الفصل الاخير (الجزءالثاني)
———نظرت له بامتنان على وقوفه بجوارها كل تلك المدة يدعمها ويسندها فقالت له بدلالها متأثرة بنظرة عينيه الحانية :
-وحشك الرز بلبن اللي كنت بعمله لك يا حاج ؟!...
ابتسمت اعينه بحزن وعيون يغشاها دموعه تلمع كالزجاج :
-اوي اوي يا خديجة ..مش آن الاوان تستريحي بقى يابنتي من عذابك ده وتريحي ابني اللي شوية وهيجنن من رفضك تشوفيه ...
اخفضت نظرها بتأثر من حديثه ونبرة صوته التي يملأها الكثير فسمعته يكمل :
-سامحي مالك يابنتي ..ما كانش بايده يطلقك ..انا اللي غلطت يوم ما اجبرته يخلع قلبه بايده ..كنت معذور خايف عليكم ...
حاولت رفع رأسها المختفي خلف خصلاتها المتمردة تواجهه وتفهمه ان ما تشعر به الان حالة لم اه تفسيرها حالة من البرود العاطفي اتجاه احبتها ..لا تشعر باي مشاعر ..اغتيلت مشاعرها ودفنت بعقلها كما دفنت احلامها الوهمية ..لا تحب ولا تكره ..لا تحزن ولا تفرح ...حالة من الثبات المفرط ...
سمعته يدافع عنه باستماتة :
-مالك طلق مراته عشانك يا بنتي ...كان ناوي على كده من قبل ما يحصل اللي حصل ليكم ..ورغم انها كدبت عليه وفهمته انها حامل بردو طلقها واكتشف كدبها وكل اللي عملته من صاحبه ده اللي اسمه نادر الله يجازيه بقى هو وهي .....
ظلت على وضعها لم تؤثر بها كلماته فارادت معرفة شئ مهم :
-انت قولتي قبل كده انك كنت تعرف بابي ..وان فيه دين برقبتك ليه ..ممكن اعرفه؟
اسند كفه على عصاه يبتسم باشتياق للراحلين عنه فاجابها بعيون شاردة :
-ياااااه يابنتي ...قلبتي عليا المواجع والجروح يا خديجة ...زماااان من سنين كنت انا وابوكي في التوجيهية(الثانوي يعني)..ودائما كنا نتعارك ونتنافس زي اي عيال طايشة ..انا ابن الجعافرة وهو بيتبهى بانه ابن الشاذلية ..وانا وقتها كنت بحب بنت عمي اللي هي ام مالك الله يرحمها وكنا متفقين اقابلها في اليوم ..تاني يوم لقيت ابوكي بقى الله يرحمه جاي يرمي كلام انه شافني معاها وهيقول لبويا وابوها ..كان دمه حامي الله يرحمه وطبعا فضل يبهدل فيا ازاي اطلع مع اللي من لحمي ودمي بالشكل ده وقامت عاركة بيناعلى الطريق جنب الترعة ...فجأة لقينا واحد بيقع في الترعة قدام عينا وما عرفناش وقتها ننجده ...
وعشان كان في مشاكل بين العيلتين من زمان اول اللي اتهموه بقتله انا ....لان القتيل طلع من الشاذلية ..والدنيا قادت نار ولازم ياخدوا بتارهم مني ...وفعلا ابويا كان ناوي يهربني .....لكن ابوكي رغم صغر سنه وقف قدام الرجالة في المجلس العرفي وشهد ان كنت معاه وقتها وان القتيل هو اللي وقع في الترعة وانقذ روحي وفضل الدين ده في رقبتي ليه وكان كل ما ينزل يطل على البلد كان لازم يمر عليا هنا ..الا المرة الوحيدة اللي نزل بيكِ هنا ...زي ما يكون كان حاسس انه خلاص هيتقابل وجه كريم ....
ظلت تستمع لكلماته بتأثر بالغ على ذكر شهامة والدها منذ صغره فهمست بانفاس مثقلة :
-عشان كده دائما بتقولي ابوكي ايه دين ولازم اسدّه!! ..كنت عايز تحميني زي ما حماك ...
-كله سلف ودين يا بنتي .....
سحبت نفسا تملأ به صدرها وزيرته ببطء وقالت مترجية:
-حاج حافظ ..ليا طلب وهيكون كده سددت دينك للابد ...ممكن ؟!..
.......................
جلست كجلستها المعتادة فوق مقعدها وبجوارها من يتكئ بمرفقيه فوق ساقيه راقبها باهتمام وهي تنظر له تتأمله بدقة تقارن تفاصيله بتفاصيلها الوهمية فسألته باندهاش :
-الجرح اللي فحاجبك ده من امتى ؟..ماكانش موجود قبل كده ...
ابتسم ساخرا يجيب :
-لسه شاريه من السوبر ماركت ...
عقدت حاجبها بضيق فرفع كفيه باستسلام وعاد لصلابته يضع ساقا فوق اختها ويخرج علبة سجائره استعدادا للتدخين فقال معترضة :
-التدخين ممنوع في المستشفى ...
تنهد بضيق وسألها :
-ممكن اعرف طلبتي تقابليني ليه ؟...
-جاوب على سؤالي الاول !..الجرح ده من امتى ؟..
ابتسم ابتسامة خفيفة يريح فضولها :
-من ابتدائي وقعت من فوق الحصان...
اغمضت اعينها بقوة تحاول تذكر ملامحه باوهامها ولكنها لم تستطع حتى ذلك الجرح لم يكن موجودا باوهامها ..فتابعت بالقول :
-انا طلبت اشوفك عشان في حاجات عايزة اعرفها منك ..عن اندرو !!!!انت فعلا تعرفه ولا ده كان وهم من خيالي.؟!..
اولى حازم اهتمامه لسؤالها فقال يبلغها :
-كويس انك سألتيني .....اسمعيني ياشيراز كويس....وقت ما عرفت مكانك حاولت ادور على اي اهل ليكِ عشان اهربك ليهم وحظي وقعني في صديق مقرب ليا عرفني بضابط شرطة ليه اتصالاته مع البحث اكتشف ان خالك مسجون في سجون إيطاليا بسبب ديون وقعت الشركة فيها ...الحقيقة وقتها مش عارف ايه اللي خلاني اساعده واتواصل معاه داخل السجن ..واحاول اسدد ديونه بشرط ادخل شريك فيها ..الحقيقة وقتها حسيت ان صعب تخسري ورثك من ابوكي وامك كمان ...
ابتلعت ريقها بصعوبة تسأله بفضول :
-ليه ما سفرتنيش ليه ؟..
-للاسف كان لسه مسجون ..ومش هقدر اطلعك من البلد وانتِ هربانة ..كنت لازم اخلص موضوع التار باي شكل ...عارف ان مش صح ان احمي عمتي ولا صح الا صدر من ناصر بس لو كنت دخلنا البوليس كنتِ أنتِ كمان هتدخلي السجن ..لقضية القتل ...
-عشان كده كنت عايز تتجوزيني؟..مافيش حلول الا كده ؟!..
تنحنح باحراج من مواجهتها له ومراقبة عينيها له كأنها تتأمل تفاصيله بدقة فسألته مرة اخرى سؤالا جريئا:
-انت بتحبني ؟!...ارجوك تجاوبني على السؤال ....
رفع اعينه ينظر لزرقاوتين يحيطهما علامات الارهاق والتعب اشفق على رؤيتها بتلك الحالة النفسية فأجابها بتعقل :
-مش هقدر اقول حب ..انا شخصية عملية اكثر... الحب ده ممكن يكون مش من قاموسي ...بس ممكن اقولك ان اعجبت بيكِ جدا من اول يوم شوفت صورتك فيه ..اخفض نظره لشفتيها الجافتين يتأملهما بجوع واكمل بصوته الاجش طول عمري نفسي في زوجة ليها مواصفات محددة ...أنتِ فيك كتير من المواصفات دي ....
-رغبة يعني ...كنت عايز تجوزي كرغبة ...؟
هرب بعيونه عنها لا يستطع اجابتها وعندما طال الصمت وهي لاتزال تراقب كل جزء به طلبت منه طلبا غريبة جعله اجفل منه:
-لو طلبت منك انك تحضني...
هتعمل كده ؟
انتفض داخليا على طلبها ولم يظهر ذلك وظل على ثباته المعهود نظر لها يلتمس الصدق في حديثها كيف تطلب منه مثل ذلك الطلب ولكن ارجعه لحالتها النفسية غير المستقرة ..اما هي فكان عليها التأكد من شعورها به واوهامها... انها كانت من صنعها هي كما يدّعون ... نظرت له نظرة رجاء ...جعلته اخفض ساقه ببطء عن الاخرى ووقف ببطء امامها ..فرفعت ببطء كف يدها المكدومة اثر المحاليل المغذية ..حتى تناول كفها داخل كف يده الاسمر الكبير يحتويه برقة ساعدها في الوقوف.. فلقد كان من الصعب عليها التحرك بسهولة بسبب طول فترة نومتها ليتعرض جسدها بعدها للتيبس ..اسندها من خصرها بيد واليد الاخرى تمتلك كفها ..اضطربت انفاسها عندما وصلها رائحة عطره الغريبة عليها حيث كانت مزيج مع رائحة جسده الرجولية ،.كانت جديدة عليها ...حتى فارق الطول بينهما كانت راسها تكاد تصل لمنتصف جسده وصدره المفتوح ازراره المتسارع الانفاس من قربها بهذا الشكل ..رفع كف يده يقبل ظهر كفها مكان كدمتها المتلونة مع ثبات عينه فوق وجهها ..اغمضت اعينها تحاول مقارنة ذلك القرب بما كانت تحلم به حتى ضربها التوتر والرعب عندما شدد من احتضانه لتلتصق بصدره شعرت بالغرابة من تصلب جسدها المرتعش اسفل ملمسه الجديد عليها ..انه ليس حازما ...ليس هو كما كانت تشعر داخل احضانه و تفاقم رعبها اكثر واكثر وفتحت اعينها على وسعهما عندما ضربتها انفاسه الساخنة عنقها المكشوف يتبعها قبلة عميقة منه فدفعته عنها بضعف ..فاحترم رفضها وتفهم وضعها النفسي وابعدها عن احضانه بدون تحريرها يراقب عيونها المتوترة الهاربة منه فتأكد من تخبطها في تلك اللحظة ،.بعد لحظات كانت جالسة امامه كما كانت فوق مقعدها بعد ان ساعدها في ذلك ..حتى تلقى مكالمة اضطر للرد عليها من سكرتيرته الخاصة چولين ..فهمت من حوارهما ان مايربطه بها اكثر من امر العمل ..فابتسمت ابتسامة مهزوزة من اكتمال الصورة الحقيقية امامها لقد علمت منه ان الضابط المساعد له في امر "اندرو" ..كان "اكرم "كما كان يلقبه ب(الثعلب)...ذات ابتسامتها عند ذكر اسم "آمنة" ..انتبهت لحديثه لتكتشف انهائه المكالمة من زمن ويوجه لها اهتمامه فابتسمت بصعوبة تطلب منه:
-عايزة اشوف "آمنة "معاك صورة ليها ..؟؟
ابتسم ابتسامة رجولية وراقبته وهو يقلب بهاتفه حتى فتح صورة ما ورفعها امام نظرها ...ظلت تراقب ملامحها الجنوبية ..صارمة الملامح فهي كثيرة الشبه به كانت ملامحها مختلفة اختلافا جذريا عن ما كونتها في خيالها ..لتكتشف ان ملامحها الخيالية ليست الا ملامح والدتها"چينا" بطريقة شرقية ...تصاعد صوت ضحكتها تدريجيا بطريقة مخيفة غير متحملة ما تتوصل اليه من دلائل مؤكدة على صواب حديثهم ..نظر إليها بقلق مع خفض هاتفه فسمعها تطلب منه بين ضحكاتها الهستيرية التي ادمعت اعينه عليها :
-ممكن ...ممكن ....ههههه. ...اطلب منك طلب ..هيبقى طلب اخير ..هههههه
ظل يراقب ملامحها بخوف على حالتها وماكان منه الا هز رأسه بالموافقة ببطء و بدون احساس.......
..........
جلس اسفل ساقيها على ركبتيه يدفن رأسه بحجرها ..لم يصدق انها طلبت ان تراه بعد كل ذلك الوقت من الانتظار ..شعر بحركة اناملها تتخلل خصلات شعره تداعبها بحرص اغمض عينيه بقوة التي لازال مبتلة نتيجة دموعه متأثرا من رؤيتها ..اغمضها باستمتاع للمستها الرقيقة ..احترم صمتها الذي يزيد من عذابه ولم يرغب بالضغط عليها لتتجاوب معه يكفيه طلبها في رؤيته ويكفيه انه باحضانها الان ...رفع رأسه ينظر اليها من اسفل عندما شعر بابتعاد اناملها عن رأسه ظل يراقب شرودها عنه فامسك بكفيها يودعهما قبلات متوالية بباطنها ..همس لها باشتياق عاشق معذب:
-انا مش مصدق انك قاعدة قدامي ..انا ما كنتش هستحمل ضياعك ..ليه عملتي كده فيا ؟..انتِ ماتعرفيش انا عملت ايه عشانك أنتِ وبس ..انا سبت الدنيا كلها ....أنتِ ما بتكلميش ليه ؟..اتكلمي معايا نفسي اسمع صوتك ..
لم تلتفت له ظلت شاردة امامها تعرف انها تعشقه حتى النخاع ..وان حبه متأصل بقلبها منذ زمن بعيد يألمها توسلاته الغير متوقفة ولكنها غير قادرة على التجاوب مع تلك اللهفة هل هذا ما يسمى الصدمة ...شعرت بتحركه وعلى نفس جلسته يفتح حقيبة الهدايا وردية اللون الذي حضر بها مع باقة من الزهور الحمراء المفضلة لديها ...تفاجأت عندما اخرج قالب الشيكولاتة التي تحفظها مع ظهور ابتسامة مهتزة فوق شفتيه يحاول مسح دموعه بظهر كفي ... فهمس يداعبها بحزن :
-فاكرة الشيكولاتة دي ...؟..فاكرة اول ذكرى بينا ياشيراز ..كنت اول مرة ادمن الشيكولاتة بسببك ..اول مرة اكلها كانت من ايدك ..ايدك أنتِ ...
دمعة هربت من عينيه مسحها بسرعة وقام بفتح القالب بحرص يكسر منه جزء صغيرا وقربه يلمس شفاها المغلقة باصابع مهتزة ..يريد اعادة ذكرياتهما الجميلة بينهما ظلا يتبادلا النظرات الحزينة كل منهما يسترجع تلك اللحظات الثمينة بينهما فترجها بصوته الباكي:
-ارجوكِ خديها مني زي زمان ..فاكرة زمان يا شيراز...ارجوك...
شعر بانه يحدث حائطا صلبا لا يريد التجاوب اخفض يده بيأس يدفن رأسه بساقيها ومن حركة جسده المنتفضة اكدت لها بكائه الصامت ..في كل لحظة تمر عليه يتملكه اليأس من عودتها له ان يتحمل الحياة بدونها لن يتحمل ...تصاعد صوت تشنجات بكائه لم يعد يقدرعلى السيطرة ..
سمعها تردف بصوت منخفض مرهق كأنها تحارب لتخرج كلماتها :
-بالبندق؟!...
انتفض يرفع رأسه لايصدق حديثها ليمسح دموعه بسرعة مرتبكة يجيبها باندفاع وهو ممسكا كتفيها :
-ايوه ..ايوه بالبندق ..أنتِ كلمتيني صح ..كلمتيني مش كدة ..انا سمعتك مش كده ..
نطقت مرة اخرى بنفس ملامحها الثابتة :
-مش هتأكلني ؟!....
هز رأسه بسرعة ووقف مرتبكا يتلفت حوله حتى وقعت عينه على مقعده وفي لحظة كان جاذبا لها ليجلس وتجلس هي فوق ساقيه بين احضانه يطعمها اجزاء الشيكولاتة بفرحة جلية لاستكانتها برضا بين ذراعيه ...يطعمها بنفسه بدون اعتراض.. فكان يتبع كل مرة يطعمها فيها بقبلة فوق وجنتها ليلاحظ اغماض اعينها لملمس شفاه مع رفع اناملها تتحسس اثر القبلة باستمتاع ظاهر ...سعد لهدوئها وتجاوبها حتى امتنع عن اطعامها خوفا على صحتها اذا اكثرت منها ..لتفاجئه بإراحة رأسها فوق كتفه وكانت بعد لحظات في ثبات عميق باحضانه ...
................
مر اسبوعا كاملا وهما على نفس الوضع يوميا يقوم بزيارتها ومعه باقة زهور مختلفة الالوان وقالب الشيكولاتة المفضلة لها بجميع انواعها مع كيسا من المارشميلو الوردي والابيض على شكل قلوب صغيرة ..فاليوم موعد النوع التي تعشقه شيكولاتة الكاراميل الممزوجة بقطع المكسرات ....
كان مظهره كفيلا للفت الانتباه وسط المشفى ..لقد عاد مرة اخرى لاناقته المعتادة مثلما طلبت منه فتذكر جملتها (نفسى اشوفك مالك بتاع زمان )شدد من باقة الزهور باحضانه لقد هزته جملتها البسيطة هزا مريعا كما هزته جملتها الاخرى (
إذا أردت شيئا بشدة فأطلق سراحه فإن عاد إليك فهو ملك لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك من البداية).....لم يفهم هدف جملتها ولكنه اكتفى بتقبيلها ليتذوق شهد شفتيها المسكر ...
دخل المصعد بسعادة وعلى وجه نفس الابتسامة اخيرا ستعود له اليوم كما هو متفق سيعقد قرانه عليها رسميا ويقسم ان الموت كفيلا لان يفرقه عنها بعد ذلك ..رفع معصمه ليراه خاليا من ساعتها الزرقاء ..ابتسم اكثر عندما تذكر اصرارها للاحتفاظ بها لنفسها ...هز رأسه لا يصدق ترجمتها اخيرا للكلمات المحفورة عليها ..لقد عذب سنين حتى يعرف معناها ..لتأتي هي في لمحة عين تبلغه ان الرموز ليست الا لجملة(اصابك لعنة عشقي الى مالا نهاية )...نعم لقد اصابه... اصابه سهام عشقها وحبها له كأنها تعويذة سحرية اصابته...
اقترب من باب حجرتها بسعادة لا يعرف السيطرة عليها ولكن عند استعداده لفتح اقترب منه الطبيب طارق ينادي عليه من بعيد يرحب به ويقول باندهاش واضح :
-استاذ مالك ؟..خير في حاجة؟...
ابتسم مالك ينظر لباقة الزهور باحراج يردف:
-جاي اخد شيراز ..مش حضرتك كتبت لها على خروج انهاردة ..
عقد طارق حاجبه بتعجب واضح :
-ايوه فعلا كتبت خروج انهاردة ..بس حضرتك جيت متأخر شيراز خرجت من تلت ساعات تقريبا ....
بهتت ملامحه مع جحوظ عينيه ابتلع ريقه بصعوبة :
-خرجت ازاي ..ومع مين ؟!...
ضبط وضعية نظارته لقد استشعر صدمته :
-استاذ حازم جه استلمها واللي فهمته انها مسافرة ..تقريبا مسافرة خارج البلد .....
سقطت الاشياء من بين يديه بصدمة ينظر حوله بتيه وشرود واضح حنى دفع ساقه للجري من امامه ولم يهتم الا للوصول اليها..قبل ان يفقدها مرة اخرى ...
................
اثناء هرولته خرج باندفاع من باب المشفى سمع رنين هاتفه المتواصل حتى وصل لسيارته ودخلها واخرج هاتفه الذي سقط من بين يده اكثر من مرة حتى استطاع التحكم في ارتعاش يده وفتحه ليصله صوت فزاع المتوتر :
-انت فين يا مالك ..؟احنا قالبين الدنيا عليك من الصبح .إلحق خديجة قبلت ما تسافر ...
حرك سيارتها وعلى اذنه هاتفه يسنده بكتفه يصرخ به :
-انتوا عارفيييييين ..وخبيتوا عليااااااااا...
وصله صوت فزاع وظهر من صوته انه بسيارته هو الاخر يدافع عن نفسه :
-احنا لسة عارفين من حازم انها مسافرة لخالها ...وانا في طريقي للمطار انا وامينة ...فاضل ساعة على الطيارة ....
حاول تلحقها يا مالك ...حاول ....
جز على اسنانه وكاد ان يحطمهم يسب ويلعن في ذلك الغادرالذي ساعدها من خلف ظهورهم ...ترددت جملتها في اذنه مرارا حتى فهم مقصدها (إذا أردت شيئا بشدة فأطلق سراحه فإن عاد إليك فهو ملك لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك من البداية)....
-لاياشيراز ....انا ليكِ ليكِ من البداية ...
.................
روحي ادمنت دموعي وقسوة حياتي فصعب عليّا الرحيل ..وما اصعبه واقساه على قلوبنا الضعيفة التي ذابت عشقا بك !!!!!فليتك يا روح الفؤاد كنت حاضرا لتشهد أي إنسان كنت دائما ..لقد علمتني الحياة في بعدك ان اقسى انواع الرحيل هو رحيل الانسان عن نفسه وانت كنت لي نفسا وروحا يا "مالك "الفؤاد ...وهكذا كانت نهاية قصة عشق لم تكتمل ...نهايتها سطرتها بقلبي المذبوح
نهاية .. (باليريناالشرق )........
&&&&&&&&&
اراحت قلمها فوق دفترها التي كانت تخط به كلماتها المنمقة في دفتر خصصته لها منذ عاما كاملا ..لقد اخذ منها وقتا كبيرا لتسجل به كل ذكرى بسيطة مرت عليها منذ تركها إيطاليا في سن المراهقة مع ابيها ..لم تتخيل يوما ان تعود بدونه مرة اخرى لايطاليا وتشارك السكن مع خالها اندرو الذي لم يكل من تقديم المساندات والمساعدات حتى تقف على قدميها مرة اخرى ...
سمعت صوت رنين الباب فرفعت معصمها تنظر للوقت المبكر بساعته الزرقاء التي لا تتخلى عنها منذ عاما ..تلك التي احتفظت بها متعمدة حتى تحرره من لعنة عشقها ...
توجهت الي باب بيتها التي تشاركه مع اندرو تنظر لجوانبه تبحث عنه فتأكدت ان قضى ليلته بالخارج ...اندفعت تفتح الباب لتقف مصدومة لما رأته بعينيها ظلت تنظر امامها كتمثال شمعي يذوب انصهارا و رمشت باعينها عندما لمحت ابتسامة تدريجية شقت شفتيه الرجولية ..كانت شهية ملهمة بفستانها البسيط الذي يزيدها سنا عن سنها ظل يمرر نظره عليها باشتياق عاشق متألم ظل عاما كاملا يبحث عنها بدون جدوى حتى وصلته معلومة من اكرم وحازم لمكان وجودها الجديد ..كان هو من اول ما قطع صدمتهما بصوته التي تعشقه حد الجنون :
(إذا أردت شيئا بشدة فأطلق سراحه فإن عاد إليك فهو ملك لك وإن لم يعد فإنه لم يكن لك من البداية)....مش دي جملتك ياشيراز ؟!...
شاهد اهتزاز شفتيها وعيونها التي غامت بسحابة شفافة تغطي زرقتهافنطق يؤكد لها وجوده :
-بحبك يا بنت حفني !!!!
انطلقت كالرصاصة صارخة ..تتعلق برقبته حتى اوقعت منه هداياه التي يحملها تصرخ باسمه غير مصدقة رجوعه لها مرة اخرى كما تمنت تنطق من بين شهقاتها :
-بعشقك يابن الجعافرة ،..بعشقك !!
ظل متشبث بها خائفا من فقدها مرة اخرى يشتم عبيرها بسعادة و يصله سعادتها التي تغمرها ..فاخيرا ستكون له للابد الى مالا نهاية فهي زالت ومازالت وستزال
( لعنة عشقه الى مالانهاية ).....
&&&&&&&&&&&&&&
تمت وبحمد الله
٦:٧٥
يوم الخميس ١٨/٦/٢٠٢٠
ونلتقي مع نوڤيلا
(سأخبرك سرًّا)
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء