الآخر :
-لتفضل معانا بدون شوشرة ...
ارتعبت امينة من ذلك لتصرخ بذلك المتحدث :
-يجي معاك على فين ؟..انت مين اساسا ؟!..
ادخل يده بجيبه يظهر له بطاقة بيانات جعلت رأسها تعود للخلف في هلع من البيانات لتقول بتوتر :
-اكيد في حاجة غلط ..طيب حضرتك هتاخده ليه عمل ايه ؟...
تم جذبه بقوة أفزعتها لتتشبث بذراعه في محاولة منعهم من اخذه صارخة بهم بشراسة :
-شيل ايدك ...مش هيروح معاكم في حتة...
لفظ الرجل كلماته بصرامة مهددة:
-انتِ كدة بتعطلي شغلنا ..ما تخليناش نتخذ اجراء معاكي..!!
التفت فزاع بقلق عليها يهدئها:
-ما تقلقيش يا امينة ..اكيد في حاجة غلط هروح اشوف في ايه وارجع....
صرخت بهما تحاول منعهم تبادله النظرات الخائفة ليهديها نظرة اكثر خوفا
حتى ابتعد عنها يحيطه الرجال من جميع الجهات خوفا من فراره.
صدح صوت هاتفها مرة اخرى لتجذبه بعنف من حقيبتها الصغيرة ..قد كانت متأكدة من هوية المتصل ..ولكنه لم يمهلها للتفكير وتعذيب حالها كثيرا لتصرخ بوجهه:
-كنت متأكدة انك انت اللي ورا المصيبة دي...
صدحت ضحكة رجولية اقشعر لها بدنها فيجيبها :
-ذكية ..طول عمرك ذكية ...هو أنا بحبك من شوية ...
-قول للرجالةاللي انت بعتهم يسيبوه في حاله يا اكرم ..حرام عليك ....
تغيرت نبرة صوته للشراسة :
- رجالة ....رجالة ايه ؟؟.مش فاهم...
-لا انت فاهم كويس ..انت اللي ورا القبض عليه وانت السبب ....
أجابها ببرود :
-انت السبب ...مش أنا ..انت اللي خلفتي معادك معايا وبدل ما تيجي في المعاد اللي بعته لك ..خرجتي معاه....
تلفتت حولها بريبة تصرخ معترضة:
-هو وصل بيك المستوى انك تراقبني يا اكرم .؟؟!!...
صمت لم يجبها اراد الاستمتاع باحتراق أعصابها ليجدها تردف بنزق:
-عايز ايه ؟..وتخلي رجالتك يسيبوه...
اعتدل في جلسته يجيبها ببطء ارعبها :
-تيجي في معادك ..قدامك نص ساعة تقابليني فيها لاني مش فاضي ... وإلا عريس الغافلة مش هتشوفيه تاني انتِ عارفة القواضي اللي بتمس امن البلد مافيهاش يامه ارحميني...
..................
جالسًا خلف مكتبه المخصص له امام حاسوبه الخاص يعمل بآلية عجيبة منفصلًا عما حوله ....يتلقى المكالمات الهاتفية التي تتوالى في فترة عمله اليومية ..لقد اصبح عمله الجديد الذي يبذل فيه قصارى جهده لإثبات نفسه والارتقاء به جزء لا يتجزأ من حياته الروتينية ..يقطع عمله صوت رنين هاتفه الذي جعله يخطئ في خطوة كان يقوم بها علي الحاسوب فتصدر منه زفرة ضيق ويقوم بتناول هاتفه بدون النظر للمتصل يحيبه سريعا ليصله صوت يحفظه عن ظهر قلب فيشق وجهه الرجولي ابتسامة متزنة :
-خير ..اكيد متصل في مصيبة ..ما انت ما تتصلش لله في لله ...
-...........
عقد حاجبه وهو لازال على نفس الابتسامة :
-صحيح هو انت مش المفروض في الطبارة ازاي بتكلمني ..
-..........
هز رأسه متفهما يجيبه :
-خلاص خلاص اهدى ..أنا هتصرف ..ده أنا مش بيجي من وراك الا المصايب سلام .....
اغلق الخط لينتبه الي سؤال" نورهان "الفضولي له :
-خير ؟...في حاجة يا مستر مالك ...
قام بالاستقامة من جلسته على استعجال يبلغها :
-الكابتن نادر ..اللي طلع لي في البخت ..عايزني اروح شقته شكله ساب الغاز مفتوح والبواب اتصل بيه ...هروح اشوف في ايه ؟..
هزت رأسها بتفهم تقول :
-طيب روح انت ولو حد سأل عليك هغطي غيابك بس ارجع بسرعة ..
حمل مفاتيحه على عجالة مع هاتفه يشكرها وهو يتجه للخروج :
-شكرا جدا...دقايق وأكون هنا ..مع السلامة ..
.............
وقف وسط ساحة البيت يشتم بأنفه هواء الشقة ليتأكد من عدم وجود تسريب للغاز بالشقة ..حتى وجد حارس العقار يخرج من حجرة الطعام يقول بلهجته :
-الحمد لله يا بيه ..طلع أستاذ "نادر" سايب البوتاجاز شغال ..ربنا لطف ...
هز مالك رأسه بالإيجاب يطلب منه :
-طيب تمم عليه تاني واقفل الغاز من الرئيسي احتياطي ..
هز الحارس رأسه بطاعة ليتحرك لحجرة الطعام مرة اخرى ينفذ المطلوب تاركًا مالك يتحرك داخل المنزل بحرية ..حتى وصل لمكتبة افلامه الخاصة المثبتة بالحائط ..مد يده يقلب بين الأسطوانات الحديثة عن نوعيات الأفلام الذي يهتم بمشاهدتها لحين انتهاء الحارس ..
لم يأخذ الامر الا دقائق حتى خرج الحارس مرة أخرى يبلغه بانتهائه من المطلوب ...عند تحرك مالك للخروج شعر بشئ صلب أسفل حذائه فانحنى يلتقط ذلك الشئ ليجده قرطًا أنثويًا دائريًا ..مكسور جزء من جانبه ..ظل يقلبه بين يده باهتمام بالغ ..قطع تركيزه صوت الحارس يستعجله لغلق الشقة مرة اخرى ليخرج منها وهو يضعها بجيبه تحت أنظار الحارس بلا ادراك منه .
................
ممسكة بحقيبتها تضغط عليها منتظرة وصول المصعد للطابق المخصص بأعصاب محترقة ..تكاد تفقد اخر ذرة من عقلها..إلتفت للواقف جوارها تسأله بعصبية :
-هو ليه ما قابلنيش تحت ؟
أجابها برسمية :
-سيادة المقدم مش موجود في مأمورية وبلغني اول ما حضرتك توصلي نطلعك فوق لحد ما يرجع ....
سألت بحدة :
-مدام مش فاضي اتصل بيا ليه أجي ؟
أجابها برسمية :
-الحقيقة ماعنديش معلومات ..أنا بنفذ الأوامر بس .....
حتى فتح باب المصعد ليكمل برسمية اكبر يشير بيده للخارج :
-اتفضلي !!!!!....
سارت خلفه بقلق شديد تنظر للممر المفروش ببساط احمر على جانبيه حجرات النزلاء حتى توقف امام حجرة بعينيها يمرر بطاقة الحجرة حتى انفتح الباب المغلق ..وقف يمد يده بالبطاقة يقول :
-سيادة المقدم هيتصل بحضرتك ...وحضرتك لو احتاجتي حاجة ممكن تتصلي برقم (.....)...يشوفوا طلباتك ...اي خدمة تانية يا فندم ....
هزت رأسها بشرود لا تعلم لما وافقت على مقابلته ..كل ما تريده هو إنقاذ "فزاع "من براثنه
مدت يدها تخرج هاتفها بضيق بعد ان تأكدت من غلق الباب عليها ..تقوم بالاتصال به ولكن لم يأتيها الا صوت الرسالة المسجلة تدل على إغلاق هاتفه لتلقي بجسدها بعنف فوق الفراش خلفها تخرج سبة من بين أسنانها غيظا:
-يا ابن ال.....يا اكرم ......
.......................
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء