السابع والعشرون
————-اثناء ثرثرتها مع الجانب الآخر شعرت غادة بوجود احد ما خارج الحجرة ..حركت قدميها ببطء اتجاه الباب ،.وقامت بفتح بعنف لتجحظ عينيها من الصدمة ويتعرق جسدها بعرق وهمي عندما تصادمت عينيها مع تلك الواقفة التي تطلق اعينها اسهم من نار مع تسارع تنفسها العالي ..لتصرخ غادة بحدة مزيفة :
-انتِ واقفة عندك بتعملي ايه ..؟!...
غمغمت امينة من بين أسنانه :
-انتِ !!!..انتِ اللي كنتِ السبب في اللي حصل لشيراز ..
أردفت غادة بمكر مع ارتباكها الواضح :
-السبب !!!السبب في ايه ؟...أنا مش فاهمة انتِ. بتقولي ايه؟!....
اقتربت منها امينة بتهور تمسكها من خصلات شعرها بشراسة تصرخ بها:
-اه يا بنت ال(.....) يا (.....)...وربنا لا أفضحك ..يا سافلة ياعديمة الضمير...
علا صرخات غادة في الأنحاء مع محاولتها تخليص نفسها من يد تلك المجنونة ومع تزايد خوفها من فضحها امام مالك ووالده ...فتصرخ بها بغيظ :
-سيبي شعري يا مجنونة ....أنا لحد دلوقت مش عايزه اتهور عليكي خلينا نتكلم بهدوء ..
أسقطتها امينة ارضا داخل الحجرة وتقوم بإلتقاط خفها بيدها لتتوالى الضربات فوق وجه غادة الصارخة التي قامت بقضم يد امينة لتطلق الاخيرة سبابها المتواصل بتوعد لإنهاء حياتها بيدها ......
.........
جالس بجوار والده بوجه متجهم عاقد حاجبيه لا يشعر للحياة طعمًا من بعد بعدها عنه ..يشعر بمرارة الأيام ..لا يعلم كيف سيتقبل هذا الوضع المؤلم ..كيف سيقبل على رجولته هذا الوضع المخذل ان يترك زوجته في يد اخر ..ولكنها ليست زوجته فحسب بل ابنته وحبيبته حلم عمره..الذي لم يهنأ به ..ترى ماذا تفعل الان ؟!..هل بصحة جيدة .هل تجد من يعتني بها ويخاف عليها ....أفاق علي سؤال والدة المراقب له :
-اسمع كلام مراتك يا ابني ،...وارجع وشوف شغلك ..قعادك هنا مبقاش ينفع ..
اجابه بضيق :
-حتى انت يا حاج عايز تخليني امشي ...صدقني يا حاج أنا هكون مستريح اكتر وانا موجود في نفس المكان اللي هي فيه ..حتى لو ما اتكتبش ليا اني أشوفها تاني ..كفاية عليا ان احس انها في نفس المكان ....
نهره حافظ بلطف:
-ما بقاش ينفع الكلام ده ..وعيب تفكر في مرات واحد تاني ..وتجيب سيرتها ..حتى لو كانت دي الي كانت مراتك في يوم من الأيام ....ما يصحش....
اخفض مالك وجهه بين يديه :
-عارف يا حاج ..عارف للاسف ...بس انت وعدتني انه هيطلقها بعد سنة ..وده مديني امل جديد أعيش عشانه....
لامه حافظ على كلامه ليردف:
-املك في ربنا ...ثم ابنك اللي من صلبك ..اللي هيبقى ضهرك وجذرك ....وده مش يستحق انك تعيش عشانه ؟....
استمعا كلاهما لصوت صراخ عالي صادرًا من اعلى جعلهما ينظران بريبة لاعلى الدرج وكان اول من تحرك مندفعا مالك عندما وصله صوت صراخ زوجته باسمه مستنجده به.....
قفز الدرج في ثلاث خطوات واسعة اشبه بالركض ليقف مندهشا عند وصوله لتلك المعركة الطاحنة بين امينة وزوجته التي كانت الاخيرة مستلقاه ارضا تحاول تفادي لطمات امينة العشوائية ...تحرك يحاول جذب امينة من فوق الاخيرة ..مع صراخه مستفهما لسبب تلك المعركة الطاحنة :
-ايه اللي بتعمليه ده يا امينة ؟..سبيها ...
الا انها ظلت تحارب لتحرر نفسها من مالك صارخة :
-سيبني ..سيبني يا مالك ...انت مش عارف الكلبة دي عملت ايه ؟.....
لتردف غادة بمكر ممسكة خصرها بيدها مصطنعة الألم والبكاء:
-إلحقني يا مالك ...ابعدها عني ...كانت عايزة تسقطني ...
جحظت عين امينة من كذبها وحاولت إفلات ذراعيها من مالك الغاضب لتسمع صوت الحاج حافظ الذي انتهى من صعوده الدرج بصعوبة يقول :
-ايه المسخرة دي ؟...ايه اللي بيحصل هنا يا مالك ؟!
حاول مالك السيطرة على امينة ليرفع نظره اليها متساءلا :
-ممكن افهم في ايه ؟..وايه اللي غادة بتقوله ده ...
جحظت عينها حيث وصلها تشكيكا بها خلف سؤاله لتجيبه بغضب:
-الهانم مراتك ..الهانم هي اللي وزت علي شيراز ..هي السبب في الحصل .كله ...هي السبب في موت ابنك ...
صرخت الاخيرة بجنون مدافعه عن حالها :
-كذابه ..كدابة يا مالك اقسم لك ...وحياة ابني ما اعرف هي بتقول ليه كدة؟...٠هي اللي طلعت تهددني عشان ما اقولش انِّ شفتها في اوضة فزاع ..هددتني انها هسقطني وتخليك تشك فيا ..عشان تكرهني و ترجع لشيراز....وتطلقني....
ظلت تخرج كلماتها بدموع حقيقية ممسكة بطنها تحميها فتكمل بإصرار:
-وانت شوفت بعينك انها كانت بتضربني ازاي ؟
مرر مالك عينيه بينهما لايعلم من منهما الصادق ولكنه يعلم أخلاق امينة ..لن تقدم علي مثل الفعل ..هزت امينة رأسها بتحدي :
-دي حية ..لازم تصدقني يا مالك ..لازم ....
صرخت غادة ببكاء مصطنع :
-سمعت بودانك ..بتحاول تقنعك ازاي عشان تكرهك فيا وتسيبني ..طبعًا ما واحدة زيها لازم تدافع عن صاحبتها ...
اردف حافظ بخشونة ليتحكم في الموقف:
-أنا مش عايز اسمع نفس ..ولا كلمة زيادة (صدرت منه إلتفاته مقصوده لابنه ويأمره بصلابة)؛
-خد مراتك وادخل اوضتك يا مالك ..
وجه الاخير نظرة لابنة خالته في حيرة هل يجب عليه يصدقها ام يصدق زوجته ..؟..هل يعقل ان تصدق غادة القول في نية امينة لإجهاضها ....ولكن لما تفعل ؟!..وماذا عن اتهام امينة لغادة بانها من وشت بشيراز ..لا لا ..يمكن حدوث ذلك ..آفاق من دوامة أسئلته علي صوت زوجته الباكي :
-أنا يستحيل اقعد في المكان ده معاها ،.يا أنا يا هي في البيت كله .....
اندلع الحريق في صدر امينة من مكرها وكلماتها فتحاول الإمساك بها مرة اخرى لضربها ليحول بينهما مالك بصرامة يصرخ باسمها للتوقف مدافعا عن زوجته ..لتقف ذاهلة من رد فعل عندما قال :
-لو سمحت يا امينة اتفضلي روحي على الملحق ..كفاية لحد كده !!!..
رمشت بعينيها تمرر نظرها بينه وبين تلك الحية تسأله بذهول :
-انت بتطردني يا مالك !!!!.. بتطردني بعد اللي قولته لك ..!!!!!
سمعت صوت حافظ الخشن يأمرها :
-روحي يا بنتي علي الملحق ..ونتكلم بعدين ..نظرت لهما بذهول حتى شعرت بابتلال اعينها التي تهدد بالهطول ..لأول مرة تشعر باليتم ..اول مرة تشعر بالضياع ..اول مرة تشعر بانها غريبة لا سكن لها ..انها ضيفة بمكان ليس بمكانها ...
جرت فوق الدرج تاركة ثلاثتهم يراقبون انصرافها بمشاعر مختلفة ...لهذا الموقف الغريب ..الذي يصعب تحليله وتفسيره .....
.................
ان تشعر باليتم للمرة الثانية فهو من اصعب الأمور ..التي يمكن تخترق وجدانك لتنهش روحك ،ولكن ما اصعب ذلك الشعور الشعور بالخذلان مما يفترض ان يكونوا سندًا لك.هذه هي الحياة وعلينا تقبلها ....
......
وقف متخصرا جذعه ينظر لها بضيق وغضب ليس منها ولكن لما تعرضت له من امتهان شديد ..وكسر لكرامتها ..وما زاد غضبه ما تلفظت به من قرارات حاسمة لا رجعة فيها ليقول بصرامة :
-الكلام ده عند "ام ترتر "عارفاها ولا اعرفهالك ...مافيش حد هيسيب المكان ده علي جثتي ...
ردت عليه امينة وهي تمسح دموعها بطرف كمها :
-أنا يستحيل اقعد في المكان هنا تاني ...أنا و ماما هنفتح بيت جدي اللي مقفول ونستقل فيه ...المفروض ده يحصل من الاول ....
اقترب منها فزاع بإصرار يمسك قطع ملابسها التي تقوم بوضعها بعشوائية بحقيبة ملابسها يلقيها ارضا يقول :
-البيت بقاله سنين مقفول ..هتروحي تقعدي فيه ازاي ممكن افهم ....
القت نفسها فوق الفراش بضيق كأنها تلقي فوقه همومها تهمس:
-مش عارفة يافزاع اعمل ايه؟...اول مرة احس ان أنا ضعيفة كده ..كنت دايما قوية ..بس كسرني نظرة الاتهام اللي شفتها في عيون مالك ..وإنهم ما يدفعوش عني لما هي خيرتهم بوجودي ووجدها .....
جلس بجوارها منتبها لحديثها بكل جوارحه متأملا هشاشتها التي أضحت عليها اراد عدم مقاطعتها لتجييش بما في مكنونات قلبها من اسرار..فيسمعها تردف:
-عارف!! ..للحظة فكرت ان مالك وجوز خالتي هيختاروني أنا ...بس املي فيهم انكسر وحسيت ساعتها بالذل لما طلبوا مني ان اخرج من البيت ...حتى لو ما نطقوش بلسانهم بس شفتها في عينهم يافزاع نظرة الاتهام ...كانت صعبة....انك تحس ان ضهرك انكشف واتعريت ....
ربت فوق كفيها القابعين بحجرها يواسيها يبثها الأمان يخبرها بانه سترها وضهرها الصلب فيردف مازحا:
-هو اه ضهري مش هيتحمل تقل وزنك ...بس هقول ايه غير ان ضهري سداد ..وايدي ودراعاتي دايما مفتوحين ليكي يكونوا ليكي بيت وسكن ....ده بعد إذنك ....
ضربته بكتفه بحنق:
-أنا وزني تقيل ..ده أنا ٦١كيلو ....
قام بتمرير نظرة علي جسدها بطريقة كوميدية ويصدر صوتًا بفمه رافضًا ويقول :
-نقول ...١٠٠كويس...
جحظت عينيها تنتفض امامه تضع يديها بخصرها وعيون مطلقة شرارتها تقول:
-هي مين يا روحي اللي ١٠٠....انت شكلك عايز تلبس نضارة ...
ظلت تلتف يمينًا ويسارًا تحصر فستانها فوق جسدها بعفوية ليكشف مفاتنها الأنثوية التي زادت من لهيب قلبه وهي تقول :
-بص كويس يا استاذ ده شكل واحدة حتي وصلت ل٩٠؟!...
حاول إظهار جديته والتحكم في ابتسامته التي تكافح بالظهور ليقول :
-والله ده اللي شايفه بعيوني ..يمكن اما أعاين اقدر احدد الوزن الحقيقي ..هو أنا مقولتلكيش!!!!..
وقفت بتزمر تكتم غيظها من فظاظتها ليكمل مع حك ظهر رقبته :
-اصل نظري ضعيف ...وبشوف طشاش....ها ؟!..هتخليني أعاين ولا افضل على ظني ؟!...
شعرت بمكره ومراوغته لتقول له بتحدي :
-بعينك يا فزاع ....
لم يمهلها حتى تفاجأت بمهاجمته لها يلف ذراعه حول خصرها مع محاولتها التخلص منه بدفعه فتهمس بصوت منخفض بضيق؛
-ابعد يا فزاع هتفضحنا ...ماما بره ..هتسمعنا يا بني ادم ....
ظل يشد من ذراعه وباليد الحرة قام بتثبيت رأسها امام وجهه قائلا بمشاكسة :
-خليها تسمع و نشهدها ..لو ترضى ان بنتها تعذبني بالشكل ده وما اباركلهاش لحد دلوقت يبقى ليكي الكلام ..اساسا مش بعيد تقفل علينا الباب عشان ناخذ راحتنا ....
-ابعد يا فزاع مش بحب التهور ده ...اعقل شوية عيب كده....
ظلت تقاوم قيده ولكنها لم تلاحظ سكونه امام وجهها يراقب ملامحها الشرقية عن قرب ..نظرت له بتعجب من تبدله وتشعر بارتخاء ذراع عن خصرها ويتراجع خطوة يقول بضيق :
-ماشي يا امينة أنا مش هضغط عليكي ..لان شكل علاقتنا لسه قدامها وقت طويل لحد ما تتقبليني .....اسف لو كنت بضغط عليكي ....
شعرت بالصدمة من تصرفه لتجده يتحرك خارجا من باب الغرفة المفتوح وقبل ان يخرج وقف ينظر لها متألما يقول :
-أما موضوع انك تسيبي البيت ..فليا كلام مع الحاج حافظ ومالك ...لان مراتي مش هتخرج من هنا الا على بيت جوزها ...
خرج على وجهه ملامح الضيق ليجد حفيظة تجلس امام التلفاز فتقول له بنزق :
-مابدري!!!!.....يا جوز بنتي......
قبض كفيه بقوة بجواره ليلتفت لها نصف التفاته يقارعها :
-بدري من عمرك يا حماتي ...شكرا على الشاي اللي ما اتشربش .....
ليخرج يدفع الباب بغضب ليصدر منه صوتًا عاليًا عند اغلاقه جعلها تنتفض رعبًا وتردف باستنكار:
-بالسلامة ...جوازة الندامة ...ياعيني عليكي يابنتي حظك شوية في الدنيا ....كان ماله اكرم بس ...؟!....
.............
نظرت ليديه الممدودة لها بإصرار لتمرر نظرها بينهما بريبة واضحة وتردف بتوتر:
-ايه ده يا مالك ؟
وجه لا نظرة من علو يضيف بضيق :
-مش عارفة ايه ده ؟!...مصحف !!...امسكي يا غادة واقسمي عليه ...
انتفضت من جلستها فوق الفراش كالملدوغة تسأله بحذر:
-اقسم !!!!.اقسم على ايه ؟!..مش فاهمة!....
ظل يراقب نظرات عينها المضطربة الهاربة من عينيه ليردف بهدوء مزيف :
-على الكلام اللي قالته امينة ..تقسمي انك ما لكيش يد في اللي حصل لشيراز وحصلي ...
شهقت برعب من شكه بها لتصرخ بوجهه مستنكرة اتهامه:
-انت بتشك فيا ..فيا أنا يا مالك ..في مراتك ام ابنك وتصدق الحقودة دي اللي كانت عايزة تموت ابنك ..انت شفت بعينك شتمتني وضربتني ....
انتهت من ثرثرتها بلهاث شديد تتمنى ان تكون استطاعت التأثير عليه وأثنائه عن شكوكه بها ولكن ابتسامته الغريبة التى طلت على ملامحه ارعبتها ليهمس ببطء:
-امينة اللي بتكلمي عنها دي ..تبقى بنت خالتي وأختي الصغيرة ..تربية ايدي ...انا اللي اعرف امتى بتكدب رغم ان ده مش من طبعها ..وامتى تقول الصدق ...ولما الموضوع يوصل انها تتهمك اتهام مش سهل زي ده يبقى في حاجة لازم اعرفها....
انتفضت من تحوله وتهديده المبطن لتشيح يدها بوجهه بغضب:
-امينة اختي ..امينة ما تكدبش ..لكن غادة هي اللي تكدب ..!!!انت معاها ولا معايا ،......
صمت لم يعقب على كلماتها فوضعه لا يحسد عليه ..يجب عليه التأكد لتهدأ ظنونه ..رفع يده يعطيها المصحف بإصرار قائلا:
-مدام انتِ صح يبقى تقسمي على الكلام ده ايه اللي يخوفك من القسم ..الا لو كان في حاجة مخبياها ....
ظلت تنظر له بغضب ليس غضبا من الموقف بل غضبا من المأزق لتسأل نفسها هل لديها القدرة على القسم بالباطل على كتاب الله ..هل ستتحمل عواقب الحلف كذبا على كتاب الله ... فهذا القسم فيه نجاة في الدنيا وهلاك بالأخرة ......
............
صعد درجات الدرج بجسد متعب ونفس مثقلة بالكثير مشغول الفكر والنفس ..عندما انتهى من اخر درجة قابلته "وداد" خارجة من حجرة المتمردة حاملة بيدها حامل يقبع فيه بعض الصحون المليئة بالأطعمة الشهية ..التى تفوح منها الروائح التي تداعب معدته الجائعة ..عندما انتبهت لصعوده تنحت جانبًا بخجل منتظرة اوامره بطاعة وخنوع فتسمعه يسألها بصرامة :
-الهانم ما كلتش بردو ؟!...
أجابت باختصار :
-لا يا بيه ..قالت مالهاش نفس ...
اقترب منها يحمل حامل الصحون عنها يردف بخشونة :
-انزلي انتِ شوفي شغلك .....
هزت رأسها بتوتر وأمسكت بوشاح رأسها تضع طرفه بين أسنانه بخجل لتتحرك مسرعة امام نظره هابطة درجات الدرج ..اما عنه صدرت منه إلتفاته للباب المغلق كأنه يتواصل معه بكلمات سرية لا يفهمها الا كلاهما ....
...........
ولج من باب الغرفة حاملا الطعام من بين يديه ..بإصرار وضيق وغضب ....من بعد مواجهتها له صباحا يشعر بثقل بروحه وضيق يمتلك قلبه ..سأل حاله كثيرا لما تبدلت معاملتها بعد ان قررت بنفسها الموافقة على زواجهما بارادتها ..وهو لم يصدر منه اي فعل سئ سوى حمايتها والحرص على توفير سبل راحتها ...هل هذا بسبب تشابه ملامحه مع ناصر كما ادعت ....؟....تذكر عندما ظل ينظر لانعكاس صورته بمرآة السيارة الأمامية يتحقق من ملامحه الذكورية ..ولكنه لم يجد التشابه التي ذكرته بينه وبين ناصر كما ادعت ...لم يذكر من قبل امامه ان هناك شبهًا حتى لو شبها طفيفا بينهما ...دائما كانا مختلفان مختلفان بكل شئ....
وقف شاردا يراقب نومتها فوق الفراش مخفية جسدها ورأسها بشرشفها لا يظهر منها سوى خصلات شعرها الذهبي المتمرد مثل صاحبته ...ابتسم بمكر لقد تيقن انها تهرب من مواجهته ..فهو وعدها بانها ستنام بين احضانه الليلة وعليها ان تجهز ...!!ابتسم على سذاجتها كيف ذلك وهي بتلك الحالة الصحية ...؟!كان يتوقع انها ستستمر في تحديها لتحاربه بشراسة ...لم يتصور تقهقرها السريع عن قرارها التي أردفت به بكل وقاحة صباحا ....
انتشله من دوامة افكاره صوتًا ضعيفًا صدر منها نتيجة عطْسَة فجائية منها يتبعها تأوه منها فيقوم بسند الحامل فوق طاولة صغيرة بوسط الحجرة و يقول بصوت خشن :
-يرحمكم الله !!!!
رأي اهتزاز جسدها اسفل الغطاء بصمت ..هز رأسه بملل يشعر انه يتعامل مع طفلة بسن العاشرة وليس فتاة ناضجة سبق لها الزواج والحمل ..عند هذه النقطة تجهم من تذكره لتلك الحقيقة فينهر نفسه على شعوره بالضيق الذي يتوغل بداخله ببطء ..اقترب منها على حين غرة ينزع الغطاء عنها بعنف يلقيه ارضا فيجدها تحاول إغلاق اعينها بقوة مدعية النوم فيردد بسخرية :
-هي الهانم هتفضل تمثل كتير انها نايمة ..؟...افتحي عينك ياشيراز أنا عارف انك صاحية "وداد "قالتي وهي خارجة...
فتحت اعينها على وسعها بصدمة لقد اوصتها قبل خرجها ان تبلغ الجميع بنومها ..تسارعت انفاسها بتوتر تردف بتوتر:
-أنا تعبانة ومحتاجة انام ..ممكن تخرج وتقفل النور ..
قارعها حازم بسخرية :
-تؤتؤتؤ..بقى كده ؟!..بتطرديني من اوضتي ..ما كانش العشم ....
اقترب منها بخطوات متمهلة واضعًا كفيه بجيب سرواله الأنيق يكمل بلوم مزيف:
-وكمان كان في حد الصبح وعدني وعد كدة ....( رفع رأسه ينظر لاعلى كأنه يتذكر شي)يقول :
-وعد ايه يا حازم ؟...وعد ايه يا زومه ؟!...اه ...افتكرت ......
انحني حتى اقترب وجهه من وجهها الأحمر رعبًا يقول من بين أسنانه :
-كان في حد الصبح وعدني بليلة حمرا ...بشروط ...بس تخيلي نفس الحد ده ..لقيته سحب كلامه وعامل نفسه نايم ...تفتكري اعمل معاه ايه ده ؟!....
ابتلعت ريقها بصعوبة لعنت حالها على تهورها وتلفظها بما قالت ..لقد استفزت الجانب الموحش به ....لم تستطع التبرير او الاعتذار حتى ..خائفة بل مرتعبة من نظراته ..نظرات ناصر الوقحة ...لاحظ محاولتها لشد قميص نومها القطني الرمادي لأسفل تستر ساقيها عن أعينه الماكرة ..ماذا لو انقض عليها فجأة الان ؟!!..هل ستستطيع ردعه ومقوماته؟!....
اكمل بحدة واضحة :
-شروطك !!!!....
رمشت بعينيها من اثر كلمته عليها ..لم يصل معناها بالبداية لذهنها ..وسرعان ما اكمل يوضح ما قاله :
-انتِ كان ليكي شروط مقابل انك .......تنامي معايا ....مش دي كانت جملتك بالضبط ....
سندت مرفقيها بجوارها تحاول التحرك والاعتدال من نومتها امامه تسأله بصوت منخفض:
-هتنفذ شروطي كلها ؟!........
استقام في وقفته ينظر لها من علو نظرات صعب تفسيرها ..كان يعتقد انها ستتراجع عن عرضها الوقح يردف بصرامة :
-قولي اللي عندك الاول .....
فركت كفيها بتوتر وخوف ..ولكنها تشجعت قائلة :
-عايزة ابلغ عن ...عن مرات عمي ..عمتك ....عايزه اقدم بلاغ رسمي فيها انها قتلت "بابي"...
هز رأسه برتابة مع ارتفاع جانب فمه بسخرية يردف :
-وايه كمان ؟!.....
شمخت بأنفها محاولة إظهار قوتها :
-عايزة امشي من هنا ...مش عايزة افضل في البلد دي تاني و قبل المدة اللي متفق عليها تطلقني ...
ظل ينظر لها بتمعن بعد سماع كلماتها الساذجة أتتوقع ان يوافق على تلك الشروط ..؟!..
صدرت منه ضحكة خشنة على سذاجتها الغير منتهية ..ظل يضحك حتى شعر بتوقف قلبه من شدة الضحك ..حتى هدأ تحت أنظارها المراقبة فيتنحنح يجلي صوته :
-كل الشروط دي مقابل ليلة ؟!...وكمان ايه اللي يضمنلك ان أنفذ مش يمكن اكون حقير زي ما انتِ عارفة واضحك عليكي ...او يمكن انتِ ما تدخليش مزاجي .....
شعرت بالغضب الشديد من تلميحه الوقح الذي يقلل من أنوثتها رغم انها تتمنى بالفعل ان لا يفكر بها مطلقا ..شعرت بتحركه الصامت من جوارها يحمل بين يده الطعام التي قدمته لها "وداد "منذ قليل فتراه يضعه فوق ساقيها الطعام بحدة لينسكب بعض الحساء فوق ساقيها يأمرها بحدة:
-بعد كدة الأكل اللي يتقدملك يتآكل من غير نقاش ..ياما أنا اللي هحشر الأكل في زورك زي ما بيعملوا مع البط ..ده اولا !!!.اما ثانيا فانسي حكاية ان اوافق على انك تبلغي عن عمتي ..الموضوع ده اتقفل وخلصنا ...مش عايزين نفتح أبواب اتقفلت ....
أزاحت الطعام عن ساقيها بغضب لتجلس على ركبتيها فوق الفراش صارخة:
-كنت متأكدة ...كنت متأكدة انك ما يهمكش الا مصلحتكم وجوازك مني عشان مش عشان تحميني ...لا ...عشان تحميها هي ..دي كانت السبب في قتل "بابي" .وكل اللي حصلي ...
قارعها بشراسة مخيفة:
-وانتِ قتلتِ ابنها ..وراس قصاد راس ...وانتهييييينااا....مش هقبل ان الموضوع ده يتفتح تاني ابدا ،فاهمة ....
إجابته بصراخ اعلى :
-يعني ايه ؟...لو انت ما بلغتش عنها ..أنا هبلغ بنفسي...
لمحت بعينيه نظرة شرسة كادت ان تصرعها ليهمس من بين أسنانه:
-زي ما سمعتي ...ماحدش هيبلغ عن حد ...لان ما فيش حد هيخسر الا انتِ .وزي ما قولتي أنا ما يهمنيش الا عمتي ...أحييكي على ذكائك .....
يتبع،
أنت تقرأ
باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كليا
Romanceأنت برد ونار أنت طريق غير مختار قدر يلاعبنا كالأوتار من بين لقاء ووداع لقاء نبني عليه قصور من الأحلام ووداع يقطع أوصال أفئدتنا لأشلاء