الفصل الرابع عشر

8.3K 239 7
                                    


الفصل الرابع عشر
—————-

ارتعشت شفاها وابتلعت ريقها  برعب لاتعلم ما غرض منها ومن مطاردتها ..كيف كشف شخصيتها الحقيقية من قبل؟!....لا تعلم حتى الان ؟
فتشعر بدخول نفس الرجل مرة اخرى وبيده بعض الأشياء يحملها ويضعها بجوار الآخر بصمت ..فيشير اليه حازم برأسه ليخرج بعدها مهرولا مغلق الباب خلفه ...وتسمعه يكمل وهو يفتح الحقيبة التي جلبها له جرحي  :
-افتكر اخر مرة كنا مع بعض فيها طلبت منك تشترى تليفون وتكلميني ..ليضحك بسخرية ويكمل (وطبعا ده عمرك ما هتعمليه)......
خلينا نطمن الاول عليكي وبعدين نتكلم....
تجده يجذب يديها المقيدتين بقوة تستشعر خشونة كفه ومدى صغر حجم كفها مقارنة به نظرت له تتأمل ملامحه بتحفز لتلاحظ خشونة بملامحه مع سمار بشرته تنتفض عندما رفع عينيه لها بحدة تشعر بعدها بنغز اصاب إبهامها في محاولة منه لقياس نسبة سكرها ...تنظر اليه ببلاهة ..مما يفعله كيف عرف مثل هذه المعلومات الخاصة بها ..هذا الرجل يزيد من رعبها ....وبالأخص تصرفاته المريبة....
تشهق فجأة عندما لامس ساقها من فوق عباءتها لتجده يزيح طرفها ويكشف عن ساقيها بوقاحة لتصرخ به بقوة مع محاولتها لإبعاده عنها رافضة فعلته مرتعبة من تصرفه ...ولكن مقاومتها باءت بالفشل بسبب قيد قدميها ..لتجده يثبت ساقيها بركبته لتشعر بألم بهما ليقول لها بصرامة:
-اهددددي!!..و بطلي حركة ...يا أمًا هتصرف معاكي تصرف مش هيعجبك ...تجده يضرب الانسولين بمهارة في فخدها ..ويبتعد عنها يحررها بعد تعقيم مكان الابرة  فتسرع بستر ساقها بيديها المقيدتين وتجلس ضامة ساقيها لصدرها تجهل هدفه منها ...
ثم تجده يقترب مرة اخرى يقدم لها علبة من العصير الخالي من السكر يناسب حالتها المرضية،  أمر
إياها بصرامة غير قابلة للنقاش :
-اشربي نسبة سكرك مرتفعة شوية.....
نظرت له بغباء لم تبدي اي رد فعل فيأمرها مرة اخرى بحدة لا تقبل الرفض ..فما كان منها الا ان رفعت يديها المقيدتين امام وجهه ..فيفهم ماترمي اليه بمكر منها ....كانت تتوقع ان يحرر وثاقها ولكنه لم يفعل بل قام بوضع الماصة بالعلبة ليدفع طرفها بفمها بقوة و بصمت ..جحظت عينيها لفعلته لتجده يرفع حاجبيه يشير لها للعلبة يأمرها بالشرب ليقول بعدها بسخرية :
-هتشربي وتخلصينا ولا نعمل معاكي زي الأحصنة وهما بيشربوها ........
يأتي في عقلها صورة تقييد الأحصنة من فمهم لإعطائهم العقاقير والأدوية ...لم تشعر بنفسها الا وهي تسحب السائل بالماصة بسرعة ..هي بالفعل كانت تحتاجها تشعر بالعطش والجوع واحتياجها للسكر ...وأثناء شربها بسرعة سعلت بشدة نتيجة دخول السائل بالقصبة الهوائية ليحمر وجهها من شدة السعال  فتشعر بكف يده يضربها بقوة ألمتها فوق ظهرها عدة مرات بصمت ...
ما هذا الشخص البارد السمج المخيف ..تتجمع به كل الصفات الذميمة ؟!......بعد ان هدأت من نوبة سعالها شعرت بكف يده القابع فوق ظهرها يدلك ظهرها بهدوء غريب عليه يسألها :
-دلوقت احسن .؟...
هزت رأسها بالإيجاب ...لقد كان قريبًا منها بما يكفي جالسًا على عقبيه بجوارها لتسأله بتوتر :
-انت عايز مني ايه ؟...وليه خليت رجالتك يخطفوني...
عقد حاجبيه بلوم زائف يسألها وهو يشير لنفسه:
-أنا ؟...خطفتك ؟!...تؤتؤتؤ....ما كانش العشم يا شيراز ....ده أنا كنت بحميكي .بس هما اللي اغبية ما عرفوش يكرموكي.......
-انت مين ؟..وعايز ايه؟...لو مش خاطفني....ليه رابطني كده ؟...سيبني امشي.......
نظر له بصمت يتعمق في عينيها الزائفتين ظلت هي الأخرى تبادله النظر كان يظهر عليه الاناقة الشديدة من بداية خصلات شعره المرتبة اللامعة لذقنه الحليقة لملابسه الرسمية الذي يرتديها وقميصه المفتوح لمنتصف صدره تحت سترة بذلته إضافة إلى رائحة عطره غالي الثمن الذي طغى على رائحة العطن بالحجرة  .....فتجده ينتفض فجأة يستقيم امامها لينظر لها من علو ويمد يده لها في دعوة منه للوقوف  ...مدت يديها المقيدتين تمسك بكفه بقوة ليضغط عليها يقول بإصرار:
-امسكي في أيدي كويس ..وانتي ما توقعيش ......
ترددت في البداية مد يدها ولكنها بعد ذلك تشبثت به ليجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدرة شاهقة من قوته ...ولكنه لم يحررها ظل مقيدها بذراعه لتتململ تحت ذراعيه تحاول الهروب من ذلك الموقف بضيق واضح:
-انت مش هتفكني ؟!.....
ابتسم ابتسامة غريبة لينحني يهمس بأذنها بصوته الخشن :
-كان بودِّي ان اخليكي كده ..عشان اضمن انك تفضلي محتجاني ..بس مضطر افكك .....للاسف ..
بعد ان حرر يديها انحنى على ركبته يحرر قدميها ظلت تفرك يدها بقوة شاعرة بالألم فيهما .بعد استقامته لمحت شئ يتحرك بالحجرة خلفه لتصرخ رعبًا تتشبث بمقدمها قميصه فتلفح انفاسها الدافئة بشرة صدره المفتوح مع استمرارها بالصراخ باذنه ..لينهرها قائلا:
-في ايه ؟!..الله يخربيت حنجرتك ......
تقول وهي تحاول الاحتماء به ؛
-وراك ،...وراك ....اقتله بسرعة ....
مسكها من ذراعيها بقوة يسألها:
-هو ايه ده ؟..اهدى..مافيش حد في المكان غيرنا .....
-اقتله ...اقتله بسرعة ..هيهرب ..الفار هيهرب ...
-فااااار؟!!.....
قلب عينيه للخلف من سخافتها ويحاول ابعادها عنه :
-طيب سيبي القميص عشان اعرف اصطاده ....
تشبثت اكتر بمقدمة القميص رافضة تحريره تقول :
-اقتله وانت هنا ...هينط عليا و يعضني....
تساءل بغباء:
-هو ايه ده ؟..ده الغلبان زمانه اتصرع من صوتك ..وبيدور على مكان يهرب ....
-اهو ..اهو ..شايف...؟!......
ليلمحه بجانب عينه متقوقع برعب من صوت صراخها فتجده يسحب شئ من خلف ظهره لتصدح صوت طلقة جعلتها تصرخ رعبًا..وتسمعه يحدثها بسخرية:
-طلباتك أوامر ...يا ...شيراز هانم.....
..............
خبطات فوق الباب خطفته من حلمه الجميل الذي كان يعيش فيه بواقعية فائقة الجودة ليعبس بوجهه من هروبها منه عند سماعها لتلك الخبطات المزعجة ..يفتح عينيه بتكاسل شديد ويغلقهما ليعود فتحهما حتى اعتاد على الضوء ...ويسمع صوت ام سعد المزعج يحثه علي الاستيقاظ ليطلب منها الانصراف وتركه ....ما هذا ؟!..يجب عليه العودة مرة اخرى لنومه ..حتى تأتيه خانعة ككل مرة ...وهذه المرة لن يتركها تهرب ....صدرت منه إلتفاته للجانب الآخر من الفراش ليجده خاليًا .ليعقد حاجبيه لعدم وجودها المعتاد ولكنه يزفر براحة عجيبة لخلوه ذاك الصباح ويحمد الله انه لن تطالبه بالمزيد والمزيد  الذي لا يشبعها ...لتؤكد له في كل مرة انها لم تصل للرضا الكامل معه بسبب انشغال باله وتفكيره اثناء اللحظات الخاصة بينهما...فينفض النعاس عن وجهه ويعود الوجوم والتحفز مرة اخرى كالليلتين السابقتين  ...يشكر غادة في تلك اللحظة من قلبه على طلبها للذهاب إلى المدينة لشراء مايخصها فيسمح لها بقيادة سيارته الخاصة للذهاب على وعد منها بعدم التأخير ....تحركت قدماه بتكاسل حتى وصل إلى نافذته المطلة على ساحة البيت ينظر من خلف ستائرها إلى ذلك المكان الجانبي الذي سكنته خالته وابنتها وخديجة مؤخرا ....تذكر اصرارها على الاقامة مع امينة بعد عودته هو وزوجته من سفرهما بحثا عنها بعد إخباره باختفائها...لتنأى بنفسها عنه هاربة من مواجهته والحديث معه ..تفاجأ الجميع بعودتها برفقة الآخر  ،......تذكر عندما ابلغه فزاع بعودتها .....
(فيندفع الجميع خارج البيت بقلق ليراها تهبط من سيارته بهدوء..وتسير خطواتها بتمهل وخيلاء وهو بجوارها كأنه يساندها ..كان غضبه في تلك اللحظة يحرق الأخضر واليابس ...يبدو عليها الثبات وعدم الخوف في طريقة سيرها مما اكد له ان اختفائها كان بمحض إرادتها ..ولكن مازاد  من ثورته رؤيته للأخير يدفعها برفق من ظهرها لتكمل تقدمها بثقة عندما بدأت بالتوتر لحظة تلاقي عينيهما معا ...يجهل نوعية العلاقة التى تربطهما ..هذه العلاقة الشائكة الغير مريحة ..مازاد من الطين بلة كما يُقال همس زوجته بأذنه تقول :
-"دي شكل واحدة كانت مخطوفة ...ده ولا اللي جاية من الهيلتون "......
وقفت امامه قرأ هو ذلك الثبات ..تحدي سافر له ...لم يعد يحتمل مثل تلك الإهانات التى توجهها عن قصد ..ليرفع يده عاليًا راغبًا لطمها فيجد  يده توقفه في منتصف الطريق بحزم بالغ ..ويسمعه ينهره بقوة :
-ايه يا بن حافظ ؟....احنا من امتى بنمد ايدنا على الحريم عندنا ؟؟....
سحب يده من قبضته بعنف يقول من بين اسنانه ناظرا لها:
-أما الحريم يعصو أوامرنا ويخرجوا عن طوعنا ..يا بن ......يا بن منصور .،،،
ليجد والده الذي وصل متأخرا بعصاه يمسكها من ذراعها يربت فوقه بحنو يقول:
-انتي كويسة ؟...جرالك حاجة يابنتي ....في حد اتعرضلك .....ليرفع عينه بريبة إلى حازم يسأله بصمت ...او يخشي سؤاله بالأصح ..يخشى كشفه لحقيقتها ..وإذا حدث ذلك ستكون توابعه وخيمة على الجميع ....يقطع ذلك الصمت الثقيل حافظ الذي وجّه دعوة غير حارة لحازم للدخول ليجيبه حازم بثقة لحاله وتحدى لمالك  :
-طبعًا  هقبل دعوتك ياحاج حافظ ....أنا كمان محتاجك في موضوع مهم .....
وقبل ان يمر للولوج وقف يغلق زر سترته و صدرت منه نظرة لها غامضة مع حركة من رأسه لم يلمحها الا اثنان هي ومن يقف فوق جمر من النار ..)....
فاق من شروده من تلك الحادثة على قرار اتخذه  يجب عليه تنفيذه مستغلًا انشغال الكل في أعماله ......
.......................
سار بخطوات ثابتة مصرة على وجهتها ...يجب عليه ايجاد اجوبة لأسئلته التي بخل بها الحاج حافظ عليه ...عندما سأله عن فحوى الحديث الدائر بينه وبين "حازم "لمح الحزن على وجهه الذي زاد من عمره أعوام فوق اعوامه وتظهر  بوضوح شيخوخته وكهولته ..وككل  المرات السابقة يتهرب من الإجابة التي ترضي فضوله .............
ها هو الان يجب عليه معرفة كل الأسرار المخبأة ...يجب ان يعرف  سبب اختفائها ...ومع من اختفت ....؟!لقد أنقذتها امينة من يده عندما جذبتها معها لتهرولا للاحتماء داخل الملحق ..كان يرغب بدق عنقها على عصيانها المتعمد السافر له ...ولكن ليس هذا سبب غضبه يعلم ان هناك شئ اخر يداعب صدره جعله يجن من اختفائها ثم يزداد جنونا من رؤيتها عائدة بصحبة غريمه (حازم)...حازم غريمه ومنافسه منذ الطفولةوالشباب ..لتتباهى كل عائلة بذويها  ..نعم كانت منافسة شريفة من الطرفين ....ولكن  دائما حازم هو الأقوى والأشد ينأى بقلبه وعاطفته بعيدا عن أهدافه ..حتى يصل لغاياته بكل سهولة ويسر.........
اثناء قطعة لمنتصف الطريق بينه وبين الملحق وجد فزاع في مقابلته خارجا من حجرته المخصصة له ليقول بحبور:
-مالك "سيد الشباب "....صباح الخير
اجابه مالك بصوته الأجش :
-صباح الخير ايه ؟..احنا بقينا الظهر ..قول مساء الخير  ...رايح على فين كده؟؟......
أشار فزاع للخارج ويجيبه بمرح:
-رايح اجيب بنت خالتك ياسيدي ..ما أنا مش ورايا غيركم....
ضحك مالك عليه ففزاع صديق الطفولة وتربى معه ليضربه فوق رأسه:
-انت تطول توصل الأستاذة ..ماسمعتكش امينة ؟!....كانت عملت قضية قومية ...عموما خلي بالك لأكرم يعملها تاني و يتعرضلها...
شعر بالضيق من سيرة هذا الجلف السمج يشعر بانه إذا رآه سينتف حواجبه وشعر رأسه كما تفعل ام سعد مع بطّها...
هز رأسه برتابة ويجيبه وهو يتحرك:
-ماتقلقش لو فكر يعملها مش هيرجع لامه حي.....
وقف يراقبه حتى اختفى من امامه بسيارته البسيطة ..ليعم الصمت المقبض على المكان ..الا من صوت صهيل الخير وزقزقة العصافير .....يتوجه بإصرار لهدفه داخل مهربها ..هي الان وحيدة لن تستطع الهروب مثل كل مرة ..لقد علم اثناء نزوله بوجود خالته حفيظة مع ام سعد تساعدها في تسوية بعض الخبز ووالده أيضا بالجمعية الزراعية لن تستطع الان الهروب كالسابق يجب ان يحصل علي جميع الإجابات التى تريح عقله ..
...................
دخلت بملابسها السوداء وشاحها الأسود وعيونها الكحيلة متحفزة للعراك بوجه مكفهر يعلوه الغضب ...ما يكسر تلك الحدة أساورها الذهبية وكردانها الذهبي الذي يزين صدرها كباقي نساء الصعيد ...
تحركت بسرعة لوجهتها فيتطاير خلفها طرف زيها بما يسمى(ملحفة) هذا الزي الرسمي لنساء الصعيد المحافظين على تراثهم .....
مع  ملامسة قدمها  المنزل استقبلتها "آمنة  "بترحاب حقيقي:
-يا مرحب ..يامرحب ...البيت نور يا ام ناصر......
-ولا أهلًا ولا سهلا ..فين ابنك يا آمنة ...فين ابن منصور كبير السلمانية  بيتهرب مني ليه ؟......
قالتها ثريا بغضب شديد  ملائم مع حدة ملامحها ....
ارادت آمنة تهدئتها بعض الشئ فهي اخت زوجها ولها مكانة خاصة في مجتمعهم :
-ليه كدة يا ام ناصر ..هو حازم قصر في ايه بس؟؟..
نظرت لها بغضب مستعر لترفع يدها في الهواء وتنزلها بقوة على ساقيها فيصدر صوتًا من أساورها الرنانة :
-بتقولي ام ناصر  ؟!..هو فين ناصر  ...ما راح ..واتحرمت منه بسببها ..وابنك لحد دلوقت واقف يتفرج ...فين تاري يا ام حازم ..فين كلام ابنك ....؟!..هو فين ؟...ما بيردش على تليفوناتي ليه؟!....
-موجود يا عمة ...تحت النظر ....قالها حازم بثبات وشموخ لتلتفت علي صوته وتقترب منه بلهفة ممسكة بذراعيه لائمة إياه:
-هو ده اللي اتفقت معايا عليه ...؟!..فاكر ولا نسيت ...وعدتني انك تجيب حق ابن عمتك ..حق ناصر  ..من اللي غدرت بيه وقتلته....
اخفض يدها بثبات وظل ينظر لعينيها الحادتين برهة حتى تحرك تاركًا إياها ليجلس فوق اقرب مقعد بغرفة الضيوف ييأمرها بصوت هادئ :
-وايه اللي غير الكلام ..وخلاكي مضايقة كدة ....اقعدي يا عمة واهدي وخلينا نتكلم......
جلست بعنف بأقرب مقعد له متحفزة بكل جوارحها له فتراه يخرج من سترته سيجاره الخاص ويشعلها بهدوء ...لتفكر كيف تغير ابن اخيها كثيرا بعد إلتحاقه بالجامعة بالخارج لإكمال دراسته...ثم يندمج في حياة الأعمال والشركات ليصبح له اسما له قدره وسط رجال الأعمال بالخارج في وقت قصير .مما ساعد في صقل شخصيته الحادة ....سمع صوتها تخرجه بغل وحقد واضح :
-عايز تعرف مالي يا بن اخويا ..وفي ايه؟!...في ان وصل لي اخبار انك عرفت مكانها ومخبي عليا ...في انك اتهاونت في تاري وحقي اللي متاخد مني....البيت والأراضي اللي قاعدة فيهم ضيفة ....
نظر حازم امامه مشغول بسيجارته ينفث دخانها ببال مشغول ..كان يعلم ان عمته لن تترك الأمر له فقط بل ستحاول من جهتها البحث عنها هي الأخرى ..وها هي علمت بمعرفته مكانها ..ولكن يبدو انها حتى الان لاتعرف مكان وجودها ...ليقول بحنكة:
-ومين قالك أني وصلت لمكانها ...؟!...بتشغلي جواسيس عليا ولا ايه يا عمتي ؟!..
اعتدلت ثائرة من بروده تضرب على مقبض المقعد بقبضتها تنهره:
-ما تلفش وتدور عليا يا بن منصور ..أنا عارفاك كويس...انت عرفت مكانها ..وناوي علي ايه ؟؟....
نفث دخان سيجارته في الهواء وظل يراقب دخانها المتصاعد بهدوء ثم سمعته يقول:
-انتي بثقي فيا ولا لأ ؟!.....
-اكيد...ولو ماكنتش واثقة فيك ما كنتش طلبت منك تجبلي رقبتها .....
رد عليها بثقه وهو يقف يغلق زر سترته الأنيق :
-خلاص يبقى تسيبي الموضوع ليا ..زي ما أنا مخططله وما تعطليش شغلي ...معلش بعتذر مضطر اسافر..ورايا شغل مهم ..أما ارجع تأكدي ان كل حاجة هتخلص وتنتهي ....مع السلامة
تحرك من امامها بثقته العالية ليقترب من أمه آمنة  الرافضة لما يحدث بينهم بوجهها الذي يظهر عليه الضيق يقبل رأسها بحنان يسألها :
-تؤمري بحاجة يا ست الكل ....؟
هزت رأسها بالرفض تجيبه:
-عايزاك منصور دايما ..ربنا يبعد عنك ولاد الحرام وكل مؤذي ....
ربت فوق ذراعها بحنان يؤمن على دعائها لينصرف بعدها تحت أنظارها المودعة بخوف ..لتنتبه  لتلك الواقفة تعدل عباءتها بغرور معتادة عليه تقول لها بترحيب زائف:
-منورة يا ام ناصر  !!!!!!....
...............
           الطفلة البريئة المغمضة بقت   من النهاردة مش كده

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن