الفصل الثالث والثلاثون

4.3K 196 15
                                    

الثالث والثلاثون
————-
ظل صامدًا مسيطرًا على أعصابه المحترقة..ممسكا بطارة القيادة يحاول تمالك نفسه من مد يده وتهشيم رأسها بقطع صغيرة حتى تعود لرشدها مرة اخرى ..كان يعتقد ان بعد مرور يومان ستعود كما هي متفهمة عاقلة ..ولكن تلك التي تجلس بجواره الان إنسانة غريبة عليه .انسانة ثائرة ..غاضبة  ..متهورة ..مختلفة لايعلم سبب حقيقي لاختلافها ....
نطق من بين اسنانه محاولًا تمالك غضبه :
-اعقلي يا أمينة جوازنا هيتم في ميعاده وانسي الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده...
رفعت انفها بكبرياء ناظره امامها :
-أنا كل اللي طلبته تأجيل مش اكتر ..وبتهيألي احسن من اننا نلغيه خالص ..
خرجت من بين أسنانه سبة لم يستطع كتمها ..لتجفل من لفظه الخارج تنظر له بغضب قائلة :
-انت قولت ايه ؟....
جز على اسنانه يردف :
-ما اتنيلتش نطقت .....
-لا انت شتمت ..قالتها بحدة عالية ليمسح على وجهه بغضب يطلب منها بهدوء :
-يا ستي أنا غلطان حقك عليا ..بس خلينا نحل المشكلة دي ..و تديني سبب مقنع للكلام اللي طلباه ده ..
رمقته بنظرات لائمة يشوبها الاتهام الصريح عن جرمه الكبير ..فزفر بصوت عالي يكمل :
-هنرجع للموضوع ده تاني ...أنا أقسمت لك ان مافيش بيني وبين "خديجة "حاجة ..كل الموضوع إعجاب عمره ما تعدى ده ..يمكن عشان ظروفها اللي كانت تشبه ظروفي ....واحدة يتيمة ...خايفة ...مالهاش ملجأ الا احنا ...لكن صدقيني انت وضع تاني يا امينة ..انتِ وضع تاني ...
هربت من مواجهته لتنظر جانبها للطريق  ..تشاهد الأراضي الخضراء خائفة مما مقبلة عليه ..تشعر بانقباض يضرب قلبها ...طعنات تمزق صدرها تمزيقًا .....لتهمس له بصوت مهزوز:
-صدقني يا فزاع أنا محتاجة فعلا وقت ..حاسة ان مش ...مش مستعدة ..وصدقني الموضوع مالهوش علاقة باني مصدقاك او لا ...لان فعلا أنا مصدقاك يا فزاع ..أنا بس يمكن الموضوع صدمني في البداية ما توقعتش انك تكون ......!!!!بس فعلا أنا مصدقاك ...
امسك يديها بين كفيه الدافئتين يودعهما قبلة ليثبت لها حبه ..أخرستها تلك الحركة الصادرة منه فهي واثقة من مشاعره اتجاهها تصدقه القول والفعل ..ولكن ليتها تستطيع البوح بما يجيش به قلبها من ألم ..استطاعت اخيرا اخراج كلماتها بصدق  :
-أنا ..أنا بحبك يافزاع ..صدقني بحبك ..مش عايزاك تزعل مني ابدا ..ولا دلوقت ولا بعدين ...عايزاك بس تعرف حاجة واحدة بس انّ بحبك ....
صدم من اعترافها البسيط التي أخرجته ببساطة من بين شفتيها ..كأنها تدعوه لتناول كوب من الشاي الساخن...لا انها تعترف بهذا الاعتراف الذي يجب يقف له احترامًا ..ابتلع ريقه بصعوبة ينظر لها بعيون زائغة يحاول التأكد مما وصل لسمعه ليهمس لها بصوت معذب :
-بجد ؟!...بجد يا امينة بتحبيني زي ما أنا بحبك ؟!.
هزت رأسها ببطء تنظر له بتأثر حتى لاحظ ظهور غشاوة من الدموع بعينيها الكحيلة هذه الدموع قلقته عليها ليردف بقلق واضح :
-ليه الدموع دي بس ؟!..هو حبك ليا بيزعل اوي كده؟!....
هزت رأسها بالرفض تردف بصوت باكي:
-لا ..دموعي دي عشان عارفة ان ما استهالش حبك ده ...
ظل ينظر لعيونها بقلق واضح من حالتها يشعر بشئ غامض جديد بها ....
..................
جالسًا فوق مقعده المعدني قابضًا على ذراعيه بقوة يكاد يقتلعه من مكانه ناظرًا لذلك الجسد المنهك المسجى فوق فراشه عاقد حاجبيه بشدة ..لا يستطع مخلوق قطع خلوته التي تعمد دخولها حتى يستطع ترتيب افكاره يربط جميع الخيوط فيما بينهما  ..يجب عليه معرفة من المتسبب في تلك الكارثة ..مع ان شكوكه تتجه لشخص واحد بعينه الا انه يجب عليه التريث وعدم التهور سيذيق العذاب لكل متسبب في ألمها ...رفع نظره يشاهد ملامحها الشاحبةالمخفاه خلف قناع التنفس ...لا يصدق انها تتنفس مرة اخرى ..بعد ان كاد ان يفقدها ..ارجع رأسه للخلف بإرهاق شديد مغمض العينين يعيد عقله تلك المشاهد الفائتة منذ عدة ساعات ..عندما دخل عليها ليكشف فقدانها للحياة واختفاء نبضها ..ليتأكد انه فشل في اللحاق بها وان قد نُجِح في ازهاق روحها بالفعل .....

باليرينا الشرق( مكتملة)محولة للورقي الآن مع تعديل السرد وتحويلها للفصحى كلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن