الواحد والثلاثون

5.4K 191 2
                                    

الواحد والثلاثون
—————
لم تنتظر الا لحظات قليلة لتجده يفتح الباب بابتسامة يستقبلها بها كعادته ..يخصها بتلك الابتسامة الجذابة ...فتسمعه يقول :
-صباح الصباح على احلى استاذة في البلد كلها ..
ضحكت على غزله الصريح الذي لم يكف عنه منذ عقد قرانهما لتجيبه بكبرياء أنثى :
-صباح الخير ايه يا أستاذ؟ ..قول مساء الخير ده المغرب داخل ...
حك خلف رقبته يداري اضطرابه فيردف بؤلفة :
-اعمل ايه فيكِ لغبطتِ كل أوقاتِ يا بنت حفيظة .
-هتفضل سايبني واقفة بره كتير مش هتعزمني على كوباية شاي ..
تنحى جانبًا يدعوها للدخول يقول :
-احلى كوباية شاي ..جيتي في وقتك أنا كنت بلم حبة حاجات عشان اوديها البيت ....
دخلت تمرر نظرها بين ارجاء حجرته المنظمة فتقع عينها فوق خزانته المفتوحة وعلى الملابس المبعثرة فوق الفراش الصغير ..وجدته ينظر لها بابتسامته التي تؤثر فيها بشكل بالغ ..لتردف بغنج أنثوي :
-هتفضل باصص لي ..يلا شوف شغلك ..وانا هروح اعمل كوبايتين شاي لينا ...
تحركت من امامه لمطبخه تضع المياه فوق الموقد الصغير ..فعاد هو يشغل حاله بتنظيم ملابسه داخل حقيبة سفر كبيرة ..لتلاحظ وضعه لبعض الملابس المتسخة بالحقيبة لتصرخ به معترضه :
-استنى عندك ...
انتبه لصراخها مع عقد حاجبيه مندهش من صراخها المفاجئ لتقترب منه بخطوات حذرة تنتشل من الحقيبة سروال  من الجينز يظهر عليه الاتساخ لترفع بأصابعه بقرف امام وجهها ثم تقربه من انفها لاشتمامه عن قرب فتدفعه عنها عندما وصلتها  رائحة اتساخه تردف باعتراض :
-ايه ده ؟..البنطلون ده بقالوا قد ايه ما اتغسلش...
اقترب منها بذهول يمسكه منها يشتمه يجيبها بجدية :
-ماله ما هو حلو اهو ...
جحظت عينها تصرخ بوجهه معترضه :
-حلو !!!!..البنطلون ده غسلته اخر مرة امتى ...؟
وضع سبابته يضرب به جانب جبهته بتفكير :
-تقريبا كده والله اعلم بقالي سنتين مغسلتوش..
-ايه؟؟؟؟...
قالتها امينة صارخة لتصدح ضحكته الخشنة لقد كان يريد إغضابها فيقول وسط ضحكه:
-خلاص ..خلاص اهدي ..بقاله اسبوع بس ..وكنت ناوي الم هدومي أوديها مغسلة ...اصل الغسالة عطلانة وتالت مرة تعملها معايا ...
انصرف من امامها يطفي النار ويقوم بتجهيز كوبين من الشاي الثقيل ..يقدمه لها فوق المائدة المستديرة الخاصة به يسألها بفضول :
-لسه مصممة ان ما نعملش فرح ..
جلست امامه فوق المقعد تجذب كوب الشاي ترتشف بضع رشقات بسيطة تجيبه بهدوء :
-مالوش لازمة التكاليف كفاية تكون حفلة على الضيق ..
انتبه لرنين هاتفها القابع بجيب سروالها الأسود عقد حاجبه عندما شعر بتوترها عند صدوح رنينه المتواصل ليسألها بفضول :
-مش ناوية تردي ؟...
هزت رأسها بالرفض تجيبه بتردد:
-مش مهم ..اصل دي واحدة صاحبتي ورغاية ..
زم شفتيه بعدم اقتناع يردف :
-على راحتك !!!...
جلس امامها يراقبها بصمت يرتشف هو الآخر الكوب الساخن يشعر بانها تخفي شيئا عنه من حركة أصابعها التي تقبض بهما فوق الكوب وهروب اعينها من مواجهته ..صدر صوت رنين مرة اخرى وكان من نصيب هاتفه هذه المرة فينظر له ليجده الحاج حافظ ..يسرع في إجابته ويبادله بعض الكلمات ..قطع عليها شرودها عندما وجدته يستقيم يحمل هاتفه يردف على استعجال :
-امينة هروح اشوف الحاج حافظ محتاج ايه ..وجاي تاني ما تمشيش عشان في حاجات عايزة أرتبها معاكي بخصوص الفرح ...
هزت رأسها بطاعة صامتة حتى اختفى من امامها فتقوم بإخراج هاتفها تنظر له بضيق شديد ...لا تعلم لمن تلجأ في تلك الكارثة ..عليها التريث على قدر المستطاع ..
استقامت من مجلسها تتحرك بأريحية في جوانب حجرته واضعة يديها خلف ظهرها ..حتى وصلت لفراشه ...جلست فوقه بملل تسند مرفقيها فوق ساقيها بوجه حزين وعقل مشغول ..عندما حركت ساقها شعرت بوجود شئ ما أسفل حذائها ..فانتابها الفضول لمعرفة ماهية ذلك الشئ ..سحبته ببطء لتكتشف بعض الأوراق البيضاء المطوية وعليها بعض الرسامات  ..ابتسمت عندما تذكرت انه اخبرها من قبل بموهبته في الرسم ..ظلت تقلب بين الصفحات حتى توقفت عند صورة مرسومة بأقلام الفحم لوجه فتاة بغطاء وجهها الأسود لا يظهر منهما الا عينين فيروزتين ..اهتزت يدها لرؤية هذه الصورة بصدمة ..لا تصدق ما انتابها من شك ..ظلت تقلب بين الأوراق بسرعة لتجد لها اكثر من صورة بوجهها المكشوف وابتسامتها الساحرة ..اهتزت عينيها بصدمة مما وصلها من استنتاج لصاحبة الصور ..مع انقباض قلبها بتألم بجانب غصة مؤلمة ضربتها طعنا ..حتى وقعت عيناها على جملة اسفل الرسمة بخط متقن الرسم ((أنا الغريق في بحر عينيكِ))
..........
شعرت بوقوفه الصامت أمامها لترفع عينيها التي اغرورقت بدموعها ..دموع الشك التي تأكل روحها ..دموع تمتزج بطعم الخيانة ..الخيانة لروحها كأنثى ..
رفعت يدها باهتزاز أمامه تكشف له عن صدمتها به تهمس بصوت مهزوز :
-بتحبها ؟!!..بتحب شيراز ؟...
وقف لم يحرك ساكنا يشعر بدلو ساخن اسقط فوق رأسه ..كيف سيبرر لها ؟..وكيف ستغفر ؟!....
................

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن