الفصل السادس والثلاثون

5K 206 26
                                    

السادس والثلاثون
———-

بعد مرور ثلاث سنوات
&&&&&&&&&
تسير بين الأروقة تحاول تفادي زحام الطلبة بملابسها العصرية المكونة من قطعة واحدة التي تغطي الجزئين السفلي والعلوي معًا من قماش الجينز الأزرق أسفله قميصا ابيض بلون حذائها الرياضي تحمل من بين أحضانها مجموعة كبيرة من الكتب ..تجمع شعرها في عقصة عشوائية اعلى رأسها ..تغطي اعينها بنظارة شمسية كبيرة تخفي الكثير من ملامحها ...خلال تفاديها العديد من الطلبة المسببين في تعطيلها عن موعد محاضرتها ..اصطدمت اكثر من مرة بهم ليظهر استياء البعض ومغازلة البعض الآخر ...حتى نجحت في النهاية للوصول الي باب القاعة المغلق مما يدل على فشلها في اللحاق ببداية المحاضرة كعادتها ...وقفت تضبط حركة تنفسها وتستعيد اتزانها فذلك المحاضر بالداخل يسبب لها الضيق دائما ..رفعت يدها بحذر تطرق باب القاعة حتى يسمح لها الدخول ..وتتبعها بفتح الباب بإحراج جلي من حظها العثر  الذي يوقعها دائما مع ذلك المُحاضر..دخلت بخطوات مرتبكة تمرر اعينها بين الحاضرين لتتفاجأ باعين كل الحاضرين تراقبها باهتمام غريب ..أولت انتباهها للواقف متحفز لها تردف بصوت مهتز:
-آسفة على التأخير ..
-ايه اللي أخرك على ميعاد محاضرتي يا آنسة ؟!....
صدح سؤاله بحدة أحرجتها كعادته معها ..لا تعلم سبب تلك الحدة الذي يتعمد التعامل معها بها دون غيرها ...
رفعت نظارتها عن وجهها تريحها فوق رأسها بأنف مرفوع و اردفت بثقة:
-أنا جيت في ميعادي بس الزحمة اللي عملينها طلبة الاتحاد برة خليتني أتأخرت ....
أخذ نفسًا مع ضبطه لنظارته الطبية وكاد ان يوبخها ليتفاجأ بأربع طلاب يدخلون من باب القاعة لاهثين ليصدح صوت احدهم :
-اسفين يا دكتور ..الدنيا زحمة جدا قدام القاعات بسبب انتخابات الاتحاد وده أخرنا!!!!...
رفعت انفها اكثر بتحدي امامه ترمقه بنظرة قرأ فيها تحدي ان يطردها كعادته او يوبخها على تأخيرها ..مرر عينيه بينها وبين الطلبة المتأخرين ليقول بصرامة يخفي إحراجه:
-اتفضلوا... احضروا وآخر مرة هسمح لحد يدخل بعدي ...و الكلام للكل ...
تحركت تبحث بأعينها بين الحاضرين على مكان خالي تجلس به لتجد احد الشباب يدعوها للجلوس بابتسامة رقيقة ..نظرت حولها مرة اخيرة تتأكد من عدم وجود أماكن خالية بجانب الفتيات  ليجفلها صوت أستاذها يعنفها :
-اقعدي يا آنسة ..مش عايزين عطلة اكتر من كدة ...
زفرت بضيق من تربصه لها ...تراجعت عن عندها لتجلس بجوار ذلك المبتسم لتقول له برتابة :
-شكرا ....
.........
تنفست الصعداء عند قرب انتهاء تلك المحاضرة التي تزيد من احتراق أعصابها الا يكفيها نظرات الطلبة من حولها لها كأنها آتية من كوكب مختلف ليزيد من ضيقها أستاذها الجامعي الذي لم يكل من مضايقتها وإطلاق الأسئلة عليها دومًا ليتأكد من انتباهها لشرحه  ..جمعت دفترها وكتبها عند انتهائه فسمعت صوت زميلها يقول :
-اتفضلي قلمك !!..
تناولته منه تضعه بحقيبتها الخلفية بابتسامة متكلفة فتسمعه يكمل :
-أنا "كريم" معاكِ بالدفعة ...اسمك "شيراز" مش كدة ؟!..سمعت الدكتور بينادي عليكِ بكده...
-ايوه!!!! ..عن إذنك ....
قال بلهفة مراهق :
-استني بس ..استني حتى الزحمة تخف ..مش هتعرفي تطلعي وسط الزحمة ..
ابتسمت "شيراز "برتابة فهي تعلم محاولات زملائها الشباب الموجودين بنفس فرقتها بالتقرب منها وخلق احاديث جانبية للتعرف عليها ..لو يعلموا فارق السن بينهما لاصيبوا بازمات قلبية حادة ....ففارق السن بينهما كبير ..
سألت كريم بمكر :
-انت عندك كم سنة يا كريم ؟!...
ابتسم "كريم "على اهتمامها وبداية حديثها معه كخطوة إيجابية فاسرع يقول :
-١٩ سنة شهرين هتم العشرين
ضحكت "شيراز " على اندفاعه وطريقة حديثه لتقول من بين ضحكها :
-انت عارف أنا عندي كام سنة؟!...
عقد حاجبه من سؤالها ليقول بثقة :
-اكيد زيّ ..مش اكبر من ٢٠...
وضعت يدها فوق فمها كأنها تخبره سرًا :
-اقولك سر !!...بس اوعى تقول لحد ..
هز رأسه باهتمام واضح لتجحظ عينيه عندما سحبت من يده دفتره تكتب عمرها الحقيقي بالدفتر..التي ستتمه بعد شهرًا ....فتركته جاحظ العينين يشعر بالصدمة الشديدة مما قرأ رفع عينه يراها تختفي وسط الزحام برشاقة خطفته  يحدث نفسه كالمعتوه:
-٢٦ !!!!!...هو ايه اللي ٢٦؟!......
...............
الكثير من الزحام يخنقها ويسبب لها الضيق الشديد حاولت الوقوف بركن هادئ تنتظر خفة حدة الزحام ...أسندت رأسها تفكر كيف تغيرت حياتها في الثلاث سنوات الاخيرة بجانب شخصيتها التي اصبحت اكثر حدة وخشونة ..تعترف لنفسها ان عودها اضحى اكثر صلابة عن ذي قبل ..اثناء شرودها انتبهت لنداء بأسمها يخترق ضوضاء الزحام المحيط بها ..تلفتت حولها لتجد أستاذها الجامعي يناديها باهتمام اردفت برسمية:
-حضرتك بتنادي لي؟!....
ضبط "طارق "..وضعية نظارته كعادته يخبرها :
-تعالي مكتبي ...عايزك؟
تحرك بدون انتظار إجابتها حتى دفعت ساقيها تتبعه باستسلام مجبرة عليه ....
.........
داخل حجرة مكتبه
.....
-اقعدي يا شيراز ...
امرها بصوته الخشن الذي يستفزها فأجبرت نفسها للجلوس ممشوقة القوام بظهر مشدود كما اعتادت في جلستها وانتظرت ان يردف بما يريده منها حتى تسرع في اللحاق بموعدها ...وجدته بعد مدة يرفع رأسه لها ينظر لها بدقة يقول :
-أنت عارفة ايه الملف اللي في ايدي ده؟...
هزت رأسها بالرفض تجيبه بثبات:
-لا ؟..و هعرف منين يا دكتور؟!...
ابتسم ابتسامة مغتصبة يقول :
-ده ملفك في الكلية..طبعًا هتستغربي ايه اللي يخليني اطلب ملفك من شئون الطلبة واشمعنى انتِ بالذات اللي طلبت ملفك ؟..
صمتت تنتظر إجابته على جميع اسألتها الصامتة ليقول بصوته الوقور:
-الحقيقة فضولي اخدني اعرف ايه السر
وراء طالبة زيك يوصى عليها من عميد الكلية  بتوصية جاية من رئيس الجامعة شخصيا ..
انتفضت بتعجب واضح تعقد حاجبها مما سمعته ..كان تلك المعلومة جديدة عليها لتردف بصدمة :
-رئيس الجامعة موصي عليا أنا؟!...لا اكيد حضرتك متلغبط بيني وبين حد تاني ..لان أنا ما ليش علاقة برئيس الجامعة ولا العميد حتى ....
-لا أنا مش ملغبط ولا حاجة التوصية جاية عليكي بالاسم مش انتِ (خديجة حفني الشاذلي)الشهيرة بشيراز زي ما بينادوا عليكِ هنا ...
هزت رأسها بصدمة تفكر من صاحب تلك التوصية ولماذا ؟...اردفت بثقة؛
-بس حضرتك لو تقصد ان في حد موصي عليا عشان حضرتك تنجحني ..فأحب أقول لحضرتك أن أنا بنجح بمجهودي ...
-أنا ما قولتش ان التوصية جاية عشان ننجحك ..وكمان ده اللي لفت نظري اكتر انك مش محتاجة توصية ان حد يساعدك تنجحي ..لانك طالبة نقدر نقول ملتزمة بغض النظر عن تأخيرك الدائم عن محاضرتي وتغيبك دايما عن المعسكرات  اللي بنطلبها منكم وانتِ عارفة ان ده بينقص من درجات العملي ليكِ....
-بعتذر أنا مش بحب التجمعات والاحتكاك مع الطلبة و ........!!
ارجع ظهره يستند على مقعده  بتعجب من تلك الشخصية القابعة امامه يحتار في تحديد شخصيتها ..فسألها بدوره:
-ليه؟...مع ان ملاحظ انك شخصية محبوبة جدا وسط زملائك وخصوصا الشباب ...
صمت للحظات وعاد ينظر للملف بدقة يسأله بفضول :
-في كمان حاجة غريبة لفتت انتباهي ..شهادة الثانوي بتاريخ (.....)..مش غريبة تنقطعي كل ده عن الجامعة ،..
اردفت بتأثر حاولت عدم إظهاره :
-أنا كنت هنا في سنة أولى وانقطعت عن الدراسة لظروف وبعدها رجعت تاني ....
-اقدر اعرف الظروف اللي تخلي طالبة تنقطع خمس سنين عن الدراسة ...
شمخت بأنفها تردف بحدة :
-آسفة ..دي أمور شخصية مش حابة اتكلم فيها ....
شعر بالإهانة موجهة لذاته فأردف بحدة :
-تمام !!!..بس حضرتك يا استاذة مطلوب منك تجتهدي شوية في مادتي اكتر من كدة وما تنسيش ميعاد تسليم البحث لان عليه جزء من درجات أعمال السنة ....
هزت رأسها بالموافقة وتحركت من جلستها تقول :
-تمام ..البحث في ميعاد التسليم هيكون عند حضرتك في حاجة تانية يا دكتور طارق  ...؟
-ايوه ...في رحلة ...إدارة الكلية عملاها ..هتختار فيها ثلاثة من كل فرقة لحضور مؤتمر الاقتصاد العالمي ..فانا رشحت اسمك من ضمن اللي هيطلعوا من فرقتك ...
جحظت عينيها باندهاش ..كيف يضع اسمها ضمن المختارين دون الرجوع اليها ؟؟..كادت ان تعترض الا انه اخرسها يقول :
-الرحلة دي مهمة ..واللي مش هيطلعها يعمل  حسابه انه يشيل مادتي ...بتهيألي كلامي واضح ....
-واضح !!..عن إذنك ...
انصرفت تاركة جوز من الأعين متربصة بها بدقة محتارة في غموضها المحيط ....
............
خرجت مهرولة من باب الكلية تمرر عينيها بين الزحام فيعتبر ذلك اليوم من اكثر الأيام زحاما لتجد من يقترب منها ببذلته الرسمية بخطوات ثابتة يردف بوقار :
-شيراز هانم السيارة مركونة قدام شوية ..اتفضلي !!
إلتفتت له تجيبه بضيق حاولت عدم إظهاره :
-تمام !!!..
سارت بين الطلاب وعلى وجهها النظارة الشمسية الكبيرة تحاول تجاهل نظراتهم الفضولية التي تصيبها كالسهام بسبب سؤالهم عن تميزها بينهم حتى يسمح لسائقها الخاص بان يقلها من داخل الجامعة لا خارجها ..هذه النظرات التي تزيد من نقمتها على حياتها يوما بعد يوم ..لقد مر عليها ثلاث سنوات وهي على نفس المنوال من المحاصرة والمراقبة والحراسة ...متي سيؤمن بانها اصبحت انضج من ان تحاط بهذا الاهتمام المبالغ المثير للشفقة ؟...
رن هاتفها اثناء سيرها بجوار حارسها الشخصي فتوقفت فجأة جعلته توقف بدوره منتظر الخطوة التالية ..نظرت حولها وهي تجيب على هاتفها كالباحث عن ضآلته :
-انتِ فين ؟!..كويس انك لحقتيني قبل ما اخرج ...
-......
-أنا واقفة قدام الكلية انتِ فين ؟
-.........
-خلاص ..أنا جاية خليكِ مكانك ...مع السلامة
إلتفتت لحارسها تأمره :
-معلش هتنتظر شوية هروح الكافيتيريا وجاية ..لو حابب تروح ما فيش مشكلة أنا هقدر اخد تاكسي..وما تخافش مش هقوله ..
محمد بصرامة :
-مش هينفع يا فندم اسيب حضرتك ..دي أوامر الباشا ..وكمان كفاية المرة اللي فاتت عدت على خير ..
إجابته بنزق:
-ما هو مافيش حد عاقل يا"محمد" يروح يقوله انك سيبتني اروح لوحدي ..مين فينا اللي غلطان ؟!!..عموما مافيش مشكلة دقايق وارجع ....
كادت تتحرك الا انها شعرت بخطوات مصرة خلفها فتوقفت لتجده يتبعها فسألته بضيق:
-انت رايح فين ؟
-جاي معاكِ يافندم !!!!
زفرت بصوت مسموع تضرب بقدمها الارض بطفولة :
-لا كده كتير يا "محمد"ء مش معقول هتخطف جوه الجامعة يعني !!! ...
-ده كان امرني احضر معاكِ المحاضرات ...
رفعت عينيها للسماء مع شد خصلاتها بفقدان صبر تهمس :
-يا ربي كدة كتير ..كدة اوڤرررررر.!!!
ليتفاجأ بضربها لصدره بكتبها التي كادت تسقط من بين يده ويسمعها تقول :
-اتفضل شيل الكتب ...مدام مصمم تيجي معايا ...
شاهدها تسرع في خطواتها بين الطلبة فاخفض نظره للكتب بصدمة من فعلتها فاسرع يتتبعها وبإحضانه الكتب يقول بضيق واضح :
-على فكرة أنا "بودي جارد "مش شيّال بقى ..وكدة مش "فييير" على فكرة ...
.....
بكافيتيريا الجامعة
...................
جلست أمامها ترتشف كوب النسكافيه الساخن على عجالة من امرها تراقب ملامح تلك الجالسة امامها تسجل باهتمام شيئا ما بدفتر محاضرتها فتقول شيراز بمرح:
-ايييه !!!..نحن هنا ...انتِ متصلة بيا يا هانم عشان تفضلي ساكتة ...
رفعت "وداد"وجهها ذو الملامح البسيطة الخالي من الزينة تجيبها بخجل :
-لا والله ابدا ..مش ساكتة.. بس في جزئية فاتتني في المحاضرة بحاول انقلها بسرعة عشان ارجع الدفتر لصاحبته ....
مدت  يدها تربت فوق يد "وداد "بمودة ظاهرة :
-وداد!!..أنا كنت بهرج على فكرة ....
تنهدت بضيق من سلوكها معها دائما تشعر بوجود حاجز تفشل شيراز اجتيازه ..منذ ثلاث سنوات وهي تحاول ترميم علاقتهما ...ترميم الصدع الذي لا يرمم ولا يتسع ..باقٍ كما هو على وضعه ..
قلت شيراز بمزاح مقصود:
-انتِ محدش يعرف يهزر معاكِ ابدا  ياست "وداد" ..هتفضلي عقد لحد امتى؟!...
ابتسم وداد لتقارعها :
-أما تعقلي أنتِ يا ست شيراز....هههههه...
رفعت شيراز يديها باستسلام قائلة :
-أنا الحمد لله معايا شهادة معاملة أطفال هههههه....
ظلا يضحكان على جملتها  الاخيرة لتختفي ابتسامة "وداد "تدريجيا لتقول بتأثر :
-شكرا يا شيراز !!!!...
رفعت عينها مجفلة من كلمتها رغم معرفتها سبب شكرها الا انها اهتزت من داخلها تأثرا فسمعتها تكمل بهدوء:
-شكرا انك ادتيني فرصة ..شكرا لانك سامحتيني على اللي عملته معاكِ ...بفضلك ما كنتش هبقى هنا بكمل حلمي في دخول الجامعة .كنت زماني ميتة ...
تأثرت شيراز من حديثها فما فعلته معها كان بدافع التحرر من ذنبها ..ذنبا يقيدها ..طالما شعرت بالمسؤولية اتجاه ماحدث من تشتت لتلك الأسرة البسيطة ..رغم يقينها بانه يستحق ذلك العقاب الذي طاله ...الا ان ذنب "وداد"يضيق خناقها..لا تستطع التحرر منه ...
.............
وقفت تنظر لتلك الألوان التي تخطف عقل الأطفال تمرر عينيها بين الأرفف بإهتمام  بالغ منفصلة عمن حولها حتى لم تشعر بتململ ذلك الواقف خلفها يزفر بضيق كل ثانية واضعًا يده بخصره ....لم يتوقع يوما بعد خدمته سنين عدة بالشرطة سينتهي حاله بحراسة تلك الطفلة التي ترفع ضغطه يومًا بعد يوما ..ولكن إذا دقق في الأمر لن يجد الأمر شديد الملل لهذه الدرجة ...كل ما فيها  انها تتصرف بطبيعية شديدة مخالفة لسنها ...لاحظ تحركها بعيدا عنه امام أرفف البضائع المعروض بها أنواع الشيكولاته السويسرية ليعد في سره (واحد ..اثنان..ثلاثة)ليجدها تزفر بضيق وتتحرك لركن الخاص بالحلوى تنتشل كيسا شفافا مليئة بالقطع البيضاء والوردية كعادتها ويشاهد  تحركها اتجاهه بوجه غاضب محتضنة الكيس بتملك حتى وقفت أمامه تقول مقولتها الشهيرة التي حفظها لمدة ثلاث سنوات :
-ما جابوش  الشيكولاته السويسرية اللي بحبها بردو....
هز رأسه بملل يقول بوجه جاد:
-افتكر من السهل اوي انك تطلبي من الباشا يشتري لك نوع الشيكولاته اللي بقالك تلت سنين مش لاقيااه هنا ....
هزت رأسها بالرفض كيف ستفهمه ؟...ان إيجادها لتلك الشيكولاته بنفسها كما كانت تفعلها منذ ثمان سنوات تقريبا عندما كانت حرة لا تحمل همًّا ..كانت كل أحلامها بسيطة من فارس أحلام لارتياد الجامعة وبطولة الباليه...لتقول له بتأثر :
-وانا صغيرة كنت بشتريها من هنا هي والمارشيميلو ...بس مش عارفة ليه بطلوا يجيبوا النوع ده .....
وضع يديه بجيب سرواله يقول باهتمام :
-اللي يسمعك يقول عندك ١٠٠سنة ...عموما ممكن حضرتك تديني اسمها وشكلها وانا ادور لك في هايبر تاني ...
هزت رأسها بالموافقة وكادت ان تتحرك معه للخروج حتى وجدت زوبعة سوداء تصطدم بساقيها بقوة جعلتها تتراجع خطوتان لتجده طفل ذو ثلاث سنوات يلعب بركن الحلوى رفعت عينيها الفيروزتين و ألقت نظرة على "محمد "فتجده رافعا حاجبه بتعجب مما حدث
فاردفت تبرر وهي تدلك ساقها المتألمة بلطف :
-أطفال !!..هنعمل ايه؟....
هز رأسه بتفهم وأشار لها بيده لتتقدمه حتى يتبعها ولكنها بعد خطوتان إلتفتت تنظر للطفل لتجده واقفا مكانه وحيدا ينظر بتيه للأرفف لتجد نفسها توقفه وتعود مرة أخرى لذلك الطفل عندما شعرت بفقدانه لوالديه ..اقتربت منه تجلس على عقبيها تداعب شعره الأسود الناعم :
-انت اسمك ايه ؟!!!...
نظر إليها بدون إجابة فظلت تكرر أسئلتها له مرة بعد مرة بدون إجابة ...تبادلت النظر مع "محمد "الذي انخفض هو الآخر يتابع ما يحدث لتقول مرة اخرى بحنان :
-فين مامي وبابي ؟؟؟..انت تهت منهم ؟!...
لتتفاجأ بإشارة الولد بسبابته على كيس المارشميلو الذي يقبع باحضانها ..
فضيقت عينيها بمكر تقول :
-يا مكار عايز المارشيملو بتاعي ...طيب هديهولك بشرط تديني بوسة...
انتفضت عندما ألقى بنفسه بين أحضانها لتضمه بقوة تغمض عينيها تستمتع برائحته الناعمة تقبله بنهم ..احست بحرقة تهدد أعينها تمنت في تلك اللحظة ان يكن هذا الطفل طفلها التي فقدته منذ سنوات ..كان سيصبح في نفس عمره تتنفس رائحته وتنعم بوجوده بين أحضانها ولكنها افاقت على كابوس كابوس موته وفقده ..ليس فقده فقط ..بل فقد كل شئ جميل من حولها ...فتحت اعينها الحمراء المهددة بإطلاق سراح دموعها تقبله بنعومة فوق وجنته الناعمة وتهديه كيس المارشميلو ..كنزها الثمين ..استقامت من جلستها توجه حديثها لذلك المراقب لتبدل حالتها :
-شكله ...شكله تاه من مامته ...
انحنت تحمله بين ذراعيها بخفة كأنها تؤمن له الحماية تكمل حديثها بجدية :
-احنا نسيبه للأمن ..اكيد أهله هيسأله عنه ...
هز رأسه بصمت موافقًا على فكرتها ..ليتفاجآ بصدوح صوت رجولي من اخر الممر ينادي برعب باسم "حمزة"
إلتفتت لمصدر الصوت ليتوقف كل شئ حولها ..توقف الصوت ...توقفت الرؤية من حولها الا من صوته هو ..ثبت بمكانه عندما شاهدها تحتضنه بقوة ..كان يموت رعبًا عندما تلفت حوله ولم يجده بعربة التسوق اثناء انشغاله بشراء بعض الأغذية الناقصة بالمنزل ...
ليجري بين الأروقة يبحث عنه برعب ..رعب ان يفقده ..ولكن لم يكن بأحلامه ان يعثر عليه باحضانها أحضانها هي ...تقدم خطوات حذرة بصدر لاهث وعيون مهتزة يحاول التأكد من وجودها امامه بهيئتها التي سرقت روحه وقلبه ...رمش بعينيه اكثر من مرة يحاول استعادة ثباته ووعيه والسيطرة على انهياره ...وجدته يرفع يده يجذبه من بين أحضانها... التي كانت تشدد عليه بقوة رافضة اخذه من بين أحضانها ..لتتفاجأ بميل "حمزة "يطبع قبلة خاطفة فوق وجنتها بنعومة انتفضت من ملمسها وعلى قدر انتقاضها كان قدر صدمته من فعلة ابنه ...فيلقي بجسده باحضان والده مستسلمًا ...
تراجعت للخلف وهي لا تزال لم تصدق انه امامها وبين يديه ابنه ..الذي ضحى بها من اجله فيما سبق  ...ظلت تحارب نوبة انهيار وشيكة لتفق على ملمس تلك اليد فوق ذراعها تلك التي أرجعتها لواقعها لتجد محمد يحثها للتحرك يقول :
-في حاجة تانية محتاجها من هنا؟
لاحظت تلك النظرة التي رماها "مالك" لحارسها نظرة تساؤل يشوبها الشك عن هويته ؟!..فرأت الكثير من الأسئلة تنطلق بصمت وفضول من عينيه ...لتتحرك بصمت تاركة ذلك المصدوم ...نظراته تخترق ظهرها
فتتوقف عند سؤاله الذي خرج من حنجرته بصعوبة يحوي بعض الحدة :
-شيراز!!!......ايه اللي رجعك تاني؟!....
رفعت انفها بشموخ تحاول إظهار بأسها وقوتها وتعود مرة اخرى تقف امامه بحاجب مرفوع ونظرات متحدية على شفتيها ابتسامة ساخرة ..ليتفاجأ بوضع كيس الحلوى باحضان ابنه بلطف و تقول له بنزق:
-حساب المارشميلو مدفوع يا كابتن !!!!
لتسير بخطوات اشبه بالركض تأمر بحدة ذلك الواقف  :
-يللا.  يا محمد !!!!!.....
ظل ينادي عليها بلهفة ..يريد ان يحدثها فهناك الكثير من الأسئلة يجب عليها إجابتها ..لن يسمح لها بالاختفاء مرة اخرى بدون تبرير ..يجب ان تجيب على أسئلته التي تدور بعقله منذ سنين ..
خرج من المكان يبحث عنها بلهفة بين السيارات ليجدها تستقل بسرعة سيارة دفع رباعي سوداء بالمقعد الخلفي  يليها ذلك الغريب بمقعده الأمامي ..اسرع في ركضه وبين احضانه ذلك المرتعب من صوته العالي يصرخ باسمها :
-شيراااااز !!!..شيراااااااز
.....................
جالسًا امام صحنه يلاعب حبات المكرونة بشرود وشهية مفقودة ..كعادتهما يتناولان الطعام بصمت مقبض لا يقطع صمتهما الا بعض الأسئلة الروتينية التي يلقيها كلا منهما على الآخر من باب الاطمئنان والواجب فقط ..رفع نظره ليجدها تجلس تتناول طعامها بروتينية ووجه جامد ..تحاول دائما رسم الجدية والصلابة رغم تأكده من مدى هشاشتها من داخلها ...قطع شروده سؤالها الرسمي :
-حمزة تعبك انهاردة ؟...أنا آسفة والله انت عارف لولا اجتماع  أولياء الأمور ..كنت أنا رحت جبته من الحضانة ...
ابتسم على تبريرها :
-حد قالك ان مش ابوه ..جوز امه مثلا ...؟!....اللي بتتكلمي فيه ده من اختصاصي مش اختصاصك يا امينة ....
رفعت عينيها له بتأثر من جملته ما بالها أضحت  اكثر حساسية عن ذي قبل ..لتقول بهمس :
-لا ..وانت الصادق أنا اللي مرات ابوه ....
اجفلته كلماتها ليريح ملعقته بصحنه يشبك أصابع كفيه أسفل ذقنه يردف بلوم:
-وبعدين يا امينة ؟..احنا اتكلمنا اكتر من مرة في الموضوع ده ..وقولت لك أنتِ مش مرات ابوه .أنتِ أمه ..الأم اللي اخدته وهو لحمة حمرا ورعاته وربته ..
اخفض يديه فوق الطاولة بانتباه يكمل :
-وأنتِ اللي طلبت ده ..مش أنا ...وهكررها تاني مصلحتك اهم مننا ...يوم ما تحسي انك عايزة تسيبينا ده حقك..حقك تبدأي حياتك مع شخص يحبك .انتِ اللي مصممة على الوضع ده...من وقت... ....!!!!
قاطعت حديثه بلوم :
-شكلي بقيت حمل وعايز تخلص مني بسرعة ...
ابتسم على حديثها فامسك ملعقته يكمل طعامه يقارعها :
-ده على اساس لما تتجوزي وتسيبينا حملك هيخف يا أستاذه ..انت ناسية انك في رقبتي وخصوصا من بعد وفاة خالتي حفيظة الله يرحمها .....
-الله يرحمها !!!..طول عمرها كان نفسها تجوزني ليك ..من وانا لسه في ثانوي ..
قالتها بسخرية واضحة لمسها في نبرتها ...
قارعها برزانة :
-على الأقل ماتت وهي عارفة انك في أمان معايا وحققنا أمنيتها ....
............
وقفت تجلي صحون الغداء بذهن شارد كعادتها شعرت بحركته بالمكان فتوقعت تجهيزه لأكواب الشاي كعادته بعد الغداء ليقول لها اثناء وضعه للأكواب الزجاجية :
-قولت لك ١٠٠مرة ابقي سيبي إطباق الغذا أنا اغسلها ..كفاية عليكِ الطبخ ....
إجابته بدون الالتفات له تكمل عملها بخبرة اعتادت عليها :
-وانا قولت لك لا ...أنا بحب اغسل المواعين ..وكمان لو انت حابب تشارك في شغل البيت ..خليني أنا كمان أشارك ....
ألقى بالملعقة باهمال يقارعها :
-لا يا أمينة الموضوع ده منتهي ....كفاية اوي ان بسمح لك تجيبي ألعاب وحلويات لحمزة من راتبك ...أنتِ مراتي ومسئولة مني .....
حمل الشاي يقول وهو يستعد للخروج:
-تعالي نشرب الشاي قبل ما يبرد عشان محتاج اتكلم معاكِ ......
..........
اثناء جلوسهما لمشاهدة التلفاز ظل يسرق نظرات  جانبية بعد كل رشفة من كوبه  ..لاحظ كعادتها ابتعادها في جلستها دائما حريصة على ترك مسافة آمنة بينهما ليقول قاطعة تركيزها بمداعبة :
-قربي يا أمينة انتِ قاعدة بعيد عني ليه ....
عقدت حاجبيها بشدة من مقولته لتقارعه ببعض الحدة :
-وأقرب ليه ؟..أنا كويسة كدة ...
أراد تخويفها فتحرك يريح كوبه فوق الطاولة و يجلس ملتصقًا بها انتفضت من فعلته وكادت ان تتحرك فثبتها بذراعه حول خصرها يقول بجدية :
-اسمعيني يا امينة محتاجين نتكلم في حياتنا ...
أزاحت ذراعه من خصرها ولم يبد اعتراضا فحررها:
-شيل ايدك بس كدة واحنا نتكلم .....
ابتسم على ارتباكها منه ..فثلاث سنوات كفيلة تكسر إي حاجز بين اي اثنين ولكن لا يعلم سبب عدم رغبتهما معًا لكسره وتجاوزه ..فقال بصراحة صدمتها :
-مش حابة ان احنا نشوف حياتنا بنظرة تانية ..
-مش فاهمة !!!..تقصد ايه؟
تمسك كفها بحنان يكمل :
-اقصد ان احنا الاثنين متجوزين بقالنا ثلاث سنين ..اه جوازنا أجبرنا عليه احنا الاتنين ..بسبب الظروف وكل واحد فينا كان في قلبه جرح مش عارف يداويه ...!!!!اللي اقصده هنفضل احنا الاتنين بنعاني لحد امتى وبنتغذب من اللي سابونا وانصدمنا منهم .....؟...مش يمكن ربنا جمعنا مع بعض عشان دي النهاية وده نصيبنا .....
نظرت له بعيون مهتزة تحاول تمالك نفسها من صدمة طلبه..اخفضت رأسها تنظر لتلاعب أصابعه بيدها بحنان ..لن تكذب لو قالت انها لم تفكر بما فكر به ولكن كلما فكرت وجدت جرحها مازال ينزف بلا توقف ...تعلم ان زواجها منه ما كان الا ردا لكرامتها وسمعتها... وردًا قويًا لأكرم الذي طالما يعتبر" مالك "ندا قويا له يخشى مجابهته ومقاتلته ...لن تنسى صدمته من خبر زواجها منه وكيف مثّل كلا منهما سعادته الزوجية بإتقان  امامه بالإضافة لاقناعه بحملها من "مالك ."...هذا ما جعله ينهار صارخا بشقتهما ...يهذي ببعض الكلمات رافضا فكرة ملامسة رجلا اخر لها ..ولكن ليس هذا ما صدمها منه بل كانت صدمتها كبيرة ..كبيرة جدا عندما علمت منه انها لم تصب يوما بعقم ..وانها لا تعاني من شئ وأنه من تعمد تزوير تحاليلها ..لقد علمت منه انهما كأي زوجين  سليمين لا يكتب الله لهما الإنجاب معًا ولكن يمكن انحابهما مع اخرين ..علمت في لحظتها لما لم يحاول علاجها او الصبر على حالتها  ليسرع بالزواج من اخرى للإنجاب مع بقائها كما هي ..يمنع اي زواج لها حتى لا تنجب هي الأخرى وتبتعد عنه .....
إجابته بصوت مهتز :
-تفتكر لو وافقت يا مالك ان احنا الاتنين نكمل حياتنا و..ونعيش زي اي اتنين زوجين طبيعين ..ده هيقفل جروحنا اللي عماله تنزف .؟..ده هينسينا اللي جرالنا من اقرب حد لينا ....
صمتت للحظات تلتقط انفاسها لتكمل بسؤال صريح :
-هل انت نسيت حب شيراز ؟.....نسيت اللي عملته غادة فيك ؟...نسيت يا مالك ؟....
اغمض عينيه عند ذكر اسمها بقوة يحاول منع نفسه من التأثر بها يكفيه ما حدث اليوم عند رؤيتها وانهياره صارخًا باسمها في الطريق ..أجابها كاذبًا:
-نسيت !!!..لازم أنسى ...شيراز عمرها ما حبتني يا امينة ..وانا ؟..أنا اللي معشقتش حد زيها ...أنا ضحيت بسعادتي عشان احميها... كان عندي اهون اموت بعذابي كل يوم في بعدها ..بس اكون مطمن انها عايشة مش ميتة ....عمري ما تخيلت انها ما تكونش حبتني زي ما حبتها ..
أغمضت عينيها تحارب دموعها التي تساقطت فوق وجنتها ..كيف تبلغه بان تلك الرسالة الصوتية التي اعترفت فيها شيراز بعدم حبها له ما كان الا حبًا كبيرًا وعشقًا له ؟!...كانت تريد عدم إلتفاته لها والسير قِدما في حياته ليستقر بها بدون التفكير في ذكرياته ...
افاقت على سؤاله المهزوز الذي خرج مترددًا :
-انتِ لسه على اتصال بشيراز ؟..بتتكلموا مش كدة؟!.....
فتحت عينيها على وسعها ليظهر احمرار شديد بأعينها نتيجة البكاء الصامت ..ترددت في إجابته لتقول :
-لا ...و..وهكلمها ازاي وليه ؟!...أنا قولتلك انها سافرت مع جوزها من تلت سنين ومن وقتها ما اتكلمناش!!!
ظل ينظر لهروب اعينها اثناء إجابتها ..ابتسم ابتسامة حزينة لتأكده من كذبها وما زاد من تأكده رؤيته لشيراز بعينيه ...ظل يربت فوق كفها بحنان فتخفض رأسه ينظر للفراغ يهمس بتألم :
-أنا شوفتها؟!!.....شوفت شيراز يا امينة ؟
انتفضت خوفًا ووصله انتفاضها بوضوح فاكمل يطمئنها :
-شوفتها في السوبر ماركت ....تخيلي عايشة حياتها عادي ونسيتني فعلا ....
انتي كنتِ عارفة انها هنا مش كده ؟
انهارت لن تستطع الاستمرار علي ثباتها اكثر من ذلك ..تدور في دوامة تبتلعها ..تفاجأ بوضعها لكفيها فوق وجهها وتدخل بنوبة بكاء شديدة ليتفاقم صوتها تدريجًا ويتحول الي تشنجات ارتعب من رؤيتها على ذلك الوضع الجديد عليه اقترب يحضنها بقوة يهدئ من انهيارها يريد ان يعرف سبب تلك النوبة فهو لم يخطئ بشي معها ..ظل يربت فوق ظهرها بحنان يهدئها ..يقول بحيرة :
-أنا عملت ايه خلاكِ كده ؟..اهدي يا امينة!!! ..اهدي .....احنا الاتنين مع بعض وعمرنا ما هنسيب  بعض ...أنا اكتشفت ان احنا مش هننفع نسيب بعض عشان ده نصيبنا....
نطقت من بين نحيبها :
-شيراز ما تعرفش انّ اتجوزتك ....أنا خاينة يا مالك ....خاينة ...خنت ثقة صحبة عمري ..
ربت فوق ظهرها بحنان لقد تأكد الان من تواصلهما معًا ليقول لائما لها :
-خبيتي ليه انك على اتصال بيها ..؟تفتكري كنت همنعك ؟!..أنا عارف مدى تعلقك بيها وعمري ما كنت همنعك من اتصالك بيها ...
زادت من احتضانه  تتشبث به ..فظل يربت فوق ظهرها يهدئها لتجيبه ببكاء:
-أنا تعبانة يا مالك ..تعبانة ..حاسة ان بدوامة مش عايزة تقف ..بحاول اشغل نفسي في شغلي ومع حمزة بس ضميري وجعني بيعذبني ...
رفع يده يلمس خصلات شعرها السوداء بنعومة يردف بهدوء:
-احنا مش خاينين يا أمينة ..احنا ببساطة الظروف هي اللي لعبت بينا وحطتنا في طريق بعض ...
ابتعد عنها يحاصر وجهها بيديه يقول بحدة :
-فين الخيانة في كدة ؟..الخيانة تكون مع حد بيحبك لكن شيراز عمرها ما حبيتني....وانا عمري ما خنت فزاع ...فزاع هو اللي اختار يقفل عقله وودانه عن الحقيقة...وكنت لازم ألحق الموقف .....
هزت رأسها بطاعة متفهمة كلماته لتقول له بتأثر:
-ارجوك ..مش عايز اتكلم في الموضوع ده ..ماتجيبش سيرته تاني ..لانه انتهى زي ما "اكرم "انتهى.....
تنهد بضيق فحررها لينتشل كوب الشاي البارد يقارعها :
-باين فعلا انه انتهى ..بدليل شكلك اللي اتبدل لما قولت اسمه ....
رفعت حاجبها بتحدى لتتخلى عن انهيارها وتظهر تلك المحاربة الشرسة من جديد تقول :
-مالك !!!..بلاش نتكلم في الموضوع ده ..ارجوك ...
-زي ما تحبي ...بس افتكري دايما ان كتف مالك موجود وقت ما تحبي تعيطي ...المخدة اشتكت !!...
تحركت من جواره تقول اثناء تحركها :
-هروح انام شوية عشان عندي شغل للمدرسة ..ولو احتجت حاجة أبقى خبط عليا وهاجي على طول ...
راقبها وهي تسير متجهه الي الباب الذي يفصل بينهما ليقول بمرح :
-مش ناوية تعقلي وتنامي معانا في نفس الشقة ...ونوعدك مش هنضايقك..
هزت رأسها بملل مع ظهور ابتسامة فوق شفتيها :
-لا مش ناوية ..أنا كدة مستريحة ان كل واحد في شقة وكما انت مكبر الموضوع ليه ؟ده اللي بينا باب ودايما مفتوح عشان حمزة ....تصبح علي خير يا أبا حمزة .....
..............................

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن